الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية الحزن العراقي والانسان الباحث عن انسانيته

جهاد الرنتيسي

2012 / 6 / 1
الادب والفن


بين القراءات ما يستحضر مسلمات ، تغيب احيانا في غمرة بحث النقاد عن مصطلحات ، لا تخلو من الاستعراض ، والافراط اللغوي ، وفهم الهم الانساني ، وفق معادلات رياضية ، او قوالب جاهزة .
وفي رواية " قبل اكتمال القرن" للروائية ذكرى محمد نادر حميمية تحرض على الافلات من القراءات المنهجية للالتحام مع مثل هذه المسلمات .
فهي تجسيد للقدرات الهائلة التي يمتلكها هذا الشكل من التعبير في رصد المراحل ، بعيدا عن زيف وجمود كتب التاريخ ، التي يضخم فيها المنتصرون انتصاراتهم ، ويبحث المهزومون من خلالها عن تعويض يخفف وقع الهزيمة ، وتبقى خاضعة للتأويل واعادة التاويل ، كلما ظهرت وثيقة هنا واخرى هناك .
الرواية التي تغرف من مخزون الحزن العراقي ، وتحول قارئها الى رهينة ، للحدث وتداعياته ، لا تترك خيارا للمتلقي سوى اليقين بصدق الحس الانساني ، الذي تمخضت عنه .
الا ان الحس الانساني ، واستيعاب التحولات الاجتماعية التي عاشها العراق ، خلال قرن من الحروب ، لا يكفيان لتفسير تخلي القارئ عن نظرته الناقدة ، والتحول الى رهينة ، فهناك ذائقة نقدية لدى القارئ لا بد من اشباعها .
ومن خلال عوالم " عائلة الرضواني " واجيالها المتعاقبة والتطور التلقائي والطبيعي للشخصيات وفرت الرواية ما يشبع هذه الذائقة .
تغوص الروائية في العمق السيكيولوجي لبطلاتها المهزومات وابطالها المقهورين ونزعات التمرد واللاجدوى لتكشف عن اسئلة وجودية دون ادعاءات فلسفية .
تقف بروايتها حيث يتداخل التاريخ بين حروب الاتراك والانجليز في العراق والحرب العراقية ـ الايرانية وما بعدها في مصاف اهم روايات اميركا اللاتينية لتكشف عن قامة رفيعة لم تأخذ حقها في الاعلام والنقد ، تماما مثلما هو حال الكثير من المبدعين العراقيين الذين غيبهم الشتات والمنافي .
تمكنت الرواية الصادرة عن دار الينابيع في دمشق ، لتكون ضحية اخرى للاحداث السورية ، ونهايات زمن مشاريع الافلام السينمائية الضخمة ، من انسنة التاريخ المستعصي على الانسنة ، وضخ دماء جديدة في عروقه المتيبسة .
نهاية الرواية التي تنهل من ذاكرة خصبة ، عين سحرية تلتقط ما يستحق الالتقاط من غرائبية حولها الواقع الى عادة ، بقيت مفتوحة على جميع الاحتمالات ، وفي هذا الانفتاح رواية اخرى لم تكتب بعد .
تنتهي رواية ما بعد الدخان الاسود ، والانفجارات ، والموت المجاني ، وحسابات السياسيين ، بالغياب ، و بحث الانسان عن انسانيته ، ما عاشه وما لم يعشه مما عاشه ، وتبقي قارئها على تخوم الرغبة ، في ان يكون كما يريد ان يكون ، وليس كما ارادوا له ان يكون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع