الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة المفقودة في الثورات العربية

محمد شفيق

2012 / 2 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


حل شهر شباط فبراير , الشهر الذي غير مسار العالم العربي واحدث تغييرات جوهرية على النظام السياسي العربي , شهر سيبقى الباحثون والمفكرون يعكفون لياليا واياما في دراسة ظواهره ونتائجه وافرازاته ومستقبله , وسيكون الى اجل غير مسمى شاغل الصحافة والاعلام , وحديث الشارع .
استطاعت موجة الاحتجاجات العارمة في مصر من الاطاحة بنظام عائلي بوليسي وظف كل امكانات الدولة لديمومة بقائه وتوريث الحكم لابنائه لكن وعلى حين غفلة من الجميع يسقط ذلك النظام بكل امكانته العسكرية وادواته القمعية على وقع صوت الشعب الذي ولاول مرة لم يعلوا عليه صوت " الشعب يريد اسقاط النظام " غير آبهين لخطابات مبارك وضمانته بترك السلطة واجراء انتخابات نزيهة , " دكتاتورية الشعب " لم تسمح مبارك ان يرتب حساباته ويعيد النظر بسياسته اذا كان يفكر كذلك في تلك الساعة .
وهكذا استطاعت التظاهرات التي انطلقت شرارتها من بنغازي التي بناها القذافي " طوبة طوبة " كما يقول لتكون المدينة بناها لبنة , لبنة هي من تمهد لاسقاط جماهيريته السوداء وتجعله يواجه مصيرا كالذي واجهه حيث انهت رصاصة من شاب " ثائر " حياة الزعيم والمفكر والمنظر والدكتاتور والطاغية , وهكذا انتهت حياته المتناقضة والبهلوانية , لا اريد الاسهاب واستعراض مشاهد فبراير وما تلاه من شهور الصحوة والربيع و التآمر كما يحلو للحكام ان يسموه وينعتوا به حراك ابناء شعبهم .
ما اؤد ان اقوله ان الشعوب دون ادنى شك خرجت من صمتها وعلا صوتها وكسرت قيدها وقالت بالفم الملأن ( كلا و يسقط وارحل ) بعد ان كانت هذه المفدرات من الخطوط الحمراء التي لايجوز انتهاكها والتي كان شتم الذات الالهية اهون بكثير من ذكرها بل قد استطيع القول انه لاوجه للمقارنة بين الاثنين , لكن ماغفلت عنه الشعوب هو البديل من سيكون من البديل ومالضمانات التي اخذت عليه حتى لايصبح دكتاتورا آخرا , قد تكون الانتخابات الديمقراطية هي اكبر ضمان لكن الم يكن مبارك ينظم عمليات انتخابية كل بضعة سنوات الم يكن التونسي بن علي يفتخر على زملائه بالديمقراطية والعلمانية واجازة الكنائس في بلاده وكذاك علي صالح . لقد غفلت الشعوب عن البديل وغفلت عن اخذ الضمانات على ذلك البديل . ثم انها غفلت لماذا اصبح فلانا دكتاتورا ؟ ومالمانع ان لايكررها القادمون بأسم الديمقراطية والحرية والثورة والحفاظ على مبادئها ؟
لم تستطع الشعوب من رسم ستراتجية واضحة لمطالبها , هي اليوم تنادي بدستور جديد وباعلام حر وبانتخابات نزيهة وقانون ينظمها ولقد نفذها بشار الاسد في الاوانة لكن الحراك ظل مستمر رغم استجابة الحكام لاهم مطاليبهم في بداية الحراك الشعبي الذي قادوه ضد انظمتهم , هي طالبت بتنحي صالح ولقد تنحى لكنها بقيت تطالب بأسقاط النظام ! في مصر سقط مبارك وقدم للمحكمة بدلوا الشعار من اسقاط نظام مبارك الى اسقاط العسكر ولايزال العنف السيناريو الذي يأبى مفارقة الشارع المصري حتى ساعة كتابة هذه السطور , ماذا يريد المصريون ؟ وماذا يريد اليمنيون ؟ وماذا يريد السوريين ؟
ان الحراك الشعبي دخل في حالة فوضى وتخبط ولاتعرف الشعوب الى اللحظة ماذا تريد , هي اليوم اشبه بطفل كلما منعته من لعبة او شيئا اصر على اقتنائه وكلما نهيته عن عمل اصر على ادائه , حالة الشعوب اليوم هي مزيج من العناد الطفولي والحالة الثورية والتحريك الخارجي وروح الانتقام والخوف من مفارقة الميدان والساحات العامة خشية الفراغ , الفراغ الذي لم يحسبوه له اي حساب ساعة خروجهم وكلهم عنفوان وحماسة وتوحد .
هناك حلقة لم تكتمل بعد وهذه الحلقة هي الاهم في هذه السلسلة واذا لم يتم العثور عليها في اسرع وقت باءت تلك الثورات بالفشل وفتحت لنفسها باب الشماتة من قبل الاعداء واالاسى من قبل الاصدقاء وستكون كل تلك التضحيات قدمت من اجل تغيير وجوه واسماء ليس الا .. اتمنى ان يعثر " الثوار " على تلك الحلقة لتكتمل ثورتهم .

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلام غاية في الدقة
رياض البغدادي ( 2012 / 2 / 11 - 20:08 )
كلامكم علمي وفي غاية الدقة وهو ربما مايريد قوله الكثير من المثقفين العاجزين عن مواجهة هذه الحقيقة المؤلمة ... شجاعة كاتب هذه السطور ودقة تحليله فتح باب التفكير في هذه الثورات ومعالجة اخطاءها نعم لا انكر ان هناك الكثير ممن كتب في هذه القضية لكن جلهم ان لم يكن كلهم لم ينظر بمنظار صاحب هذا المقال .... شكرا جزيلا استاذ محمد شفيق

اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت