الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حضارة السلب والنهب !!

عدنان عاكف

2012 / 1 / 27
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


" الواجب على الناظر في كتب العلماء، اذا كان غرضه معرفة الحقائق ان يجعل نفسه خصما لكل ما ينظر فيه ويحيل فكره في متنه وفي جميع حواشيه ويخصمه من جميع جهاته وجوانبه ويتهم أيضا نفسه عند خصامه فلا يتحامل عليه ولا يتسامح فيه "
ابن الهيثم – الشكوك غلى بطليموس
كان الأستاذ محمد البدري قد بعث بأربعة تعليقات دسمة على مقالتي " الاسلام بين كامل النجار وجلال العظم " تضمنت عددا من الملاحظات المهمة المتعلقة بجوانب فكرية وتاريخية. وقد اعتذرت في حينها عن الرد لأسباب طارئة. سأحاول في هذه المقالة ان أعقب غلى بعض الملاحظات المثارة. وفي الوقت الذي اتقدم فيه بالشكر الى السيد البدري ، أرجو ان نقدم ملاحظاتي مساهمة في تطوير الحوار بشأن القضايا المطروحة.
لنقرأ التعقيب التالي على مقالة د. كامل النجار : " الى الجبال مرة أحرى "!
" لقد تعامل المسلمون في عصور الاسلام منذ خلافتهم بالاربعة اصحاب محمد ومن بعدهم الامويون والعباسيون مع باقي الحضارات بطريقة السلب والنهب التي اتبعوها في ممتلكات بني قريظة وخيبر وباقي البلاد المحيطة بجزيرتهم. فهم ينسبون اعمال اليونان التي بها ما يتفق والقرآن باعتبارها من منجزاتهم اما في العصر العباسي فلم يكن هناك عربي واحد ضمن من قدم شيئا كالفارابي وابن سيناء والخوارزمي ... الخ. لكنهم ينسبوا اعمالهم علي انها عربية أو اسلامية رغم تكفيرهم لهؤلاء العلماء. لو ادرك العرب المتأسلمين ان العالم القديم والحديث قد اقام الحضارة علي اساس الفهم والادراك والعمل والانتاج وليس بطريقة السطو لأمكنهم علي الاقل المشاركة بدلا من الوقوف موقف الجهلاء يرددون ما اصبح من فضلات الحضارة. شكرا للدكتور النجار وتحيه له وعود حميد للحوار المتمدن ".
لو قارنا بين ما ورد في هذا التعقيب وبين ما تعلمناه من تاريخ تطور العلم والحضارة فلن يكون من الصعب ان نستنتج ان الكاتب الناقد ، ابن القرن الواحد والعشرين أخل بضوابط النقد العلمي الموضوعي ، التي وضعها عالم وناقد من القرن الحادي عشر ، وهي الضوابط التي وردت في الفقرة التي اقتبسناها عن ابن الهيثم في مقدمة المقال. لم يكن اختياري لهذه الفقرة اعتباطا، بل أردت الاشارة الى انه ليس من العلم ان نجزم بهذه الصيغة الاعتباطية المنفعلة ( ولماذا منفعلة لست أدري ) بأنه لم يكن في العصر العباسي " عربي واحد ضمن من قدم شيئا كالفارابي وابن سيناء والخوارزمي ...". مع ان الأسلوب الذي يتبعه البعض بفرز العلماء المسلمين الى عرب وغير عرب هو اسلوب مستهجن ولا يمكن ان ينسجم مع توجهات ومبادئ الكتاب العلمانيين. وجدير بالذكر ان هذا الاسلوب قديم وقد تم التخلي عنه في الأدب العلمي الأوربي باستثناء بعض الكتابات المتعصبة ضد العرب. وقد عبر العالم المعروف جزرج سارتون عن رفضه لهذا السلوك واعتبره موقف عنصري ومتعصب يحاول النيل من العرب. وأعجب ما في الأمر ان من يقوم بعملية الفرز " القومي " لا يهمه في الأمر سوى فرز العرب عن غيرهم، وتراهم ينسبون من هو من غير العرب الى القومية الفارسية، مع ان الكثير منهم ينتسبون الى قوميات آخرى، مثل ابن سينا ، البيروني، الخوارزمي، الفارابي...
منذ البداية يصدمنا الكاتب بـ " حقيقة علمية تاريخية " يرفضها العلم والتاريخ، ألا وهو الجزم بان المسلمين تعاملوا مع الحضارات الأخرى عن طريق السلب والنهب. التاريخ ومنطق تطور العلم والحضارة يؤكدان على انه بوسعنا ان نستحوذ عن طريق السلب والنهب على كل شيء باستثناء الفكر والحضارة. ها نحن ندفع كل عام مئات المليارت من الدولارات لاستيراد ( وليس سلب ونهب ) الفكر والعلم والحضارة فما هي النتيجة؟ ناطحات سحاب، مولات، آخر صرعات المودة، مهرجانات سينمائية دولية لا حصة لنا فيها، ولكن لا أثر للحضارة والعلم. الحضارات لا تنمو وتتطور في بيئة قائمة على عقلية السلب والنهب، بل تتطلب ظروف موضوعية، تسمح لها بالتفاعل والتلاقح مع الثقافات والحضارات الأخرى. ماذا يمكن ان تفعل بأعظم الحضارات اذا كانت عقيدتك وتقاليدك وبيئتك واقتصادك غير مؤهلة لاستقبال مثل هذه الحضارة والتفاعل معها؟ يقول نصر حامد أبو زيد : " الأساس في التأثير الفكري بين ثقافتين أو حضارتين، ان الأفكار الواردة على الثقافة والحضارة من الصعب ان تمارس تأثيرها الفعال والمثمر في هذه الحضارة ما لم تكن الظروف الموضوعية – الاجتماعية والسياسية – مهيأة لتلقي هذه البذور واحتضانها...".
ويقول البدري : " فهم ( يقصد المسلمين ) ينسبون اعمال اليونان التي بها ما يتفق والقرآن باعتبارها من منجزاتهم...". لم يسبق ان قرأت شيئا من هذا القبيل. ومع ذلك أين المشكلة في هذا؟ متى تقبلت الكنيسة ما لا يتفق مع تعاليم التوراة والانجيل؟ ما قرأته هو عكس ما يقوله البدري. والذي قرأته كان في المجلد الأول من كتاب " العلم في التاريخ " للعالم البريطاني والفليسوف الماركسي برنال جورج ان الكنيسة ومنذ البداية حرمت التعامل مع المؤلفات اليونانية في حين فتح المسلمون أبوابهم أمام جميع المؤلفات باستثناء تلك التي تنكر وجود الله بشكل مباشر.
لا أجد فرقا بين من ينكر تأثير الحضارة اليونانية أو أي حضارة أخرى على الحضارة العربية الاسلامية وبين من يحيل كل ما هو قيم وعلمي وحضاري الى التأثير الأجنبي. ثم هل يدلني السيد البدري عن شعب أو أمة ما لم تنسب انجازات شعوب أخرى اليها. بوسعي ان أذكر الآن العشرات من " الاكتشافات العلمية القيمة " الغربية في مجال علوم الأرض التي سبق وان اكتشفت خلال العصر الإسلامي الوسيط.
دعونا نحتكم الى العقل والمنطق. هل حقا ان ما ذكره السيد الكاتب يعتبر من السمات المميزة للمسلمين وحضارتهم؟ هل حقا ان المؤرخين قد أثبتوا ان المسلمين والعرب تميزوا بالاستحواذ على المنجزات الحضارية لغيرهم من الأقوام والشعوب؟ أم ان هذا مجرد نزوة " فكرية " يحاول السيد البدري ان يلهي بها القراء؟ التاريخ، حسب معلوماتي المتواضعة، يقول غير ما يدعيه السيد البدري. لنقرأ ما تركه لنا الكندي عن هذا الموضوع :
" لا نستح من الحق واقتناء الحق من أين أتى، وان أتى من الأجناس القاصية عنا، والأمم المباينة لنا ". الكندي يلقب بفيلسوف العرب الأول. وما يهمنا من هذه التسمية هو كونه منرواد الثقافة العربية. قبل أكثر من ألف عام صرخ بفمه المليان بانه لا يستحي من استيراد العلم من أي بلد كان، في حين ان الكثير من حكوماتنا " الديمقراطية العلمانية "، وبتوجيه واشراف حكومات الغرب الديمقراطية، في القرن العشرين كانت تحكم بالاعدام على حملة " الأفكار المستوردة "! ان لم تخني الذاكرة كان ثاني وزير للثقافة في العراق الديمقراطي الجديد قد هاجم بعنف الثقافة المستوردة. متى أصبح بوسع علماء أوربا ان يتحدثوا بصراحة عن حرية استيراد الثقافة؟
كان الكندي من الأوائل الذين أكدوا على نسبية الحقيقة، وعلى الطابع العالمي التراكمي للمعرفة :
" لم ينل الحق ـ بما يستأهل الحق ـ أحد من الناس بجهد طلبه، ولا أحاط به جميعهم، بل كل واحد منهم إما لم ينل منه شيئا، واما نال شيئا يسيرا. بالاضافة الى ما يستأهل الحق، فاذا جمع يسير ما نال كل واحد من النائلين لحق منهم، اجتمع من ذلك شيء له قدر جليل ". هل يمكن لرجل مثل هذا ان ينسب لنفسه حضارة رجل آخر ؟
لنقرأ هذه الفقرة التي قد تكفي لوحدها لتصحيح الصورة المشوهة التي رسمها السيد البدري عن العلماء المسلمين وموقفهم من الحضارات التي سبقتهم. يقول الرازي :
" كدح السابقون فبنينا على ما حققوه وارتفعنا على اكتافهم وكدحنا وسيبني الآتون على ما حققناه وسيرتفعون على أكتافنا". هذا هو منطق تطور الفكر والحضارة. زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون... أليس هذا ما كرره اسحاق نيوتن بعد بضعة قرون حين قال: " إن كنت رأيت البعيد فلأني قد وقفت على أكتاف عمالقة".
نواصل قراءة التعليق :
" اما في العصر العباسي فلم يكن هناك عربي واحد ضمن من قدم شيئا كالفارابي وابن سيناء والخوارزمي ... الخ. لكنهم ينسبوا اعمالهم علي انها عربية أو اسلامية رغم تكفيرهم لهؤلاء العلماء ".
لنتذكر ان هذا التعليق ورد على مقالة د. النجار " الى الجبال مرة أخرى " . وفي هذه المقالة كرس النجار الجزء الأخير منها لاستعراض أكثر من عشرة علماء مسلمين، وركز على ابراز هويتهم القومية غير العربية ( الفارسية ) . ما الذي أضافه البدري في هذه الفقرة الى ما قاله النجار؟ لو حاول البدري ان يتعامل مع التاريخ بمنظاره هو وليس بمنظار النجار لعثر على الكثير من العلماء العرب الذين رفعهم المستشرقون الغربيون الى مطاف عباقرة العلم في العالم.
التعقيب الثاني :
" فإذا كان العلم العربي – على الأرجح – أكثر العلوم تقدما في العالم منذ القرن الثامن وحتى نهاية القرن الرابع عشر، .... فاننا لا يجوز الاستحلام علي هذا القول لان العالم في هذه الفترة كان غارقا في الجهل، ولم يتجاوز هذا الوضع الا بقدر ما فارق علماء اوروبا النصوص الدينية بدءا من فرانسيس بيكون وجاليليو انتهاءا بكل الملحدين الحاليين رضي الله عنهم في كل العلوم وإلا إنه موقف سياسي في باطنه له ظاهر ديني قائم علي عداوة اصحاب العلم والمعرفة بعد وصفهم بالصليبيين والكفار والملحدين فلماذا يغض الاسلاميون الحاليين البصر عن ما يمسي بالنهضة العربية الاسلامية ويشيحون عنهم ولا يفخرون بهم؟ السبب في هذا ان كل هؤلاء تم وضعهم في خانة الكفار من علماء الاسلام انفسهم الذين قادوا القطيع الاسلامي دينيا. فعودة الاعتبار ايمانيا للعلماء سيفقد الغزالي وابن تيمية وغيرهم المصداقية مما يضعف القيادة الاسلامية المشيخية للشعوب المسلمة وهو أمر لا يقدر عليه الاستبداد والفاشية العربية الاسلامية "!!! انتهى تغليق السيد البدري.
قبل البدء في تحليل ما ورد ، أتمنى لو ان أحدا يساعدني بالجواب على سؤالي الساذج : هل انتج العرب والمسلمون في العصر الوسيط حضارة أو ثقافة ما ؟ في التعليق الأول كان السيد البدري قد حصر دور العرب والمسلمين في نهب وسلب ما انتجته الحضارات المحيطة بهم، وفي نسب ما انجزه اليونانيون لأنفسهم. وها هو في هذا التعليق يؤكد ما ذهب اليه . مع ذلك يتساءل الكاتب عن الأسباب التي تدعو الاسلاميين الحاليين الى غض النظر " عن ما يمسي بالنهضة العربية الاسلامية ...؟ " هذا يعني ان هناك انجاز حضاري ثقافي ما قد تم ( بغض النظر عن اسمه ) يصر الاسلاميون ولسبب ما تجاهله... تُرى ألا يعني هذا ان هناك حضارة يتم تجاهلها من قبل البعض؟ واذا تم اقرار ذلك ألا يحق لنا ان نسأل عن الأسباب التي تدفع بالبعض الى انكار أكثر من خمسة قرون من تاريخ الحضارة الانسانية؟ النجار أطلق عليها " الفورة العلمية " في عصر المنصور والمأمون. وأحدهم قال انها نتجت بغفلة من الخلفاء، وآخر أشار الى ان بعض العلم نشأ في عصر كان فيه الخلفاء مشغولين بمعاشرة النساء وشرب الخمرة. أيعقل هذا ؟؟
لو عدنا الى الجملة الأولى التي يبدأ بها التعقيب " فإذا كان العلم العربي أكثر العلوم تقدما في العالم منذ القرن الثامن وحتى نهاية القرن الرابع عشر...." فهي منقولة عن مقالتي " لماذا أخفق العرب في انجاز الخطوة الأخيرة نحو العلم الحديث ". ولو عدنا الى تلك المقالة سنجد ان الذي كان يتحدث عن تقدم العلم العربي هو العالم الأمريكي توبي وليس العبد الفقير الذي نقل عنه الكلام. وجدير بالذكر ان صيغة التأكيد على ان العلم العربي كان متفوقا آنذاك تكررت أكثر من مرة. لذلك فان الحديث عن " الاستحلام " غير وارد هنا، مع العلم ان الاشادة بحالة العلم العربي وردت في سياق تأكيد المؤلف الأمريكي على أهمية سؤاله عن الأسباب التي أدت الى تراجع العلم العربي قبل انجازه الخطوة الأخيرة.
وما يثير الانتباه أيضا هو ان السيد البدري يتحدث بأسلوب هادئ رصين عندما يتناول – ولو بشكل عابر –حضارات وثقافات الشعوب الأخرى، القديمة منها والحديثة، لكنه ينقلب بمقدار 180 درجة عندما ينتقل للحديث عن العرب والمسلمين، عندها تبدأ نبرة الاستخفاف والاستهجان وعبارات الاتهام. ويبذل كل ما في وسعه للتقليل من مساهمات العلماء العرب والمسلمين ودورهم في مسيرة الحضارة الانسانية. فهو على سبيل المثال يجد بان القول بان العلم العربي كان في الصدارة شيء لا معنى له ما دام العالم كان غارقا في الجهل. ولكن عالم من أمريكا ومتخصص معروف في تاريخ العلم وجد ان من الضرورة ان يؤكد على تلك الحقيقة، مع العلم ان الحديث لم يكن عن عالم ما أو عن كشف علمي ما، بل عن المجتمع بشكل عام بظروفه السياسية والفكرية والحضارية. لنعيد قراءة ما كتبه البروفيسور الأمريكي توبي :
" منذ القرن الثامن حتى نهاية القرن الرابع عشر، كان العلم العربي أكثر العلوم تقدما في العالم، وقد تجاوز بكثير ما كان في الغرب وفي الصين، في كل ميدان للبحث، في الطب والفلك والكيمياء والرياضيات والبصريات. لقد كان العلماء العرب ( عرب وايرانيون، مسلمون ومسيحيون ويهود، وغيرهم ممن كان يستخدم اللغة العربية ) في واجهة التقدم العلمي، وكانت الحقائق والنظريات والأبحاث العلمية في مؤلفاتهم أكثر تقدما في أي مكان في العالم، بما في ذلك الصين ". يبدو لي ان مثل هذه الصورة البهية الوردية الزاهية التي يقدمها هذا العالم الغربي لواقع العلم العربي ينبغي ان تكون مصدرا مهما ليتوقف عنده أي ناقد موضوعي لدراسة الحضارة العربية والاسلامية. لكننا نجد موقفا مغايرا كليا عند السيد البدري.
وهل علينا ان نوجه أصابع الاتهام الى الجيولوجي الفرنسي الشهير اولنبرج، لأنه كان يستحلم وهو يقيم في كتابه عن تاريخ العلم الجيولوجي الحضارة العربية الاسلامية :
" كانت الحضارة اليونانية – الرومانية في الغرب قد فقدت الكثير من وهجها وأخذت تنطفأ لتغرق في الفوضى، واستمر هذا الوضع حتى القرن الحادي عشر . على الضد تماما من ذلك شهد الشرق في القرنين السابع والثامن، وبشكل لم يكن بالحسبان، وبصورة مفاجأة وغير متوقعة ازدهار حضارة جديدة لامعة، كان الإسلام واللغة العربية هما المادة " السمنتية " الأساسية لهذه الحضارة . وقد قدر لهذه المعجزة العربية ان تنقذ الإرث العلمي اليوناني، فقيمته وقدرته عاليا ".
أليس من حقنا ان نتساءل عن السبب الذي دفع بالسيد البدري ان يغض النظر، وهو يكتب عن الاستحلام، عن ما ذكره عالم الطبيعة الألماني غومبولت في مطلع القرن التاسع عشر بشأن حضارة العرب:
" لم يقتصر دور العرب على اعادة البشرية الى منابع الحكمة اليونانية فحسب ( قاموا بترجمة أهم مؤلفات المفكرين من اليونان والرومان الى العربية ) بل أثروا انجازات من سبقهم من العلماء القدامى. وقد استفاد العرب أيضا من المنجزات العلمية للصينيين والهنود، فطور المعارف في مجال المعادن والهندسة ووضعوا اسس علم الجبر ، وتوصلوا الى استنتاجات مهمة في الجغرافيا والجيوديسيا، وعلم الفلك والكيمياء. وقد تم تقييم هذه المنجزات العلمية عاليا من قبل المؤرخين الروس والأوزبيك ومن طاجاكستان."...
يتساءل السيد البدري " ...فلماذا يغض الاسلاميون الحاليين البصر عن ما يسمى بالنهضة العربية الاسلامية ويشيحون عنهم ولا يفخرون بهم؟ "...
لن أبالغ لو قلت ان هذا السؤال والاجابة عليه هو الموضوع الجوهري الذي ينبغي ان نتوقف عنده جميعا ! لقد أجاب البدري على سؤاله، وأنا أتفق مع كل ما ذكره ( باستثناء ما ورد عن الفاشية الاسلامية لكونه مصطلح جديد غامض ليس لي معرفة مسبقة معه ). ولكن الموضوع ما يزال بحاجة الى معالجة أشمل. اضافة الى كونه يحفز القارئ على طرح أسئلة جديدة، مثل : تُرى ماذا سيكون موقف السيد البدري من الاسلامي المعاصر لو تحدث عن " ما يسمى بالحضارة العربية الاسلامية "؟ هل سيستقبل بالترحاب ؟ ألا يتهم بانه اسلامي متطرف؟ وهل ستكون درجة تقييمه أكثر من 28 % ؟؟؟
قدم البدري تبريرا منطقيا ومقبولا لإحجام الاسلاميين المعاصرين عن الحديث عن الحضارة العربية الاسلامية وسعيهم الدائم للابتعاد عن الخوض في الحديث عن رواد تلك الحضارة. لكنه في نفس الوقت وضع نفسه والأخوة الذين يتبعون منهجه – وفي مقدمتهم د. كامل النجار – في مأزق أتمنى ان يجد المَخرج منه بأقرب فرصة: لماذا يسعى البدري، ومعه جيش جرار مِن مَن يدعون " العلمانية " الى ترويج وجهة نظر الاسلاميين ، ليس في غض النظر عن الحضارة العربية ، بل وفي نكران مثل هذه الحضارة.؟؟؟؟؟؟ أليس مثل هذا الموقف يمنح الشرعية للقوى السلفية عندما تدعي بانها الممثل الشرعي للإسلام ماضيا وحاضرا؟ ألا يعتقد ان العمل على احياء التراث العلمي والحضاري التقدمي للعرب والمسلمين سيشكل رافدا قويا للقوى الديمقراطية واليسارية والعلمانية في نضالها ضد التخلف والفقر ومن أجل العدالة الاجتماعية؟
هنا نتذكر مقولة طيب الذكر، د. صادق العظم التي تتحدث عن رغبة الكثيرين في الغرب في تقبل الاسلام بالصيغة التي يقدمها الاسلام السلفي المتخلف. والحق يبدو، بانه ليس الغرب فقط، يرغب رؤية الاسلام بعيون السلفيين بل هناك آخرون يسعون الى تقديم النموذج السلفي، مع انهم من دعاة التقدم والعلمانية!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - 1تعقيب
أمناي أمازيغ ( 2012 / 1 / 27 - 21:24 )
السيد عدنان عاكف ، تحياتي على
أحيي فيك رهافة حسك ودماثة خلقك ، وهدوء محاورتك .
بودي أن أثير بعض التساؤلات حول ما قدمته في مقالتك :
* أنا لا أنظر بنظارة سوداء إلى تاريخ العرب والمسلمين ، فله انجازاته ونحن نثمنها ، لا بل نريد لها أن تحضر في واقعنا وعصرنا !. لكن ما ذهب إليه السيد البدري فيه قدر من الصواب ، فمن كان يقتل ويغزو وينهب ثروات شعوب مسالمة لن يتوانى في سرقة إرثها، من تقاليد وعادات وفكر وعلوم . لكن السؤال الذي يلح على نفسه هو ، أين هي ثمار حضارة العرب والمسلمين ؟!! ، أو بالأحرى لماذا هذا التراجع والإنحدار الذي شهدته حضارة المسلمين ؟!!! أين هي تجلياتها ، سيكون من غير المفيد أن نتباهى بهكذا حضارة ليس لها إمتداد وحضور في واقعنا ، أليس كذلك ؟!!!
* سيدي ، هل تعلم أنت الذي تدعو إلى عملية إصلاح وتطوير الإسلام ، هل تعلم أن التيار المتشدد النصوصي يضعك في سلة واحدة مع الدكتور كامل النجار ، في قائمة المغضوب عليهم !!
انهم لا يسوقون احكامهم علينا من هوى أنفسهم ، بل هم ينهلون من ثراث ونصوص بشعة محاطة بهالة من القداسة والألوهية ,,,,,!


2 - تعقيب 2
أمناي أمازيغ ( 2012 / 1 / 27 - 21:39 )
إذن ، ماذا يكون دورنا نحن العلمانيين ، هل سننقد نظرتهم إلى ألدين أم ستنوجه بنقدنا لهذه النصوص وإثبات مدى تهافتها ولا عقلانيتها !!
أعتقد وهذا مجرد إعتقاد ، أنها ستكون معركة خاسرة أن تحاور تيار سلفيا متعطشا للدماء وتناقش رؤيته للدين . إذن كيف نخرج من هذا المأزق ؟!!
* قد يكون نقد الدكتور كامل للدين متطرفا ، لكن له ما يدعمه من دلائل وبراهين ومصادر يحتج بها الرجل في جل دراساته ، فلماذا لا تتعرض لما يقوله بما لديك من أدلة !!

* سؤال أخير، هل هذا الصعود و التباهي بالحضارة العربية والإسلامية سيقدم لنا شيئا ، هل ستنقدم بهكذا نهج و تفكير ؟!! ، ألا يكون جلد الذات ومراجعتها هو الأجدر لتقدم شعوب المنطقة و عبور أزمتها واشكالاتها؟!!! فالأهم بالنسبة إلينا لهو كشف العيوب والعثرات لتصويبها وتعديلها ليتحقق التطور والتغيير كجدلية للحياة و ليس أن نبحث عن قشور في ثراثنا البائس لنتباها بها أمام الأخر !!
أكتفي بهذا ، رغم أن هناك الكثير ليقال في الموضوع الذي اخترته لمقالتك .

شكرا لك . تحياتي !!


3 - هي الحقيقة ولا يفيد التجميل
فهد لعنزي السعودية ( 2012 / 1 / 28 - 05:23 )
ان الفكر السلفي هو الممثل الشرعي الوحيد للاسلام ومن يقرا القرأن والحديث وسيرة الخلفاء يجد ان ما يعتقده السلفيون وينفذونه هو ما قام به خلفاء الاسلام الا من بعض الاستثنآءأت للخلفاء الراشدين. فاذا كان المسلمون اصحاب حضارة فاين هي في مملكة الارهاب السعودية؟؟.هل حضارة العراق ومصر وسوريا هي حضارات اسلامية؟؟.كلا!. اما العلماء المسلمين وليس علماء الاسلام فيعدون مارقين كما ان الاديان كلها ليس لها علاقة بالعلوم ولو كان ذالك لكان الدين اليهودي له السبق في هذا المضمار.ولو فرضنا جدلا بان كانت هناك حضارة اسلامية فاين هي الآن؟؟.
ان الفتى من يقول ها انا ذا *** ليس الفتى من يقول كان ابي.


4 - تساؤلات
alan ( 2012 / 1 / 28 - 07:04 )
ارجو من الاخ عاكف ان يفسر لي لماذا تركت ما تسمى الحضارة الاسلامية او العربية بصماتها في كل البلدان عدا موطنها الاصلي واهم مدينتين فيها مكة ومدينة حيث بقيت الكعبة كخرابة حتى منتصف القرن الماضي حين وصلتهما اموال النفط وشئ من العمران الغربي لماا لم نر جامعات وصروح فيها او في طائف او اي مكان في الجزيرة حيث الجو المناسب


5 - الحضارة الانسانية
اياد مجيد ( 2012 / 1 / 28 - 08:19 )
الاستاذ عدنان المحترم
من يقوم بحرق مكتبة الاسكندرية عن عقيدة وايمان لايمكن ان يقدم وينجز حضارة انسانية مع الاعتذار وشرا -


6 - الحقيقه
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 1 / 28 - 17:17 )
ما على حاجب علت عين
بس عين الحقيه علت كل حاجب
العين وي العمر يضعف بصرها
وبصر عين الحقيقه قوي ثاقب
كل عين والها ساعة تغمض اتنام
وعين الحقيقه ساهره تراقب
الحقيقه شمس ما صدها غربال
وكل حي ضميره الها صاحب
تحيه لك استاذي المحترم واعلاه بعض من طويله لم تنشر بعد اهديناه لكم


7 - هل قدرنا أن نعيش في الماضي
الحلاج ( 2012 / 1 / 28 - 19:56 )
لماذا لا ينصب بحث وتفكير مفكرينا العرب والإسلاميين بمجمله على الآن والمستقبل ومتى تستدير رؤوسنا الى الأمام ومتى نتخلص من عقدة الماضي وجل إختلافنا وخلافاتنا في تأريخه الذي كتب بهوى من كتبه وقيمه وقناعاته.
كم من وقتنا مرهون وأسير بذلك وكم منه موهوب للزمن القادم الذي يقرر مستقبل أطفالنا وحياتهم وإنتاجهم وما سيصلون إليه بعلمهم وعملهم.
وأخيرا لماذا نتوقع لهم غدا أفضل من يومنا ونحن نسقيهم من كأس أمسنا الذي شرب أجدادنا وسقينا منه


8 - الحضاره أو الأمبراطوريه
غازي صابر حسين ( 2012 / 1 / 28 - 20:22 )
في كل ما يكتبه الأستاذ عدنان ألتمس هناك نوع من التعصب للعربيه . ولا أظن أنه لم يقرأ تأريخنا وهو عراقي ، بمعنى أخر علينا أن نلجأ في البدايه الى تفكيك هذه المفرده أو الجمله الأمه العربيه أو الحضاره العربيه)مثلاً من أين جاء العرب وكيف سيطروا وأسقطواحضارات)
كانت قائمة .أعني أن هناك أبعاد كبيرة لمفهوم الأمه المتحضره أو حضارة إمه . حكم الخلفاء لم يعترف إلا بعلم القرأن وبدية الدوله الأمويه بدأت اللغه والفقه وإزدهرت حركة الترجمه زمن المأمون أبن الفارسيه وهو يعاني من جمود العقل العربي وفتح الأبواب لكل العلماء من البلدان الواقعه تحت السيطره العربيه بأسم الإسلام فكانت الجمهره التي ذكرتها يا إستاذنا الجليل هناك مثل يقول الميه تكذب الغطاس فلو كانت العلوم التي أنتجتها هذه الأمبراطوريه عربيه لكانت السعوديه واليمن وهما منبع العروبه في طليهة الإبداع العلمي وحاول القاده اليعربين من عبد الناصر الى صدام الى القذافي النفخ بقربة العقل العربي وبأشراف منهم لكنهم عجزوا . والسبب بأعتقادي المتواضع أن هناك هذا الموروث العربي الإسلام والقوميه والماضي البدوي المتغطرس والتعريب الإجباري الذي مورس ضد الشعوب يتبع


9 - الحضاره أو الأمبراطوريه
غازي صابر حسين ( 2012 / 1 / 28 - 20:33 )
الشعوب التي فرض عليها التعريب بالقوه بدءاً من العراق والى الأندلس وحتى حدود الصين أنسونا ماضينا قطعوا جذورنا بحضارتنا نحن مثلاً في العراق . بأعتراف كل العالم كانت بابل وماقبلها حضاره فهي التي أوجدت الكتابه وعلوم الفلك والعمران وأنت أعرف مني في هذه حضاره وليس ماقام به علماء جاءوا من أواسط أسيا أو من شمال أفريقيا طمعاً ببيع ما لديهم من معرفه للخليفه أو العيش من وراء ما أبدعوه ممكن أن ننسبه للعرب . أرى في هذا تجني وممكن أن نقول العالم الفلاني من الدوله الفلانيه كان قد كتب كذا وكذا زمن السيطره العربيه على هذه البلدان وهذا صحيح فنسمع اليوم أن الباكستاني والأيراني والمصري والعراقي يبدع هنا وهناك في المجالات العلميه والحضاريه .وشكراً


10 - ايقاف الكنيسة
سمير فريد ( 2012 / 1 / 28 - 21:36 )
الاستاذ عدنان عاكف المحترم

تحية

لا يمكن لأي دين تكوين منظومة حضارية تعنى بالإنسان وتتقبل الاخر وتاريخ الأديان على الأغلب حروب ونزاعات او ان تتستر الدولة بالدين لشن تلك الحروب وذلك لان الدين وتحت عباءته يمكن اختلاق آلاف الحجج لتلك الحروب
سيدي الفاضل
ان ما نعاني منه اليوم ليس صعود التيار الديني بل تلك المنظومة التي تقمع الانسان وتقولبه لدفعه لاتجاه واحد يكون سد هائل في منع التقدم هل ستقبل هذه السلطات الجديدة ان يتم تدريس الاطفال منظومة كاملة عن تقبل الاخر هل نحن حقاً أحسن الامم ان الإرث الحضاري للبشرية ملك للجميع هناك أمم حديثة تمكنت وب من قصير من تقبل كل التراث الحضاري العالمي وأبدعت منضمة من القيم جديدة ربما لا نتفق مع بعضها لكنا ستترك بصماتها لقرون قادمة لا على الغرب فقط بل على مجمل البشرية ان جلد الذات ربما يكون سببه الإحباط والشعور بالعجز ان التقدم في الغرب لم ينبعث من جديد الا بعد ان تم إيقاف الكنيسة عن التدخل في قوانين الدولة وبذلك تم اعادة الحرية للعلماء في البحث عن مسارات جديدة ان دولة يحكمها الدين وعلى مدى التاريخ كانت كارثة

تحياتي ومحبتي للجميع


11 - شكرا للاستاذ عدنان
محمد البدري ( 2012 / 1 / 28 - 22:40 )
شكرا للسيد الكاتب علي اتاحة الفرصة لمزيد من كتابة المقالات. فكلها ساعات قليلة وسيكون التعقيب كمقال جاهزا.


12 - الحضارة هى اللغة
صلاح الساير ( 2012 / 1 / 29 - 17:17 )
الاخ عدنان عاكف المحترم
الحضارة ليست شى موجود او غير موجود لو لم تكن هناك فرعونية او بابلية او يونانية ....الخ من الحضارات ولكن السؤال هو هل هناك حقيقة مطلقة ام لا ولكن عندما نتفق على عدم وجود حقيقة مطلقة عند هذا نقر بفضل جميع الحضارات بان لها الدور فى دفع البشرية نحو الحياة الافضل والاجمل وعندما نقر بوجود الحقيقة المطلقة وهنا توجد فقط الحضارة (التوحيد)اى اليهودية والمسيحية والاسلامية كونها تمتلك الحقيقة المطلقة وما عدا ذلك غير موجود 00
الخلاصة ان الحضارات المؤمنة قتلت التطور البشري بالحروب ونقلت لب الحضارات الغير مؤمنة من البوذية والهندوس كون البشرية كانت غير مؤمنة فى بداية تكوينها الفكري حسب ما جاء بالكتب المقدسة وكل الخلاف عن اصل الحقيقة وهو حديث مرتبط من خلق او اوجد الكون هل الاول العقل ام المادة والجواب يبقى معلق الى اشار اخر مع التقدير 000

اخر الافلام

.. الضربات بين إيران وإسرائيل أعادت الود المفقود بين بايدن ونتن


.. الشرطة الفرنسية تعتقل شخصا اقتحم قنصلية إيران بباريس




.. جيش الاحتلال يقصف مربعا سكنيا في منطقة الدعوة شمال مخيم النص


.. مسعف يفاجأ باستشهاد طفله برصاص الاحتلال في طولكرم




.. قوات الاحتلال تعتقل شبانا من مخيم نور شمس شرق طولكرم