الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجنيد إلزامي في مفوضية للإعمار

صادق البلادي

2012 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


في مقالة نشرتها في الثقافة الجديدة عدد 266 / ت1- ت2 عام 1995 دعوت الى تحويل الجيش الى مؤسسة لإعمار الوطن ، فمجلس الأمن كان قد أصدر عدة قرارت وفق الفصل السابع تخص تدمير أسلحة التدمير الشامل ، تشكل خطوات نحو إنشاء منطقة في الشرق الأوسط خالية من هذه الأسلحة، مقررا مواصلة التأكد من النوايا السلمية للعراق. وعند صياغة الدستور جرى التأكيد على سعي العراق لحل النزاعات بالوسائل السلمية و احترامه لإلتزاماته الدولية ، ومنها منع انتشار وتطوير وإنتاج واستخدام الاسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية. إلا أنه لم يتبنى الدرس العميق من تجربة الحروب وما جرته عبر الجيش الذي قام بها سوى الدمار والخراب، وأن إلتزامه الحقيقي بالحلول السلمية، سيجعله في غنى عن الجيش، الذي سيكون بقاؤه وسيلة لتعطيل الطاقات عن البناء، وإهدار ثروات العراق على حديد يُبدل قبل أن يستخدم، وقبل أن يصدأ. لكن الدستور ، وفيه ما فيه من التناقضات، نص في المادة 9 ثانياً :ـ تنظم خدمة العلم بقانون. فهل العراق بوجود الأمم المتحدة، والقطب الواحد ، المهيمن عسكريا يحتاج حقا الى جيش قتالي تهدر عليه المليارات من الدولارات التي يحتاجها الناس لتوفير أبسط الخدمات.؟ أن كانت ثمة مؤسسات في الجيش يحتاجها العراق المفروض عليه أن يكون مسالما وفق قرارات مجلس الأمن الصادرة بحكم الفصل السابع، وألا يشكل تهديدا لجيرانه ، فهي فقط تلك المؤسسات التي لها علاقة بالشؤون المدنية وتحقيق الأمن الداخلي ومراقبة التهريب. ولهذا فتوجد حاجة للمنشآت الطبية العسكرية تُلحق بوزارة الصحة، وصنف الأمور الهندسية يلحق بمفوضية للأعمار، ودوائر التجنيد تلحق بمفوضية الأعمار فتقوم بسوق "المجندين" للخدمة المدنية الإلزامية في مفوضية الأعمار الوطني. وبهذا توفر وتكثف الجهود والقدرات من اجل الأعمار ولا تبذر الأموال على حديد يصدأ أو يصهر قبل أدائه مهمته أو يؤدي مهمته في قتل أبناء الوطن كما جرى في كردستان، وحلجبة شاهد يجب إلا ينسى، وكما جرى أثناء انتفاضة آذار/ شعبان 1991 وفيما بعد في الاهوار.
صعب طرح مثل هذا الرأي وركام القرون الخوالي كله ينيخ على كواهلنا ويقيد تفكيرنا ويجبرنا على تصديق فرية ضرورة وجود جيش من اجل الوطن، وكذلك واقع "النظام العالمي الجديد" ذي القطب الواحد الذي يدين للقوة العسكرية لا للحق. ورغم هذا لابد من الجهر بأن من غير الممكن إعادة تعمير العراق وإعادة بناء الجيش في آن واحد. فلا يمكن مسك رمانتين موقوتتين في يد مشلولة. أن تحقيق ضرورة حل الجيش العسكري وإقامة مفوضية أعمار الوطن على أساس الخدمة المدنية الإلزامية تحتاج إلى توافر جهود كل الحريصين على مستقبل الوطن من مفكرين وسياسيين وعسكريين أيضا ، من الذين يضعون فعلا مصلحة العراق فوق المصلحة الشخصية. أما مسألة حماية امن العراق من عدوان خارجي فينبغي العمل من اجل أن تكون ضمن نظام امن شرق أوسطي وخليجي ويتكفل مجلس الأمن الذي فرض القيود على عراق الغد ضمانه. أن العراق بحاجة ماسة الى توفير الخدمات الأساسية للملايين، المحتاجين الى التمتع بحصتهم من النفط ، ثروة الشعب، لا ملك الساسة والعسكر، أفليس من الكفر والحرام ترك فرد جائع واحد يموت لتخصيص ما يكفي قوته يصرف على عتاد عسكري ليصدأ ويستبدل بأحدث منه بعد حين.
لنتذكر رائعة السياب" الأسلحة والأطفال" فهو لم يخصص الأسلحة الامبريالية والرجعية فقط، بل الأسلحة عموماً:
لمن المدافع والرصاص
وبأي قلب في غد
ستغوص أطراف الرماح
أَلِأَجْلِنا
إنا نطالب بالسلام .

هذا مقطع من مقالة نشرتها في الثقافة الجديدة عام 1995، وحال العراق في العام العاشر بعد الإحتلال وانهيار النظام البعثــفاشي
يؤكد ما ذهبت اليه. ملاحظة إن ما نسبته من الذاكرة يومذاك الى المبدع السياب ليس صحيحا، فابيات لمن المدافع ....الى ستغوص
أطراف الرماح هي للشاعر حسين مردان، بينما " ألأجلنا إنا نطالب بالسلام " من قصيدة للشاعر علي جليل الوردي
ألقاها عام 1954.
و ما أروع لو عاد إعمار العراق بعد أن صار كله بصرة الخراب ، ويصير سلاحه كما وصف الحريري أهل البصرة:
" سلاح الناس كلهم الحديد، وسلاحكم، ياأهل البصرة، الأدعية والتوحيد" ، و الأدق تنوع الفكر ووحدة العمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - على الجيش ألأعتذار للشعب
طلال الربيعي ( 2012 / 5 / 19 - 13:42 )
اتفق تماما معك عزيزي د. صادق بعدم الحاجة الى جيش كبير في العراق وامكانية اختزاله الى وحدات صغيرة فعالة وكفؤة لحماية الحدود اساسا, واستخدام الطاقات والقدرات المتبقية من اجل اعمار الوطن.
كما اود ان اذكر هنا ان الجيش العراقي قد لعب في العديد من ألأحيان دورا سلبيا ووقف بالضد من تطلعات الشعب وحتى ساهم في قمع انتفاضاته ضد الطغيان والظلم, وحسب علمي فان مؤسسة الجيش العراقية لم تقدم لحد ألآن اعتذارا الى الشعب العراقي الممول المالي للجيش بسبب قمعه وجرائمه بحق الشعب والتي لا تزال مستمرة وللأسف الشديد على ايدي قادته ومختلف مراتبه. ان ألأعتذار ليس مسألة شكلية بل انها خطوة ضرورية لأعادة ألأعتبار لهذه المؤسسة وتثبيت موقفا بان القانون هو الحكم وليس القوة ممثلة في الجيش او الفصائل المسلحة ألأخرى.
مع فائق مودتي


2 - تجنيد إلزامي في مفوضية للإعمار
كريم سهراب فاضل ( 2012 / 5 / 19 - 14:01 )
د صادق البلادي
تحية.
مقالة رائعة وفكرة صائبة...لكن هل يدرك السادة في الوطن ان الافكار الجديدة هي ايضا في خدمتهم.
لك الشكر.
كريم سهراب فاضل

اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح