الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستكون سوريا ضحية ايران الجديدة ؟؟

هاني الروسان
(Hani Alroussen)

2012 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


قطعا ان اقتصار الخسارة الايرانية في سوريا على ذهاب رأس النظام هناك، لا يمكن اعتبارها خسارة بالمعنى الذي يعنيه المفهوم التقليدي لمصالح الدولة الاستراتيجية في اطار علاقاتها الدولية، كما ان ذلك قد لا يكون سببا كافيا لكي تدفع ايران باي من اوراقها في اتون معركة بقاء آل الاسد في حكم سوريا. اما ان تمتد الخسارة لتشمل النظام بأسره، بما يعنيه ذلك من اعادة نظر في الدور الاقليمي لسوريا، ضمن رؤية ايرانية اكثر اتساعا، فهذا ما يمكن ان يعد خسارة استراتيجية تستدعي ضرورة التوقف لمسائلة الموقف الايراني ازاء احتمال وقوع خسارة من هذا القبيل، او انها الخسارة الاكثر توقعا.
الحقيقة ان مساءلة الموقف الايراني، تتجاوز موضوعة ما يسمى بالدعم السياسي والدبلوماسي للنظام السوري، كما انها لا تتوقف عند ما قيل انها مشاركة من الحرس الثوري ومن حزب الله في قمع الاحتجاجات، ناهيك عن الدعم بالأسلحة وغير ذلك، حيث ان مثل هذه الاشكال من الدعم ليست هي ما يفتقدها النظام او التي يمكن لها ان تحسم صراعه مع الداخل السوري او حتى التي يحتاجها اساسا، اذ ان ترسانته تفيض بمثل هذه الاشكال من القوة.
بمعنى ان تلك المساءلة تصل الى قلب السؤال المتعلق فيما اذا كانت طهران ستذهب في دفاعها عن مشروعها الاقليمي بالمحافظة على سوريا النظام والدور لا فقط رأس النظام، الى مستوى المواجهة العسكرية مع أي عمل عسكري قد تتعرض له سوريا بعد ان اخذ تدويل الازمة طريقه نحو تفعيل متسارع في اعقاب احالة الجامعة العربية لملف الازمة الى عهدة مجلس الامن الدولي، خاصة وأن النظامين يرتبطان بمعاهدة دفاع مشترك وقد سبق لطهران أن هددت باستهداف القواعد الأمريكية في تركيا إذا ما شنت هجوما على سوريا.
قبل التوقف عند حدود احتمالات تطورالموقف الايراني، من الضرورة لفت الانتباه الى ان الازمة السورية تكاد تتفرد بخصائص استثنائية لا يمكن عزلها عن فهم سوري عميق لجغرافية سوريا التي راهن الاسد الاب طيلة نحو ثلاثين عاما على توظيفها كمكون استراتيجي في بقاء النظام، نرى ان الاسد الابن يقطف ثمارها بالصمود ازاء انواء التغيير الداخلي والعواصف الخارجية التي باتت اكثر شدة مع استمرار ثورة الشعب.
التداخل الحاد بين مكونات بقاء النظام الداخلية، وتلك الخارجية، هو ما يوفر لكافة اطراف الازمة هامشا واسعا ومريحا من المناوره، يعمل على استدامة ذلك التداخل اولا وعلى استمرار النظام عبر تدوير واعادة تدوير تلك العناصر ثانيا، حيث يمكن للموقف الروسي مثلا ان يشكل احتياطا للموقف الايراني، كما ان هذا الاخير يشكل احتياطا مقابلا للاول، وكلاهما يشكلان رافعة لصمود النظام السوري، الذي هو الاخر يخفف صموده من اعباء التدخلين الروسي والايراني في مسارات الازمة على المستوى الدولي.
ولكون المسألة هي مسألة مصالح بين الدول فربما هذا هو ما يدفع كثير من المراقبين والمتابعين لمسار الازمة للقول أن روسيا لن تصمد أمام اغراءات الرياض التي دخلت خلال هذا الاسبوع بقوة على خط الازمة روسيا˝ مقابل رفع يديها عن الملف السوري في مجلس الأمن. فموسكو التي يقلقها احتمال تكرار خسارتها الليبية في سوريا، لا تبدي أي مرونة بشأن المحاولات الامريكية لاسقاط النظام ، لكنها كما يرى البعض تمهد لمقايضة ما، ففي النهاية لا يلين العريكة الروسية المتصلبة إلا لغة الصفقات المبرمة.
وفي هذا الصدد تشير مصادر من داخل المجلس الوطني السوري، إلى ان دخول الرياض على الخط، جاء بعد انتظار طويل وبعد تزايد إحساسها بالخطر الذي تمثله إيران على كل دول الخليج، وهي الان بصدد المقايضة والتفاوض مع روسيا، ومن المحتمل أن تشمل سلة المغريات لموسكو مناطق نفطية ومبالغ كبيرة، تعويضا لها عن خسارتها في ليبيا وسوريا معا، مقابل ليونة الموقف الروسي إزاء تنحية الأسد في مجلس الأمن.
صحيح انه لحين وقوع موسكو في فخ الاغراءات السعودية، فانه سيكون لدى ايران متسعا من الوقت للاسترخاء على ضفاف الازمة، غير انه وقت لن يكون طويلا، اذ ان تسارع الاحداث سيدفع طهران الى لحظة حسم قد لا تسعد بشار الاسد ونظامة، حيث سيكون بمقدور الاسد ولاول مرة منذ اكثر من ثلاثين عاما من التحالف مع ايران ان يتعلم درسا جديدا في العلاقات الدولية، ولكن بعد ان يكون الوقت قد فات كثيرا.
سيشعر آل الاسد بكثير من مرارة الخذلان، ولكن ايضا بكثير من التشفي، وهم يرون جفني العين الايرانية نحو دمشق يلتقيان في اغماضة لن تعود للانفتاح، فيما العين الثانية تنفتح على اخرها لترقب يدا الساحر الامريكي وهما تتحركان لرصد مكان اخفاء حجر النرد.
سيعرف بشار الاسد ولكن بعد فوات الاوان ان طهران لن تذهب الى الحرب من اجله، فالغريق تغرية قشة لامتطاء صهوتها، وقشة ايران ما زال منها في جبال قندهار بافغانستان، وهناك في وادي سوات بباكستان، كما في النجف وكربلاء والثورة، بالاضافة الى ضاحية نصر الله الجنوبية امتدادا الى مزارع شبعا.
والى ان تعصف الرياح بقش طهران، وتدق طبول الحرب التي بشر بها ثعلب السياسة الخارجية الامريكية هنري كيسنجر، في مقابلة اجرتها معه يومية ديلي سكيب النيويوركية المحلية اواخر العام الماضي وشكلت هذا الاسبوع مادة دسمة لمواقع الاخبار العربية لاسباب غير معروفة، سيكون بشار الاسد قد غادر الحكم.
وان كتب لهذا الاسد عمرا بعد ان يغادر الحكم، وصحت نبوءة عجوز السياسة الخارجية الامريكية، واندلعت الحرب، التي ستكون طهران احدى ضحاياه، فقد يكون بمقدوره ان يفهم درسا اخر في العلاقات الدولية، مفاده ان الانتهازية في العلاقات بين الدول ليست السبيل الاسلم للبقاء، وان ذهاب الجيش السوري لحفر الباطن قبل اكثر من عشرين عاما، كان الخطوة الاولى نحو هذه النهاية، كما ان حقد ايران الدفين كان التراب الذي سينهال على القبر الامبراطوري الفارسي.
صحيح انه لم يكن بمقدور طهران مثلا وقف ارادة التوحش الامريكية بالتهام افغانستان، كما هو الحال بالنسبة الى العراق، ولكن ليس بمقدور ساسة ايران نفي الاصرار الانتهازي في السياسة الايرانية للاستفادة من طغيان القوة الامريكية للقضاء على منافسيها الاقليميين دون وعي منهم بانه السبيل الاسرع للقضاء على ايران، فهل تعلمت طهران الدرس ام ان سوريا الدور والشعب ستكون ضحيتها الجديدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحة وقمر - القرصان أكلة شعبية سعودية بطريقة الإيطالية مع قمر


.. صنّاع الشهرة - لا وجود للمؤثرين بعد الآن.. ما القصة؟ ?? | ال




.. ليبيا: لماذا استقال المبعوث الأممي باتيلي من منصبه؟


.. موريتانيا: ما مضمون رسالة رئيس المجلس العسكري المالي بعد الت




.. تساؤلات بشأن تداعيات التصعيد الإسرائيلي الإيراني على مسار ال