الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رثاء

جواد وادي

2012 / 2 / 26
الادب والفن



رثــــــــــاء
جواد وادي
(إلى سلام، نجم خبا في غفلة مارقة*)
كان يقبض على مسراته زهوا
يقول لأبيه وهو يشد على نزيفه
الفاغر من الألم إلى الألم
هات يا أبي ما عندك من نحيب
ومن أحاجي كي يداعبني الكرى
لا تترك جذوة الغناء تفتر من بعدي
دعني يا أبي أغازل
وأنا أرتل آخر الترانيم
جهة الأقاصي
تلك التي حفرت أخاديد في مجساتنا
لأجمل ما يمنحه الوطن
من نشوة الانتظار
تظل عيناي شاخصتين يا أبتي
حتى يكحل العراق عينيك
بالجديد الجديد
آه كم مرت بنا نشوة هاربة
كنا نلملمها من كركراتنا
ومن هفهفة أحزاننا
تلك التي ما خبت
بانتظار اللقاء
وأنت تصيخ السمع
هكذا أجدك دائما
كما كان يحلو لك في لحظات
تعج بالانتشاء
حين تناغي فرحي
فتنتخيك أمي الحبيبة
بالصمت... الصمت
كي لا يداهمني الأسى
وسنان يا أبي دائما
ما غاب عنك الشجن
تذكر يا أبي يوم كنت غضا
أسور من ورق الرسم
مملكة للرياحين
وأنا أعيث بفراشك
بغنج طفولي
كنت تمطرني لثما
قد أدفع ما تبقى من عمري
أنا الرافل بالحنين
مهرا لعشقي لذلك العابق بالمسامرات
توأم روحي
أخي المسيج بالبهاء
حين أسلمت روحي
لزفة الحواري
ترنّمها زغرودة أمي
فكانت النهاية مثلما بدايتي
وأنا أحل ضيفا طيع المراس
كأني بك تمتد من القلب الى القلب
كأني أنصت إليك وأنت تتوزع
بين الأسى والعتاب
فتهمس في أذنها
هب أني سأفتح منافذ
على الوقت
هب أنني اشتهي أن اضمخ روحي
بعطر ثناياك
هب أني يا صغيري
تركتك ترحل بخزائنك
المكتظة بالأسئلة
المشرعة على تفاصيلنا المتربة
تنتابني يا بني
وأنا الطاعن بالأسى
رغبة بالبكاء على ما حل
بسواقينا ونحن نترع
مراراتها والكلام الضعين
لا أحد يعرف
لماذا كفت النوارس عن الطيران
كانت قبل الرحيل
تملأ أعشاشها بالبشارات
قد تكون أنت من فاجأها بالرحيل
قبل الأوان
تبعثرت مثلها أيامُك
وذابت في أتون لا نعرف كنهها
كم تذرعت بيأسي
وانا أنصت لخطى أخيك
تئن لتوقض وحشة تلك الوديعة
التي نذرت سوالفها
زينة لزفتك الهادرة
أسمع صوتك يأتيني من بعيد
فلا أدري إن كان صوت الشقراق
يضئ بجناحيه عتمة وحشتك
أم صوت صبي يتناثر غنجا
بين البساتين المكتظة بنخل باسق
كل الأزمنة تشيخ بصدورنا يا أبي
كل البراكين تبرد على نحورنا
حين يعود العويل لحنا قدسيا
أرى حوريات ابسو المقدس
تعمدني عريسا بمفاتن لا تعرف النكوص
دع يا ابتي
خازنة حزننا أمي الحبيبة
تزوق كفيها
من تراب رمسي مندوفا بماء الفرات
فأنعم أنا بالمسرات
طفلا تغازله الريح
والأغاني
دع عنك هذا الكلام يا ولدي
لا تستيقظ الليلة
لتنأى عنك وعكة الوحشة الضامرة
أنت راحل بعيدا لا ريب
ما أحوجنا أن نقترب أكثر
دعني أسمع صوتك
يزججه الرذاذ
الفراغ قاتل هنا يا ولدي
والصمت نصل يجتث
بهاء الحكايا
لا أريد ان يغزوك العمر
لتمكث في ربيعك الثاني والعشرين
خالدا،
رافلا،
ممتلئا،
سادرا صوب الأقاصي الجليلة
وأترك لنا حزننا رفيقا
يعيث بنا كي نلتقيك
كما ودعتنا ونحن نعج بكهولتنا الضامرة
من يا ترى يشحذ همتي
غضبي،
صبري،
سلواني،
لأغتسل بمداد الصمت
وأبتعد عن هدير العاصفة
إنه يباس الروح يا بني
غير أني سأرافق الوردة
فواحة كما دائما صوب خطاك
وفي رمسك المشع بالياسمين
ما أوطا الوقت
في جحوده المكتظ بالغدر
حين يزحف بفحيح خطاه
ليمنح الأريج
للريح الصفراء
تلعب باهوائنا كيف تشاء
آه... لكم هو صعب يا ولدي
أن أناغيك كما كنت دائما
فلا أسمع الآن غير صدى نشيجي
يزحف تحت وسادتي
سأفرش لك المرايا
عند أبنوسك الظليل
عندها ستغمض عيناي
وافتح لي منافذ طيّعة أخرى
من جديد...
لتهنأ أنت في ملاذك الأخير
*توفي الشاب المهندس سلام مزهر منى (22 سنة) إثر حادثة سير مروعة بمدينة مراكش يوم بتأريخ 22/01/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام إيراني يناقض الرواية العراقية حيال -قاعدة كالسو- وهجما


.. شبّه جمهورها ومحبيها بمتعاطي مخدر الحشيش..علي العميم يحلل أس




.. نبؤته تحققت!! .. ملك التوقعات يثير الجدل ومفاجأة جديدة عن فن


.. كل الزوايا - الكاتب الصحفي د. محمد الباز يتحدث عن كواليس اجت




.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله