الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


100+180+ 15+7 = المحاصصة

سربست مصطفى رشيد اميدي

2012 / 5 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


حملت سنة 2011 منذ مطلعها رياح الاحتجاج والتغيير ضد الاوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية في أغلب الدول العربية، بدأ في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا، ليصل هبوب رياح الاحتجاج والمطالبة بالتغيير الى البحرين والمغرب والاردن والعراق. حيث ان المشهد العراقي أظهر احتجاجات مستمرة وان كانت محدودة، شملت أغلب المدن العراقية ومن ضمنها مدينة السليمانية والقصبات التابعة لها في اقليم كوردستان. وكانت حصة ساحة التحرير في بغداد من الاحتجاجات كبيرا ضد الاوضاع السياسية والامنية، وسوء الخدمات والمحاصصة الحزبية، والتضييق على الحقوق والحريات، واستمر ذلك لعدة شهور.
وقد حاولت الحكومة العراقية واطرافها الفاعلة تشويه تلك الاحتجاجات والمظاهرات من خلال الصاق التهم بها كونها من تخطيط قوى الارهاب وفلول البعثيين. ثم أوعزت لمناصريها بتنظيم مظاهرات رديفة او في ساحة التحرير، وكذلك عدم اجازة المظاهرات الاحتجاجية ضد الحكومة ردا على سوء الخدمات والفساد المالي وهدر أموال الدولة والمحاصصة الحزبية. وكانت تواجه المظاهرات الغير مجازة بالقسوة وثقوم بفضها بالقوة، وفي كثير من الاحيان بالقوة المفرطة، وقد ادى ذلك الى استشهاد وجرح العديد من المتظاهرين. وفي خضم تلك الاحداث أعلن رئيس الوزراء عن اعادة تقييم عمل الوزارات بعد مائة يوم، حتى يمكن الحكم على أداء كل وزارة سلبا أم ايجابا، وانه سيقوم بمحاسبة الوزراء المقصرين في ادائهم، وحتى اعفاءهم من مناصبهم ومن أية قائمة كانوا ؟
وبالتزامن مع ذلك اعلن التيار الصدري انه سيقيم اداء الوزارات التي يشغلها اعضاء من التيار بعد مرور ستة اشهر، لاعطاء الفرصة لبيان عمل كل وزارة وضمان عدم الحاق الغبن باي وزير، وانه سوف يحاسب الوزراء المقصرين وسيتعرضون للتبديل باخرين. خاصة وان وزاراتهم هي خدمية وبالتالي فان أثر عملها سيكون جليا للمواطنين كافة.
لكن بعد انقضاء فترة المائة يوم، وبعدها الستة اشهر لم نسمع بأي تقييم لعمل الحكومة ووزاراتها، وان جميع الوزراء ظلوا في مناصبهم، ما عدا وزير الطاقة الكهربائية والمنتمي للقائمة العراقية. وبدل ذلك تم التضييق على تنظيم الاحتجاجات بعدم منح اية موافقات لتنظيمها ( حتى الاحتجاج والصراخ يجب ان يكون بموافقة حكومية)، ومراقبة ومتابعة النشطاء من القائمين بتنظيم المظاهرات والمسيرات. والتضيق على انشطة الحزب الشيوعي العراقي وحزب الامة اللذان كان اعضاءها ضمن القوى الاساسية التي كانت تنظم تلك الاحتجاجات والمظاهرات. وقد أعلنت الاجهزة الامنية القاء القبض على أحد المنظمين لتلك المظاهرات ( فراس)، لكونه مخططا ومشتركا في عمليات ارهابية كبيرة في العراق، وعرضوا اعترافاته على شاشات التلفاز للبرهان على ان تنظيم تلك المظاهرات والاحتجاجات في ساحة التحرير كانت من فعل وتخطيط قوى الارهاب والبعثيين.
ونعتقد ان اسباب تلك الاحتجاجات بقيت على حالها من دون معالجة، حيث عدم تحسين الخدمات، واستمرار نهب اموال الدولة، وتفشي مرض الفساد المالي والإداري في اغلب مؤسسات الدولة. وقد تم التدخل في عمل هيئة النزاهة بحيث اضطر رئيس الهيئة الى تقديم استقالته، وبعد ذلك لم نسمع عن نشاط وفعالية ذلك الجهاز الحيوي، حيث كان نطاق عمله قد بدأ يصل الى المسؤولين الكبار في الدولة العراقية. وان عملية تضييق الحقوق والحريات قد استمر، بحيث ان العراق ظل في صدارة الدول التي تضيق على عمل الصحافة ويتعرض الصحفيون فيه الى القمع والإرهاب، ومصادرة المعلومات من قبل الجهات الحكومية.
وقد استمرت عملية المحاصصة وانحدرت نحو الأسوأ، بحيث يعيد انتاجها باستمرار بأشكال وألوان جديدة، بعد شعور بعض القوى بأنه قد الحق الغبن بهم في (حقوقهم ومناصبهم) لدى عملية (تقسيم وتوزيع) المناصب في الدولة العراقية. واستمرار تردي الوضع الأمني، حيث ان قوى الارهاب تستطيع أن تضرب وتفجر متى ما أرادت ذلك وأينما كان ذلك، على الرغم من المبالغ الخيالية لتعيين وتدريب منتسبي الجيش العراقي والقوى الأمنية والأجهزة الاستخباراتية للحكومة العراقية، وما يماثلها للصرف على عقود التسليح. وأن حقائب الوزارات الامنية ظلت شاغرة على الرغم من مرور ما يقارب السنتين من عمر الحكومة، وإنها تدار بالوكالة من قبل وزراء مختارين من رئيس الوزراء. والأنكى من ذلك انه نشب خلاف قوي بين القوى المؤتلفة في الحكومة بعد اتهام اطراف اساسية فيها لرئيس الوزراء بالتحلل من تنفيذ اتفاقية اربيل التي على أثرها كان قد تم تشكيل الحكومة العراقية الحالية، وكذلك اتهامه بالنزوع نحو التفرد والسيطرة الحزبية على مقاليد الحكم، بعد اتهام نائب رئيس الجمهورية(طارق الهاشمي) بالإرهاب وإحالته للقضاء واستبعاد نائب رئيس الوزراء (صالح المطلك) بعد وصفه لرئيس الوزراء بالدكتاتور. لذلك جاء اجتماع اربيل لمحاولة (سلخ) التيار الصدري من التحالف الوطني، والبحث في امكانية سحب الثقة من رئيس الوزراء في حال عدم تلبية مطالب القوى المجتمعة من قبل رئيس الوزراء. وقد حدد زعيم التيار الصدري مدة خمسة عشر يوما حتى يعرب من خلالها رئيس الوزراء عن نيته وقراره في تنفيذ تلك المطالب. وقد انتهت تلك المهلة في السابع عشر من هذا الشهر ولم يتم التقدم في الجهود المبذولة لأجل اجبار رئيس الوزراء للخضوع لمطالب القوى المخالفة له. فجاء اجتماع النجف الذي صدر عنه توجيه رسالة الى التحالف الوطني لغرض تحديد بديل لرئيس الوزراء بعد سحب الثقة منه في حال عدم تنفيذه لجملة من المطالب،أهمها تعيين وزراء للحقائب الامنية، واصدار عدد من التشريعات المهمة، وتنفيذ المادة 140 من الدستور الخاصة بكركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها.
واعتقد ان الوضع الحالي لن يؤدي الى اجراء أي تغيير جذري في الوضع العراقي، خاصة فيما يخص المواطن العراقي من تحسين الخدمات، ووضع حد لنهب اموال الدولة. وإحالة المفسدين الى القضاء مهما علت مرتبتهم الحزبية والحكومية، واحترام حقوق وحريات المواطنين. حيث برأينا ان القوى المشتركة في الحكومة تختلف حول امور هي نسبة المساهمة في تقلد الوظائف والمناصب في الدولة العراقية، والمشاركة في القرار السياسي والأمني في البلاد. ومن المهم الاشارة الى ان الاصرار على سحب الثقة من رئيس الوزراء قد تجلب معها سحب الثقة من رئيس البرلمان وربما اجبار رئيس الجمهورية على تقديم استقالته. وهذا برأينا ستخلط الاوراق وربما ستؤدي الى انهيار العملية السياسية، مما يعني مزيدا من التخبط والانشقاق في المجتمع العراقي والتي من الطبيعي ان تؤدي ذلك الى جريان انهار اضافية من الدم العراقي. فباعتقادي ان النخب الحاكمة في العراق لا تهمها مصلحة المواطن وأمنه وسلامته بقدر ما تهمهم مصالحهم الحزبية والشخصية. عليه فان عملية (جر الحبل) التي تجري الان سواء أدت الى تبديل رئيس الوزراء أو الى خضوعه لمطالب القوى الأخرى، أو اجراء انتخابات مبكرة، أو اذا ادت الى استمرار فرز الاصطفاف السياسي الحالي. هذه الازمة باعتقادي سوف لن تكون نتيجتها سحب الثقة من رئيس الوزراء، او اجباره على تقديم استقالته، لان الجهات التي تطالب باجراء اصلاحات جذرية في الوضع السياسي الحالي غير متفقة على السياسات والخطوات اللاحقة، خاصة فيما يتعلق بموضوع المشاركة في الحكومة، وتطبيق جميع الاليات الخاصة بتنفيذ المادة 140وغيرها. خاصة وان اغلب تلك القوى مرتبطة بشكل أو اخربتوجهات واجندات دول اقليمية والتي تتدخل في الشان العراقي بشكل مفضوح. لذلك فان هذه الازمة سوف لن تؤدي الى ايجاد حلول جذرية بل الى اعادة انتاج عملية المحاصصة بشكل تعتقد الكيانات السياسية المشاركة في الحكومة بأنها حصلت على حصتها المناسبة في المناصب والوظائف العليا والأدنى في الدولة العراقية، ومن الممكن ان تتفق الجهات المشاركة في الحكومة على اصدار تشريع من مجلس النواب العراقي يمنع اي شخص من ان يقلد مناصب سيادية لأكثر من دورتين انتخابيتين .
ولهذا فإننا نعتقد ان مهلة المائة يوم مضافا اليها فترتي الستة اشهر والخمسة عشر يوما وحتى السبعة ايام الأخيرة، فإنها لا يمكن ان تؤدي إلا الى مزيد من المحاصصة الحزبية في البلد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذا هو الواقع ، اين التغيير إذن؟
ابو عبير /عبد فيصل السهلاني ( 2012 / 5 / 28 - 09:07 )
عزيزي ابو فرات ، تحية خاصة من القلب ، واثق جدا ان هذا الحرص والامل بتحسن العمليةالسياسية في بلادنا نابع من معاناة حقيقية قدمت فيها من زمنك ومن جهدك وتحملك الشئ العظيم ، ولكن يبقى السؤال الاهم ، هذا هو النظام وهذه أساليب من يحكم بلدا شرقيا زاده التخلف ويومه ظلم حكامه ، وعينته او نخبه بين الانا والترهل ، نريد برنامجا ، نريد عملا ابا آرارات السامي, تحياتي لك ولنخب كردستان التي علمتنا الدروس الكثيرة . الى نخب الكورد المناضلة
تحياتي


2 - استخدام حق التصويت
سربست مصطفى ( 2012 / 5 / 28 - 10:34 )
عزيزي ابوعبير
شكرا جزيلا لتعليقكم ولتقييمكم ، اتفق معكم تماما واضيف بان المواطن العراقي عليه ايجاد السبل الكفيلة لتغيير هذا الواقع وهذا النهج في الحكم . واعتقد ان تجارب بعض الدول فيها الكثير من ناحية ابعاد النخب الحاكمة عن السلطة باساليب ديمقراطية ، وفي مقدمتها استخدام حقهم في التصويت عن طريق تصويت الانتقام وذلك بعدم التصويت لهم في اية انتخابات مستقبلية
.مع سلامي وتحياتي الحارة

اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟