الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة التضليل والخداع

صاحب الربيعي

2012 / 2 / 10
المجتمع المدني


تتفرد مهنة السياسة بقدرتها على توفير أدلة براءة المتهم وتجريمه في آن واحد لعدم ايمانها بصداقات ولا عداوات دائمة ولا تمنح الأصدقاء ثقتها وتتربص بالأعداء وتفرض قيمها الأخلاقية على ممتهنيها وتجردهم من أخلاقهم الاجتماعية، وتشترط أتقان أساليب الخداع، والمراوغة، والكذب، والغدر، والشك لاحتراف العمل السياسي.
بدليل ازدواجية أخلاق السياسي فمن جهة يوحي التزامه بقيم المجتمع الأخلاقية ومن جهة أخرى سلوكه يعكس قيم السياسة الأخلاقية، ففي الأولى يكسب ولاء المغفلين والسذج وفي الثانية يخدع أقرانه السياسيين لتحقيق أهدافه الخفية.
تقول (( حكمة صينية )) : " أن الرغبة الملحة بالإدانة، تختلق أدلة التجريم ".
تتوافر مهنة السياسة على الامكانات المادية والاعلامية لرفع شأن الحثالة من قاع المجتمع إلى قمته وتعتمد كل السبل غير الأخلاقية لتشوية سمعة شخص نبيل لاسقاطه سياسياً واجتماعياً لتحقيق أجندتها الخفية، ويجري شراء الذمم وتنفيذ المؤامرات السياسية بالمال، ويلفق الأعلام التهم غير الأخلاقية ضد المنافسين لقسرهم اعتزال العمل السياسي والاجتماعي.
لذلك يتعين في العمل السياسي التحقق من صدقية الأخبار والاشاعات وتتبع مصادرها وصلات مروجيها لتحديد دوافعهم الخفية، لارتباط صدقية الخبر بشخصية ناقله وأخلاقياته ومصداقية جهة التحقق فإن كان ناقله كاذباً وجهة التحقق غير موثوق بها فقد الخبر صدقيته.
يعتقد (( جان نويل )) " أن التحقق من صحة الخبر، يرتبط بشخصية ناقله والمتحقق من صحته فإن كان أحدهم كاذباً فقد الخبر صدقيته ".
لا يصح في العمل السياسي الوثوق على نحو كلي بصدقية الأخبار والاشاعات والأشخاص لأن مهنة السياسة قائمة على الشك بالاصدقاء والحذر من الحلفاء والتربص بالأعداء لتباين المصالح الخفية فمن دون توافر وسائل فعالة تردع الأصدقاء والحلفاء وترعب الأعداء صعباً تحقيق الأهداف الستراتيجية الخفية، وفي المقابل يتوافر جميع المنافسين على وسائل مضادة لتحقيق أهدافهم الخفية.
إن ساحة العمل السياسي لا تقل خطورة عن ساحة الحرب فمن يكسب معاركه السياسية على نحو سابق يحقق انتصاراً سهلاً في حربه العسكرية، ومن يتوافر على سلاح نوعي ويجيد استخدامه بكفاءة عالية يتحكم بالساحة السياسية وأزماتها.
إن احتراف العمل السياسي يتطلب إجادة استخدام السياسة الناعمة لتحقيق الأهداف الصعبة بعيداً عن لغة التهديد بالحرب العسكرية والاقتصادية لأنها من وسائل السياسة الخشنة الممهدة للحرب، فالعمل الدبلوماسي وسيلة سياسية ناعمة ليس بعدّه لغة تنازل عن مصالح وإنما لغة مساومة لتحقيق المصالح لا تشترط تقاسمها على نحو عادل. تستخدم الدبلوماسية الناعمة مع الحلفاء لأن مفرداتها ودية ووسائلها مخادعة وأساليبها مراوغة لتحقيق الأهداف الخفية، على خلافه مفردات السياسة الخشنة عدائية ووسائلها تهديدية وأساليبها قسرية لتحقيق الأهداف المعلنة.
تعتقد (( هلاري كلنتون )) " أن الدبلوماسية عملية مراوغة مشروعة في العمل السياسي حتى مع الحلفاء ".
يتطلب العمل السياسي المحترف أجادة استخدام أساليب التضليل، والشك، والغدر، والخداع، والمراوغة لتحقيق الأهداف الستراتيجية المتباينة.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا


.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د




.. في قضية ترحيل النازحين السوريين... لبنان ليس طرفًا في اتفاقي


.. اعتقال مناهضين لحرب إسرائيل على غزة بجامعة جنوب كاليفورنيا




.. بينهم نتنياهو.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة إسرائيل بسبب حر