الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يعيد الحزب الشيوعي العراقي تقييم مسيرته السياسية؟

علي جاسم السواد

2012 / 5 / 9
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


قبل عدة سنوات بينما نقلب محاضرات مادة "الرأي العام" في المرحلة الثالثة من كلية الاعلام-جامعة بغداد- دخل علينا الاستاذ، وهي المرة الاولى التي نلتقي به كانت المحاضرة تتعلق بدراسة اتجاهات الرأي العام، بعد ان عرفنا بنفسه بدأ المحاضرة بالحديث عن كيفية توجيه الرأي العام قائلاً: باي حال من الاحوال لا يمكن تغير اتجاهات الرأي العام بسهولة، بل الامر اشبه بمهمة مستحيلة خاصة عندما يتعلق الموضوع بالعقيدة اوالدين او المذهب، فمثلاً الشخص الذي تكون لديه رأي عام بطريقة مذهبية لا يمكن التأثير على اتجاه رأيه الا من نفس المذهب، او الشخص الذي تكونت في ذهنه قناعات للميول نحو تشجيع فريق كرة قدم معين لا يمكن تغير تلك القناعات حتى لو خسر هذا الفريق الف مباراة".
قام احد الطلاب وسأل الاستاذ هل تقصد باننا لا نستطيع تغيير قناعات الاشخاص والمجتمع الذين تكون في ذهنهم قناعة محددة؟، اجابه الاستاذ نعم، لان التاريخ والدراسات العلمية لم تثبت ذلك.
نهضت وسألته عن مدى تأكده من هذه المعلومة، اجابني بنظرات حادة انه متاكد كل التأكيد من ما يقول، قلت له اذا كان ما يقوله صحيح فكيف استطاع الحزب الشيوعي العراقي ان يجتاح مناطق شاسعة من العراق في الاربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي خاصة في المناطق الجنوبية والريفية، والمعروف عن سكان تلك المناطق بحكم الاعراف والتقاليد الدينية والاجتماعية بانتمائهم الى التيارات الاسلامية والقبلية والعشائرية، كيف تمكن الحزب الشيوعي ان يحول قناعات عدد كبير من الناس من اليمين الى اليسار المعتدل.
ظل الدكتور يتأمل كلامي بدقة، وسألني كيف تكونت لدي هذه الفكرة، وهل استطيع الاجابة عن هذا السؤال، اخبرته انها ليست فكرة انها واقع لا يمكن اغفاله او اخفائه لان الحزب الشيوعي العراقي قدم برنامج واقعي ينسجم مع طموح الناس لذلك وجدت الجماهير انذاك في هذا البرنامج ما تصبوا اليه لذلك تركوا قناعاتم السباقة واندفعوا صوب الحزب الشيوعي وبعضهم اصبح امناء عامين للحزب.
تذكرت هذه الحادثة وانا اتابع المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي الذي عقد قبل ايام في بغداد وبحضور شخصيات سياسية واحزاب ومثقفين، كنت اتوقع ان يأتي المؤتمر بتقييم موضوعي لمسيرة الحزب، تحدد اسباب فشل اليسار العراقي من الاقتراب من تطلعات الجماهير، بل اكتفى المؤتمر وعلى لسان سكرتير الحزب بالدعوة لنبذ الطائفية وتمجيد الشهداء ضد الدكتاتورية، وطالب بعراق بدون غلاء وشغف العيش، وخدمات بائسة بلدية وصحية وتوفير ضمان اجتماعي لائق وغيرها من الامور السلبية الموجودة الان في الدولة، تلك الدعوة ترددها كافة الاحزاب السياسية التي تعقد مؤتمراتها والناس حفظتها عن ظهر قلب، لم يقدم الحزب الشيوعي طرح جديد يتناسب مع تاريخه ومكانته في المجتمع العراقي يستطيع من خلاله كسب الجمهور الى صالحه مرة اخرى، ولم يقدم تقييماً شاملاً عن اخطاء الحزب في المرحلة الماضية ولم يحدد من المسؤول عن تلك الاخطاء والتراجع وكيفية معالجتها في المستقبل بل اكتفى بتشخيص اخطاء الحكومة وعدم المرور على اخطائه.
الغريب في الامر مازال الحزب الشيوعي يعزف على نفس النغمة التي تعزفها كافة الاحزاب التي لم تحصل على الاصوات الكافية في الانتخابات وهي نغمة التسلط والدكتاتورية والتفرد بالسلطة وظل يرمي تخبطاته وانعزاله عن الجمهور بملعب الحكومة وهو امر غير منطقي ولا يمت للواقع بصلة لان مساحة الحرية موجودة ولا احد يستطيع ان يتعدى على تلك المساحة شريطة ان لا تخرج عن القواعد الديمقراطية.
وهنا اطرح سؤال الى الاخوة في الحزب الشيوعي هل وضعوا تقييماً دقيقاً وشاملاً لاسباب فشل الحزب في الحصول على مقعد واحد في البرلمان، هذا السؤال كنت اتمنى ان يناقش في المؤتمر وبصورة شفافة امام الجميع لاننا نعتقد ان الحزب الشيوعي هو الممثل الشرعي لليسار في العراق وكان الاولى مناقشة اسباب تراجع شعبية الحزب بدلاً من الاكتفاء باحتفاليات راقصة وهتافات حماسية من بعض الحاضرين بطريقة انفعالية، والذي اعتقد انه يتناقض مع مبادئ الحزب لان الشيوعية بكفاة مبادئها تعيب على الحركات الاسلامية بانها تعتمد على عنصر العاطفة المقترنة بالانفعال الحماسي دون التاثير بمبادئ العقيدة وللاسف في الاحتفالية وجدنا حضور العامل العاطفي والانفعال الحماسي دون الموضوعية من قبل المحتفلين.
هل قام احد اعضاء الحزب بجرأة وشجاعة وسأل الاستاذ سكرتير الحزب لماذا يقبع على رأس الحزب منذ عام 1992، اليس الحزب في كل مناسبة ينتقد الدكتاتورية فلا يعتقد ان بقى سكرتير في منصبه لمدة "22" سنة نوع اخر من الدكتاتورية خاصة وان الحزب لم يحقق اي مكاسب منذ عدة سنوات " مع فائق تقديري للاستاذ حميد مجيد موسى"
كما ان الدعوة التي وجهها السيد سكرتير الحزب في كلمته بضرورة ان ياخذ الشباب دوره في بناء الدولة هل تضمنت دوراً في قيادة الحزب في المستقبل ام ان مايسمى بالحرس القديم سيبقى يسيطر على مفاصل الحزب، هل سنرى وجوه شابة تتولى قيادة الحزب في المرحلة المقبلة؟.
التجربة التي تلت سقوط النظام البائد اثبتت ان الحزب الشيوعي لا يمتلك استراتيجية واضحة تتناسب مع حجم الحزب وعراقته ففي اول انتخابات برلمانية دخل الحزب في تحالفات مع اناس يتقاطعون تاريخياً وفكرياً معه وهو امر غير متوقع منه، لكنه انسحب من تلك التحالفات بعد فترة واعترف قادته بخطأهم من هذا التحالف، وفي الانتخابات الاخيرة دخل الحزب بقائمة منفردة بالتحالف مع احزاب اليسار وهو خطأ في تقديري اكبر من الخطأ الاول، لان المغامرة بعدم التحالف مع احزاب كبيرة وقوية سيؤدي بالنتيجة الى الخسارة في الانتخابات وبالتالي الى غياب التمثيل في البرلمان من جهة واعطاء دليل واقعي للخصوم السياسيين بعدم امتلاك الحزب جمهور في الشارع من جهة اخرى كان بامكان الحزب التحالف مع بعض الكتل والدخول الى البرلمان لانه يمثل صوت الشعب، وهو ما يدلل للاسف على غياب الستراتيجية الواضحة.
اتمنى ان يعيد الحزب الشيوعي تقييم مسيرته السياسية، وهي نصيحة شخص محب ومدافع عن ميسرة الحزب العريقة والطويلة واتمنى ان لا يتشنج الاخوة في الحزب من هذا الطرح وان لا اقع في خانة التخوين التي اعتدنا ان نسمعها تطلق على الاشخاص الذين يوجهون رسالة النقد البناء الى بعض الحركات والاحزاب السياسية، لاني لا اقصد الاساءة او الانتقاد او الانتقاص من الحزب الشيوعي انما اسعى الى رؤية الحزب متألقاً من جديد في قلوب المجتمع العراقي لاننا نعول كثيراً على اليسار المتحرك والمتفاعل مع المجتمع لا اليسار المنظر والناقد دون تطبيق عملي يتحسسه المواطن في حياته اليومية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - على كيفك...!
سمير طبلة ( 2012 / 5 / 9 - 14:08 )
لننتظر، ولنرى النتائج. فلم تمض بعد 24 ساعة على افتتاحه الرسمي!
أجزم ان كل النقاط المثارة في هذه الاستنتاجات المستعجلة ستناقش، بمسؤولية وعمق، أكثر مما طرحت هنا. وسيجد المندوبون إجابات صادقة لها.
وبعيداً عن ((التخوين)) من دون أدلة ملموسة، كيف يتفق التمني على الحزب ((نصيحة شخص محب ومدافع عن مسبرة الحزب العريقة والطويلة))
مع مقدمة نصّها ((الغريب في الامر مازال الحزب الشيوعي يعزف على نفس النغمة التي تعزفها كافة الاحزاب التي لم تحصل على الاصوات الكافية في الانتخابات وهي نغمة التسلط والدكتاتورية والتفرد بالسلطة وظل يرمي تخبطاته وانعزاله عن الجمهور بملعب الحكومة وهو امر غير منطقي ولا يمت للواقع بصلة لان مساحة الحرية موجودة ولا احد يستطيع ان يتعدى على تلك المساحة شريطة ان لا تخرج عن القواعد الديمقراطية)).
ألا يجد ((شخص محب ومدافع)) بهذا دفاعاً عن حكومة ثبت فشلها، بإعتراف أركان فيها؟
وإن اختلفنا هنا، فلنتحاور، بإحترام متبادل. مع الود.

اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو