الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدودة فى أصل الشجرة

سمير الأمير

2012 / 2 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


من اللافت للنظر عند تأمل الواقع السياسى والاجتماعى فى المنطقة العربية عموما وفى مصرنا الحبيبة على وجه الخصوص هذا الإهدار المتعمد لمجمل إمكانات النمو والتقدم على كافة الأصعدة ، ولعل ما يحدث من تجاذبات وصراعات واستقطابات حول القضايا الكبيرة والصغيرة على حد سواء يبين لنا حجم الأزمة التى تعانى منها مجتمعاتنا العربية فى الوقت الحاضر بما يذكرنا بمقولة " الدودة فى أصل الشجرة " أو بما يذكرنا أيضا بموضوع رواية " مدن الملح للروائى عبد الرحمن منيف " التى تحدثنا عن الانتقال المتعسف للواقع البدوى إلى الحداثة دون المرور بالعمليات التاريخية التى تحقق شروط تلك الحداثة، إذ تبدو تلك المجتمعات عاجزة حتى فى اللحظات الثورية التى هى لحظات مفصلية لتجاوز معظم أسباب التخلف – تبدو عاجزة عن الإمساك بلحظة الثورة ومن ثم التمسك بقوانينها من أجل صياغة الواقع الجديد الذى يعبر عن طموحات الشعوب وعن مجمل ما ينبغى أن يكون محل اتفاق بين النخب السياسية والفكرية بمختلف انواعها ، ولعل عدم إدراك كنه الأزمة وجوهرها هو مايدفع إلى المزيد من التشكيك والتراشق بين المدارس الفكرية والسياسية ومن ثم يعجل بالقضاء على ما يسمى بالربيع العربى ويجعل أنبل اللحظات التاريخية تبدو لحظات قاتمة وعسيرة ومخضبة بالدماء التى سفكت فى الصراع الحقيقى وأيضا فى الصراعات الثانوية والمزيفة وعوضا عن فكرة التكامل التى تشكل جوهر التقدم فى المجتمعات الحديثة تسود أفكار الدمغ والتخوين والتكفير والتمركز حول الذات ونفى الآخر بل وقتل الآخر ولا تجد فى كل ذلك ماهو حق خالص لتستند إليه وماهو باطل خالص لتبتعد عنه فالإخوانى يتهم العلمانى بالبعد عن قيم الدين وبالعمل لصالح الغرب بينما لا يجد غضاضة فى الظهور فى صور اللقاءات مع المسئولين الأمريكان تعلو وجهه الابتسامة العريضة كأنه يقف فى الأماكن المقدسة وتنشر جريدة الحرية والعدالة أخبار لقاءات قادة الجماعة بالسفراء الغربيين كأنه فتح مبين، بينما يتهم السلفى الإخوان باستبدال الذى هو أدنى بالذى هو خير وبمقايضة السياسة بالدين ويشن الليبرالى حملة شعواء متهما الإثنين بمناصرة المجلس العسكرى وبإعادة إنتاج الاستبداد القديم ولا يرى فى مجمل آدائهم أى خير ولا أية إيجابية فينادى بأفضلية وأسبقية الميدان على البرلمان ،وترتفع صيحات تنادى بإلغاء الميدان ( أى إلغاء حق التظاهر والاعتصام) بدعوى أن الشرعية الوحيدة الآن هى شرعية البرلمان ، كل هذا يحدث بينما تسرق السيارات والبيوت والمحلات ويعتدى على الأعراض وتزهق الأنفس وتسود الفوضى مقابل انقراض فكرة التراكم والتكامل وإدراك أن المجتمع يحتاج لكل مكوناته بنفس الدرجة ، كل هذا يحدث لأننا لا نعى أن الثورة هى تغيير جذرى على كافة الأصعدة مدفوع بسيطرة أفكارها على عقول الجماهير العريضة وذلك نتيجة التقدم على مستوى الوعى وعلى مستوى التنظيم وهو ما لم يحدث حتى الآن ، وما لا يدركه معظمنا أن نظم الاستبداد تعيد إنتاج نفسها لأسباب موضوعية تتعلق بالواقع الاقتصادى الاجتماعى الذى لم يتغير و يبدو أنه يحتاج لنضال مستمر مسلح بالوعى وتعيد إنتاج نفسها أيضا لأسباب كامنه فى الثقافة السائدة التى تنتج نفسها ذاتيا وتلقائيا ولعلكم شهدتم بعض جلسات البرلمان التى مارس فيها نواب الأغلبية من حزبى النور والعدالة ما كان يمارس ضدهم فى البرلمانات السابقة من سخرية واستهزاء وتعريض بالأقلية وكل هذا تم دون خجل و فى ظل حدث جلل هو اغتيال أكثر من سبعين شابا من أفضل وأطهر أبناء الوطن وهو الأمر الذى كان ينبغى أن يوحدنا من أجل الانتقال إلى عصر جديد، ولكن كما أسلفت من قبل علينا أن ندرك أن الدودة فى أصل الشجرة و من ثم علينا أن نبحث عن طريقة لقتل الدودة دون القضاء على الشجرة ،أما ما نفعله جميعا ليس سوى إعادة انتاج الخيبة فنرى الذى كان مقهورا يتوحد بصورة من كان يقهره فيصبح القهر قدرا محتوما ويصبح بأسنا بيننا شديدا ويصدق فينا قول الشاعر " إنى لأفتح عينى حين أفتحها على كثير ولكن لا أرى أحدا"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان.. مزيد من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #غرفة_الأخبا


.. ماذا حققت إسرائيل بعد 200 يوم من الحرب؟ | #غرفة_الأخبار




.. قضية -شراء الصمت-.. الادعاء يتهم ترامب بإفساد انتخابات 2016


.. طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة يهتفون دعما لفلسطين




.. قفزة في الإنفاق العسكري العالمي.. تعرف على أكبر الدول المنفق