الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقتل زرياب

عبدالإله الياسري

2012 / 3 / 13
الادب والفن


مقتل زرياب
شعر: عبدالإله الياسري
-1-
ورغم صمت ِالديكْ،
وضجَّـة ِالأقفاص ِوالسكـِّينْ،
وجثـَّة ِ الصباحْ؛
كنَّا نغنَّي خلسةً.
نـُـهَرِّبُ الأضـواءَ للنورس ِ،
والنورسَ للمياه ِ،
والمياهَ للشجـرْ.
كنـَّا،أمام المُـنْحَنينَ في الظلام ِ ،
واقـفـيـنَ للظـلام ِ،
نَغـْـزلُ النجومْ ،
ونـَنـْسجُ الشَرَرْ ؛
وكان زِرْيـَابُ المُغَـنـَّي واقفاً.
وعودُه في يد ِهِ .
دَوزَنَـــــهُ.
يرتقبُ الحريقْ،
ليَبـْـدَأ الغناءْ .
وكان ليْ- يومَئـِـذ ٍ- رفيقْ
بوصَلـَـة الزاجـِـل ِ في السفرْ.
يَصعدُ للبروق بالغيومْ .
يهبط للحقول بالمطـرْ.
إنْ رَاعَـني الظلامُ في الطريقْ ،
شعَّ وقالَ:
" ياأنــا!
لاتنطفئ "
ودَوْزَنـا،
ودَنـْـدَنـا،
وصاحَ:
" ياحَريــــــــــــــقْ!"
-2-
وبينما كنَّا نَسيرُ واحداً،
داهَمَنا الشتاءْ.
وبين بابيْ مخفَر ٍ ومصرفٍ،
تَساقطتْ أوراقُهُ،
ثمَّ هوَى ولاذَ بالسكوتْ.
-: " أهكذا تختارُ قبراً بارداً، ياصاحبي،؟
أهكذا تموتْ ؟"

دَوْزَنْتُ أضلاعي ،

ودَنْدَنْتُ بها،
وصحْتُ:
"ياحَريـــــــــــــــقْ!"
-3-
رأيتُه، المساءْ،
أعمىً، بلاعود ٍ، بلا لسانْ ،
مُنحَنيا ً.
تقودُهُ الغربانْ.
في مقـبرهْ .
حاولتُ أنْ أوقـدَ فيـها نَـغْمَـة ً.
وفجأة ً.
طـوَّقـَـني الأمواتُ:
" قــــــــــــــفْ!"
وأُطـْلـِـقَ الرصـ ـ ـ ـ ـاصْ.
-: " أيَـحْسَـبونَ قتْـلَ عازفٍ نهاية َ الغـناءْ؟"

غرستُ عودي في الرمادِ جمرة ً.
وصَّـيْـتُها...
رثيتُ سورَ بابـل ٍ.
بكيتُ، بين النهر والجنائن ِالمُعَـلـَّـقـَهْ،
مُسافراً؛
وفوق ظهري جُـثَّـتَـَـي
وصاحبي حقيبتي،
ولذتُ بالريشة ِفي الرياحْ.
-4-
مازالَ زِرْياب المُغَنِّي واقفا ً.
وعودُه في يده ِ.
دَوْزَنـَـهُ،
يرتقبُ الحريقْ.
ليبـــدأ الغناءْ.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
تأجَّــلَ الغناءْ.
وانصرَفَ الجميعْ :
كلُّ المُغَنـِّينَ،وكلُّ عازفي المدينهْ.
وأغلقوا التابوتْ.
وظلَّ زريابُ المغنِّي، وحدَهُ،
مرتقباً، وواقفاً.
وأُطـْلـِقَ الرصـ ـ ـ ـاصْ.
فانْـتابَهُ حزنٌ عراقيٌّ . بكَى.
وقالَ:
" لا...
زريابُ! لا...
لاتنطفئ.
أَضِئْ . أَضِئْ ."
وَدَوْزَنـا،
ودَنــْدَنـا،
وصاحَ :
" ياحَريــــــــــــــــقْ."
فاستيقظ َ الديكُ ، وصاحْ:
" أيَّـتُـها القبورْ!
زريابُ في الطريقْ.
زريابُ والصباحْ."
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ الشاعرالمبدع
سعيد عدنان ( 2012 / 3 / 14 - 08:33 )
الاستاذ الشاعر المبدع
عبد الاله الياسري
تحيتي واعتزازي
احيي فيكم الشاعر المبدع والانسان الرائع ذا الموقف الصادق


2 - سلاما وشكرا
عبدالإله الياسري ( 2012 / 3 / 15 - 01:35 )
أخي سعيد عدنان
أحييك معتزا بك وشاكرا لك مشاعرك الطيبة مع التقدير


3 - احية وشوقا
هاتف جنابي ( 2012 / 4 / 13 - 18:04 )
الحبيب والأخ الشاعر عبد الإله الياسري
صديقي، منذ فترة ليست بالقصيرة أبحث عن عنوانك الألكتروني للتواصل معك
يؤسفني أن -مقتل زرياب-(الجميل!) ساعدني على العثور عليك صدفة
أرجو أن تبعث لي عنوانك الألكتروني على عنواني الألكتروني أعلاه وهو
[email protected]
مودتي الخالصة
هاتف


4 - الصديق الشاعر هاتف الجنابي
عبدالإله الياسري ( 2012 / 4 / 25 - 00:37 )
صدفة جميلة ان نلتقي بعد فراق طال ولو عبر الحروف/انا ابحث عنك ايضا ياصديقي الحبيب واني لسعيد جدا بالعثور عليك ولك ماتريد وسمعا وطاعة للاصدقاء الاحباء الساكنين في القلب
تحيتي ومحبتي
عبدالإله

اخر الافلام

.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال


.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81




.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما