الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة يناير ووزارة الداخلية المصرية

سمير الأمير

2012 / 2 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



لسنوات طويلة ظلت وزارة الداخلية مُسَخرة لحماية الحاكم وعائلته وبرغم أن ضباط الشرطة حاصلون ضمنا على ليسانس الحقوق وبرغم من أنهم يتعلمون فى أكاديمية الشرطة أن مهمتهم الأساسية هى حماية الأمن والأمان لكافة المواطنين وضمان تنفيذ القانون إلا أن الحكام أفسدوا تلك الوزارة وحرفوها عن أداء مهمتها بجعلها تواجه بالعنف ما عجزت باقى مؤسسات الدولة عن مواجهته بالسياسية وتم قصر دور الوزارة على أمرين الأول هو بث الرعب فى قلوب المواطنين الأبرياء قبل المتهمين والثانى هو تزوير الانتخابات لصالح الحاكم وحزبه أو بالأحرى عصابته ولكى يضمن الحكم الفاسد انصياع ضباط الشرطة لدوره كان لابد له من جعل رجال الشرطة جزءا اصيلا من منظومة الفساد فراح يغدق عليهم الامتيازات ويطلق يدهم فى البلاد دون حسيب أو رقيب فسيارات الوزارة تعمل ليل نهار على خدمة عائلاتهم وقد تجد طفلا فى الحضانه جالسا بجوار السائق المجند فى الطريق لمدرسته أو إلى " تيته" أو لحضور عيد ميلاد باشا صغير من بشوات " كى جى وان" أو " كى جى تو" ناهيك عن امتيازات الحصول على الشقق أو الأراضى سواء من الدولة أو من المواطنين طالبى الرضا وكان الضباط الشرفاء يعانون ضغطا مزدوجا من سخرية زملائهم الأشاوس ومن الضغوط العامة التى يعانى منها بقية خلق الله من المواطنين الشرفاء، ولكى تقوم الداخلية فى العقدين السابقين بدورها المخالف للقانون كان عليها الاستعانة بجيش كبير من البلطجية ذهبت بعض التقديرات إلى أن عددهم قد تجاوز المائة ألف بلطجيا فهم القادرون على فرض الرعب وتقفيل صناديق الانتخابات ومنع الناس من التصويت وإهانة القضاة ، وحكى لى أحد خلق الله من هؤلاء البلطجية أنه عندما صدر حكما بوجوب إشراف القضاة الكامل على انتخابات 2005 كانت مهمته هى اعتراض القاضى وسبه ودفعه للاتصال بالشرطة التى تظهر فى دور المنقذ عندما يأتى الضابط المكلف بحماية الأمن خارج اللجنة ويلقى القبض عليه ( أى البلطجى) بعد أن يصفعه أمام القاضى فيشعر القاضى بالامتنان للضابط الذى أنقذه فيظل أسيرا لهذا المعروف ، ثم يطلق الضابط هذا البلطجى فور انصراف القاضى ليقوم بمهمة أخرى من المهام " الوطنية" " الديموقراطية " الموكلة إليه، وبرز فى تلك الحقبة دور العاهرات وبنات الليل إذ كن مكلفات بمهمة انتهاك الحرمات والتحرش بالنساء أمام لجان الاقتراع وأيضا مهمة تشويه سمعة المرشحين من رجال المعارضة الرافضين لمبدأ التنازل لمرشحى الحزب الوطنى وقد حدث فى انتخابات المجالس المحلية أن رشح طبيب نفسه أمام مرشح من الحزب الوطنى وكانت التعليمات الصادرة من " اللهو الخفى " تقتضى عدم السماح بوجود أى مرشحين للمعارضة لكى يحصل أنصار "العائلة المقدسة" على كراسى المجلس المحلى بالتزكية ويقال والعهدة على " راوى السير الشعبية" أن مأمور أحد المراكز استدعى الطبيب وطلب منه التنازل فرفض الطبيب فضغط المأمور على زر الجرس فدخلت إمرأه "شريفه" وأطبقت على رقبة الطبيب صارخة " هوه ده يا سعادة البيه اللى اغتصبنى امبارح" فوقع الطبيب التنازل وانصرف عاقدا العزم على أن لا يعود للترشح مطلقا ، و فى تلك الآونة حدثنى أحد الأصدقاء ذات مرة عن مخاوفه من تحول البلطجية من مجرد أدوات للنظام، إلى أن يكونوا هم أنفسهم النظام بمعنى إمكانية تنظيم أنفسهم واعتلاء سدة الحكم كما فعل المماليك فى السابق حين صاروا حكاما بعد أن كانوا عبيدا أى أن الأمور كانت تنذر بتمرد هؤلاء على جهاز الشرطة وقد رأينا صورا لهذا التمرد فى فترة الثورة فبعض هؤلاء كانوا يمسكون بالضباط ويسوعونهم ضربا وتنكيلا انتقاما من أشياء معروفة وأشياء ستكشف عنها القابل من الأيام، وفى قريتى الصغيرة كان السائقون المسحوبة رخصهم يذهبون إلى إحدى السيدات من ذوات " السمعة الطيبة" لكى تساعدهن فى استرجاع الرخص أو الإفراج عن السيارات المخالفة ، كيف إذن لا يفرح ضباط الشرطة من أبناء الوطن الشرفاء بثورة 25 يناير التى أشارت لإمكانية إعادة صياغة دور وزارة الداخلية لتصبح وزارة تستمد هيبتها من كونها ممثلة للقانون ومؤسسة من مؤسسات الدولة المصرية عريقة القدم وليست جهازا للقمع وللتزوير يستخدمه الحاكم الفاسد لفرض سطوته وجبروته، فيحصل هو على التمديد و وربما التوريث بينما يحصل ضباط الشرطة الشرفاء وغير الشرفاء على كراهية المجتمع وعلى سمعة لا تليق بالرجال المنوط بهم تنفيذ القانون والسهر على تحقيق العدالة ،إذ الشرطة هى أداة تحقيق العدل فالقضاء يقره ولكنه لا يملك تنفيذه، إن الثورة المصرية بهذا المعنى تنتظر كلمة رجال الشرطة الشرفاء لإنقاذ مصر وإنقاذ مهنتهم العظيمة ولعلنا نعود لإيام شهدناها ونحن فى مقتبل العمر ، و أذكر فى هذا السياق أن كان بيتنا يقع فى مقابل أحد أقسام الشرطة وكثيرا ما شهدت مواطنين يلجأون لقسم الشرطة ليفصل بينهم فى النزاع طواعية وقبل أن يتشاجروا ، ألا تستحق تلك المكانة أن يبذل رجال الشرطة الجهد والعرق من أجل استعادتها ؟أليست ثورة يناير جديرة بأن تكون فى قلب وضمير رجال الشرطة تماما كما هى فى قلوب كل الثوار وأهالى الشهداء؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سقوط قتلى وجرحى في غارة إسرائيلية على سيارتين في منطقة الشها


.. نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: الوضع بغزة صعب للغاية




.. وصول وفد أردني إلى غزة


.. قراءة عسكرية.. رشقات صاروخية من غزة باتجاه مستوطنات الغلاف




.. لصحتك.. أعط ظهرك وامش للخلف!