الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير التنافسية العربية 2012 عرض تحليلي

عدنان فرحان الجوراني

2012 / 5 / 12
الادارة و الاقتصاد


أصدر المعهد العربي للتخطيط تقريره الرابع والأخير حول القدرة التنافسية للدول العربية، ويذكر أن المعهد العربي يصدر تقريرا حول وضع القدرة التنافسية للدول العربية كل ثلاث سنوات وقد صدر التقرير الأول عام 2003، والثاني عام 2006، أما التقرير الثالث فقد صدر عام 2009.
يختلف تقرير التنافسية العربية عن التقارير الدولية في عدد الدول المدرجة في تصنيفها حسب الأداء النسبي، حيث يستند التقرير العربي في حساباته على مقارنة الدول العربية بمجموعة دول غير عربية تم اختيارها لتشكل نقطة مرجعية للأداء العربي في الأسواق الدولية، ويعتقد خبراء المعهد أن عملية اختيار دول المقارنة مهمة جداً، ذلك لأنها تحدد الفجوة القائمة بين الدول العربية وباقي الدول الأخرى . ففي حالة إدراج كل الدول في التقرير فإن الفجوة تصبح هائلة بين بعض الدول العربية وأفضل الدول في العينة، مما يعني هدفاً قد يكون من الصعب تحقيقه. ولكن اختيار مجموعة محددة من دول المقارنة كان لها في وقت مضى أداء مشابه للدول العربية في حينه، وتفوقت عليها بالأداء التنافسي، يجعل من دول المقارنة هذه تشكل مجموعة مقارنة جيدة، وذلك لإمكانية ردم الفجوة التنافسية بفضل السياسات الهادفة.
يرى خبراء المعهد أن الأسباب التي أدت إلى إصدار تقرير التنافسية العربية تكمن في إيجاد مفهوم للتنافسية أكثر دقة، يكون مرتبطا بإطار نظري وأن يكون مدلوله واضحا بالنسبة لصانعي القرار وهذا ما لم يتوافر في تقارير التنافسية الأخرى حسب رأيهم، وهم يرون أن التنافسية ما هي إلا أحد محددات النمو ولا يجب تحليلها أو تفسيرها من خلال كل العناصر التي تحدد النمو بشكل عام، وعليه كان لابد من اقتراح مفهوم للتنافسية يربطها بالنمو وبالأداء العام للاقتصاد لكن لا يساوي بينهما، كما أن مفهوم التنافسية هو ليس مفهوما قصير الأجل فقط بل هو مفهوم يقترن بأداء الاقتصاد بصفة عامة ولأداء القطاعات الخاضعة للمنافسة بصفة خاصة على المدى الطويل بشكل يجعل تحسن الحصص في السوق حالة مستمرة وليست آنية، ولذلك يعرف المعهد التنافسية بأنها "الأداء النسبي الحالي والأداء النسبي الكامن للاقتصادات العربية في إطار القطاعات والأنشطة التي تتعرض للمزاحمة من قبل الاقتصادات الأجنبية.
ولقد ميز تقرير التنافسية العربية بين ما أسماها التنافسية الجارية والتنافسية الكامنة، على اعتبار أن الأولى لا تضمن بالضرورة الثانية، فالتنافسية الجارية تركز على الأداء الجاري والعوامل التي تؤثر فيه مثل الأسواق ومناخ الأعمال وعمليات الشركات واستراتيجيها، وتعني التنافسية الكامنة القدرات طويلة الأجل التي تؤثر على التنافسية، وعندما يتم التمييز بين هذين النوعين من التنافسية فان الهدف يكمن في الوصول إلى محددات استدامة القدرة التنافسية وليس إلى تقييم حالتها الراهنة فقط.
وبناء على ذلك فقد تم بناء مؤشر مركب للتنافسية مكون من مؤشرين فرعيين وهما مؤشر التنافسية الجارية ومؤشر التنافسية الكامنة، ويعتمد مؤشر التنافسية العربية في أغلبه على البيانات الكمية الموضوعية.
يتكون المؤشر الإجمالي للتنافسية من مؤشرين فرعيين هما التنافسية الجارية، والتنافسية الكامنة، ويتكون مؤشر التنافسية الجارية من أربعة مؤشرات فرعية ( الأداء الاقتصادي الكلي، بيئة الأعمال والجاذبية، ديناميكية الأسواق والتخصص والإنتاجية والتكلفة)، فيما يتكون مؤشر التنافسية الكامنة من ثلاثة مؤشرات فرعية ( الطاقة الابتكارية، رأس المال البشري ونوعية البنية التحتية التكنولوجية)، وبذلك يكون مجموع المؤشرات الفرعية مع المؤشر الرئيس عشرة مؤشرات.
ضمت تقارير التنافسية العربية الثلاث الأولى (16) دولة عربية ، فضلا عن دول المقارنة التي ارتفع عددها من ثلاث دول في التقرير الأول (كوريا ج، تركيا، ماليزيا)، إلى خمس دول في التقرير الثاني (كوريا ج، ماليزيا، تشيلي، البرتغال، جنوب إفريقيا)، وفي التقرير الثالث ارتفع العدد إلى ثماني دول إذ أضيفت ثلاث دول هي (التشيك، ايرلندا، المكسيك)، أما في التقرير الرابع فقد ارتفع عدد الدول العربية إلى (17) دولة هي (الجزائر، والبحرين، ومصر، والأردن، والكويت، ولبنان، وليبيا، وموريتانيا، والمغرب، وعمان، وقطر، والسعودية، والسودان، وسوريا، وتونس، والإمارات، واليمن.) أما دول المقارنة فقد ارتفع عددها إلى 13 دولة مقارنة بإضافة خمس دول هي (الأرجنتين، والبرازيل، والصين، واليونان، وتركيا).
ويعتمد التقرير في أغلبه على البيانات الموضوعية المتوافرة في مُختلف قواعد البيانات الدولية والإقليمية، وعادة ما يتم حساب المؤشر المركب كمتوسط للسنوات المعتمدة والتي تتوافر لها المعلومات لأكبر عدد ممكن من الدول العربية ودول المقارنة ، في التقرير الأول تم اعتماد بيانات (1990-2000)، وفي التقرير الثاني تم حساب متوسط السنوات (2001-2003)، أما في التقرير الثالث فقد تم حساب متوسط البيانات للسنوات (2004-2007)، ولأغراض التقرير الأخير، فقد استخدمت البيانات التي تغطي الفترة 2009-2007 لقياس التنافسية بمقارنة أداء معظم الدول العربية مع 13 دولة مقارنة.
ويتم التركيز في تحليل الأداء التنافسي على مدى ابتعاد الدول العربية عن القيم المرجعية )متوسط دول المقارنة(، حيث يمكن اعتبار الفجوة بين المجموعتين قصوراً في الأداء التنافسي وتعطي مقياساً لفجوة التنافسية التي تفصل أي دولة عربية عن الدولة الرائدة في المؤشر المعني. ويفسر مدى عمق الفجوة مقدار الجهد الواجب بذله وطبيعة السياسات الواجب إتباعها لردم هذه الفجوة.
وقد جاءت أبرز نتائج تقرير التنافسية العربية لعام 2012 كما يلي:
الوضع الإجمالي للتنافسية العربية : بلغ متوسط مؤشر التنافسية العربية للدول العربية كمجموعة 0.39 مقابل 0.50 لدول المقارنة الثلاثة عشر، وتصدرت كوريا الجنوبية الأداء الإجمالي للتنافسية تليها إيرلندا، بينما احتلت بعض دول الخليج العربية مراكز متقدمة في الترتيب الإجمالي، فقد جاءت البحرين في المرتبة الرابعة بين الثلاثين دولة، وجاءت الإمارات في المرتبة الخامسة بينما احتلت اليمن المرتبة الثلاثين، جاءت قبلها موريتانيا ( (29 ، والسودان (28)، والمغرب 27)) ، وسوريا (26).
والملاحظ هنا أن قطر تراجعت من المرتبة الأولى عربيا في التقريرين الأخيرين للتنافسية العربية إلى المرتبة الرابعة عربيا والثالثة عشر على إجمالي الدول العربية ودول المقارنة، هذا في حين يشير تقرير التنافسية العالمي لعام 2011 إلى أن قطر احتلت المرتبة 17 عالميا والأولى عربيا مما يشير إلى تناقض واضح بين التقريرين مع الأخذ بالاعتبار اختلاف المنهجية وطرق القياس.
في مقياس التنافسية الجارية: بلغ متوسط مؤشر التنافسية الجارية للدول العربية 0.44 مقارنة ب 0.50متوسط دول المقارنة. واحتلت الصين صدارة ترتيب الدول الواردة في المؤشر، تلتها كوريا الجنوبية وايرلندا في المرتبة الثالثة. أما بالنسبة للدول العربية فقد احتلت البحرين المرتبة الرابعة وتلتها الإمارات في المرتبة الخامسة والكويت في المرتبة السابعة. أما الدول العربية غير الخليجية فقد كان ترتيبها متواضعاً، حيث جاءت في الثلث الأخير باستثناء تونس (14) وليبيا (17) (.
مقياس التنافسية الكامنة: بلغ متوسط مؤشر التنافسية الكامنة للدول العربية كمجموعة 0.35 مقارنة بمتوسط للمؤشر بلغ 0.5 لدول المقارنة. وسجلت أعلى قيمة لمؤشر التنافسية الكامنة لكوريا الجنوبية، حيث بلغت 0.74، في حين سجلت اليمن أدنى قيمة للمؤشر بلغت 0.14. هذا وقد سجلت كل من البحرين ( (0.48 والإمارات (0.47) وقطر (0.41) مواقع متقدمة تحت هذا المؤشر في ترتيب دول العينة.
وبالنسبة لفجوة التنافسية العربية والتي يتم حسابها كالآتي:
قيمة الفجوة = قيمة المؤشر لدولة المقارنة – قيمة المؤشر للبلد المعني
أما حسابها بالنسبة المئوية فيتم عن طريق المعادلة التالية :
النسبة المئوية للفجوة = (قيمة المؤشر لدولة المقارنة – قيمة المؤشر للبلد المعني) / قيمة المؤشر لدولة المقارنة.
على المستوى الإجمالي، تبلغ فجوة التنافسية العربية مقارنة بدولة صناعية حديثة مثل كوريا %32 بين الدول العربية، وتتوزع إلى %28 في التنافسية الجارية و%44 في التنافسية الكامنة، مما يعني أن على الدول العربية أن تبذل جهودا أكبر في مجال ردم هذه الفجوة للوصول إلى مستوى تنافسي دولي. وفيما يخص المؤشرات الفرعية، فإنه يلاحظ أن الفجوة الأكبر مقارنة بكوريا الجنوبية تكمن في البنية التحتية الأساسية 49%، ثم الحاكمية وفعالية المؤسسات %41، ثم تكلفة الأعمال ب %36، والتكلفة والإنتاجية ب %34، وجاذبية الاستثمار %24 ضمن التنافسية الجارية. وتظهر الفجوة واضحة في التنافسية الكامنة في كل من البنية التحتية التقنية %49، والابتكار و توطين التقانة %51 بالإضافة إلى رأس المال البشري %31. ويلاحظ أن الفجوة مع كوريا هي أقل حدة في كل من الأداء الاقتصادي الكلي وديناميكة الأسواق ومستوى تدخل الحكومة في الاقتصاد. وهذه الفجوة في المؤشرات الفرعية المذكورة هي نفسها تقريبا في التقرير الثالث للمعهد مما يعني أن الجهود التي بذلت خلال السنوات القليلة الماضية لم تكن بمستوى الطموح ولم تساعد في تجسير تلك الفجوة، وتحتاج الدول العربية إلى إعادة النظر في سياسات تدعيم قدرتها التنافسية، بالتركيز على الاستثمار الجيد في مجالات البنية التحتية التقانية والأساسية ورفع العائد على الاستثمار فيها، عن طريق الإدارة الجيدة لهذه المرافق، وإتباع الصيغ الحديثة في التمويل والإنجاز، وكذلك دعم نقل التقانة وخاصة توطينها، وكذلك تنمية رأس المال البشري، وخاصة على المستوى النوعي، من خلال تحسين التعليم وربطه بسوق العمل ورفع العائد عليه.

المصادر:
1- المعهد العربي للتخطيط، تقرير التنافسية العربية للأعوام 2009و2012، الكويت، العهد العربي للتخطيط.
2- د. محمد عدنان وديع وأ.حسن الحاج، التنافسية تحدي الاقتصادات العربية، الكويت، المعهد العربي للتخطيط، 2005.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطور كبير فى أسعار الذهب بالسوق المصرية


.. صندوق النقد يحذر... أزمة الشرق الأوسط تربك الاقتصاد في المنط




.. صندوق النقد الدولي: تحرير سعر الصرف عزز تدفق رؤوس الأموال لل


.. عقوبات أميركية على شخصيات بارزة وشركات إنتاج الطائرات المسيّ




.. متحدث مجلس الوزراء لـ خالد أبو بكر: الأزمة الاقتصادية لها عد