الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقفون السويون, بداية تهاوي-فلول-.

هايل نصر

2012 / 6 / 26
كتابات ساخرة


لعل ابلغ ما يميز تعابير المصريين عما يريدون قوله, هو مقدرتهم على تسمية الاشياء بدقة سهلة ومألوفة, رغم اتساع هذه الاشياء وتعدد أنواعا. فكم من كلمة واحدة, وأحيانا ساخرة و هزلية, تصبح فورا وبلحظة , تعبيرا دقيقا كاملا وبليغا , وكأنها كافية شافية وافية. هل لم يسمع عربي واحد في ايامنا هذه, بكلمة "فلول"؟. وهل لم يفهم أحد كليا معناها ومغزاها؟.
لقد وصف المصريون كل من شاركوا في نظام مبارك ولمدة لا تقل عن 30 عاما, من الساسة, والاقتصاديين, ورجال الاعمال, والصحفيين, والمحامين, والقضاة, و (المثقفين) ... بعد سقوطهم من النظام المذكور, على انهم الفلول. مجرد فلول. يا لروعة مصر أم الدنيا, التي لا يمكنها إلا ان تبق أما في الدنيا.
السوريون الذين يحبون ويعجبون ويكبرون مصر, منذ ولادة مصر ام الدنيا والى يومنا هذا, لهم طرقهم المعبرة الخاصة بهم منذ فجر التاريخ السوري والى الايام الحالية. ولكل امة من الامم وشعب من الشعوب, بطبيعة الحال, تعابيرها ومزاياها وخصائصها. السوريون هنا لم يتحدثوا كالمصررين, بعد على الأقل, عن الفلول. تحدثوا عن الشبيحة. هذه الكلمة المحلية السورية الصرفة, دخلت ايضا العالمية وبنفس المعنى والمقصود والتعبير.
ومع ذلك, وبما ان الكلام هنا, وبهذه العُجالة, يتعلق فقط بالتطرق للمثقفين السوريين, فسوف لا يتسع المجال للحديث عن الشبيحة في الامور الاخرى غير المثقفين السوريين المعروفين اليوم بالشبيحة و قريبا "بالفلول" ( مع الاعتذار للأخوة المصريين لهذا الاقتباس).
ملايين" المثقفين" السوريـن ـ المُسمّون هكذا (مثقفون) ــ كانوا يصنفون على أنهم إبداعات ثقافية عربية سورية!!. مثقفون لم يتثقفوا فقط في الداخل السوري والمحلي, وعلى أصول الثقافة الحزبية البعثية العسكرية أصولا. ولم يُشترط الأمر هنا حصول أحدهم على شهادات أو تقديرات, أو دبلومات .., فالثقافة هي الأساس, والتكوين الثقافي المتين هو أس الحكمة وهدفها وغايتها, وصدر في هذا توجيهات دائمة من القائد الخالد لأول, وما زال يصدر من الخالد الثاني وبتوجهات مماثلة, إن لم تكن أكثر إصرارا وحكمة. ومع ذلك لا يجب عدم الإشادة بمن تكّونوا وتثقفوا عميقا ومديدا في الخارج غير السوري, وخاصة أنهم لم يتقاعسوا عن عنتريات ديكية مزهوة مفتونة. أصقاعهم وأسفارهم جابت الهند والسند, والسوفييت قديما, والأصدقاء الروس في أيامنا الحالية, والإيرانيين الحاليين, ثم الأمريكيتين, والألمان, والانكليز, وصولا إلى الفرنسيين المتعجرفين.
ومع ذلك فان العديد العديد من المثقفين السوريين العرب لا يدركون, أو لا تعنيهم, الفوارق بين الثقافات بمفاهيمها وأصولها والاعتزاز بها , وبين دجل وغطرسة ومكر السياسات وألاعيبها منذ مكيافيللي والى أيامنا الحالية الأشد مكرا ونفاقا ودونية. فالساسة الروس والأمريكان, والهنود, والصينيون, والأتراك, والايرانيين, والعرب, لا يعنيهم بأمر قتل الأطفال والنساء والشيوخ السوريين, لان هذا ليس من الثقافة وإنما من أمور السياسة, وبالتالي تصبح الجرائم بأنواعها مقبولة ومبررة, لان الأمر لا علاقة له بالأخلاق والقيم والثقافة. زيادة على ان الأمر في كل الأحوال يخص سوريين, ودماء ومصير السوريين. وبما ان المثقفين العرب ليسوا جدا معنيين بالحسابات والتفاصيل والفروق غير الواضحة دوما بين الثقافة والسياسة, فما لأحد تحملهم لومه لائم.
المثقفون السوريون هؤلاء, ومنذ الأربعينات البعثية الحزبية السورية, يعلنون ان ثوابتهم ثوابت رؤسائهم الخالدين, ولا يجوز مطلقا اعادة النظر في مثل هذه الثوابت (ولو على جثثهم ). المثقفون هؤلاء يعلمون أنهم إمعة وانتهازيين, ومع ذلك يكذبون وينكرون ذلك, رغم علمهم بكذبهم, وينشرون ثقافات تكرس بطولات سادتهم وازدهار الثورة وقيمها, وكرامة الوطن والإنسان, و الصمود والتصدي, وتحرير فلسطين والجولان. ولا يقبلون بان العالم, بما فيه العربي والسوري, اليوم قابل لقمع الطغيان والاستبداد والظلم والفساد.
لم ير هؤلاء "المثقفون جدا" في كل نضال أحرار وثوار سوريا, ممن ضحوا ويضحون بأرواحهم وممتلكاتهم, من اجل الحرية والكرامة الانسانية والديمقراطية, وبناء سوريا الجديدة, لم يروا فيه شيئا يمكن ان يكون قريبا مما فهموه على انه ثقافة وحضارة.
ولم يتوقفوا يوما, و منذ اكثر من 16 شهرا, عن الكتابة والقراءة والصحافة المحطات الارضية والفضائية, وحتى عن المشاركة بالقتل الجسدي لأبناء وطنهم غير المثقفين وغير الوطنيين او الشرفاء, الذين ليسوا إلا عصابات مسلحة للقتل والاجرام, وسلفيين وأخوان مسلمين, وعملاء المؤامرة الكونية.
فهل يمكن لأحد, بعد كل هذا, القول عن هؤلاء السيدات والسادة, أنهن وأنهم مجرد مثقفات ومثقفين, ملتزمات وملتزمين, وإنهن و أنهم غير شبيحة بالمعنى السوري العميق؟. وهل سيطول الزمن قبل ان يصبحن ويصبحوا (فلولا) بالمعنى المصري ألدقيق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عدم التعميم الافضل
صباح كنجي ( 2012 / 6 / 26 - 07:06 )
الأفضل ان يجري تناول الموضوع بشكل اوضح وتحديد المتطفلين على المثقفين والثقافة وتعرية مواقفهم مع فرز دعاة السلطة وكتبتها ومثقفيها الذين هم جزء من الة الاستبداد السلطوية وارتضوا بقناعة ان يكون جزء من ماكنة الموت التي تفرم البشر في سوريا هؤلاء الفاشست المعروفين ككتاب للبعث العنصري .. اما انتقاد مواقف المثقفين والبعض ممن يلتبس عليه الموقف او ارغم على تبني موقفا معينا تحت سياط القمع فهذا شيء آخر.. ويبقى في سوريا صوت المثقف غير المهادن الذي يهدر بالثورة وقائمة المثقفين والفنانين والشعراء والادباء والمفكرين ممن جهروا في مواقفهم وتحدوا قمع السلطة قائمة طويلة وعريضة تستحق التقدير والثناء.. ابتداء من صادق جلال العظم والدكتور سربست ومرورا بفائز الحلو وحمد اوسو ومي سكاف وعلي فرزات وخالد الرز وابراهيم اليوسف وعمر كوجر وارشف اوسكان وآلاف الاسماء اللامعة في فضاء ..

الثقافة والفن والابداع


2 - فلول بالمصري...مقلعين بالسوري
ماجدة منصور ( 2012 / 6 / 26 - 08:50 )
أنتم في مصر سميتم ما تبقى من نظام مبارك بالفلول...في سوريا سأسميهم أنا(المقَلَعين) و باللهجة السورية المحلية (المألعين) شو رأيك ..اسم ظريف مو هيك!!0
بالنسبة للمثقفين السوريين فأنا اقول لك معك كل الحق و أنا كسورية__مألعة__من بلدي أضم صوتي لصوتك و قد أعجبتني ملاحظتك القيمة تلك و أنا أزيد عليك بأن أقول. إن المثقف السوري و بشكل عام هو من ألعن المثقفين الذين التقيت بهم و هم لا علاقة لهم بالشعب اذ أنهم يظنون أنفسهم من طينة أخرى..إنهم يختلفون عن أي مثقف عربي حيث أنك تحس بأن هناك حاجزاً كبيراً بينهم و بين المواطن السوري ولكن هناك (قلة) منهم نعتز بها والسبب في هذا الجفاء بين المواطن السوري و المثقف هو أن القرموط بشار قد غَيّب المثقف الحقيقي في السجون ولم يبق حوله غير طبقة مثقفة على مقاس حذائه تماما ..تسبح بحمده و حمد المقبور ليلا نهارا بحيث أصبحت تلك الطبقة هي البوق الذي ينعق به النظام ليلا نهارا ونحن نعرفهم فرداً فرداً..قرداً قرداً
عندما سطا السيئ الذكر حافظ الاسد على الحكم فإنه اعتبر أن المثقف هو العدو الحقيقي له فصفاهم و هجرهم و سجنهم و شردهم..اسرائيل ليست عدوة النظام..بل المثقف فقط


3 - طلب بسيط
صابر ( 2012 / 6 / 26 - 12:08 )
أرجو منك زيادة مشاركتك فهي تريح تفكيري
الله يعطيك العافية


4 - انا شايف المؤامرة ضد سوريا بتكبر
علي سهيل ( 2012 / 6 / 27 - 03:06 )
تحياتي واحترامي
انا شايف المؤامرة ضد سوريا بتكبر وكرة الثلج بتدحرج لتطال كل مثقف وعالم واستاذ جامعي سوري حتى لا يتبقى من سوريا سوى ما يسمى الثوار المدعومة من الاحتلال القديم العثماني الفرنسي الامريكي الذي نصب المشانق للاحرار السوريين.. اقرأ التاريخ التغير لا يتم باستبعاد الاخر وتمهيد الطريق والفتاوي لتسهيل المجازر ضد المثقفين!!! حتى تغرق سوريا في الظلام..
اتى الثعلب يوما في ثياب الوعظين، المستعمر القديم يأتي باسم الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة والاخاء لتقسيم الدول العربية لدويلات وممالك ضعيفة هزيلة متناحرة تقوم على اساس طائفي اثني وعرقي تستمد شرعيتها من العدو الصهيوني لتسهيل مهمته في اقامة الدول اليهودية لاستكمال مخطط تهجير ما تبقى من الفلسطينين..
توجد مشاكل مثل المحسوبية والفساد والاستغلال والقمع ولا تتغير هذه الامور إلا عن طريق الحوار ثم الحوار ولا تتغير بالاستقواء بالمستعمر القديم ولا تتغير بإعادة احتلال سوريا، ونحن نعرف جيدا ماذا حصل ويوجد لدينا نماذج مثل افغانستان والعراق وليبيا والحبل على الجرار وين الديمقراطية وحقوق الانسان؟ لا نريد فوضى خلاقة فيسمحوا لها في بلادهم!!!

اخر الافلام

.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني


.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق




.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع


.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر




.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته