الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة مقصر وازمة بديل

محمد شفيق

2012 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


يروى ان رئيس الوزراء العراقي الاسبق نوري السعيد وصله بلاغ من احدى الوزارات بأن الموظف الفلاني ثبت تورطه في عمليات فساد مالي ، وكان من الطبيعي ان يتخذ السعيد بحقه الاجراءات اللازمة من قبيل اقالته او احالته على القضاء الا ان السعيد امر بأستمرار الموظف في وظيفته وعندما سُئل عن السبب قال ان هذا سارق قديم ، وان من سياتي مكانه سيكون سارقا جديدا وبالتالي فأنه سيسرق اكثر من القديم !!
هذه القصة رواها لي احد كبار السن من الذين عاصروا العهد الملكي ابان خمسينيات القرن الماضي ولا اعلم مدى صحتها ، الا انه باعتقادي اذا صحت هذه الرواية فيكون السعيد رجل دولة من الطراز الاول وكان يجدر بكليات وجامعات العالم ان تمنحه ارفع الشهادات التقديرية والفخرية في السياسة والادارة، لانه حكم عقله على عاطفته وحماسته .
ما دعاني لاستذكار هذه القصة والرجوع ستة عقود الى الوراء والنبش في تاريخ الماضيين ، ما تعيشه البلاد اليوم من مشكلة سياسية بعد ان شحذ البعض اسلحته تاركين اماكن عملهم واقامتهم ودراستهم للمطالبة بسحب الثقة عن رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي . وقبل ان نكون مع اوضد قرار سحب الثقة لابد من الاشارة الى ان ما تعيشه البلاد اليوم من حراك سياسي هو ظاهرة صحية برغم ما تفرزه من سلبيات على الشارع ودليل على ان العملية الديمقراطية تشق طريقها بجدارة لترتقي الى مصافي الديمقراطيات العريقة ، وتوصل رسالة للعالم بان العراق فيه حياة سياسية حقيقة ، فبعد ثالث انتخابات تشريعية التي جرت في اذار العام 2010 تخمض عنها تشكيل حكومة توافقية ، هاهي الكتل السياسية تريد اليوم ان تسحب الثقة عن رئيس الحكومة لاعتقادها بأنه اخل بالعهود والمواعيد وتلكأ في مجال العمران والخدمات . وقبل ذلك كله توصل رسالة لكل من يفكر بالدكتاتورية والاستفراد بالقرار بأننا بمجرد ما احسسنا او ظننا ( وبعض الظن اثم ) بان المالكي يريد بناء دكتاتورية جديدة او يسعى للاستفراد بالقرارات المهمة ، فأننا حجبنا عنه الثقة واخرجناه من رئاسة مجلس الوزراء رغما عن انفه .
كل هذا كلام سليم وعمل صحي لاغبار عليه كما اسلفنا، لكن غياب الفكر السياسي لدى من يسمون انفسهم سياسيين جعلهم لاينظرون للقضية برؤية ستراتيجية لتجنب الوقوع في عواقب المستقبل .
ان المشكلة التي تعيشها البلاد اليوم ستنتهي في غضون دقائق بمجرد ان يوافق 50 + 1 او اكثر بقليل من اعضاء المجلس النيابي على التصويت بسحب الثقة تحت قبة البرلمان . وبذلك ستنتهي هذه المشكلة واصر على كلمة مشكلة ، لاننا اليوم ليس لدينا ازمة كما يصوره الاعلام والصحافة الساذج التي تفتقد مؤسساتها لمحرريين سياسيين كفوءين يفرقوا بين الازمة والمشكلة في السياسة وينتقون المصطلحات المناسبة .
لكن بمجرد ان تنتهي هذه المشكلة ستتولد لدينا ازمة . من سيكون البديل؟ الى اللحظة ونحن لازلنا نعيش المشكلة اخفقت الكتل السياسية في ايجاد البديل فكيف اذا انتهت المشكلة ؟ خصوصا اننا نعيش اليوم اجواء الربيع العربي والخوف الذي يبديه الكثير من البديل القادم بعد الاطاحة بالانظمة الدكتاتورية . من سيكون البديل اذا ازيح نظام بشار الاسد في سوريا بطريقة او اخرى ، ومن يظمن عدم تكرار جماهيرية دكتاتورية جديدة في ليبيا خصوصا بعد القرار العجيب والغريب الذي جرم من ينتقد او " يتطاول " على ثورة السابع عشرمن فبراير تاريخ انطلاق الثورة الشعبية ضد نظام القذافي . وهذا لايعني تبريرا بعدم الخروج والانتفاض بوجه الدكتاتوريات الظالمة في العالم العربي .
ان الازمة الحقيقة اليوم هي التي شخصها لنا عقلية سياسية عراقية فريدة ومثيرة للجدل ( نوري السعيد ) بانها لاتكمن في الفاسد او المقصر بل تكمن في البديل . وفي ترتيب تصنيف الخلافات السياسية ( اشكالية - مشكلة - ازمة - مأزق - معضلة ) يكون الافضل لنا ان تستمر المشكلة ولاتتحول الى ازمة


[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا