الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية الأوطان

نادين البدير

2012 / 2 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



إذا جلس «الإسلام» على عرش الدولة أو القطر وتحول لمسؤول سياسى، فهل تفكر فى انتقاده؟

إذا تحولت الشريعة لقانون، فهل تكفر وتطالب بتغيير بند من قانونها؟

هل تقوى على التظاهر أمام إدارة الحكم وتنادى بإسقاطها؟ يتساءلون: لمن يكون الحكم فى فكر مجالس الثورة الحديثة؟

البعض يقول إن الإخوان متجهون لشريعة الدستور، وأنهم لن يأخذوا بفكرة الحاكمية لسيد قطب، حين صرح القيادى بالإخوان على عبدالفتاح بأن الحاكمية التى قال بها سيد قطب هى للقانون والدستور رأى كثيرون فى ذلك التصريح تراجعاً إخوانياً عن حاكمية قطب. هل هذا الأمر قابل للاستيعاب؟ تخليهم عن أهم أعمدة نشأتهم!

فى أحد البرامج الدينية التى تعلمك كيف تنام وتقوم وكيف تلاطف زوجتك، اتصل مشاهد يشتكى تناقض وتراجع الإخوان والسلف عن حكم الشريعة، فطمأنه الشيخ بأن الدورة الانتخابية ما زالت فى أولها والحكم يكون بعد عدد من الجلسات، ألم تسمعهم يضيفون للقسم عبارة (بما يتفق مع شرع الله)، أكبر دليل على عدم تناقضهم والتزامهم بحكم الشرع.

إذا رجع الإخوان لتقسيم العالم لـ«دار إسلام» و«دار كفر» ولتحكيم الشريعة وللحاكمية (التى تنفى التعددية الفكرية والسياسية وتعادى الديمقراطية، حيث حزب واحد لله وأحزاب أخرى كلها للشيطان وللطاغوت) فى الدول التى صوتت شعوبها لحكم الدين، وفى ظل عدد متلاصق من الحكومات ذات الأغلبية الدينية بمنطقة شمال أفريقيا- فهل تتلاشى الحدود وتعود الخلافة الإسلامية لواجهة المشهد السياسى؟ ولن أقول «العربى» لأن العروبة تتناقص وتضمحل مع تصاعد الإسلامية؟

الخلافة الإسلامية أو الدولة الإسلامية الكبرى قادمة بقوة.

سيقول الليبراليون تلك مبالغة، وأقول ليس هناك داع ليطمئن الليبراليون بعضهم قائلين: دعهم يحكموا وسينهيهم الشعب كما بدأوا. إن لم تحدث معجزة فالمستقبل هو للإخوان، للسلف، للحكم الإسلامى، وما صعود السلف إلا لتوزيع الحصص وتحقيق التوازن بين دويلات الإخوان ودويلات السلف فى ظل راية إسلامية سنية كبرى لكن ماذا بعد الخلافة الإسلامية؟ وبعد الوحدة السياسية والجغرافية.. أين ستصبح حدود القطر العربى؟ هل سنذوب كما أذابتنا العولمة؟

حين طرح مفهوم العولمة احتشدت التظاهرات بين مجتمعات العالم الرافضة للعولمة خوفاً على هوياتها المحلية من أن تذوب فى آلة العالمية، ويتحول الجميع لمجتمع بهوية واحدة. فهل سنحتشد بتظاهرات ضد العولمة المضادة؟ ضد قفز السلف على القطرية والوطنية؟

وما مصير هوياتنا العربية بمجتمعات الإخوان والسلف؟ هل سيكون مطلوباً منا أن نذوب مع الإندونيسيين والماليزيين وسكان تركمانستان وأوزبكستان وآخرين؟

هل ينتهى أخيراً وهم القرن العشرين؟ زيف اسمه الوطن العربى؟ هذا واقع كنا نعايشه (وما زلنا) على المستوى السعودى حين كان مطلوباً منا أن نذوب فى المجتمع الإسلامى نابذين كل أشكال القومية والوطنية، حتى وجدنا أنفسنا فى أراضى الأفغان نشارك فى صناعة الإرهاب وكل أنواع الضياع.

إن كان الإخوان يتبعون نهج الحاكمية وديار الإسلام والكفر فالسلف لا يقلون بغضاً للوطنية.

يرى أحد متطرفيهم أن الوقوف للنشيد الوطنى وثنية ومناف للتوحيد، ويقول زعيم السلفية بالجزائر على فركوس: التركيز على مبدأ الوطنية أمر خطير على عقيدة المسلم وواقعه، فإلى جانب علمانيته فهو مزيح لعقيدة الولاء والبراء الشرعى ومقص لرابطة الأخوة الإيمانية.

أما فى (نقد القومية العربية) للشيخ عبدالعزيز بن باز: «فإن الدعوة إلى (الوطنية) وأخوة المواطنة لا تقل خطورةً عن الدعوة إلى القومية العربية، بل هى أخطر، لما فيها من مزيد تشتيت لجمع المسلمين وتحزيبهم». ومما يستدل به دعاة هذا المذهب حديث «حب الوطن من الإيمان»، وهذا حديث لا أصل له، بل إن حب الوطن أمرٌ غريزى لا يترتب عليه حمدٌ ولا ذم حتى يرى مآل هذه المحبة.

آخر الأحداث ندوة عقدت فى الرياض بعنوان (السلفية منهج شرعى ومطلب وطنى) يوحى عنوانها بمحاولة جامدة لتمدين السلفية بجعلها شرطا للمواطنة، نفهم إذن أن الليبرالى والعلمانى والشيعى والمالكى والبقية هم خارج المواطنة.. مازالت السلفية أممية تتجاوز الوطن.

فى العرف السلفى الوحدة الوطنية مخالفة للإسلام، والقتال من أجل العروبة هو قتال جاهلية.

الفكر الإسلامى كله لا يعرف القطرية، مهما قالوا عن التمسك بالوطن، فالوطنية تتناقض تماماً مع فكرة الدينية، الدينية تنفى الوطنية، الدينية والوطنية لن تجتمعا يوماً، فما مصير حدودنا العربية؟

ومتى سيتقرر لهذه المنطقة أن تهدأ؟

تارة يذيبون حدودها وتارة يفصلونها ويقسمونها ثم يذيبون حدودها من جديد، ونقف أنت وأنا نفكر ونقفز منذ مئات السنين مرة على حدود الخلافة ومرة على حدود الوطن، ألا تعلم أن حبنا ممنوع من عبور أى حدود بأمر إسلامى وطائفى ومذهبى وجمهورى وملكى؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مستقبل بائس
محمد صادق ( 2012 / 2 / 2 - 07:21 )
تحليل واقعي ومنطقي والمستقبل القريب والبعيد سيكون دمويا وكارثيا على شعوب الشرق الاوسط وخاصة على الاقليات سلمت يدك على هذا المقال الرائع
وقد كتبت مقالا عن الشرق الاوسط الجديد قبل نحو شهر وهذا هو الرايط ولك الاختيار في قراءته وشكرا
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=291216


2 - ما هو الوطن
سالمي ( 2012 / 2 / 2 - 17:14 )
موضوع قيم ولطالما شغلتني فكرة المواطنة وماهيتها ولكم طرحت هذا السؤال على الكثير من الكتاب دون ان احظى بجواب شاف.اريد تفسيرا للوطن يا نادين فهل الوطن هو ما ورثناه عن الاستعمار ام الوطن ذو الحدود العرقية ام الوطن ذو الحدود الدينية ام لديك تصور وحدود اخرى لا نعلمها


3 - هل جعلنا السلام وثنيون
محمد البدري ( 2012 / 2 / 2 - 20:27 )
وهل نقد أحد الاسلام أو الشريعة قبل ان يصلا الي عرش الدولة بفعل الجهلاء والاميين وانصاف المتعلمين. نحن الان في حاجة لفعل ما لم نفعله سابقا لتلافي ما سنندم عليه مستقبلا. لكن السؤال الاهم والاخطر الذي علي الاستاذة نادين البدير طرحه: وهل نقد أحد الاسلام والشريعة من اجل ان يصل لقناعة للايمان به، أم ينطبق علينا قول الوثنيين الجاهليين: هكذا وجدنا آباؤنا عليها عاكفون؟ فالدرس وفحوي ما أتي به الاسلام ليس ان تومن بما لم تناقشه، انما تغير ما كان عند الاباء لانهم قديما ايضا لم ينقدوا اصنامهم التي كانوا عليها عاكفين. فعدم نقد الاسلام من قبل من يؤمن به يجعله والبوثنيين في تطابق. اليس من الافضل إذن ممارسة فحوي ولب ما جاء في الاسلام بدلا من أن نأخذ ما يتفق وجاهلية العرب؟


4 - اين الحل
سركون البابلي ( 2012 / 2 / 2 - 20:50 )
هذه الشعوب المنهارة من كل شئ لاتستحق الا ان يحكمها من امثال الاخوان وغيرهم من الظلاميين من اهل الكهوف , هذه الشعوب لما سنحت لها الفرصة كي تعيش بادمية اختارت التخلف كي يحكمها , فلتعش هذه الشعوب او لتمت كما هي ترغب


5 - نحن امام كارثة وشيكة
احمد الاسدي ( 2012 / 2 / 2 - 20:52 )
منذ ان استولى السلفيون على مقاليد الحكم في نجد والحجاز ومن ثم جميع انحاء المملكة العربية السعودية بدأ الاسلام ومفهومه الحقيقي بالتشوه مما اثر كبير الاثر على المفهوم القومي العربي. حيث يدعو هذا المذهب التكفيري الى مناصبة العداء لكل ما هو غير وهابي سلفي تكفيري. وما يحدث في العراق مثلا على ايدي المغرر بهم من انتحاريين لهو نذير بوقوع كارثة كبرى ستنزل على رأس هذه الامة. وهو ليس بغريب على مفتيي الفكر التكفيري فهذا ديدنهم منذ ما يقرب المائتي عام حين كانوا يرسلون الحملات العسكرية الى العراق لهدم اضرحة الأئمة مستغلين انشغال العراق بالاوبئة الفتاكة او الحروب الاخرى. اذن مفهوم الانتماء لديهم لا يتعدى حدود فكرهم المذهبي المقيت فكيف نتوقع ان تزدهر مفاهيم القومية والاممية او العالمية وهم يضعون انفسهم داخل قوقعة متينة ويحاولون فرض هذه القوقعة على الجميع دون استثناء. المد الليبرالي المتحضر قادم شاء التكفيريون ام ابوا وحينها سيجدون انفسهم في عزلة قاتلة. وتحية لك يا نادين البدير يا اشجع امرأة سعودية وانت تقفين بوجه هذا المد القبيح الذي يحاول تشويه كل ما هو جميل في عالمنا هذا .


6 - نادين مفكرة رائعة تحلق في سماء الحقيقة
سامي المصري ( 2012 / 2 / 2 - 21:31 )
مفكرة رائعة وكاتبة ساحرة تقود فكرا جديدا من السعودية مصدر كل التعفن الوهابي البشع، لتخترق به ظلمة الليل ومظالمه، بأشعة الفجر الكاسحة، فيشع في سماء الحقيقة مبهرا وخاطفا للأبصار، مبهجا بجمال وزخم أعماقه الثرية؛
تحياتي وتقديري للكاتبة الرائعة؛


7 - لاعزاء للسذج والمغفلين ؟
س - السندي ( 2012 / 2 / 3 - 05:52 )
بداية تحياتي لك ياعزيزتي نادين صدقيني لا أوطان ولا قوميات تنفع مجتمعاتنا بعد الأن وكل الدلائل تشير أن شعوبنا مقبلة على كوارث لاتخطرعلى عقل عاقل - وهنا تصدق المقولة عرب وين وطنبورة وين - وهذا مايحزن في نفس كل ذي ضمير حي - وليس أولها التخلف والجهل والفقروالتشرد والجوع والدمار وهذه كلها قد تكون في الكثير من المجتمعات - الا أن ما يعيب مجتمعاتنا كان ولم يزل تصحر العقل وموت الضمير وهو ألأخطر - لأن ألأمة التي يتصحر عقلها ويموت ضميرها فيقيني أنها لاتستحق العيش بعد ألأن والحياة - والأمة التي تفتخر بجهلها وتخلفها وتتباهه بواقعها المخزي وتاريخها ألأسود ومجرميها وصعاليكها مبروك كل مايصيبها - ولاعزاء للسذج والمغفلين بعد اليوم ؟


8 - لاعزاء للسذج والمغفلين ؟
س - السندي ( 2012 / 2 / 3 - 05:52 )
بداية تحياتي لك ياعزيزتي نادين صدقيني لا أوطان ولا قوميات تنفع مجتمعاتنا بعد الأن وكل الدلائل تشير أن شعوبنا مقبلة على كوارث لاتخطرعلى عقل عاقل - وهنا تصدق المقولة عرب وين وطنبورة وين - وهذا مايحزن في نفس كل ذي ضمير حي - وليس أولها التخلف والجهل والفقروالتشرد والجوع والدمار وهذه كلها قد تكون في الكثير من المجتمعات - الا أن ما يعيب مجتمعاتنا كان ولم يزل تصحر العقل وموت الضمير وهو ألأخطر - لأن ألأمة التي يتصحر عقلها ويموت ضميرها فيقيني أنها لاتستحق العيش بعد ألأن والحياة - والأمة التي تفتخر بجهلها وتخلفها وتتباهه بواقعها المخزي وتاريخها ألأسود ومجرميها وصعاليكها مبروك كل مايصيبها - ولاعزاء للسذج والمغفلين بعد اليوم ؟


9 - من انت يانادين
على عمران ( 2012 / 2 / 3 - 16:53 )
لماذا ارغب فى البكاء من شدة الفرح يا زهرة الصحراء عندما اقرا كتاباتك
كم نادين نحتاج حتى نرجع نحلم من جديد بعد ان اغتال الطغاة كل احلامنا
امثالك يبعث فينا الامل يانادين
لك منى الف تحية وتحية
علي عمران

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س