الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سؤال للمستقبل القريب

هايل نصر

2012 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


هل سيتحدث أبناء جيلنا, أو الجيل الذي سيعقبه مباشرة, بصيغة الماضي الناقص عن النظام الحالي بعد السقوط, عندما يتحدثون أو يكتبون أو يُدرّسون, أو عندما يتذاكرون ويتسامرون, أو يروون لأبنائهم تاريخ بلدهم بقولهم:
كان النظام القديم البائد يقوم على ما كان يعرف بالاستبداد المطلق, كان الزعيم نصف اله, صنمي, يُعبد وعلى استبداده يُشكر ويُحمد. نظام كان قائما على التشبيح, وأدخل مصطلح ومفهوم التشبيح في علم السياسة على انه آلية إقامة دولة أمنية ليست دينية ولا علمانية ولا مدنية, وليست ديمقراطية . ليست ملكية ولا جمهورية, ليست مصاغة على نموذج سابق مما عرفه التاريخ, ولا عصرية تشبه الدول القائمة في مشارق الأرض ومغاربها. الأمن فيها والأمان ليس للإنسان, وانما للسلطان وعائلته وأعوانه من المنتفعين بهذا الكيان.
ويستطردون في وصف ما كان فيضيفون : كان الوزير فيها شبيحا, والسفير شبيحا, وعضو مجلس الشعب شبيحا, والموظف السامي شبيحا , والأستاذ الجامعي شبيحا, والإعلامي شبيحا وناطق رسمي بالتشبيح موكول اليه تلميعه وتعميمه. بعض رجال العدالة كانوا شبيحة . كان هناك قضاء في غالبيته قضاء محاكم استثناء يستمد مشروعيته من قانون الطوارئ واستنادا لأحكامه يصار ,تشبيحا, التجريم والمرافعات والعقوبات. كان الفنانون في غالبيتهم بهلوانات شبيحة يزينون الواقع المزري, ويزيفون الحقائق, و يسطون على التاريخ فيحرفونه بمسلسلات ومسرحيات وادعاءات .. كان الحزبيون أدوات تشبيح غير مرتدة, كانوا يعملون في فن التوجيه الحزبي والتثقيف, وتأميم الأفكار لتصبح ملكية جماعية للحزب وبالتالي "فكرا" حزبيا منزلا تنزيلا لا يأتيه الباطل من حوله ولا من أسفله. كان للتشبيح مؤسسات وشعارات ودرجات ومراتب وحصانات.. كان التشبيح بكل أصنافه وأدواته ورجالاته وكل المعلوم عنه وعن طبائعه ــ والمجهول بطبيعة الحال أكثر وأعجب ــ تحت سلطة وتوجيه وإدارة وحماية رجال الأمن ليس امن المواطن, وانما امن ذلك الكيان المافيوي الذي كان يُسمى نظاما.
وسيتابعون :النظام القديم البائد الذي امتد نصف قرن اخرج سوريا من عصرنا نصف قرن. كانت امال شعبنا عظيمة وكبيرة بعد الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي. آمال في الحرية والحياة الكريمة وبناء دولة عصرية يُحترم فيها الإنسان وحقوق الإنسان. كان شعبنا عاطفيا كغيره من الشعوب العربية وحالم أكثر مما هو فاعل. غاب, او غُيّب والأمر سيان, عن المشاركة في صنع المستقبل وبناء الدولة. خرج, او أُخرج من السياسة , الأمر سيان. وفي هذا الغياب أو التغييب ورثت الاستعمار أنظمة حكم بطريق التسلط والانقلابات العسكرية, وورث بعضها بعضا. كان الشعب حينها ومن خارج السياسة, يصفق للقادم إلى أن يرحل ويمجد البديل إلى أن يرحل, تفاؤلا أو خوفا أو تقية, الأمر سيان, إلى أن استقر الأمر للأسرة الاسدية فاستقر التصفيق واستمر 42 عاما دون انقطاع.
ويضيفون : جاءت الثورة السورية بعد اضطهاد مستمر عمره فقط 42 عاما. ضرب فيها الثوار من شعبنا أمثلة رائعة في التضحيات فقدموا من صفوفهم عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين والمهجرين من أجل الحرية.. وضربت فئات أخرى من شعبنا نفسه أمثلة مخزية تمثل بعضها بتأييد قتل أبناء وطنهم من قبل النظام. وبعضهم لاذ بصمت المقابر, صمت على القتل والقاتل والدمار, ومن أحط أنواع هؤلاء الصامتين, الصامتون ممن كانوا يملئون الدنيا ضجيجا وأناشيد عن بطولات إبائهم وأجدادهم. وبعضهم لم يصمتوا, مع ان كان صمتهم أفضل, فصاحوا وتصايحوا في كل المحطات واطلوا من كل الشاشات, و تناحروا في كل الفنادق وقاعات المؤتمرات. وكل يريد أن يكون هو الثورة أو ممثلها أو الناطق باسمها دون شريك.
هل سيتحدث أبناء جيلنا, أو الجيل القادم مباشرة بعده , عن المواقف العربية والإقليمية والدولية من الثورة السورية بقولهم كان هناك جامعة عربية مشلولة, ومع ذلك تبنت الملف السوري وتلاعبت به دهرا, وكان هناك نبيل العربي, وكان خلفها وخلفه يختبئ الحكام العرب. وكان هناك تواطؤ ومهل للقتل ومراوغات دبلوماسية لا أخلاقية. كان هناك نظام عراقي سابق برئاسة المالكي, ملة غير متوج وامتداد الخامئني في بغداد, يُقيم في المنطقة الخضراء منها المحمية أجنبيا, يحاضر في الوطنية ومخاطر التدخلات الأجنبية, وما أصدق الـ ... حين تحاضر في الشرف والعفة والفضيلة.
كان الغرب في موقفه من الثورة السورية غربين: رسمي منافق مخادع يبيع كلاما وتصريحات علنية, وآخر شعبي متعاطف مع الثورة ولكنه دون فاعلية. وكان الرئيس الأمريكي السابق, أوباما, يصرح بضرورة تنحي الأسد ثم يلحس تصريحاته للتماشي مع سياسات ومطالب أصدقائه, وتحالفاته, وخدمة حملته الانتخابية. كانت المصالح الدولية فوق كل القيم المعلنة وحقوق الإنسان والمواثيق والإعلانات الدولية. وكان بين الحين والحين, وبعد كل مجزرة, والمجازر يومية, يطل على السوريين وجه روسي, دون ملامح إنسانية, يعلن دعمه المطلق للنظام ويبشر بان النظام لن سقط, وغير مسموح بإسقاطه, داعيا لإعادة تأهيله بالحوار حسب المعايير الروسية السورية.
ويضيفون : جاءت الثورة تعلن الموت ولا المذلة. تطالب بإسقاط النظام, ليس مجرد إسقاط رأسه على الطريقة المصرية, ولا تبديل رأس برأس على الطريق اليمنية, و لا قطع رأس الطاغية على الطريقة الليبية. تريد إسقاط النظام نصف القرني كاملا وكل مخلفاته الهيكلية والفكرية وأساليبه القمعية غير الإنسانية , تريد الحرية والكرامة الإنسانية, ودولة مدنية تعددية ديمقراطية. دولة يسودها القانون وتحميها المؤسسات, دولة لكل مواطنيها بكل مكوناتها. الشعب فيها وحده صاحب السيادة ومصدر السلطات.
هل سيتحدث بهذا أبناء جيلنا أو الجيل القادم مباشرة بعد جيلنا, في أحاديثهم اليومية, في السهرات العائلية, في الندوات الفكرية, وفي الكتب المدرسية, وفي الإعلام الحر بأنواعه, منطق التاريخ يقول نعم لان الثورة ثورة شعب والشعوب هي من يصنع التاريخ, والطغيان لزوال وان طال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن