الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قائدنا الأعظم الرسول فى ذكرى ميلاده

جمال البنا

2012 / 2 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كادت أحداث الكرة المشؤومة تنسينا ذكرى ميلاد الرسول، ولكن حالت دون ذلك محبة المسلمين للرسول واعتزازهم بذكراه، وكيف لا يكون كذلك وقد مَنَّ الله تعالى على المؤمنين «إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِى ضَلالٍ مُبِينٍ» (آل عمران:١٦٤)، وقال: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» (الأنبياء:١٠٧)، فقد آمن العرب بالرسول إيماناً لا يماثله شىء آخر، وأحبوه كما يحبون أنفسهم أو أكثر، وانكب عدد منهم يكتب كل ما يقوله، وذهب آخرون إلى تقليده فى كل شىء، فى أكله وشربه... إلخ، وأطلق على هؤلاء «أهل السُـنة» أو «السُـنيون»، لكن فريقاً آخر من المؤمنين رأى أن هذا ليس هو محض الإسلام وأن الكتابة عن الرسول جنباً إلى جنب مع القرآن توقع المسلمين فيما وقعت فيه الأمم السابقة - التى عكفت على كتب كتبتها بأيديها وأهملت المُنزل عليها من الله، وسمحت هذه الكتب بدخول الخرافات والخزعبلات فى الدين - وأن علينا أن نكتفى بالقرآن، وحمل هؤلاء اسم «القرآنيين».

وسار الفكر الإسلامى بين هذين ردحاً من الدهر، كل فريق يرى أنه أقرب إلى الصواب من الآخر، وكانت معركة عقيمة وخسر الفريقان ولم يستفد أحد من الآخر، فالقرآنيون خسروا أحاديث تنضح بعبق النبوة حتى وإن كان عددها قليلاً، كما أن أهل السُـنة كان يجب أن يخلصوا الحديث من عشرات الألوف من الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة... إلخ.

وكان أهم من هذا أن الفريقين تصوروا أن مهمة الرسول تنحصر فى تطبيق ما أنزل الله، ناسين أن هذا التطبيق يتم عبر معركة عنيفة وحادة تصل إلى حد القتال، وأن النصر فى هذه المعركة يتوقف على شخصية القائد، وشجاعته، وما لم يتوفر هذا فلن تسعفه فى جو المعركة النصوص، فضلاً عن أن النصوص حروف لا تنطق، وهذا ما يجعل النصر أو الهزيمة رهناً بشخصية القائد.

ولفتت هذه الظاهرة انتباه «دعوة الإحياء الإسلامى» فانتقدت عجز الدعوات الإسلامية عن أن تبرزها وتعطيها الأهمية الواجبة، وأخذوا يقصرون مواهب الرسول على مجالات أخرى.

إن «دعوة الإحياء الإسلامى» ترى أن العنصر البارز فى حياة الرسول هو أنه القائد الذى يضع أصول الدعوة وينميها فى المجتمع ويكسبها طابعه الحضارى.

وظهور قائد على مستوى العالم يبدع فى حياة البشرية ليس أمراً هيناً لأن القيادة ارتبطت فى الأذهان بالفتح العسكرى والجبروت وارتبطت باستعباد الشعوب، ونحن نتحدث عن قيادة تقدم إضافة إلى البشرية كلها، وتضع أسس الحضارة، وقد تكون البشرية كلها أعجز، ويتطلب الأمر أن يوجد قادة من نوع جديد هم الأنبياء، والقيادة فى الإسلام بوجه خاص، وفى الأنبياء بوجه عام، يجب أن تتوفر فيها المقومات التالية:

أولاً: ألا يسأل أجراً لأن أجره على الله الذى اختصه وأرسله وحمله رسالته، ولك أن تتصور قائداً من هذا النوع يعيش وسط غابة القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والمتاع والأثاث والقصور التى يستحوذ عليها عن طريق النهب والسلب.

ثانياً: ألا يحتجب عن الناس فى قصور مشيدة يكون على أبوابها الحرس، وعليه أن يسير وسط الناس ويأكل الطعام ويجوز له أن يركب حماراً، ويقوم بتبليغ دعوته عن هذا الطريق.

ثالثاً: أن تكون رسالته هى تبليغ دعوته للإيمان بالله تعالى وليس له أن يأتى بشىء من عنده ولا أن يزيد أو ينقص من القرآن كلمة واحدة، وهذا يعنى الحكم بالتزام دستور معين وليس من فكر القائد.

رابعاً: الرسول ليست له سلطة على أحد لأنه ليس مسيطراً ولا حتى وكيلاً عن الناس «وَقُل الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ»، وليس له أن يغضب من أحد، أو يبخع نفسه إن لم يؤمنوا بدعوته.

خامساً: أن يشرك المؤمنين فى اتخاذ القرارات وأن يأخذ بآرائهم إذا وجد أنها صائبة.

سادساً: أن يحقق نوعاً من الصلابة والثبات فى الجزء الإلهى من دعوته «العقيدة»، وأن يسمح فى الوقت نفسه بنوع من الحراك فى فهم تطبيق الشريعة، وبهذا يكفل تطوراً آمناً.

وهناك قضايا أخرى يكون على القائد الإسلامى أن يأخذ بها نفسه.

وفى النهاية، أقول انظر إلى المجتمع الذى كونه الرسول فى المدينة والذى يحقق سعادة البشرية، وظل أثره مستمراً طوال حياة أبى بكر وحكم عمر حتى اغتيل، لقد حقق هذا المجتمع «اليوتوبيا» التى تمناها الفلاسفة بحكم قيادة رسولنا العظيم الذى كأنه خُلق كما يشاء.

نهاية سعيدة لبداية تعيسة

كتب إلينا الصديق أحمد الحويت الذى يعمل فى السعودية أنباء وضع نهاية سعيدة لبداية تعيسة حدثت عام ٢٠٠٧ كان ضحيتها زوج وزوجة واثنين من الأبناء.. كما يقول المهندس أحمد الحويت: «فى انسجام وتوافق وفجأة ودون أى مقدمات يتقدم أشقاء الزوجة بقضية إلى المحكمة ببطلان عقد زواج شقيقتهم من زوجها بحجة عدم (تكافؤ النسب)، وتفاصيل حجتهم أن زوج شقيقتهم حينما تقدم لأبيهم طالباً الزواج منها أخبره بأنه من قبيلة شمر واتضح أنه ليس منها إنما من أحد فروعها، لذا يطلبون من المحكمة فسخ عقد الزواج (لعدم تكافؤ النسب كما تقتضى أحكام الشريعة الإسلامية)، المذهل فى تلك القضية أن القاضى اقتنع بالأسباب وحكم بفسخ عقد الزوجين، مما اضطر الزوجة وزوجها والأبناء للهروب من مدينتهم إلى مدينة جدة وهناك قبض على الزوج والزوجة بتهمة الخلوة الشرعية، ودخلا السجن بتلك التهمة، وبعد أسبوع خرج الزوج من السجن وأصرت الزوجة على عدم الخروج مطلقاً إلا مع زوجها لعلمها أن أشقاءها سوف يزوجونها ولو عنوة من شخص آخر بعد انتهاء العدة، وللحقيقة هزت القضية المجتمع السعودى بشدة وكانت هناك حالة استياء بين الجميع وواجه رجال الدين مواقف محرجة بسبب ذلك الحكم، وتبنى القضية أحد الشباب السعوديين الواعدين والمهتمين بقضايا حقوق الإنسان وكرامته وهو الأستاذ عبدالرحمن اللاحم واستأنف الحكم فى مستوى قضائى أعلى، واستطاع، بعد مرور ثلاث سنوات، الحصول على حكم قضائى بإلغاء الحكم السابق وعودة الزوجة إلى عصمة زوجها، وخرجت الزوجة من سجنها الاختيارى ومعها أولادها والتأم شمل الأسرة مرة أخرى».

وذكرنا المهندس أحمد الحويت بما كتبه الأستاذ أحمد بهاء الدين فى كتابه «أيام لها تاريخ» عن زواج الشيخ على يوسف، صاحب جريدة «المؤيد»، من ابنة الشيخ السادات، نقيب الأشراف، وكان على يوسف قد نشأ فى قرية من قرى الصعيد تدعى «بلصفورة»، وكان فقيراً يتيماً، فهاجر إلى القاهرة ودخل الأزهر واستطاع، بذكائه وجده، أن يؤسس أنجح صحيفة يومية فى القاهرة «المؤيد» وكان يكتب فيها سعد زغلول وقاسم أمين والمنفلوطى، كما أنشأ مجلة أسبوعية «الآداب»، وكان صديقاً للخديو، وحاز أحد أوسمة السلطان عبدالحميد.

وأقام الشيخ السادات طلب التفريق على أساس عدم التوافق بين على يوسف والسادات، وقال محاميه إن على يوسف أعجمى، فقير، مجهول النسب، ويعمل فى مهنة الصحافة وهى مهنة دنيئة ويحرمها الإسلام لأنها تقوم على الشائعات وكشف الأسرار.

وأخذ القاضى بكل دفوع الشيخ السادات وحكم بالتفريق بين الزوجين وزاد بأن قال إن فقر الشيخ على يوسف وإن كان قد فارقه فى بدنه وأنه زال عنه الآن باكتساب الغنى، إلا أنه لا يزول عنه.

كل هذا صحيح، لكنه حدث فى مصر سنة ١٩٠٤، بينما حدثت واقعة السعودية سنة ٢٠٠٧، وهو ما يبين هنا أثر التطور فى النهضة بالأمم، وإن كان الإسلام بريئاً فى الحالتين، فقد قال الرسول، صلى الله عليه وسلم، «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير»، وقد تزوج «بلال»، وكان عبداً حبشياً، من شقيقة عبدالرحمن بن عوف، وزينب بنت جحش من زيد بن حارثة مولى أبى حذيفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كل مصائبنا
محسن المالكي ( 2012 / 2 / 8 - 12:47 )
ان كل ماسينا وتخلفنا ومصائبنا وفقرنا وجهلنا واستبدادنا واميتنا من هذا الذي تسميه القائد الاعظم


2 - لا دين بلا حرية
عادل ( 2012 / 2 / 8 - 15:22 )
ذكر أستاذنا جمال البنا زينب بنت جحش و أريد أن أضيف أن زينب بنت جحش طلبت الطلاق من زيد لأنها لم تكن تقبله لمظهره أو لنسبه أو... وتم طلاقها. بمعنى قد يكون الزوج رائعا بالنسبة لما يراه الناس ولكنه ليس كذلك بالنسبة للزوجة وهنا لها أن تتطلق وليس لرأى الناس هنا قيمة.

اخر الافلام

.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية


.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في




.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك




.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر