الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمران المقدمى زهرة تونس الحمراء العائدة من الجليل

فريد العليبي

2012 / 4 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



ولد الفدائي التونسي عمران المقدمى في المظيلة من ولاية قفصة سنة 1962 ، و سافر إلى سوريا سنة 1984 حيث حصل على الباكلوريا و درس علم النفس بجامعة دمشق ، كان مناضلا شيوعيا مثل الكثير من أبناء جيله المفتونين بهوشي منه و الجنرال جياب و ماو تسيتونغ و غيفارا و وديع حداد و ليلى خالد و جميلة بوحيرد ، و في سوريا كان للسلاح سحره ففلسطين على مرمى حجر و بينها و بين جموع الفدائيين الذين كانوا يتجمعون في لبنان " جمحة فرس "1 .
كان عمران فارسا يعشق صعود الجبال و يكره الموت بين الحفر2 وكانت فلسطين تنادى: هيا إلى الثورة ، و إصبعها " الجليل " بوصلة ، هناك في تلك المنطقة كان استشهاده يوم 26 نيسان / أفريل 1988 ، أثناء عملية بطولية أدت إلى مقتل سبعة من جنود و ضباط العدو الصهيوني ، فضلا عن جرح آخرين و أسر اثنين .
بعد سنوات من استشهاده يعود عمران إلى تونس مكللا بالمجد وسط صيحات الترحيب و التهليل ، كأنما ليؤكد أن الشهداء لا يموتون أبدا . و هو واحد من بين شهداء تونسيين كثيرين سقطوا في ساحة الشرف في فلسطين و لبنان و هناك عشرات آخرين قاوموا الصهيونية ببسالة و عادوا إلى تونس أحياء ، فكان السجن و التعذيب و الملاحقة في انتظارهم ، و من بينهم جرحى بترت أطرافهم ، أذكر بعضهم وأصواتهم تتعالى منشدة في فناء المخيم : جيشي معي يا خضراء ...لا ... لا تحزني... في إيماءة إلى جيش التحرير الشعبي .
جمع هؤلاء المناضلين بين الكفاح ضد الكيان الصهيوني و النضال ضد النظام في تونس ، وقد كانوا على قناعة راسخة أن الانتصار على الصهيونية لن يتم بدون الحرب الشعبية ، و أن الجيوش النظامية ليس لها من وظيفة إلا قمع الكادحين و الدفاع عن الرجعية .
لم يطلب هؤلاء تكريما و لا نالوا تعويضا بعشرات الملايين عما قاموا به ، فمتى كان الكفاح الثوري تجارة رابحة يجازى أصحابها بالدراهم ؟ و هل هناك مال يمكن أن تشترى به دماء الشهداء و أطراف الجرحى و عذابات المساجين في زنزاناتهم ؟
تستقبل تونس اليوم شهيدها و هي تواصل مسارها الثوري فرغم هروب بن على فإن معاناتها متواصلة و جراحها مفتوحة و أبوابها مشرعة على العواصف و السحب الدكناء تتلبد في سمائها ، و هي تتأكد يوما بعد يوم أنه لا فرق بين " رأس بصل " و ثلاثة " رؤوس ثوم " 3 .
و تودع فلسطين شهيدها و هي تقاوم الصهيونية في ظل ظروف لا تقل قتامة فالرجعية الفلسطينية فسمت الشعب بين إمارة في غزة و سلطة ورقية في الضفة و سواء تعلق الأمر بالوداع أو بالاستقبال فان الليل العربي حزين، و لكن التصميم على الثورة في ازدياد من قبل أمة يطحنها الاستغلال و الاستعمار و التجزئة ، و هي تجد في شهدائها شموعا تضئ طريقها نحو الحرية .
حلم عمران بموت بين الجبال و الوهاد و الوديان و الغابات ، وسط زغردة الرصاص فناله ، و حلم بوطن يطير بجناحيه محلقا في السماء خال من الفقر و القمع و لم ينله ، و على من يعشق الشهداء مواصلة السير على دربهم .
حسنا فعل الاتحاد العام التونسي للشغل بإشرافه على استقدام رفات عمران فقد أهدى تونس زهرة حمراء ، مثبتا أنه ليس فقط بيتا للشغيلة و إنما بيتا للشعب بأسره ، مثلما كان دائما ، وخاصة عند الشدائد ، هذا البيت يؤوى الآن الوطن بين جناحيه و على الجميع شد الرحال إليه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• 1 ـ مقطع من أغنية لسميح شقير تقول في إشارة إلى الجولان : بيني وبين أهلي وناسي رمية حجر، جمحة فرس ، خطوة فوق شريط ، وخطوة فوق خوذات الحرس .
• 2 ـ يقول أبو القاسم الشابي : وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر.
• 3 ـ إشارة إلى المثل التونسي : نحى رأس بصل و حط رأس ثوم / اقتلع بصلة و وضع مكانها ثوما .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا