الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحافة مهنة لشهداء !

يوحنا بيداويد

2012 / 3 / 30
الصحافة والاعلام



في الدولة الديمقراطية الحقيقة، يجب ان يكون هناك حرية التعبير عن الرأي وحرية العمل وتحمل المسؤولية حسب ضوابط وبنود واضحة في الدستور، وكذلك حسب قيم انسانية محلياً وعالمياً.

في كل دولة يجب ان تعمل اربعة مؤسسات مختلفة منفصلة من بعضها تماما بحرية وصلاحية دستورية وحماية قانونية. هذه المؤسسات هي سلطة التشريع( البرلمان) وسلطة التنفيد ( الوزارة) والقضاء ( المحاكم وقضاتها ) واعلام الحر ( الصحافة ووسائل الاعلام) .

ان تواجد المؤسسات الاربعة معا وقيام كل واحدة منها على الانفراد بعملها بصورة منظمة وبدون تدخل من قبل جهات خارجية تخلق من ناحية النظرية الدولة المثالية التي حلم بها افلاطون في جمهوريته ، وتحدث عنها القديس اوغسطينوس (مدينة الله) وكتب عنها الفارابي (المدينة الفاضلة) .

من يدرس الانظمة الحاكمة في مجتمعاتنا الشرقية يكتشف لا زالت تعيش شبه جمهورية فارغة من الداخل، بل هي اسوء من الانظمة الملكية القديمة التي يعود فيها القرار للملك او الدكتاتور وحاشيته، بالاحرى الى عصور العبودية.

ان عقلية اي نظام شرقي( حتى المؤسسات الصغيرة) هي عقلية تولوتارية تماما، لان هذه الانظمة مشتقة من الفكر الميتافيزيكي و الحالة الطباوية. النظام فيها مصمم الى ان يحصن الملك او الدكتاتوري او رئيس الجمهورية او امير البلاد من اي ملاحقة قانونية واخلاقية، بل يجعله اله مقدس فوق القانون، يحق له ما يشاء وكأنه ليس انسان.

هذا التأليه المزيف للسلطان وسلطته هو الذي يحد من تطور العقل وتقدم المجتمعات الشرقية و تمنعهم من تغير بعص عاداتهم وبعض قيمهم القديمة نتيجة الضرورة الزمنية الاتية من تطور البيئة والمجتمع وحاجات الذات العصرية لها.

ان افراد المؤسسات الانفة الذكر في الدول العالم الثالث عاجزين في اداء مهماتهم بصورة المطلوبة الانفة الذكر وكثير منهم يصبحون شهداء لانهم يسلطون الاضواء على المجرميين الحقيقيين من خلال تقاريرهم ومقالاتهم .

لكن الصحفي او الاعلامي هو الشخص الاكثر تعرضا للشهادة من بين افراد اي المؤسسات الاخرى (ما عدى الشرطة والامن وافراد الجيش ). لانهم يحتكون بأطراف القضية بدون حماية، هم الوحيدون يستطيعون كشف ملامح الحقيقة او ملامح الجريمة او القضية من اصغر قضية الى اكبرها مثل الحروب والصراعات القومية او الاثنية ما بين دول العالم وقضاياهم الكثيرة والغريبة.

ان الصحفي هو من يحلل ويستقصي عن اثار الجريمة او الاخلال بالقانون، الصحفي هو من يتجرء لتوجيه التهمة للمجرمين او المتهمين بالاسئلة الكبيرة ويجعل من الجمهور او الشعب يطلع على الحقيقة، لاسيما حينما يكون المتهم السلطان نفسه او من حاشيته ، الاعلامي هو وحده يدخل منطقة المحرمة مجازفا بحياته من اجل نقل الحقيقة لابناء وطنه او شعبه، يدخل المنطقة المحرمة كي يكشف حقيقة ما تنتجه افواه البنادق والمداافع وصواريخ الطائرات.

الصحفي الجيد يقضي يوميا ساعات طويلة لجمع الاخبار من شتى وسائل المعرفة الانسانية، مقارنا بين التشابه والاختلاف مع غيرها، وباحثا عن خيوط الجريمة او الفساد او صحة او تطابق المعلومات . الصحفي هو من يقوم بملاحقة الشخصيات المتهمة عن طريق اجراء المقابلات والاحاديث مع الاطراف المتصارعة او المتهمة في قضية ما ، كي يتعرف على القضية ومسبباتها اي جوهر الحقيقة ومن ثم نقلها الى الناس .
الصحفي يكشف زيف السياسيين لهذا يكرهونهم وحذرين منهم بل يتفادونهم دائما، وان كانوا ادواتهم في مقارعة خصومهم لاظهار افكارهم وسياسيتهم او خطتهم كي يصلوا الى مواقع الصدارة في بلدانهم.

عندما يتم نشر تقارير عن قضية ما (القضية مع متعلقاتها) في الاعلام بعد دراستها بصورة موضوعية وبعد ان يعطي القضاء قراره النهائي فيها ، تصبح هذه التقارير الصحفية مصدراً لبقية المؤسسات الحكومية والمدنية، حيث تعتمد الجامعات في دراستها او اقامة المؤتمرات اوالندوات او حلقات تلفزيونية او اذاعية عليها، هكذا يتم نقل المعرفة بصورة موضوعية وصادقة الى الفرد وتدفعه الى الالتزام بالقانون و تعلم طريقة تطبيقه بل الى تقديسه لان مصدر العيش بسلام والامان . كما تظهر الماء في الاواني المستطرقة المتعددة هكذا تأثر التقارير الصحفية الى زيادة السلم واحترام القانون من قبل المجتمع. وهكذا نرى كل حلقات المجتمع تقوم بواجباتها فتتحقق الدولة الفاضلة بجهود الجميع.

ان احدى اهم الوظائف التي اعتبرها شخصيا مقدسة ( بالاضافة الى التعليم و التمريض و والبحث في العلوم الاخرى) هي مهنة الصحافة، لانها مهمة عسيرة والصحفيون وان كانوا يعلمون انهم مشروع شهادة، لكن ملتزمين بمهمتهم في كشف المجرمين الحقيقيين و الوجوه المقنعة والفاسدين بكافة انواعهم او المتحايلين على القانون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت