الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطيئة الاستراتيجية الاخوانية

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2012 / 4 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



أوقعت جماعة الاخوان المسلمين نفسها في خطيئة استراتيجية كبرى حين قامت بترشيح خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية المصرية ، فيما يعد استمرارآ لمسلسل الجماعة في التراجع عن وعودها الوهمية ، فقد كانت البداية مع اعلان الجماعة عن عدم ترشحها على أكثر من ثاثين بالمئة من مقاعد مجلس الشعب ثم قامت برفع النسبة الى أربعين ثم خمسين حتى أصبحت مئة بالمئة ، ثم اتبعت ذلك بتأكيدها جهارآ نهارآ أن الدستور سيتم التعامل معه بمنطق المشاركة لا المغالبة وانها لن تقدم مرشح منها لرئاسة الدولة ، فكان منطق القهر لا المغالبة هو السائد في انتخاب الجمعية التأسيسية للدستور ، ثم تشيحها لخيرت الشاطر على منصب رئيس الجمهورية .

ان استعراض هذا التاريخ القصير للجماعة منذ غزوة الصناديق واستغلالها للعواطف الدينية لدى العامة بالتشارك مع اخوانهم السلفيين وحتى اليوم ، يثبت تمامآ كيف أن تيار الاسلام السياسي انما هو تيار يسعى الى احتكار الدولة والحكم من القاعدة الى القمة ولايؤمن بالمشاركة أو محاولة التفاهم الحقيقي مع التيارات الأخرى خاصة في المرحلة الانتقالية التي تمر بها مصر ، والتي تستلزم من الجميع التكاتف والتشارك في البناء والا كانت النتيجة النهائية هي احتكار الهدم.

ومن ناحية أخرى فان ترشيح خيرت الشاطر الى جانب أنه يضعف من الصورة العامة لجماعة الاخوان المسلمين من حيث مصداقيتها في الشارع العام وفي الفضاء السياسي ويضعف من حظوظها وتأثيرها في أية انتخابات مقبلة ، الا أنه من زاوية أخرى يصب في مصلحة التيار الليبرالي لأن هذا الترشيح انما يعني تفتيت الكتلة التصويتية للمرشحين الاسلاميين وهم أبو الفتوح وأبواسماعيل والعوا اضافة الى خيرت الشاطر وهو بالطبع ما يصب في مصلحة التيار الليبرالي .

كما أن ذلك سيدفع الكتلة المتأرجحة من المصوتين التي لم تحسم موقفها حتى الآن وهم يمثلون كتلة تصويتية كبيرة الى اختيار التيار الليبرالي خوفآ من تغول تيار الاسلام السياسي واستئثارهم بالحياة السياسية المصرية على نحو يفوق الحزب الوطني المنحل في زمان سطوته وعنفوانه وهو الأمر الذي لطالما كان يحذر منه التيار الليبرالي وكان يقابل بمزيد من التشكيك والتكذيب من قبل تيار الاسلاميين ، ولكن اليوم اتضحت الصورة كاملة وأضحت شكوك ومخاوف وتحذيرات اللليبراليين لها محل من الاعراب والتنفيذ على أرض الواقع .

ومن المتوقع كذلك أن يلجأ أغلب الاسلاميين الى استخدام سلاح الدين والتوهيب التكفيري ضد الليبراليين ومؤيديهم في الانتخابات الرئاسية وغيرها من الانتخابات عبر أتباعهم من من كثير من أئمة المساجد والدعايات والشعارات الاعلانية ، وهذا هو دأب الاسلاميين خاصة مع خواء برامج أغلبهم أو تشابهها حقيقة مع برامج بعض الاسلاميين .

وهذا ما اتضح مع تدني الأداء السياسي والبرامجي لنوابهم تحت قبة البرلمان (وان لم يمكن استثناء نواب التيار الليبرالي من ذلك أيضآ) وانشغالهم بخلق حالة من العداء مع الحكومة والتيارات والقوى السياسية الأخرى بعيدآ عن المحاسبة والموائمة الفعلية والواقعية بعيدآ عن الأهواء والمطامع السياية الراغبة في احكام السيطرة على مقاليد الأمور في البلاد بشكل احتكاري مهما تغنوا وأشعروا بغير ذلك .

ان مسؤولية التيار الليبرالي الآن أن يركز على اعلام الجماهير العامة بتلك المسائل السابقة وأن يستغل الوسائل الشيطانية التي يستخدمها الاسلاميون في تكفير الآخرين في بيان كيف يستغل الاسلاميون الدين للوصول الى مآربهم ، وأن يؤشر على مدى التعارض بين ما يدعوا اليه الاسلاميون في المؤتمرات ووسائل الاعلام من الدعوة الى المشاركة ورفض منطق التغليب وبين ما يقومون بتحقيقه وتنفيذه على أرض الواقع أمام مرأى ومسمع الناس من سعي الى السيطرة الكاملة ورفض الآخر ، وهو ما سيتوسعون في تطبيقه على الناس والمعارضين عامة بعد صبغه بالصبغة القانونية من خلال سيطرتهم على الحكومة والبرلمان والدستور ، في ميلاد واستحضار جديد لعصر الدولة الدينية من رحم العصور الوسطى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا


.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد




.. يديعوت أحرونوت: أميركا قد تتراجع عن فرض عقوبات ضد -نتساح يهو


.. الأرجنتين تلاحق وزيرا إيرانيا بتهمة تفجير مركز يهودي




.. وفاة زعيم الإخوان في اليمن.. إرث من الجدل والدجل