الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار العراقي ... وجهة نظر.

عمار علي

2012 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


كلنا نسعى الى هدف واحد. الانسقامات تعرقل الوصول الى الهدف.
يعيش العراق منذ التحول الفوقي (شبه انقلاب ) الذي دمر ماتبقى من مؤسسات الدولة العراقية ,والى يومنا هذا ازمات سياسية متلاحقة تهدد وجوده التاريخي , صنعتها الاطراف المتحاصصة المتحاربة.لقد ارست هذه الاطراف بالاضافة الى تراث الدكتاتورية الثقيل, قيم جديدة في الفكر السياسي العراقي اشد خطورة واكثر ماساوية , وتحاول ان تاسس الدولة العراقية وفق هذه القيم التي تجلت بالحرب الطائفية المشتعلة مرة بالسلاح ومرة بالخطابات ومرة بالمؤامرات والصمت على القتل ,أنها اطراف تتسم بالتواطئ على الجريمة.
في هذه الازمة المتفاقمة تظهر حاجة الى اليسار لانه تاريخيا وقف ضد الاستبداد والفقر والتمييز بكل صنوفه .و يجب ان يلعب اليسار العراقي بكل اطيافه بما فيهم (اليسار الديني) دورا مخلتفا, مؤثرا ,متميزا. ليكون بديلا محتملا لهذه الاطراف التي سوف تتآكل بلاشك.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي تخلص اليسار العربي ومنها العراقي من عبئ تبعية كادت تقوده الى حواف الانهيار الكامل لولا التفاف قواعده التي تتحمل الازر الاكبر دائما في هذه المنعطفات,لقد أفرغت هذه التبعية الاحزاب الشيوعية من محتواها الفكري والوطني(رغم ان هناك مواقف مستقلة الى حد ما) , وحولتها الى كيانات تنتظر كل مايصدر من المركز السوفيتي , ومثالا واحد على ذلك ( الموقف من مسالة طريق التطور اللاراسمالي ). و كان الحزب الشيوعي العراقي المرتبط عضويا بالاتحاد السوفيتي, عاش بودار الازمة قبل أنقلاب شباط الاسود, من خلال الموقف من عبد الكريم قاسم والموقف السوفيتي منه ومن توازنات الحرب الباردة. وعاش صراعات فكرية داخلية اغلبها تدور حول استقلالية الحزب التنظيمية و الفكرية والسياسية, وتفجرت بشكل مدوي في حركة انشقاق القيادةالمركزية , التي فتحت الابواب واسعة الى انشقاقات لاحقة,ثم جاءت الجبهة الوطنية ونتائجها المعروفة للجميع. كل هذه الاحداث لعبت دورا حاسما في تراجع الحركة الشيوعية العراقية وخفت تأثيرها بكونها لاعبا سياسيا مهما في مراحل تاريخية سابقة رغم تفاعل الازمة الداخلية .ربما كانت حركة الانصار احد عوامل بقاء الحزب الشيوعي العراقي لاعبا في السياسية العراقية لكنه غير مؤثر ,لانه لايمتلك قوة جماهيرية تؤهله للعمل ضمن القوى الفاعلة في العراق. وكانت حركة الانصار تعاني من ضعف أيضا.ضعف جماهيري وقيادات غير قادرة على تحويل هذا الفعل الثوري الى مساحة اوسع من القرى الكردية(ظلت الحركة تدور في الريف الكردي), علما ان الصراع الفكري كان محتدما وحسم بطرق قسرية استبدادية.وهي نتجية طبيعة لسيادة المركزية في حياة الحزب الداخلية.
الان وقد تحرر اليسار العراقي من قيود التبعية عليه ان يتخلص من ارث الماضي.ويتطهر من هذه العقدة من خلال نقد السلوك السياسي في الحقب السابقة.
ان كل فصيل من فصائل اليسار له اخطائه التاريخية وليس هناك طرف يملك الحقيقة وحده, وهذه بديهة اجتماعية وسياسية,قد تتفق عليها كل فصائله, وفي هذه الحالة يظهر سؤالا مهما مالعمل الان في ظل الظروف الجديدة؟, وهنا تنشأ فكرة اعادة تشكيله(اليسار) بقواعد جديدة,وسلوك سياسي جديد وتطوير ايديولوجية تنسجم والتغيرات البنيوية العميقة التي حصلت في الفرد و المجتمع والدولة والمحيط الدولي.و اول هذه المهمات هي ضرورة الحوار من أجل تاسيس جبهةيسارية عريضة على غرار الائتلافات الاسلامية بشيقها الشيعي السني والتحالف الكردستاني المختلف الرؤى والمصالح والافكار ربما يجمعهم النيسج القومي,والبحث عن عوامل التقارب وتوثيق التلاحم السياسي مع الاحتفاظ باستقلالية الموقف الفكري العام.
كلنا نعرف اننا مررنا في تجربة قاسية و ان اليسار العراقي فقد تاثيره الكلي في المجتمع العراقي, بسبب القمع والاستبداد والمنافي ولانريد الخوض في هذه المسالة لانها صارت معلومة للجميع.ولكن هناك ( بالتاكيد مسؤلية مشتركة في هذه الازمة التي كادت تطيح باليسار نهائيا. اعتقد ان جميع الفصائل تتحمل جزءا من هذه الازمة). ,اننا لانريد العودة الى الماضي بقدر ما نريد احياء الحاضر , من خلال شعار اعادة الحياة أو احياء اليسار العراقي المصاب بالركود والتشتت.وهي مهمة يجب ان يضطلع بها الجميع يعني كل من له مصلحة في بناء مجتمع مؤسس على العدالة والحرية.
بتقديري ان احدى تجليات الازمة في اليسار ,داخليا هي المركزية المطلقة وسيادة الراي الواحد المتمثل بالقيادات الحزبية (التي تحولت الى دكتاتوريات مؤبدة),وثانيا عدم تفعيل الانظمة الداخلية على صعيد بقاء القيادة لفترات طويلة دون اجراء تغييرات حقيقية في النسق القيادي, وفكريا تتجلى في تغليب الايديولوجي على الواقعي.اقصاء حركة المجتمع وتحليله وفق ارادوية قسرية متعالية.في ظل انساق اجتماعية تلقيدية تتميز بكونها تنتمي الى عصبيات او بنى منعزلة لم تتوحد في نسيج اجتماعي قوي ومتماسك , واهمال قيم الحرية او المهادنة ازاء مايجري من سيادة الفكر الشمولي وصولا الى تهميش الدولة واستبدالها بحكم الفرد.
التجليات الطائفية لم تكن وليدة لحظة الاحتلال أو بروز القاعدة كلاعب قوي في الساحة العراقيةرغم اهميه هذا العامل الجديد في تعجيل الصراع الطائفي. بقدر ماهي أولا. صعود الاسلام السياسي الطائفي الذي كان يمارس تقية سياسية في زمن الدكتاتورية وفي العلاقة مع اطراف المعارضة. وثانيا نتاج غياب التحليل الاجتماعي / السياسي العلمي للمجتمع وعوامل الصراع الكامنه في احشائه.كنا نرى ان الطبقات هي المحرك الفعلي للصراع(هذا يحدث في مجتمعات طبقية راسخة) ,لكن في بناء اجتماعي لم تتضح القوى الاجتماعية(الطبقات) وضوحا كاملا في ظل اقتصاد ريعي غير انتاجي, واقتصاد ورزاع متخلف . في هذا المشهد تظهر قوى(الطوائف والقوميات والاقليات) اكثر فعالية في تحريك الصراع والمصالح,ربما هي شكل او غطاء للمصالح الطبقية رغم انني لااشاهدها بهذا الوضوح.
أقصد من هذا. ان الرؤية الايديولوجية هي التي تحكمت في تفجير الخلافات في داخل اليسار العراقي وصلت لحد الاتهامات التي لاتساعد في خلق حوار فكري يسعى الى التقارب بل أنه ادى الى خلق مسافات صعب ردمها الا من خلال ما اسميه (التسامح الفكري) ربما انني غير موفق بهذا المصطلح.لكن يجب ان نعيد التفكير في مسقبل اليسار كقوة فاعلة ذات سمات ثورية وأصلاحية في مرحلة ما و انسانية هدفها الوصول الى اهداف مشتركة لبناء جبهة واسعة للتصدي ومقاومة التردي المتمثل في الفساد والطائفية والاستبداد.من اجل اشاعة المواطنة والفكر العلماني.
كان هدرا للزمن غير مبرر سوى التبعية الفكرية التي ابتلينا فيها جمعيا,نريد بناء الاشتراكية في بلدان لاتصلح لمثل هذه الشعارات.
قد يتصور البعض ان تعدد المنابر الشيوعية هي دليل على قوة الفكر الشيوعي في العراق ,ابدا انها دليل ضعف وشيئا يشبه الانهيار ,ان التعدد داخل الوحدة افضل بكثير من الشتات والخصومة,
ومن اجل حركة يسارية عراقية فاعلة اقترح ما يلي.
_عقد مؤتمر وطني للاحزاب والتيارات والمنظمات والشخصيات الشيوعية والماركسية في العراق بما فيه اقليم كردستان, ينهي حالة التخوين والاقصاء و من اجل البحث الفكري في هذا الشتات اليساري ,والعمل على جعل الاحزاب الشيوعية العراقية ,حركة وطنية جاذبة للقوى الاخرى والعمل على توحيدها في حزب جديد ,تحت اي مسمى .
واذا لم يتم التوصل الى حلول ,اقترح مايلي.على الاقل .
_ تشكيل لجنة تنسيق من كل الاحزاب والتيارات والشخصيات الشيوعية والماركسية.كخطوة أولى .(لجنة تنسيق القوى اليسارية).
_ بحث اسباب الاختلافات بين قوى اليسار,والعمل على ايجاد آلية تقرب فصائله.
_ الاتفاق على برنامج سياسي يمثل كل الروى والافكار من اجل الدخول في الانتخابات القادمة اذا اتفقت هذه القوى على ان تدخل الانتخابات.
_تفعيل دور قوى التيار الديمقراطي من خلال أنظمام لجنة تنسيق القوى اليسارية ككتلة متماسكة قوية وفاعلة.

أنها افكار عامة ليس بالضرورة صحيحة لكنها مساهمة متواضعة ابدي فيها وجهة نظري وحرصي على تقارب قوى اليسار العراقي .وسوف تغتني هذه الافكار من خلال رفد او رفض او تعديل او اضافة او تطوير للافكار المطروحة .لم يعد الصمت ممكنا ازاء حالة الشتات والركود في شكل العلاقة.
أنني هنا ادعوا الحزب الشيوعي العراقي الى المبادرة الى تفعيل الحوار مع الاشقاء في الحركة الشيوعية العراقية,اعرف انها مهمة عسيرة ومعقدة وطويلة تتطلب المساومة والنتازلات لكنها ليست مستحيلة .ليس هناك مساومات وتنازلات بين التيار الشيوعي المشتت, بل هي عملية وطنية تسهم في خلخلة الجمود في العلاقة بين الاطراف كافة .انها خطوة تاريخية وضرورية.
على الجميع ان يتقدم خطوة في الاتجاه المقابل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسيقيو المنفى... جمعتهم المعاناة والعمل سعياً لغدٍ أجمل


.. ألمانيا والفلسطينين.. هل تؤدي المساعدات وفرص العمل لتحسين ال




.. فهودي قرر ما ياكل لعند ما يجيه ا?سد التيك توك ????


.. سيلايا.. أخطر مدينة في المكسيك ومسرح لحرب دامية تشنها العصاب




.. محمد جوهر: عندما يتلاقى الفن والعمارة في وصف الإسكندرية