الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخرج الانتقائي في المسرح العراقي

صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)

2012 / 5 / 31
الادب والفن


أن أسلوب عمل المخرج (سامي عبد الحميد) على النص المسرحي لا ينفصل عن أسلوبه الانتقائي لشكل العرض الذي يقدمه، حيث أن هذه الانتقائية في الأسلوب الإخراجي ترتبط بمرجعياتها العالمية مع المخرج الألماني (ماكس راينهاردت) والتي لم تكن اعتباطية في عروض (سامي عبد الحميد) بل أنه كان دائم البحث عن تفسير خاص يعالج من خلاله العرض المسرحي لاسيما وانه يعّرف الانتقائية على إنها "تدعو إلى الابتكار وتوسيع الخيال وتفسح المجال للتجريب وتفسح المجال للتبسيط والاختزال وللتحول من التخصيص إلى التعميم"( ) ومن جهة أخرى فإنه يؤكد دائما على دور المؤلف ويعده " المبدع الأول في العملية المسرحية وحتى لو سعى المخرج إلى فرض رؤيته الإخراجية التي قد تؤدي إلى إحداث تغييرات على النص فان المؤلف يبقى هو المحفز وهو مصدر الإلهام "( ).
ومع أن (عبد الحميد) يتجاوز على نص المؤلف ، ذلك انه غالباً ما كان يعمل على إعداد النصوص المسرحية وتكثيفها وصولاً إلى جوهر الفكرة التي يريدها في العرض، فالتحولات التي يقوم بها داخل النص تجعل منه مؤلفاً ثانياً.
وهو بذلك يكاد يشابه عمل المخرج (إبراهيم جلال) في عمله على المونتاج إلا أنه يقوم بعمل المونتاج على النص فحسب ليتمكن من تقديم عرض مسرحي يتفق مع رؤيته الإخراجية التي قد تختلف مع رؤية المؤلف، وهو أسلوب بات يتبعه في جميع العروض التي يقوم بإخراجها ، وحتى مع النصوص التي تكاد تكون متكاملة البناء والشخصيات، إلا أنه صار يفضل الاشتغال عليها لتنسجم مع أسلوبه في الإخراج ( ).
ويعد اشتغال (سامي عبد الحميد ) على النصوص العالمية ، وتوظيفها في فرضيات إخراجية مغايرة لفرضيات المؤلف على نحو متكامل من خلال تغيير المكان والزمان والحدث وتبادل أدوار الشخصيات ، على وفق رؤيته الإخراجية التي يطبق النص المسرحي عليها ، وتعد تجربته مع نصوص (شكسبير) الأبرز في هذا المجال ،لاسيما تجربته على مسرحية (هاملت عربياً) التي استطاع فيها أن يقدم هاملت برؤية مغايرة تماماً لما جاء في النص الشكسبيري، وذلك من خلال إعادة الحفر في أعماق النص عن ما يتلاءم مع فكرته التي أراد بها نقل (هاملت الدنماركي ) إلى الجزيرة العربية ، وكذلك هو الحال مع مسرحية (عطيل ) التي حولها إلى مسرحية مغايرة تماماً للنص الأصلي لتكون (عطيل في المطبخ) بعد أن نقلها من البيئة التي وضعها المؤلف إلى بيئة أخرى تعتمد على فرضيات المخرج من خلال معالجة " النص الأدبي وتحوليه إلى بنية عرض مسرحي يفقد فيها بنية النص الشكسبيري قدسيته ويتعرض للتغيير، فقد افترض (سامي عبد الحميد) بيئة جديدة للأحداث وعلى وفق هذه البيئة تم إعداد النص"( )
إن الانتقائية بوصفها أسلوبا إخراجياً منح (سامي عبد الحميد) الخصوصية في التعاطي مع النصوص التي تتشكل لديه على نحو منسجم مع الرؤية الإخراجية، الأمر الذي جعله يقتحم العديد من البنى السردية وإعادة إنتاجها على خشبة المسرح كما هو الحال مع تجربته في تقديم ملحمة (كلكامش) التي أخرجها مرات عدة ، برؤى إخراجية متنوعة من دون التمسك بأسلوب معين، ومن دون أن يغير من تعامله مع النص ذلك أنه " لا يؤمن بوجود نص متكامل ومهما كانت قيمة هذا النص أو قيمة كاتبه عربياً كان أم أجنبيا فكل النصوص تخضع إلى مشرطه، فقد حذف (الشبح) من (هاملت) لشكسبير منطلقاً من عقلانية هاملت المادية التي ترفض الغيبي والمتخيل"( ) ، ولم يكتف (عبد الحميد) بإعداد النصوص أو ترجمتها وإنما اتجه إلى كتابة النص المسرحي وإخراجه ().
وتعد هذه التجربة محاولة لاكتشاف نص مسرحي يتناسب مع رؤيته الإخراجية الانتقائية.


المصادر :
1- سامي عبد الحميد: نحو مسرح حي ، ط1 ، بغداد: (وزارة الثقافة - دار الشؤون الثقافية العامة)2006.
2-سامي عبد الحميد: تجربتي في التمثيل والإخراج ، مجلة الأقلام (ع 6) السنة الخامسة عشر، بغداد:(وزارة الثقافة والإعلام – دار الجاحظ )، آذار 1980 .
3-عواطف نعيم: تعددية الرؤية الإخراجية للتراث الدرامي في العرض المسرحي العراقي ، أطروحة دكتوراه غير منشورة ، بغداد :(وزارة التعليم العالي والبحث العلمي - جامعة بغداد – كلية الفنون الجميلة)،2003.
4-فاضل خليل: سامي عبد الحميد والتفكير الجمعي المبدع في المسرح ،مجلة المسرح (شانو)، (ع 19) ،السنة الرابعة ، العراق" (فرقة مسرح سالار )، طبعت بمطابع (كارو) في السليمانية ،2010.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصدمة علي وجوه الجميع.. حضور فني لافت في جنازة الفنان صلاح


.. السقا وحلمى ومنى زكي أول الحضور لجنازة الفنان الراحل صلاح ال




.. من مسقط رأس الفنان الراحل صلاح السعدني .. هنا كان بيجي مخصوص


.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..




.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما