الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جريمة العدوان الامريكي واوهام التحرير

راقية القيسي

2012 / 3 / 10
دراسات وابحاث قانونية



تثير الكتابة حول الحرب الامريكية على العراق ردود فعل واسعة، وهذا امر طبيعي جدا، لكون هذه الحرب حرب سجالية بامتياز، ومن اكثر الحروب الامريكية اثارة للشكوك والخلاف، ليس على الصعيد العربي والاسلامي فحسب بل على الصعيد العالمي .

تاتي هذه الحرب في سياق تاريخي معين، هو حركة توسع الولايات المتحدة في ظل ادارة المحافظين الجدد توسعا منظما وشموليا لاخضاع العالم للسيطرة الامريكية. وقد استغلت ادارة المحافظين الجدد احداث 11 ايلول كذريعة لتحقيق السيطرة والتسلط.

ولمنع هذه الادارة من الذهاب الى الحرب، ظهرت اكبر حركة احتاج جماهيرية عالمية تتحدى قرار الحرب منذ حرب فيتنام. وعلى الصعيد الداخلي تعرض المحافظين الجدد لانتقادات واسعة من قبل العديد من الاستراتيجيين الامريكيين وعلى راسهم زبغنيو بريجنسكي مستشار الامن القومي للرئيس الامريكي الاسبق جيمي كارتر، الذي ادان قرار الحرب ووصفها في وسائل الاعلام بانها « فضيحة تاريخية واستراتيجية واخلاقية» دمرت شرعية الولايات المتحدة في كل انحاء العالم بسبب ضحاياها العالية من المدنيين وبسبب المخالفات التي اثارتها مما تسىء الى السمعة الاخلاقية للولايات المتحدة وبان هذه الحرب تفاقم اللااستقرار في المنطقة.

فالحرب الامريكية على العراق كانت انتهاك صارخ لميثاق الامم المتحدة والقانون الدولي الانساني ومعاهدات لاهاي وجنيف، والتي تجسدت بمماراسات الجيش الامريكي اثناء الحرب حول الوضع القانوني لاسرى الحرب والجرحى والوضع القانوني للسكان المدنيين اثناء العمليات العسكرية والتي استمرت تسع سنوات، حيث انتهت الحرب"رسميا" في 15 ديسمبر 2011 بانزال العلم الامريكي، فحالة العراق من الناحية القانونية وحسب تعريف مجلس الامن في القرار المرقم «1483» في 2003 هو بلد محتل .
وكانت ممارسة بول بريمر الذي ادار الاحتلال لمدة عام هو اخلال صريح بالالتزمات الدولية التي يفرضها القانون الدولي على الدول المحتلة حيث «حل مؤسسات الدولة العراقية الحيوية» ودمر البنية التحتية لمؤسسات الدولة التي تقدم الخدمات العامة للمواطنيين .
اما الحكومات التي تشكلت بعد بول بريمر فاهم ما يميزها ان عناصرها صعدت من قاع المجتمع الى القمة ليس بفضل كفائتهم العلمية والادارية والسياسية ولكن بفضل مقدرتهم النادرة التي يدفع فيها الانسان اثمن ما يملك وهو « انعدام القيم الانسانية والوطنية »، ويشهد الدمار الذي أصاب المدن العراقية، وعلى راسها «المدينة الشهيدة الفلوجة» على المدى اللا إنساني الذي بلغه حكام المنطقة الخضراء لمساعدة المحافظين الجدد للقضاء على مقاومة الشعب العراقي !!

ولا يختلف، سجن أبو غريب والعشرات من معتقلات الاحتجاز والتعذيب في العراق عن معسكرات الاعتقال النازية، وقد اقام الاحتلال «دكتاتورية جديدة» بعد القضاء على دكتاتورية صدام، ولكن هذه المرة «تحت حكم السياسي الشيعي نوري المالكي، الذي اصبح رئيساً للوزراء منذ عام 2006 » ، كما صرح مؤخرا السفير الامريكي الاسبق «كريستوفر هيل» في مجلة «بروجيكت سنديكيت» ، وعلى الرغم من ذلك تحصل حكومة المالكي على الدعم والتعاون الاستراتيجي الامريكي.
وهذا يعني بان مشكلة الولايات المتحدة ليس مع الدكتاتورية ، فهي صديقة حميمة لها ، وانما مشكلتها الحقيقية مع الشعب العراقي الذي شتته الى طوائف واعراق احدهما يكفر الاخر بعد ان زرعت الفتنة الطائفية والاثنية بينهما واعطت الصفة الشرعية لذلك بالدستور !!!

وهذا ما جعل الولايات المتحدة تفقد شرعيتها الاخلاقية كما يقول بريجنسكي، فلم يعد بامكانها الظهور بمظهر الحامي للامن والسلم الدوليين بعد فضيحة حرب العراق وما تلاها من فوضى انتقلت منه الى عموم العالم التي اصبحت تهزه هزا عنيفا من حين لاخر. وهي تتردد الان في استخدام القوة بمفردها لمواجهة التحديات الامنية الراهنة وخصوصا في منطقة الشرق الاوسط والخليج العربي المهم لمصالحها الاستراتيجية. وتستغل بدلا منها الدبلوماسية الناعمة ، وهي الاستراتيجية التي تستند اليها ادارة اوباما لاطفاء الحرائق التي اشعلها بوش والمحافظين الجدد .

واستنادا الى هذه الحقائق فان كل التغييرات التي اجريت في العراق طيلة السنوات من 2003 وحتى ديسمبر 2011 كانت تغييرات غير شرعية اجريت تحت الاحتلال الامريكي والالة العسكرية الامريكية الغاشمة. اما القول بان حكومة المالكي حكومة منتخبة من قبل الشعب، فاقول بان الناس ذهبت للانتخابات «خوفا من جهنم» بعد اصدار المرجع الديني السيتاني فتوى في اطار الاتفاق المشار اليه في مذكرات بول بريمر ورامسفيلد . او خوفا من عودة صدام والسنة الذين حرموهم من السلطة قبل اكثر من الف عام ، حسب الاسطوانة المشروخة التي يعزف عليها رجال الدين لاستغلال الناس البسطاء، والحصول على الخمس والسلطة والنفوذ. ومن الجدير بالذكر بان الصهاينة يعزفون ايضا على اسطوانة الهلكوست النازي لليهود لابتزاز الشعب الالماني والعالم وتحميلهم الجرائم التي ارتكبها هتلر والحزب النازي !

والغاية من «اسطوانة المظلومية» واضحة وصريحة هو الوصول من خلالها الى السلطة ثم الاستمرار في استغلالها للمحافظة على السلطة، لذلك فستكون دائمة ولن تنتهي، وهي ليس لها علاقة بالمظلومين اطلاقا، فالمظلومين منذ تسع سنوات يعانون من ابسط متطلبات العيش. ولهذا ومن اجل الاستمرار في تضليل الناس البسطاء « باسطوانة المظلومية»، يرفض نظام المالكي اي مصالحة بين فئات المجتمع واحلال الامن والسلام بين ابناء الوطن الواحد خلافا للنص القراني: «وان طائفتان من المؤمنيين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت احديهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفىء الى امر الله فان فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين » سورة الحجرات –الاية 9 . وهذا دليل على خروج نظام المالكي على النص القراني بينما هو يدعي بانه يمثل روح الاسلام الصحيح !!
وبالاضافة الى كل هذه الممارسات التي تجعل النظام يفقد شرعيته فهو يفتقد الى المشروعية ايضا . لانه كل نشاطاتهه وتصرفاته لا تتفق مع مقتضيات تحقيق العدالة. فهو نظام طائفي بامتياز، تشكل وفق صيغة المحاصصة الطائفية والاثنية، ليمثل طائفة من المجتمع وليس كل المجتمع العراقي.
ومثل هذا النظام يكون مصدر تهديد مستمر للامن والاستقرار الداخلي والاقليمي والدولي مهما طال الزمن ، فهو بؤرة لاشعال الحروب الاهلية والاقليمية والعالمية. لهذا السبب يحظى هذا النظام بالدعم والرعاية من لدن الولايات المتحدة المدمنة على اشاعة الفوضى والحروب !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.. عشرات الطلاب يتظاهرون بالموت


.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي




.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون