الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمل النقابي بقطاع العدل بين الضرورة النضالية والضرورة السياسية _الجزء الثالث_

اسماعين يعقوبي

2012 / 3 / 19
الحركة العمالية والنقابية


2_ في ميلاد النقابة الديموقراطية للعدل:
قبل اعطاء موقفنا من ظروف وأسباب ميلاد النقابة الديموقراطية للعدل، سنقدم رأي أحد الفاعلين والمنخرطين فيها، حيث يقول الأخ محمد أبرياش في تأملات من وحي الواقع الحركي لكتابة الضبط: "...تجميع النقابة لنخبة من المناضلين والمناضلات عقدوا العزم على طرح انتماءاتهم السياسية والحزبية وراء ظهورهم، والتركيز على صناعة نموذج نقابي مختلف، أهم سماته: تغليب مصلحة القطاع على غير ذلك من المصالح وفتح المجال للاختلاف الحضاري أمام كل الحساسيات والطاقات والاجتهادات .
التوافق على ملف مطلبي عام يمثل تطلعات كافة فئات كتابة الضبط، وعدم السقوط في فخ المطالب الجزئية التجزيئية مهما كانت وجاهتها، وبذل الجهد كاملا والتضحية بالغالي والنفيس مهما بلغت خطورة التحديات والمعيقات، وقد كان صمود الأخ المناضل عبد الصادق السعيدي بعد فصله من العمل خير مثال على صدق المبادئ والمنطلقات المتفق عليها، بل المتعاقد حولها.
قلت، بعد هذا المسار الموفق الذي توج بسلسلة من الإضرابات الناجحة طيلة سنة 2003م، والتي صاحبتها هيكلة تنظيمية منقطعة النظير، حيث تم تأسيس الفروع النقابية على وتيرة السريع مما أربك حسابات وزارة العدل،..." انتهى كلام أبرباش
دراسة دقيقة لكلام الأخ أبرباش تمكننا من استنتاج أن النقابة الديموقراطية للعدل ولدت من فوق، أي أن التنظيم الوطني كان سباقا ومن خلال الاضرابات المتتالية تم بناء التنظيم والمكاتب المحلية والجهوية والتي لم تكتمل لحدود الساعة.
كما أن كلامه عن ترك الانتماءات السياسية والحزبية جانبا يوحي بان قطاع العدل يعج بالمنتمين سياسيا وحزبيا والحال أنهم يعدون على رؤوس الأصابع وأغلبهم اتحاديون وهم من قادوا المولود الجديد.
كما ان الحديث عن نموذج نقابي مختلف في 2003 أي في الوقت الذي لم تعمر فيه النقابة الوطنية للعدل الا 3 سنوات ولم تعقد بعد مؤتمرها الاول، كما أن ولاية المكتب التأسيسي لم تنته بعد... كل هاته الأشياء تطرح علامات استفهام وتحتاج إلى استقراء خاص.
وسيكون فعلا منطق الاخ ابرباش قابلا للفهم والتفهم لو أنهم اختاروا نقابة أخرى غير نقابة وزير العدل ونقابة حزبه. حيث فعلا سيكون النموذج مختلفا خصوصا اذا اخذ منحى النقابة المستقلة.
كما أن ممارسات النقابة الديموقراطية للعدل تبين بالملموس أنهم ابعد ما يكونون الى "التوافق على ملف مطلبي عام يمثل تطلعات كافة فئات كتابة الضبط، وعدم السقوط في فخ المطالب الجزئية التجزيئية مهما كانت وجاهتها"، بل ان فخ هاته المطالب التجزيئية والجزئية قد سقطوا فيه فعلا.
ان هذا الاختيار وهاته الحجج لم تكن اعتباطية بل مسايرة لمنطق التأسيس السياسي للاطارات الجماهيرية والتحكم فيها بغية استعمالها في الأوقات المناسبة والحرجة، وفي تصفية الحسابات السياسية مع الخصوم خصوصا وأن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لا ينفك يتحدث عن جيوب مقاومة التغيير والتي يعتبر العدل واحدا منها.
هذا الميلاد القسري، صحبته حملة تشويه لمناضلي ومناضلات النقابة الوطنية للعدل ورموزها من اتهام بالترقية غير المستحقة، إلى اتهام بالحصول على أراضي، إلى اتهامات لا توصف...، كما حظي بتغطية اعلامية لا نظير لها سواء للتصريحات او الاضرابات أو الخرجات الإعلامية...كما تم اتهام النقابة الوطنية للعدل بالتخلي عن حق مناضلها عبد الصادق المطرود من العودة الى عمله، وهي كلها أكاذيب وافتراءات يكذبها واقع الحال ونضالات النقابة الوطنية للعدل وبيان أكتوبر 2002 خير دليل:
"ان المجلس الوطني للنقابة الوطنية للعدل المنعقد بتاريخ 19_10_2002 بالمقر المركزي للكونفدرالية الديموقراطية للشغل_ النخيل الدار البيضاء، وبعد استماعه لتقرير المكتب الوطني وكلمة المكتب التنفيذي، توقف عند الهجمة الشرسة التي يتعرض لها العمل النقابي من خلال اتخاذ الادارى المركزية لمجموعة من القرارات التعسفية في حق النشطاء النقابيين (فصل_ توقيف_ مجالس تأديبية_ استفسارات...) في محاولة يائسة للقضاء على الفعل النقابي للقطاع، ليسجل ما يلي:
...
3_ يطالب الجهات المعنية بالتراجع الفوري عن قرار فصل الاخ محمد عبد الصادق السعيدي نائب الكاتب الوطني ووضع حد لهذه الخروقات وفتح حوار جاد من أجل تلبية المطالب المشروعة لشغيلة العدل.
4_ يدعو كافة المكاتب المحلية لتنظيم مهرجانات تضامنية ووقفات احتجاجية تضامنا مع الاخ السعيدي ومع كل ضحايا الخروقات.
5_ يدعو لتنظيم مهرجان وطني بمدينة الرباط احتجاجا على الاوضاع المتردية لشغيلة القطاع
6_ يقرر تفعيل قرار الإضراب الوطني القطاعي لمدة 48 ساعة الذي سبق تأجيله مع ترك صلاحية تحديد تاريخه للمكتب الوطني
8_ يوصي المكتب الوطني برفع دعوى قضائية في مواجهة جمعية الاعمال الاجتماعية لقضاة وموظفي وزارة العدل.
..."
ان أكاذيب واداعاءات وافتراءات النقابة الديموقراطية لا تصمد أمام الواقع، حيث تفاجأ المكتب الوطني بتدخل أطراف حزبية من خارج القطاع أصبحت تلازم الاخ عبد الصادق والتي ستظهر نتائجها جليا بمناسبة تأسيس المولود الجديد الذي أسقط من أعلى ومكن من جميع الوسائل المادية والبشرية لاكتساح المغرب وتأسيس مكاتب في جميع الأمكنة التي يمكن تصورها في غياب مقرات للنقابة القطاعية وللمركزية التي تحتضنها لكونها حديثة العهد بعد خروجها من الكونفدرالية الديموقراطية للشغل.
من خلال ما سبق وغيره مما لم يتم التطرق له، يتبين أن ميلاد ونمو النقابة الديموقراطية للعدل كان قرارا سياسيا بامتياز ولم تكن له أية ضرورة نضالية، بل بالعكس أن هذا الميلاد أخر الملف المطلبي للشغيلة العدلية لسنوات طويلة حيث تنكرت الوزارة لكل التزاماتها ووعودها بل وحتى المشاريع التي وقعت تم توقيفها لتوفير فرصة النمو أمام المولود الجديد.
ان التعامل التمييزي للادراة ووزير العدل على وجه الخصوص، جعل من النقابة الوطنية للعدل مروج اكاذيب ومن النقابة الديموقراطية النقابة الصادقة، والذي لم يكن في الواقع سوى مناورة من وزارة العدل لضرب مصداقية النقابة الوطنية الشيء الذي نجحت فيه الى حد كبير.
وهنا أستحضر الزيادات في الاجور التي كانت خاصة بموظفي المحاكم، حيث تدخل الكاتب العام للنقابة الوطنية للعدل ونبه الوزير والإدارة الى أن مرسوم 67 يستثني التقنيين وعديد من الاطر الاخرى من الاستفادة. وأكد الوزير أن الجميع سيستفيد.
الا ان ما كان يروج خارج الإدارة كان شيئا آخر، فمناضلو ن د ع سلمت لهم المعلومة الصحيحة والتي بمقتضاها سيحرم العديد من الموظفين من الزيادة وهو ما استغلته بجميع الطرق الممكنة الأخلاقية منها واللاأخلاقية.
وقد شكل حرمان هاته الفئات من الزيادات الضربة الشبه قاضية للنقابة الوطنية للعدل نتيجة حسن نيتها وتسويقها لكلام وزير كان يدس السم لها.
وفي مجمل اللقاءات التي كنا نعقدها مع وزارة العدل بعد تلك الفترة، تتكرر على مسامعنا جملتان تختزلان ميلاد وتطور هاته النقابة، وهما:
"أنتم لا تستمعون إلينا، نحن بحاجة إلى نقابة تسمعنا، نحن في حاجة إلى النقابة لتصفية بعض الملفات والضغط على بعض الجهات. حينما نقول لكم أعلنوا عن الإضراب لا تترددوا في الإعلان عنه، وحينما نقول لكم توقفوا، يجب التوقف بدون نقاش"
"المخزن لا يطعم ولا يسكن أحدا بدون مقابل، كل شيء يؤدى عنه للمخزن"

ان شروط اليوم ليست هي شروط الأمس، وهذا المولود السياسي يجد نفسه في مواجهة ماض غير مشرف بتواطؤاته واستفاداته التي لا تحصر، كما ان مولودا آخر صنع سياسيا لتغطية مرحلة لها مميزاتها وخصائصها.
هذا الوضع الجديد يتطلب طرح العديد من الأسئلة وعدم المجازفة بمصالح وآمال الآلاف من الموظفين الذين لا تهمهم لا النقابة الوطنية للعدل ولا النقابة الديموقراطية للعدل، بقدر ما تهمهم ملفاتهم المطلبية البسيطة، كما يتطلب عدم معاندة الواقع أكثر من اللازم، فالامكانيات لم تكن يوما ذاتية وانما معطى خارجي. وهذا المعطى قد تغير كثيرا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صدامات بين طلبة والشرطة الإيطالية احتجاجا على اتفاقيات تعاون


.. التوحد مش وصمة عاملوا ولادنا بشكل طبيعى وتفهموا حالتهم .. رس




.. الشرطة الأميركية تحتجز عددا من الموظفين بشركة -غوغل- بعد تظا


.. اعتصام موظفين بشركة -غوغل- احتجاجا على دعمها لإسرائيل




.. مظاهرات للأطباء في كينيا بعد إضراب دخل أسبوعه الخامس