الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة الإبن الضال

سمير الأمير

2012 / 4 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



" لن أصوت له لأن حبنا لمصر أكبر من حبنا لحزب الحرية والعدالة وحبنا للإسلام أكبر من حبنا لجماعة الإخوان المسلمين" - هكذا أجابنى أحد الشباب المحترم من مؤيدى الإخوان الذين صوتوا لهم فى الانتخابات التشريعية عندما سألته هل ستصوت للشاطر فى الانتخابات الرئاسية ؟ ، وحين سألته "هل هذا اعتراض منك على كذبهم بشأن عدم ترشيحهم لإخوانى للرئاسة ثم تراجعهم؟، نفى ذلك قائلا " لا طبعا فأنا أعلم أن السياسة متغيرة وأن المناورات التى هى كذب فى النهاية هى أسلوب من أساليب العمل السياسى و"لكننى" يقول الشاب "لم أحتمل أن يقول المرشد عن من يختلفون مع توجهات الإخوان من الإعلاميين المصريين " أنهم سحرة فرعون" رغم اختلافى مع معظم هؤلاء الإعلاميين، ولو كنت صحفيا لقاضيته إذ هذه دعوة مباشرة للتحريض عليهم وعلى أبنائهم قد تعرضهم للخطر ، إذ أن هذا الكلام الأحمق غير المنضبط عندما يصل إلى العامة والمتعصبين من مؤيدى السيد المرشد وجماعته سيتحول إلى استعداء ضد "كافرين" ومن ثم فهذا الكلام لا يصح أن يصدر عن شخص يدعى أنه يمثل تيارا إسلاميا فضلا عن كونه مرشدا عاما فكيف يقول كلاما لا يصح أن يقوله " مرشد بالمباحث " قلت للشاب " لعل الرجل لا يقصد ما ذهبت إليه فهو معروف بطيبته التى تشبه طيبة الفلاحين المصريين وقد جاء بعد مهدى عاكف المرشد الذى أثارت تصريحاته لغطا كبيرا ولا سيما مقولته الشهيرة " طظ فى مصر" فقال الشاب " صدقنى .. أنا لم أر فى "طز فى مصر" ما يثير غضبى إذ أنها بحسب التفسير البسيط جاءت فى سياق أن مصر ليست سوى بلد من بلاد المسلمين وكذلك ليس في العبارة تحريضا على الفتنة والقتل، " قلت للشاب " أية فتنة ؟وأى قتل ؟" أنت تحمل الرجل مالم يقله ... لعلك تقصد شيئا لا أعرفه" فقال الشاب " لا والله بل أقصد ما قاله صاحب الفضيلة عن كون الإعلاميين الذين ينتقدوا الإخوان هم (سحرة فرعون الذين يجالسون الشياطين) فقلت " وأين التحريض على القتل هنا؟ قال الشاب " ألم يعتد على نجيب محفوظ بائع سمك لم يقرأ له حرفا لمجرد أن أحدهم أخبره بأنه ضد الإسلام وأن روياته ليست سوى تحريض على الكفر " قلت له " غلبتنى يا فتى وإنى لأتعجب من أمرك ، فأنت تتحدث كما نتحدث نحن تماما " أظن أنك ليبرالي أو يسارى متنكر فى صورة "إسلامى" وما تقوله ليس سوى حيلة لكى نصدق أنك إخواني غاضب منهم... " فقاطعنى الشاب " لست إخوانيا ولا سلفيا ولا شيعيا ولا أصوليا ولا ليبراليا ولا يساريا ... أنا مسلم فقط .. ألم تستمع إلى قوله تعالى " وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ"
قلت للفتى " بلى سمعت ولكنى لا أجد غضاضة فى كونى مسلما يساريا فهل ذلك أيضا يزعجك؟ ... أدار الشاب وجهه للناحية متجنبا أن تقع عيناى على عينيه و كأنه يهرب من السؤال ولكننى أعدت عليه السؤال " هل يزعجك أن أناسا مصريين من بنى وطنك يسمون أنفسهم ليبراليين ويساريين ؟ " فقال الشاب " نعم.... أنا لا أحب التسميات والتصنيفات فلينضم الناس إلى ما يحبون من أحزاب وليكن المرء مسلما له توجه يسارى ولكن لا أرى داع لأن يقول أنا يمينى أو يسارى" قلت له " وإن أصر على ذلك .. هل يكون من حق أحدهم أن يقول عنه أنه " من سحرة فرعون " أو " من شياطين الأنس؟" ، ابتسم الفتى قائلا " أنت تعود بنا للمرشد ... سأقول لك ما يرضيك فأنا أعرفك .. وأعرف أنك تجرنى جرا لكى انتقد " التيار الإسلامى " .. أولاَ ليس فى الإسلام لا شيخا ولا مرشدا .. والدعوة والنصح ليست حكرا على أحد بعينه لأن الله تعالى يقول فى سورة الإسراء" ( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً" " (، ويقول المولى جل فى علاه فى سورة مريم "(إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً( أى أننا لن نقول يوم القيامة أننا من أنصار " الجماعة السلفية ولا من أنصار الإخوان المسلمين " ولن نتعلل لرب العالمين بأننا فعلنا كذا أو كذا لأن فضيلة المرشد أمرنا بذلك أو أن الشيخ فلان أفتى بذلك "
كان الشاب مسترسلا فى الحديث وأنا أصغى إليه معجبا ومبتسما كأنه معلمى أو أبى وكأننى صرت شابا صغيرا وصار هو شيخا حكيما ، واسترحت كثيرا لوضعى الجديد فقلت له " إذن أنت معى فى ضرورة فصل الدين عن السياسة ؟" فاكفهر وجه الشاب وقال " وماذا نفعل إذن حين نستمع إلى قوله الكريم فى سورة النساء ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)؟؟. أقول لك ياسيدى أن الدين والحياة صنوان ولا يمكن فصل الدين عن أى شىء وتأمل معى فى الآية الكريمة التى تقول أن الإيمان يقتضى أن نحكم شرع الله بيننا وأن من يتصدون للمهمة عليهم أن لا يكونوا هم أنفسهم طرفا فى الصراع حتى يسلم الجميع بحكمهم المستمد من شريعة الله ومن هنا سعدنا بتأسيس حزب الحرية والعدالة لكى تكون جماعة الإخوان جماعة متفرغة للدعوة فقط ولا تخوض صراعا سياسيا مع أحد حتى لا يجد أحد فى نفسه حرجا باعتبارها جماعة لا مصلحة لها إلا صالح المسلمين جميعا ، وعليه فإن حزب الحرية والعدالة يصبح حزبا سياسيا يصارعه الناس دون أن يتهمهم أحد بأنهم " سحرة فرعون " أو " أنهم من شياطين الإنس والجن " لأن ذلك إفساد فى الأرض وتحريض على الكراهية بين أبناء الوطن الواحد وربما بين أبناء الدين الواحد ، ولكننى فوجئت بعد تصريحات " الأستاذ بديع"، بأنه لا يوجد فى واقع الأمر حزب اسمه الحرية والعدالة وأن مكتب الإرشاد والمرشد هو من يقرر لهم متى يقومون ومتى ينامون ومتى يترشحون ومتى يمتنعون وعليه فإن فى الحزب خدعة لم يعد بى حاجة بها ، أما " الإخوان المسلمون" فهم كل المسلمين فى العالم ولا يصح أن أطلق التسمية على مجموعة منهم دون غيرها ومن ثم أدعوهم لاختيار اسم دعوى جديد مثل " جماعة الرحمة" أو جماعة الهداية" وأعدهم أننى سأعود لانتخاب مرشحى الحرية والعدالة عندما يكون الحزب مستقلا عن مكتب الإرشاد" أما إن ظل الأمر كذلك فلن يكون أمامى سوى الانضام " لسحرة فرعون" لكونى استشعر الحرج فيما يقضى به إنسان يسمونه " فضيلة المرشد".... ثم استدار الشاب وتركنى فلم أجد ما أفعله سوى تدوين ما دار بيننا ... وقد فعلت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر دولة مسلمة في العالم تلجأ إلى -الإسلام الأخضر-


.. #shorts - 14-Al-Baqarah




.. #shorts -15- AL-Baqarah


.. #shorts -2- Al-Baqarah




.. #shorts -20-Al-Baqarah