الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 2) ب- أطباء الحضارة وهاجس تأصيل الحلم

محمد قرافلي

2012 / 3 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


أحلام الحضارة أم أحلام الهامش والمهمشين
( التأمل2)
ب - أطباء الحضارة وهاجس تأصيل الحلم
من عادتنا أن الواحد منا يستحب فيه ألا يتكلم بضمير المتكلم احتراما للعرف واستجلابا للتواضع ودفعا للأنانية و خوفا من المحاكمة والملاسنة باستثناء الشعراء في ثقافتنا فإنهم قد تطاولوا وخرق البعض منهم القاعدة ودفع البعض منهم ضريبة أنانيتهم لذلك تم نبذ أكابرهم وتسفيه أحلامهم واعتبروا اصل الغواية والإثارة. ومادمنا نتكلم عن الحلم فان الكلام فيه مباح ويمكن السبح في بحوره دونما تقية أو خوف. ليكن...أنا أيضا أتساءل كما لم اسأل من قبل في هذه اللحظة التاريخية ما حلمي أو ما أحلامي أو ما الحلم الذي يشكل حلم الأحلام ويغني عن غيره من الأحلام، وهل تأتيني الشجاعة لأفصح عن أحلامي أمام الملأ دونما مواربة أو تردد وبدون حسابات مسبقة....آه لو أسررت لكم بأحلامي سيصاب البعض بالذهول وأتحول إلى موضوع سخرية وتنكيت في المقاهي أو قد يرميك البعض بالسفه والعدمية وآخرون يتهموك بخرق المقدسات وانتهاك منظومة الحياء العام..... قبل أن يتداركني صوت داخلي ولكنك من تكون حتى تتحدث عن حلمك.
لنترك دعاة الأحلام وصناعها يحدثونكم فهم أحق بالخطاب وأهل لذلك . يقولون والله اعلم إن حضارة بهذا العمق وبهذا التاريخ وبذلك الثقل الروحي والرمزي تحتاج إلى حلم خارق يبهر الحضارات الأخرى ويتجاوزها حلم يعيد مجدها الغابر ويبوئها الصدارة في مصاف الحضارات الأخرى بل يجعلها مربية ومرشدة ومقومة وموجهة للحضارات. لقد أوتيت هذه الحضارة من مقومات العزة والمجد ما لم تؤتاه حضارة من قبلها ولا من بعدها وما حصل لها مجرد حالة عرضية تصيب كل الكائنات والموجودات وتمثل ظاهرة صحية في مسار الحضارات مثلما أن الكون يعرف تقلبات من انقلابات صيفية وخريفية وشتوية وربيعية إلى زحف جليدي ورملي واندفاعات وانحباسات حرارية وجليدية والتي تعمل على تجديد شبابه وإحياء جماليته وتنشيط خصوبته فكذلك حال الحضارات، وليس كما يتداول ويروج على الساحات والمنابر الإعلامية أن الحياة الكونية تعرف تهديدا لا قبل به وان القيامة على وشك إنهاء الكوميديتين الإلهية والإنسانية. لنكن أكثر تعقلا إنها مجرد دعايات تثوي وراءها سياسات تكديس الرأسمال وقبل أن تطلق صرخة الحياة الكونية في خطر والبيئة في خطر، تكون قد أعدت برامج وسيناريوهات مستقبلية منها ما هو واقعي ومنها ما هو مغرق في الطوباوية الغرض منها ترويج كل ما هو جديد في عالم التقنية، في اللباس وموضة التجميل وفي الغداء والسكن والعلاج وما تلى ذلك.
فالكثير من أهل العرفان يتحدثون عن حياة الحضارة وحلمها ويستفيضون ويشبه بعضهم مراحل نمو وتطور الحضارات بالكائن الحي بحيث تقطع أشواطا في العمر من طفولة ومراهقة وما يلازمهما من قصور وضعف واندفاع ثم فترة النضج والشباب وما يصاحبها من فتوة وعنفوان ثم الشيخوخة وغلبة الزمان الذي لا يرحم ولكن ماذا بعد الشيخوخة والموت قد يحصل انبعاث جديد أو تناسخ وتماسخ لمن يؤمن بتناسخ الأرواح وحلولها مادامت الحضارة في جوهرها روحا......تشبه طائر الفنيق يحترق وينبعث من الرماد اشد قوة من قبل، كذلك حال الحضارات العظيمة والعريقة، أو بالنسبة للبعض الأخر فان هذا المنطق لا يبدو مستساغا ويعسر هضمه ففي نظرهم الميت لا يعود فكل ذي غيبة يؤوب إلا غائب الموت فانه لايؤوب على حد قول الشاعر وما يخدعنا ونظل نعتقد انه هو نفسه أو هي نفسها هو عدم قدرتنا على النسيان وعدم قدرتنا على اليقظة والصحو في نفس الآن. والتاريخ نفسه وإن كان سجل الحضارات وذاكرتها وتراثها فهو أيضا مقبرتها ومتحفها أو لنقلها عالية وبدون تردد أن هذا العصر سيعرف آجلا أم عاجلا اختفاء العديد من المفاهيم من أهمها مفهوم الحضارة اذ نشهد انبثاق كائنات جنيسة تسري فيها أرواح كل الحضارات وتتناغم فيها مختلف ألوان دمائها البيضاء والصفراء والسوداء والحمراء والتي تميل إلى السمرة. إذا كان كذلك فلما الحديث عن حلم يخصنا ومن أين يستمد مبرراته ؟ يجب ألا نفقد الأمل ولنلهث خلف هذا الحلم ولو كان في حقيقته مجرد سراب ! فالإنسان في حاجة إلى السراب من اجل مواصلة المسير والى الوهم من اجل العطاء والاستمرار في الوجود.
إذن فالكون والكائنات وحركة الإنتاج الفكري والرمزي تعرف نفس المنطق من حالات السبات والقيام والقعود والتوتر...وحضارتنا لا تشكل قاعدة أو استثناءا من ذلك، لذلك لم يفقد صناع الأحلام لحظة في أن الانبعاث قادم لا محالة يكفي التأصيل له ولا يكفي التعجل وحرق المراحل بل المطلوب منا هو أن نعرف من نكون؟وماذا نريد؟ ولماذا؟ وكيف؟
للنهوض بهذا العبء الحضاري الثقيل قد استنفذت في سبيله جهود مفكرين عبر مختلف الحقب الأشد حساسية وتوترا، افنوا عمرهم في التحري والتنقيب والغوص في روح هذه الحضارة علهم يشخصون حالتها وينجحون في بعث الروح فيها، إنهم أشبه بجماعة من أهل الاختصاصات الطبية المختلفة مدججين بمختلف الأدوات التي تسعفهم في سبر مكامن الإحساس ومواطن الحياة التي يمكن بعثها أو على الأقل إنعاشها حتى تستعيد عافيتها، إن حالهم كحال حي بن يقظان حينما باغت الموت الغادر اعز مؤنس له في وحدته أمه الظبية، فمن اثر هول الصدمة حاول إدراك هذا السر الأعظم صار يتلمسها ويقلبها ويغوص في أعماقها كما نقل عنه، ليس استجابة لغريزة المعرفة وبدافع اكتشاف المجهول كما يتداول بل بدافع إرادة الحياة وحب البقاء والخوف من نفس المصير ورغبة في إعادة الحياة إلى ذلك العزيز وتلك الأنا الثانية... فالكثير منا لا يقبل أن يفتقد عزيزا غاليا لذلك قد يظل العمر كله مرتهنا لذكراه خاصة إذا أنهكه عبء الحاضر وخطف بصره بريق الحاضر لحظتها يحصل الانكفاء والانكماش والانطواء و ما يفتأ يبعثه ويحييه باستمرار وثمة عزاؤه ومواساته.
يتبع.........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليار شخص ينتخبون.. معجزة تنظيمية في الهند | المسائية


.. عبد اللهيان: إيران سترد على الفور وبأقصى مستوى إذا تصرفت إسر




.. وزير الخارجية المصري: نرفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم | #ع


.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام




.. وكالة الأنباء الفلسطينية: مقتل 6 فلسطينيين في مخيم نور شمس ب