الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حراك الهوية الاردنية

جهاد الرنتيسي

2012 / 4 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لايختلف الحراك الاردني ، عن بعض حراكات المنطقة ، بهدوئه النسبي , واقتصار مطالبه على الاصلاح ، وتجنبه المطالبة بالتغيير ، فهناك اوجه شبه ، بينه وبين بقية الحراكات ، في بلدان تحكمها نظم ملكية ، لكنه يكاد ينفرد بحرص بعض منظريه على ربط الاصلاح بهوية الدولة .
الحديث عن قانون انتخابات جديد ، يضمن عدالة التمثيل السكاني ، في مجلس النواب ، يستحضر في العادة مخاوف بعض مكونات المجتمع الاردني من التوطين والوطن البديل ، وقلق مكونات اخرى على مواطنتهم ، التي باتت عرضة للتشكيك.
غالبا ما يقود ذلك الى سجالات ، حول هوية الدولة الاردنية ، المهددة بفعل الاصلاح ، المتمثل جزء منه ، في ادخال تغييرات ، على نسب تمثيل اصول ومنابت ممثلي الشعب في مجلس النواب ، الا ان طرفي السجال ، لم يستطيعا بعد ، تحديد معالم واضحة للهوية ، التي يتحدثان عنها.
ففي معظم الاحيان يتعاملان مع هذه الهوية باعتبارها جامدة دون مراعاة للتحولات التي طرأت عليها خلال العقود الماضية .
يغيب عن طرفي السجال مثلا ان هوية الاردن السياسية قبل وصول الملك المؤسس عبدالله الاول واعلان الامارة لم تكن ذات الهوية بعد الاعلان .
فقد كان من شأن مشروع الملك المؤسس المتعلق بسوريا ان يغير شكل المنطقة لو لم يصطدم بصراعات المحاور الكونية وانعكاساتها في ذلك الحين ، قوة دفع ذلك المشروع انعكست على الهوية السياسية للمملكة مع بداية تاسيسها ، حيث طغى البعد العروبي على القطري ، مما اضاف جديدا لارث الاردنيين السياسي القائم على الانفتاح ، ووحدة الضفتين الشرقية والغربية لنهر الاردن كانت في حينها شكلا جديدا من اشكال تحولات الهوية السياسية للكيان الاردني ، وانفتاحها على المحيط.
الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية ، لم يدخل متغيرات تذكر ، على هوية الاردن السياسية ، فقد هاجر سكان الضفة المحتلة من المملكة ، الى الضفة غير المحتلة وحملوا معهم صفة النزوح ، وبقيت المتغيرات التي اعقبت قرار فك الارتباط بين الضفتين سطحية ، ولم تصل الى الحد الذي يمكن وصفه بالتحولات على هوية الاردن السياسية .
التركيبة الديموغرافية ، التي تساهم في تحديد شكل هوية الاردن السياسية ، لم تخل ايضا من متغيرات ، بينها موجات الهجرة الناجمة عن حروب وصراعات بدء من القوقاز ، ومرورا ببادية الشام وانتهاء بالعراق .
قلق الهوية ، وجد مفردات اخرى ، في السجالات الدائرة حول التمثيل السكاني ، في برلمان اردن ما بعد الاصلاح ، مع استعارة مصطلح " المحاصصة " من الازمة السياسية العراقية ، والصاقه بحراك الشارع .
جاءت الاستعارة نتيجة لاخر تجليات استعصاء تسوية القضية الفلسطينية، وتجديد هذا الاستعصاء ، لمخاوف التوطين والوطن البديل ، التي تطفو على السطح ، سواء ظهرت بوادر انكفاء او تقدم في عملية السلام , فهناك ما يشبه القناعة ، بان الاردن سيدفع ثمن المرحلة المقبلة, من تفكيك القضية الفلسطينية .
المقصود بـ " محاصصة " الحراك اذن ، الاردنيين من اصول فلسطينية ، المتهمين بالانكفاء عن الفعاليات الاحتجاجية ، التي يشارك فيها اردنيون ، من اصول ومنابت اخرى ، لكن المصطلح الذي جاء بعد عام من الجدل البيزنطي ، والحوارات السفسطائية ، يسقط في اول محاولة لاستخدامه اداة توصيف ، رغم استسهال اطلاق الاوصاف في المراحل الغائمة ، ومن بينها مرحلة التسونامي العربي .
عزوف الاردني من اصول فلسطينية عن الحراك ، تهمة يتم استحضارها ، لاثبات وجهة نظر ما ، اكثر مما هي حقيقة يتم البناء عليها ، فهو موجود في قوى المعارضة ، باطيافها الاسلامية والقومية واليسارية ، واتهام الاردنيين من اصول فلسطينية بالقصور اوجد مناخات لمنطق مشابه بينهم لا يقل في تطرفه وحدته عن المنطق الاتهامي الذي انحصرت زاوية رؤيته في التوطين والوطن البديل ، فقد ظهرت بعض الاصوات ، المنادية للمشاركة في الاحتجاجات ، تحت يافطة المطالبة بالوصول الى دولة القانون ، التي تتيح للاردنيين من اصول فلسطينية ، الحصول على "الحقوق المنقوصة" .
استسهال التقاط لحظات معينة من تاريخ الاردن ، ومحاولة اسقاطها على الراهن والمستقبل ، دون اية اعتبارات ، لتفاعلات الديموغرافيا ، والتطورات الاقليمية ، التي كان لها دورها البارز ، في تحولات هوية الدولة ، وضع اطراف سجال الحراك والهوية في حالة اقرب الى الصدام.
لكن سقوط مبررات القلق ، على الهوية السياسية للمملكة ، لا يسقط في المقابل ، مشروعية طرح ازمة الهوية ، والاحتقانات الفئوية ، التي تتجلى بوضوح ، في اعمال الشغب ، التي تلي هتافات جمهور كرة القدم ، والمشاجرات التي تحدث في الجامعات ، بين الحين والاخر ، دون اسباب مقنعة .
ويمكن اعادة مثل هذه الازمات ، الى ارتداد المجتمعات لتكويناتها الاولية ، لدى تراجع دور الدولة ، وظهور تحديات كبرى ، على الصعد الاقتصادية والمعيشية والسياسية ، وغياب حياة حزبية حقيقية ، وانكفاء السعي الى تحقيق انجازات في حسم القضايا المفصلية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا