الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضيحة في ساحة القضاء المصري

محمود يوسف بكير

2012 / 3 / 8
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


في إطار سعيه المجنون للبقاء في السلطة بأي ثمن حتى ولو كان سمعة القضاء المصري افتعل المجلس العسكري الحاكم في مصر مشكلة ساذجة إلى حد العبط مع منظمات المجتمع المدني التي تتلقى بعض الدعم المالي من أمريكا وبعض الدول الأوربية للقيام بأنشطتها في مصر وذلك لصعوبة وربما استحالة تلقيها أي دعم من الحكومة المصرية نفسها حيث أن هدف هذه المنظمات هو بالأساس إشاعة ثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية ومراقبة نزاهة الانتخابات وغيرها، وهذه الأهداف لا تروق للمجلس العسكري الحاكم و المهيمن على مصر الآن لأن هذه المنظمات تقف كما نقول في مصر مثل العقلة في زور العسكري. ومن ثم كان سعيه الدائمً لتخريب وإغلاق أبواب هذه المنظمات من خلال كيل الاتهامات لها بالعمالة والخيانة كخطوة على طريق خنق الثورة. والمشير طنطاوي لا يخفي نواياه ولا سعيه الهمام مع جنرالاته للقضاء على ثورة 25 يناير 2011 والعودة بمصر تدريجياً إلى عصر مبارك مع تغيير بسيط هو إحلال بدلة مبارك ببلوفر الفريق شفشق.

ولكن تقتضي الحقيقة أن نذكر أيضا أن الكثير من منظمات المجتمع المدني في مصر مشهورة بالفساد المالي والحسابات الختامية المضروبة وبعضها لا يقوم بأي أنشطة ملموسة سوى تقاضي المرتبات العالية وهذا لا يعني أن هذا هو حال كل المنظمات فبعضها يقوم بنشاط حقيقي في الشارع المصري ولديه مجموعة من الشباب الممتاز ذوي القدرة الرفيعة على التحليل السياسي والظهور الإعلامي القوي والمؤثر وهؤلاء هم الذين يصيبون المجلس العسكري بصداع دائم.

ومن ثم كان الاتهام الخائب والمفبرك الذي خرج علينا به العسكري من أن هذه المنظمات تسعى لتخريب مصر وتقسيمها إلى خمسة دويلات مرة واحدة!

وقد تصادف أنني كنت في زيارة لمصر وقت توجيه هذا الاتهام المضحك لهذه المنظمات وكان واضحاً للجميع أن الاتهام لا يزيد عن نكتة لأن عدد أفراد معظم هذه المنظمات لا يزيد عن أصابع اليد الواحدة في كل منظمة فهل يعقل أن تقوم أو حتى أن تسعى هذه المنظمات الصغيرة بأي محاولة لتقسيم مصر إلى خمس دويلات؟

وبالطبع فإن كل دولة من هذه الدويلات سوف يلزمها حدود وجيش للدفاع عن هذه الحدود وأمن داخلي ومقومات أي دولة مثل الموازنة العامة والموارد الاقتصادية .....الخ وقبل كل هذا موافقة سياسية من شعوب كل دولة من هذه الدول على الانتماء إلى الدولة الجديدة لأن هذه الدول لن تقوم لها قائمة رغم إرادتهم بافتراض أنهم مواطنون وليسوا عبيدا. فهل كان بمقدور هذه المنظمات الصغيرة أن تفعل كل هذه؟
أم أن المسألة تهريج رخيص من المشير وأتباعه في محاولاته البائسة لغسيل شخصيته وادعاء الوطنية والاستمرار في استغفال المصريين.

ولكن دعونا نفترض أن الاتهام رغم عدم منطقيته كان في محله وأن هذه المنظمات كان بمقدورها تخريب وتقسيم مصر من خلال دعم أمريكا وإسرائيل لها. هنا تكون الحكومة المصرية والمجلس العسكري على صواب في إحالة القضية للقضاء المصري.

ولكن ما حدث بعد هذا كان فضيحة دولية وامتهان لسمعة القضاء المصري على مرأى من العالم أجمع وذلك عندما تدخل العسكري في مسار القضية وتم تنحية المستشار المناط به التحقيق وتكليف غيره بها وهذا الأخير واضح أنه قاضي تم تفصيله على المقاس المناسب لرغبات العسكري وبمباركة الإخوان المسلمين لأنه سرعان ما صدر قرار بالسماح للمتهمين بمغادرة مصر على أن يستمر النظر في القضية في غيابهم !!

وحتى تستكمل أركان المهزلة فإن السيدة هيلاري كلينتون وقد شاهدتها بنفسي على شبكة ال CNN وهي تصرح قبل صدور أي قرار في مصر بأن القضية في سبيلها للحل قريباً. وسمعنا بعدها أن الطائرة الأمريكية التي أخذت المتهمين من مصر وصلت إليها قبل الإعلان عن إلغاء قرار منع سفر المتهمين. ومن البديهي أنه لا يمكن تصور أن يحدث كل هذا دون علم وموافقة المجلس العسكري وقيادات الإخوان المسلمين الذين يسيطرون على مجلسي الشعب والشورى والحكومة.

إننا أمام مسرحية هزلية سيئة الإخراج كالعادة، إنها فضيحة جديدة من فضائح العسكري ولكن كان ضحيتها هذه المرة ليس جماهير النادي الأهلي ولا ثوار مصر الشرفاء ولا فتياتنا الشريفات والقائمة تطول ولكنها أهم سلطة في مصر، إن الضحية هذه المرة قضاء مصر وسمعتها الدولية.

هذا هو المجلس العسكري الذي أمطره رئيس مجلس الشورى الجديد بوابل من المدح والثناء والنفاق في أول جلسة لهذا المجلس العقيم حيث توجه له بكل آيات الشكر والتقدير على دوره العظيم وحكمته في قيادة مصر في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها ودوره التاريخي في الانحياز للثورة واستكمال مسيرتها!

لقد كتبت مقالاً منذ عدة سنوات تحت عنوان "هل القضاء المصري مستقل حقاً" وهالني حجم الشتائم الذي طالني على بريدي الإلكتروني ولكن بعد هذه المهزلة هل لدى أحد من شك في أن القضاء المصري بتاريخه العظيم وريادته للعالم العربي أصبح قضاءاً مخترقاً منذ عهد مبارك وحتى عهد طنطاوي؟
المشكلة هي أن قلة من القضاة منعدمي الضمير باعوا أنفسهم للسلطة وللعسكري فضيعوا سمعة كل زملاءهم الشرفاء وأهالوا الوحل على سمعة مصر.

وانتظروا الفضيحة القادمة مع قاضي مبارك.

آه يا بلد.

محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي مصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ستحل بكم مصيبه لاخلاص منها
عدنان عباس ( 2012 / 3 / 9 - 06:19 )
نجح الحزب النازي في المانيا بالوصول الى الحكم عن طريق الانتخابات وهو لايؤمن بها بتاتا ويعتبرها مطيه ليس الا
وهذا ماكان حينما باتت السلطه بيده انهى الانتخابات وقضى على كل الاحزاب من يمينها الى يسارها بقسوه وبطش مهول تساعده بذلك المؤسسه العسكريه
يعيد الاسلام السياسي في بلدكم السيناريو نفسه بالتعاون مع المؤسسه العسكريه التي لادماغ لها ولاترى ابعد من انفها وسترى سيدي الانقلاب االانقلاب على الدمقراطيه والقضاء على كل الاحزاب اللبراليه او العلمانيه وبالتدريج
غاية الاسلام السياسي الذي هو كاذب من الطراز الاول ليس الدين ابدا وانما السلطه والمال
ولاتختلف غاية المؤسسه العسكريه عن ذلك
وشعبكم الذي يضحك عليه الاسلاميون الان مقبل على مصيبه عظيمه من الدكتاتوريه الدينيه المجرمه والتي لافكاك منها

اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران