الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والدوله في اسرائيل

تيسير خروب
كاتب وباحث

(Taiseer Khroob)

2005 / 1 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


000يعتبر العامل الديني لليهود المتدينين هو المؤثر والجاذب لهم لهجرتهم الى فلسطين واستغلال مفكري الحركه الصهيونيه لهذا العامل نحو رفض الانصهار في المجتمعات التي عاشوا فيها ونبؤة عودة صهيون التي تحيا في الوعي المشترك لديهم وفي كتب الصلوات والعبادات واحتفالات الاعياد الدينيه وفي الحزن على خراب الهيكل 0 ورغم جهود رجال الدين في تدعيم فكرتهم ووعودهم بأرض الميعاد فلسطين الا اننا نرى ان اعدادا كبيره من اليهود استجابت لتحدي العصر الحديث وعاشت في عزله عن التقاليد اليهوديه والتراث اليهودي وبنفس الوقت فشلت في الانصهار والاندماج بين الشعوب الاوروبيه00وهنا تولد لديهم احساس وشعور بالعيش كيهود على غرار الشعوب التي عاشوا بينها00فكان لا بد لهم من تحقيق ذلك الانعتاق من تقاليدهم والتقرب من حضارة المضيف لهم00 وقد فتح امامهم ما يشبه الممر الضيق في سور عظيم يفصلهم بين حياتهم اليهوديه التقليديه الدينيه والحياه الاوروبيه التي بدأت تبتعد عن تأثير الدين في حياتها سواء في سلوكياتهم اليوميه او في نظمهم وقوانينهم السياسيه 0
فأ نقسم التجمع اليهودي خلال فترة صغيره الى اولئك الذين يحرصون على الدين والشرائع السماويه واولئك الذين لا يحرصون عليه0 وفي جو العلمانية والتحرر هذا ظهر مؤسسوا الحركه الصهيونيه من بين صفوف اليهود وسعوا الى طرح حل علماني لمشكلة اليهود بشكل عام0 ومن هنا كان هرتزل اول من تنبه الى تبني هذا الحل بشأن الشعب الجديد الذي سوف يشكل دولة اليهود وانهم سيوجدون مجتمعا مثاليا متميزا عن طريق التسامح والعدل الاجتماعي وانهم لن ينسوا توصيات وتوجيهات العالم المتحضر ونقل صور الحضاره العالميه التي تتيح لهم اقامة دوله عصريه متطوره على غرار سويسرا وفرنسا في قلب الشرق الاوسط00! دون ذكر للدين او اقامة المعابد والشعائر والطقوس الدينيه0
00لذلك نلاحظ ان عددا كبيرا من مؤسسي الحركه الصهيونيه كانوا غير متدينين ولا يعيرون الديانه اليهوديه اي اهتمام بل ان بعضهم اظهروا خلافا ونقدا للدين ومن امثلة ذلك ثيودور هرتزل (1860_1909) مؤسس الحركه الصهيونيه ومفكرها الايديولوجي عندما زار القدس لم يحفل بالشعائر والطقوس الدينيه هناك التي اعدت بمناسبة استقباله0 وكان ماكس نوردار (1849_1923) الكاتب والزعيم الصهيوني وصديق هرتزل ملحدا يجاهر بألحاده امام الجميع وكان يعتبر التوراه انها عباره عن عمل ادبي اقل قيمه من اعمال هوميروس او كلاسيكيات اوروبا 00!!
00وعندما فكر اليهود يايجاد ارض يقيمون عليها دولتهم لم يكن تفكيرهم مبني على اقامة الشريعه اليهوديه والدين اليهودي فوق ارض ميعاد محدده جاذبة لهم من اقاصي البلاد00!!! او ان تمهد لهم هذه الديانه وهذه النبؤه الطريق لاقامة مملكة السماء على ارض الميعاد فلسطين00انما كانو يفكرون بها كملاذ ومأوى لليهود الضائعين والمشردين في شتى انحاء العالم من الشقاء الذي يعانونه في البلاد الاجنبيه00اي انها خلاص دنيوي0
…وقد صاغ مفكري الحركه مشكلة الدين والدوله على النحو التالي : ان دولة اسرائيل ليست دينيه وليست لا دينيه ولكنها معروفه بين الجمهور على انها لا دينيه ومن الناحيه الوظيفيه فأن الدوله ومؤسساتها وخدماتها تدار بشكل عام بما لا يتوافق مع شرائع الدين اليهودي وعشية اعلان دولة اسرائيل اجتمعت مختلف الاحزاب الدينيه والعلمانيه لمناقشة مسودة اعلان قيام الدوله ففريق كان يرى كتابة الحصول على الاستقلال بمساعدة الرب وبقوته الكبرى. وقسم آخر طلب عدم ذكر الرب صراحة لان العلمانيين لا يمكنهم ان يوقعوا على تصريح يناقض افكارهم ومعتقداتهم التي ورثوها من الشتات في اوروبا الشرقيه ومن ثم حملوها معهم الى منطقة الشرق الادنى0
00وقد جاء بن جوريون بتسويه لحل الخلاف بين الطرفين حيث اقترح النص التالي على المجتمعين ( بثقتنا برب اسرائيا نوقع بايدينا كشهود على اعلاننا هذا في دورة اعضاء مجلس الدوله المؤقت بمن فيهم اعضاء الحكومه المؤقته هنا في المدينه العبريه تل ابيب في هذا اليوم مساء السبت 14 مايو 1948م )
وقد كان لهذا الاعلان مدلوله السياسي وما سيكون عليه مستقبل دولة اسرائيل في فلسطين فبالاضافه الى الخلاف بين المتدينين والعلمانيين على سمة الدوله المقبله فأن المحايدين او الذين يشكلون الوسط كانوا غير متدينين ويظهر ذلك من نص الاعلان الذي اتفق عليه الجميع حيث ان الاعلان يفتقر صراحة الى ان مرد وجود دولة اسرائيل هو الرب فعبارة بثقتنا برب اسرائيل00نوقع بايدينا000لا تعني البته ان هناك صله للرب بالدوله !
لكن آثر الجميع الرضى مع عدم الانقسام مع تسجيل العلمانيين نقطه لصالحهم0
00وبعد قيام الدوله كتب بن جوريون نفسه يقول : على اليهود من الان فصاعدا الا ينتظروا التدخل الالهي لتحديد مصيرهم بل عليهم ان يلجاؤا الى الوسائل الطبيعيه العاديه مثل الفانتوم والنابالم0 وبعد اعتزاله العمل السياسي صرح بقوله : كنت مصمما على ان تكون اسرائيل دوله علمانيه تحكمها حكومه علمانيه وليست دينيه0 لكن وبالرغم من التصادم والمشاحنات بين الدين والعلمانيه والارباك الذي حصل لكل من رؤساء الدوله والمتمسكين بالتقاليد فالدوله من ناحيتهم لم تجد في نفسها الجرأه على الانفصال التام عن التراث وسعت بكل الطرق لان تكون دوله يهوديه دون المساس بالعلمانيه 0
00بعد حرب 1967م لوحظ زيادة عدد المتدينين وتشكل الاحزاب الدينيه في المجتمع اليهودي نتيجة الزهو والعظمه بعد النصر الذي حققته الدوله على ثلاث دول عربيه فأتحدت الاحزاب الدينيه واخذت تطرح شعار الدوله التاريخيه وانه ما كان ليجلب هذا النصر لشعب لا زال في طور البناء على ثلاث دول عربيه لها تاريخها وحضارتها ونظمها التي تفوق ما لدى اليهود بأستثناء القوة والعزم على تحقيق ما تريد لولا وقوف الرب الى جانبهم0 بالاضافه الى ذلك فأن هناك من يرى ازدياد الجانب الديني من السكان بسبب الهجره الجماعيه من البلاد العربيه والاسلاميه الى اسرائيل وما حملته معها تلك الجموع المهاجره من الاعراف والتقاليد والسلوكيات المسلمه ومكارم الاخلاق التي كانت تحافظ هذه المجتمعات على اقامتها والتمسك بها 0
00وفي عقدي الستينات والسبعينات تطورت المؤسسه الدينيه في اسرائيل ممثله بالاحزاب الدينيه التي انتشرت بين مختلف فئات الشعب واقامة المدارس الدينيه لتلامذتها ومن ثم المدارس العسكريه حيث كان طلاب هذه المدارس يذهبون طواعية للالتحاق بالخدمه العسكريه قبل طلبهم رسميا من الدوله اثناء اجازتهم السنويه وفي بعض الاحيان كانت ترسلهم مدارسهم للخدمه العسكريه قبل انهائهم السنوات المقرره للدراسه وبعد ان ينهوا الخدمه يعودون لتكملة دراستهم 00على غرار المدارس الاسلاميه التي تدرس علوم الدين في جميع انحاء مصر والتابعه للازهر الشريف لتخرج في العام الالاف من الطلاب الدينيين 0
وقد اعطاهم هذا السلوك القبول لدى الرأي العام اليهودي وقربهم من مراكز الحكم مما جعلهم يفوزون في الانتخابات بعدد من المقاعد في الكنيست الاسرائيلي اكثر من بقية الاحزاب الاخرى مثل حزب ( المفدال) الذي بقي يحتكر وزارة الاديان منذ عام 1949م حتى التسعينات ويكون لديه مقاعد اكثر من باقي الاحزاب الاخرى 0
00ويقوم الموقف الفكري والايديولوجي لحزب المفدال على رفض اقامة دولة فلسطين واعتبار القدس عاصمة لدولو وشعب اسرائيل واستمرار بناء المستوطنات على كل اجزاء ارض فلسطين وشجب الحكم الذاتي الفلسطيني وعدم الاعتراف به واعتباره خطرا على دولة اسرائيل حتى ان مؤامرة نسف وحرق المسجد الاقصى كانت من تدبير الاحزاب الدينيه اليهوديه المتطرفه مثل حركة ( جوش ايمونيم في كفار عتسيون) التي طورت نفسها بعد ذلك لتفرض قوتها ومكانتها على الساحه السياسيه لتبداء في ممارسة نفوذ حاسم في دولة اسرائيل وبشكل فعال اعتبارا من عام 1990م وذلك باشتراكهم وتحكمهم بالائتلافات الحكوميه واجبارها على الاستجابه لمطالبهم المتعلقه بتطبيق الشريعه اليهوديه في المجتمع الاسرائيلي وتمويل انشطتها الدينيه والثقافيه والتعليميه والعوده الى مفردات الكتاب المقدس في توسيع ارض الميعاد000ارض الاجداد000ارض اسرائيل الكبرى!0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع


.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف




.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية


.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في




.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو