الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الغامضة وآلياتها

صاحب الربيعي

2012 / 2 / 8
المجتمع المدني


السياسة لا تقبل الشفافية والوضوح لأنها تبحث في الممكنات المتاحة لكنها وسيلة فعالة لإشباع العواطف الكامنة بالوعود الكاذبة لاستقطاب المغفلين إلى صفوفها بعدّ آلياتها مرنة وفعالة ولغة خطابها بسيطة ذات تفسيرات متباينة يكتنفها غموض مقصود لتضليل الجمهور الجاهل، فالسياسي يوظف تفسيراتها المختلفة، مع وضد، لتنصل من تعهداته وتبرير مواقفه المتناقضة أمام الجمهور الجاهل المنصاع لعاطفته من دون عقله والمهوس بالتصفيق للخطابات السياسية الجوفاء ويرقص طرباً على الوعود الكاذبة.
يعتقد (( ديفيد كوغسويل )) " أن استخدام البلاغة اللغوية في الخطاب السياسي والمفردات الغامضة يعدّ أسلوباً مخادعاً لإقناع الجمهور الجاهل وكسب أصواتهم في الانتخابات ".
من السذاجة ربط السياسة بقيم المجتمع الأخلاقية فما تعدّه ممارسات معيبة لا تجدها كذلك وما يعدّ احتيالاً ولوي عنق الحقائق لخداع الآخرين توصفه قيم السياسة دهاء وحنكة لتحقيق الأهداف. تعدّ آلية تحقيق الأهداف السياسية وحيدة الغاية متدنية الفعالية لإمكان تعطيلها من جهة سياسية مضادة، على خلافه إن كانت الآلية ذات أهداف مزدوجة ومتضادة في آن واحد يصعب تحديد غاياتها الكثيرة على نحو دقيق. وكلما تعددت استخدامات أداة سياسية ما زادت فعاليتها وجدواها في تحقيق الأهداف غير المعلنة، وفي الوقت ذاته تصبح المراوغة السياسية سبيلاً لتنصل من التزامات سياسية ووعود يصعب تحقيقها.
يقول (( راهولا )) : " إن صوت المدفعية المدوي في الحرب يرعب الأعداء ويزلزل الأرض تحتهم لكن صوتها في السلم يعبر عن الحفاوة والتكريم ".
ترتبط فعالية الأداة السياسية مزدوجة الاستخدام ومتباينة الأهداف بكفاءة السياسي وخبرته لأن استخدامها على نحو عشوائي يحرفها عن أهدافها مع ضرورة تحديد صلات الهدف المراد تحقيقه، فهناك أهداف ذو صلات متشابكة لا يمكن تحقيقها من دون تحقيق هدف ذي صلة فمثلاً لا يمكن تحقيق السلم الاجتماعي والأمن بوسائل العنف وحدها، لأن حجب الحريات يولد احتقاناً في المجتمع فتستغله المعارضة لخلق فوضى والإخلال بالنظام على نحو يفوق قدرة أجهزة السلطة العنفية إعادة النظام وفرض الأمن.
لذلك يتطلب تحقيق الأمن على نحو فعال خلق متنفسات لتفريغ شحنات الاحتقان من وجدان المجتمع من خلال توفير ضمانات لحرية الرأي المخالف، على خلافه حجب الحريات يضعف الأمن ويخل بالسلم الاجتماعي. إن استخدام السياسي الآليات السياسية المزدوجة الأهداف والمتباينة الغايات بكفاءة عالية وتوظيف خبرته في تحديد صلاتها بالأهداف الأخرى يحقق أهدافه الخفية على نحو دقيق.
يعتقد (( أحمد أوغلو )) " أن الأنظمة السياسية تكتسب شرعيتها من تحقيق الأمن وتوفير الحرية لمجتمعاتها، لكن اعتمادها خيار الأمن وحده من دون الحريات يفقدها الشرعية وتتحول مع الزمن إلى أنظمة استبدادية. على خلافه إن وفرت الحريات على نحو غير منضبط يختل الأمن وتسود الفوضى في المجتمع ".
إن السياسة الغامضة وآلياتها المتباينة وأهدافها المزدوجة تخضع لقاعدة الغاية تبرر الوسيلة في عالم السياسة وقيمه الأخلاقية المتعارضة مع قيم المجتمع الأخلاقية، لذلك لا يصح تقييم السياسة وأهدافها وآلياتها ووسائلها بمعايير قيم المجتمع الأخلاقية لاختلاف المقاييس والغايات ونوايا المتصدين.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تجتاح الجامعات الأميركية في أ


.. السعودية تدين استمرار قوات الاحتلال في ارتكاب جرائم الحرب ال




.. ماذا ستجني روندا من صفقة استقبال المهاجرين غير الشرعيين في ب


.. سوري ينشئ منصة عربية لخدمة اللاجئين العرب




.. غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح