الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل انتصرت الثورة في تونس ؟

فريد العليبي

2012 / 2 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


لا تزال الثورة التونسية على جدول أعمال الشعب فهي تواجه استعصاء في الولادة ، إنه استعصاء جعل إلى حد الآن ولادة تونس الجديدة من رحم تونس القديمة أمرا صعب المنال ، و قد تكرر هذا في مناسبات عديدة سابقة لعل أهمها الانتفاضة الكبرى ضد البايات سنة 1864 و حركة المقاومة ضد الامبرياليين الفرنسيين في الخمسينات من القرن الماضي ، حيث تمكنت قوي المجتمع القديم من الفتك بالمولود الجديد و هو لم ير النور بعد فقد كتمت أنفاسه و هو لا يزال جنينا .
و اليوم كما بالأمس فإن شعورا بالخيبة ينتشر بين جموع الشعب لأن الأهداف الكبرى التي حلم بها المنتفضون لم تتحقق بل ربما يزداد الوضع سوءا على أكثر من صعيد فالنكوص في تاريخ تونس المعاصر أمر تسهل معاينته و اللافت أنه كثيرا ما يغلف بانتصارات وهمية يحاول المتسلطون القدامى الذين يلبسون بسرعة ثوب الثورة ترويجها في أذهان ضحاياهم .
إن رصد مظاهر ذلك الاستعصاء و الوقوف على أسباب المأزق الذي تردت إليه الانتفاضة ربما يساعد على رسم ملامح تونس المستقبل بما يقدمه ذلك للكادحين من أجوبة عن سؤال : ما العمل ؟ للظفر بحريتهم ، أي تحديد الوسائل التي تتيح لهم عدم المراوحة في نفس المكان و بالتالي فتح ثقوب في جدار الاستعصاء و التقدم على طريق الثورة فالانتفاضات رغم عمق زخمها الشعبي ونبل بطولاتها التي يرسمها المضطهدون بدمائهم فإنها لا تغير جوهر الأوضاع الاجتماعية و السياسية و إذا لم تتمكن من حل المعضلات التي تواجهها و انجاز المهام التاريخية الكبرى التي وضعتها على جدول أعمالها و في صدارتها إسقاط النظام القديم فإنها تنكص على أعقابها و تمكن الطبقات المالكة لوسائل الإنتاج من ترميم بنيان سلطتها السياسية و إعادة الاعتبار لرموزها السابقة بعد طلائها بألوان زاهية لكي تواصل هيمنتها الاقتصادية و الاجتماعية و كأن شيئا لم يكن .
بعد مدة وجيزة من حالة المد و بالأخص بعد 14 جانفي أصبحت الانتفاضة التونسية في قبضة أعدائها و كانت القصبة محاولة لتحريك الأوضاع من جديد و لكن في أي اتجاه ؟ هنا المشكلة ، فرغم أن القصبة بأرقامها المختلفة قد تم تمجيدها كثيرا بذكر مناقبها فإن ما ينبغي إدراكه أيضا أنها كانت ساحة صراع بين الشعب و أعدائه ، فقد استثمرت من قبل الرجعية للتأثير في مجرى الانتفاضة و هذا هو وجهها الخفي الذي لم يجر الانتباه إليه إلى حد الآن حيث استغلت لبعث مؤسسات ثبت مع مرور الوقت أنها وضعت في الأصل للسيطرة على حركة المنتفضين و أبرزها تلك الهيئة التي نسبت إلى نفسها تحقيق أهداف الثورة . .
إن الاستعصاء يعني أن هناك مأزقا و بالتالي انسدادا يمنع قوة ما من الحركة ، و يحكم عليها بأن تظل جامدة في مكانها ، هذا إن لم يدفع بها إلى العودة صاغرة إلى الوراء ، فالقوى التي سارت بالانتفاضة منذ 17 ديسمبر 2010 إلى الحدث الكبير ممثلا في هروب بن على وجدت نفسها في مواجهة قوى أخرى سرعان ما دخلت حلبة الصراع ، منها من استند إلى استثمار ثقافة الضحية و المشاعر الدينية لدى الجماهير ، و منها من استعمل الخاطب الليبرالي القريب من البورقيبية ، و قد وظفت تلك القوى المال و الإعلام و العلاقات العربية و الدولية لصالحها ، و نجحت في تحقيق اختراقات كبرى في جسم الانتفاضة عندما أصبحت ناطقة باسمها ، من خلال المؤسسات المشار إليها بينما عجزت القوى الثورية عن تأسيس هيئات شعبية بديلة .
لقد أضحت الانتفاضة محاصرة في مكانها وسط تصميم أعدائها المدججين بأسلحة الإخضاع و التطويع على وأد تطلعات الجماهير التي فجرتها ، تلك الجماهير التي أضاعت فرصة الإجهاز على القديم في الإبان لأسباب سنذكر ما هو رئيسي منها فيما يلي ، و كان لتخريب اليمين الديني لاعتصام القصبة الثاني أثره ، فعندما حول ذلك المجال الثوري إلى جامع تنبعث منه المدائح و الأذكار ، و تقام فيه الصلوات ، رغم أنه لا يبعد سوى بضع أمتار عن جامعين كبيرين أحدهما على اليمين و الأخر على الشمال ، كف المكان عن أن يكون فضاء للسياسة و أصبح فضاء للدين .
و مع انتخابات المجلس التأسيسي أصبح اليمين الديني المتحكم فعليا في رسم المشهد السياسي بما يمتلكه من وسائل ضخمة للتأثير في مجرى الصراع ، و مباركة من قبل الرجعية العالمية ، و بما يلقاه من تعاطف من طرف قطاع من المعدمين الواقعين تحت تأثير الدعاية الدينية .
و صار واضحا أن الغلبة أصبحت لليمين المستند إلى الإيديولوجية الدينية بأطيافه المختلفة بينما تراجع اليمين الدستوري ، ومع تصدر اليمين الديني المشهد السياسي تفاقمت حالة الاستعصاء التي تواجهها الانتفاضة ، و بدا و كأن القديم يقاوم الموت و الجديد يواجه مصاعب الولادة ، و في ثنايا ذلك استفحلت الأزمة متخذة خاصة في الجهات أشكالا عنيفة ، مما استدعى فرض حالة الطوارئ مرات عديدة و قد روجت الرجعية أن الحل سيأتي من بوابة انتخابات المجلس التأسيسي ، غير أن الشعب قاطعها بنسبة كبيرة ، كما دخلت القوى المنخرطة فيها في معارك لا تكاد تنتهي حول المواقع السياسية بينما كان الشعب يغرق في مشاكله اليومية .
و مع مرور الوقت تدرك قطاعات واسعة من الشعب أن الأمر يتعلق بديمقراطية مغشوشة يتحكم فيها أباطرة المال و الإعلام و من يدعمهم من وراء البحار ، و هي عاجزة عن تلبية المطالب التي رفعها المنتفضون ، و قد جربت هذه الوصفة الديمقراطية في أوربا الشرقية و جنوب شرقي آسيا دون نجاح يذكر ، بل يمكن القول إنها حتى في غرب أوربا و أمريكا الشمالية لا تمثل حلا بل على العكس إنها مشكل ، فقد غدت سببا رئيسيا لاستعصاء ولادة الجديد ، لذلك يتظاهر مئات الآلاف كل عام تقريبا في شوارع كبرى مدن العالم الرأسمالي بحثا عن ديمقراطية جديدة و تتزايد أعداد المقاطعين للانتخابات .

و إذا كان للانتخابات التي شهدتها تونس من وظيفة فهي الحيلولة مؤقتا دون حدوث الانفجار الكبير فمجموع التناقضات التي تحكمت بالمجتمع زمن بن على لا تزال هي نفسها المهيمنة بعده ، لسبب بسيط و هي أن نظامه لم يتغير ، و بالتالي فإن الشعار الاستراتيجي الذي رفعه المنتفضون لا يزال ينتظر الانجاز .
ان الثورات قابلات التاريخ و قاطراته كما يقول كارل ماركس و هي التي تمكن وحدها من حل مشكلة الاستعصاء تلك ، و هي على أي حال في الوضع التونسي لم تعد تهمة فقد تصالح معها حتى أعداؤها على مستوى الخطاب على الأقل ، و أصبحت ألسنتهم تلهج بها ، غير أنه في الوقت الذي تبدأ فيه الثورة الحقيقية و تترك فيه الانتفاضة الساحة لتغيير جذري للمجتمع سيشمر الكثير من خطباء الثورة الآن على سواعدهم للغدر بها .
لقد تعددت قراءات الانتفاضة و لكن الغالب عليها هو استبعاد تحليلها على ضوء الصراع بين الطبقات ، و الواضح أن البارديغمات المقترحة في القراءة غير بريئة ، فهي تحتوى على مغالطات إيديولوجية غير خافية ، القصد منها تجاهل الأسباب الحقيقية بالاستعاضة عنها بأخرى وهمية ، من شأنها إخفاء الاستعصاء المشار إليه ، عبر الادعاء أن هناك ثورة حققت أهدافها و أن الجديد قد ولد .
لقد حاول إيديولوجيون كثيرون إثبات أن الانتفاضة تندرج ضمن الثورات الملونة ، ثورات الأزهار و البرتقال و الورود و نسائم الربيع العليلة ، و كتبت مقالات صحفية و راجت برامج إذاعية و تلفزيونية لتثبيت هذه الأطروحة و الذي يهمنا قوله أن فهم الاستعصاء الذي تواجهه يقتضي تبديد هذه الأسطورة و بالتالي تحديد ماهية الانتفاضة و تبين المجرى الذي تسير فيه .
تندرج الانتفاضة التونسية ضمن الثورة العالمية في عصر الامبريالية فهي لئن كانت تنتمي لتيار الثورات الوطنية الديمقراطية في المستعمرات و أشباهها من حيث خصوصيتها فإنها من حيث معناها الكلي تندرج ضمن الثورة البروليتارية ، و ميسمها هذا لا يمكن الوقوف عليه إلا من خلال العودة إلى جذورها الأولى أي عند انطلاقها فقد كان المفقرون و المعدمون هم من صبغها بلونه قبل أن تأتي الرجعية بترسانتها الإعلامية و المالية و التنظيمية الضخمة فتلونها بألوان أخرى .
و من هذه الزاوية فان إدراك الفرق بين هذه و تلك من الثورات بالغ الأهمية ، و هنا بالذات نحتاج العودة إلى كارل ماركس الذي يرسم خط الفصل بينهما على النحو التالي : " ان الثورات البرجوازية كتلك التي حدثت في القرن الثامن عشر تندفع كالعاصفة من نجاح إلى نجاح و آثارها الدرامية تفوق بعضها بعضا و يبدو فيها الأشخاص و الأشياء في إطار باهر وهاج و يكون كل يوم مشبعا بالحماسة و النشوة ، بيد أن عمر هذه الثورات قصير فسرعان ما تدرك هذه الثورات نقطة الأوج و تخيم على المجتمع حالة السكر الطويلة الممضة قبل ان يستطيع أن يهضم بتعقل و اتزان نتائج فترة الضغط و الاندفاع العاصف تلك . أما الثورات البروليتارية تلك التي تحدث في القرن التاسع عشر فهي بالعكس تنتقد ذاتها على الدوام و تقاطع نفسها بصورة متواصلة أثناء سيرها و تعود ثانية إلى ما بدا أنها أنجزته لتبدأ من جديد و تسخر من نواقص محاولاتها الأولى و نقاط ضعفها و تفاهاتها باستقصاء لا رحمة فيه و يبدو أنها تطرح عدوها أرضا لا لشئ الا ليتمكن من أن يستمد قوة جديدة من الأرض و ينهض ثانية أمامه و هو أشد عتوا ، و تنكص المرة تلو المرة أمام ما تتصف به أهدافها من ضخامة غير واضحة المعالم ، و ذلك إلى إن ينشأ وضع جديد يجعل أي رجوع إلى الوراء مستحيلا و تصرخ الحياة نفسها قائلة بصرامة : هنا الوردة لترقص هنا " كارل ماركس ، الثامن عشر من برومير لويس بونابارت ، نقل الياس شاهين ، موسكو ، دون تاريخ ، دار التقدم ، ص ص 12/13 .
ان أهمية كلمات ماركس هذه تتأتى من كونها تنبهنا إلى ذلك الاختلاف الجوهري بين الثورتين البرجوازية و البروليتارية ، و يهمنا هنا إدراك التطور الذي يطبع بطابعه الثورة البروليتارية و ما اندرج ضمنها من انتفاضات تمهد لها السبيل ، ففي الحالة التونسية نحن أمام حلقة جديدة ضمن سلسة انتفاضات لم تتوقف منذ 1978 بشكل خاص ، فبدءا من هذا التاريخ راوحت الانتفاضات بين الخصوصية و العمومية ، فقد بدأت على مستوى الجهات لكي تنتشر في تونس بأسرها ، و كانت أشبه بهزات أرضية خفيفة تسبق الزلزال الكبير ، ففي خضم هذا التطور المتعرج هناك التقدم و التراجع ثم التقدم من جديد وصولا إلى نقطة اللاعودة ، حيث يخلى المجتمع القديم المجال للمجتمع الجديد و هذا ما حلم به الشعب عندما ردد شعاره : الشعب يريد إسقاط النظام .
و ما يعترف به الآن كثيرون هو ان ما ساد من اعتقاد حول انقطاع حبل الانتفاض و المقاومة كان مجرد وهم ، فالانتفاضات و الثورات تفاجئ أكثر الحالمين بموتها ، و من زاوية الفهم هذه فإن الانتفاضة التونسية تعيش مدا و زجرا و هي لم تنته بعد ، بل هي مستمرة بأشكال مختلفة متخذة شكل مسار ثوري .
إن الثورة البروليتارية تواجه في تاريخها استعصاءات شتي و قد يؤول بها الأمر إلى التراجع خطوات إلى الوراء مثلما حدث في الحالتين الروسية و الصينية غداة البناء الاشتراكي بشكل خاص ، و الانتفاضات في عصر الامبريالية لا تشذ عن ذلك و بإمكاننا الإحالة هنا على انتفاضة ماي 1968 الفرنسية و الانتفاضات الفلسطينية المتتالية .
و إذا ما قارنا الانتفاضة التونسية الحالية و شقيقاتها العربيات بالانتفاضات و الحركات التي عرفها الوطن العربي في الماضي ، نلاحظ أنه سابقا كان يكفي أن تأتي قبضة من العسكر لكي تقوم بانقلاب و تصدر بيانها الأول و تشكل مجلس قيادة الثورة لكي يصدقها الناس و هم يصيحون سيروا و نحن من ورائكم سائرون ، أو تأتي انتفاضة مثل انتفاضة الخبز سنة 1984 في تونس فيخرج المجاهد الأكبر على الشعب بخطبة سريعة يتراجع فيها عن الزيادة في ثمن الخبز فينقذ نظامه من الهلاك ، أما الآن فقد أصبح ذلك صعبا فالشعب لم يعد يخدع بسهولة ، مما يعني أن الاستعصاء صار أقل وطأة ، و لكننا في المقابل نجد شعبا لم يع بعد ذاته بالقدر الكافي ، و لم ينشئ أدوات كفاحه الأساسية ، فظل الاستعصاء قائما من حيث معالمه الأساسية ، و هو يفسر رئيسيا بعاملين أولهما داخلي حيث يفتقر العمال إلى التنظيم الحزبي و الشعب إلى التنظيم الجبهوي ، والثاني خارجي ممثلا في ظرف عالمي غير مناسب للثورة لا تزال فيه الامبريالية الفاتق الناطق .
إن التراجع الذي تعرفه الثورات و الانتفاضات قد يطول و قد يقصر، و المحدد في ذلك هو استعداد الطبقات الثورية لمواصلة الكفاح و توفر القيادة الثورية و امتلاكها خطا إيديولوجيا و سياسيا و تنظيميا صائبا ، دون إغفال قوة الطبقات السائدة و قدرتها على ترجيح كفة موازين القوى لصالحها ، و طبيعة الأوضاع العالمية ، غير أن التراجع مهما طال لا يمكن أن يكون إلا مؤقتا ، فالطبقات المهيمنة لا مستقبل لها بالمعنى التاريخي للكلمة ، فهي تغرق شيئا فشيئا في أزماتها المتتالية وتسير إلى مصيرها المحتوم مما يعني أن الاستعصاء لا يمكن أن يدوم إلى ما لا نهاية .
و يمكن القول إن هناك أنواعا مختلفة من الانتفاضات ، انتفاضة تتواصل لمدة من الزمن و تنحبس في مكانها دون أفق ثوري ، فتعطي الوقت لخصومها للإجهاز عليها ، وتعجز عن التحول إلى ثورة ، وهذا حال انتفاضة الفلاحين الفقراء في تونس سنة 1864 مثلا ، و انتفاضة لها قيادة منذ البدء مثل الانتفاضة الفلسطينية ، و لكنها تعجز عن الانتصار بسبب طبيعة تلك القيادة الميالة للمهادنة ، و انتفاضة تتحول إلى ثورة ، تتمرن الجماهير خلالها على خوض معاركها اللاحقة بنجاح أكبر ، مثلما حدث في روسيا سنة 1905 ، فبعدها باثني عشر عاما فقط كانت ثورة أكتوبر الاشتراكية ، و الهام هنا إدراك أن الانتفاضة يمكن أن تؤثر جزئيا في تركيبة السلطة القائمة ، و لكنها تعجز عن تغيير النظام القائم و تحطيم جهاز الدولة و هنا مكمن الاستعصاء فيها .
و من هذه الزاوية فإن الاستعصاء الذي واجهته الانتفاضة التونسية يجد تفسيره في عوامل ذاتية و موضوعية غير خافية ، فهي قد نجحت في فرض تغيير جزئي ضمن تركيبة السلطة السياسية ، دون النجاح في تغيير النظام القديم و استبداله بنظام جديد و هنا مأزقها .
و من الأسباب الكبرى للاستعصاء أن الطبقة العاملة ظلت حتى الآن تحت تأثير قوي للرجعية و أن المتحدثين بإسمها لا يزال قسم كبير منهم يحبك مناوراته السياسية ليشغل مكانه مع أعدائها في سدة السلطة ، و هو ما تجلى خلال الانتفاضة ، خاصة عبر التلاعب بتجربة لجان الدفاع الشعبي و المجالس الشعبية ، و تحويلها إلى مجالس لحماية الثورة و الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الإصلاح الديمقراطي ، حيث عسكر اليسار الانتهازي جنبا إلى جنب مع اليمين الديني و اليمين الليبرالي ، دون نسيان ما سبق ذلك من تحالفات بين هذه الأطياف السياسية .
و فضلا عن هذا عن هذا فإن جموع الفلاحين في الريف لم تنخرط بعد في الكفاح بشكل واسع ، و إن كان أبناء الفلاحين الفقراء من المعطلين و المهمشين خاصة قد أبلوا البلاء الحسن خلال الانتفاضة الأخيرة مقدمين تضحيات جسيمة .
و قد سمحت حالة الاستعصاء موضوع حديثنا باستعادة القديم زمام المبادرة بترميم صفوفه فالانتفاضات يتم القضاء عليها بوسيلتين إحداهما السيطرة عليها بسلاسة من داخلها ، و الأخرى قمعها من خارجها ، و في تونس لا تزال الرجعية تجرب الحل الأول فقد انبرى صحافيون و إيديولوجيون و سياسيون للغدر بالانتفاضة من خلال ارتداء معطفها ، و بلغت كوميديا الاستعصاء ذروتها عندما زعم أحدهم أن الفضل يعود للدستوريين في تفجير الانتفاضة و قيادتها ، فهم من قرر التخلي عن بن على و لا أحد سواهم .

ملاحظة :
المقال جزء من كتاب فريد العليبي الصادر قبل مدة وجيزة تحت عنوان : تونس : الانتفاضة و الثورة ، و قد كان في الأصل مادة للمحاضرة التي ألقيت في سيدي بوزيد يوم 18 ديسمبر 2011 تخليدا الذكرى الأولى لانطلاق الانتفاضة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا