الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد والنهب باسم القضية الفلسطينية!!!

وديان حمداش

2012 / 7 / 13
القضية الفلسطينية


تعد قضايا الإختلاس والنهب في وطننا العربي قضايا روتينية، وقد تعودنا على سماعها بشكل يومي، فتهريب الملايين أو المليارات إلى الخارج وترك بعض الملاليم والفتات بالداخل أصبح شرا لابد منه. وقد اكتسب المواطن العربي مناعة قوية بسبب تكرار عمليات النهب والنصب فلم تعد الأرقام تصيبه بالصدمة والذهول، بل غياب الجريمة والفساد بمجتمعه قد يسبب له حالة من الاغتراب والدهشة. لكن قلوبنا لازالت ترتجف عندما نسمع خبر اختلاس أموال شعب سُلبت منه أرضه وهويته ومُزق تاريخه وقُطعت أوصاله: كيف يمكن لعاقل أن يسرق أموال أرامل ويتامى رجال استشهدوا من أجل عروس عروبتنا – فلسطين؟؟؟ ماتوا مدافعين عن صك الملكية وإبقاء بصمات الهوية العربية على أرض فلسطين. فكيف يمكن لعاقل أن يسرق أموال شعب يفتقر لأدنى متطلبات الحياة (الماء والهواء والرغيف الحاف)؟ أين ذهبت أموال الشعب الفلسطيني يا حنظلة؟؟

فضح المستور على الهواء مباشرة

منذ زمن غير بعيد، افتتح مراسل الجزيرة وليد العمري برنامج ما وراء الخبر بهذه الكلمات : "سوء إدارة أم نهب منظم؟ سبعمائة مليون دولار على الأقل هو حجم الأموال المهدورة على مدار السنوات العشر الماضية الأولى من عمر السلطة الفلسطينية،" وتوقع أن تصل إلى أكثر من بليون حينما يتم فتح الملفات الخمسين. التهم كثيرة تجمع ما بين إساءة الائتمان ،النصب والإحتيال، والتزوير في أوراق رسمية وبيع أراض لجهات أجنبية (المقصود إسرائيلية). صدمة كبيرة في أرقام الفساد كشف عنها المدعي العام الفلسطيني، صدمة أكدت بأن ظاهرة الفساد وهدر المال العام أصبحت واقعا لا مجال لنكرانه، ولم تكن هذه المرة الأولى التي تكشف فيها جهة رسمية عن تفشي الفساد في بعض من أجهزة السلطة وشخوصها، فقد صدر تقريرعن الهيئة العامة للرقابة عام 1998، لكن طويت الملفات بقدرة قادر وجاءت الانتفاضة لتشكل ذريعة عند البعض بأن الوقت غير مناسب لفتح تلك الملفات الشائكة من جديد. وقد سبق وصرح إبراهيم حمامي (كاتب وباحث فلسطيني) للجزيرة بأن "ملفات الفساد تعود إلى منظمة التحرير السابقة التي أخفت 14 مليار من جمع 5 % كان يدفعها كل فلسطيني يعيش في دولة عربية كضريبة تحرير لم يعثر لها على أثر. وفي عام 1997 اختفت مائة وستة وعشرون مليون دولار من ميزانية السلطة الفلسطينية وهي تعادل نصف الميزانية تقريبا آنذاك. والمجموعة الأوروبية تحدثت وكل الصحف تحدثت عن أكبر فضيحة فساد في التاريخ، سلطة تختفي نصف ميزانيتها ولا يحاسَب أحد." كما تحدث رئيس الصندوق القومي الفلسطيني المرحوم جويد الغصين لقناة العربية في برنامج "نقطة نظام"عن فساد المؤسسة الفلسطينية بعد ثماني سنوات من استقالته! حيث أكد بأن الأمور متردّية في الأراضي الفلسطينية. و بأن "القيادة الفلسطينية تعمل كل شيء إلا لمصلحة الشعب الفلسطيني، الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة سواء في غزة أو في الضفة الغربية جائع ومهلهل الأوضاع وظروفه قاسية من التعليم والصحة والمأكل والوظيفة والعمل...".

ليس من باب الصدفة إذن أن يعيش الشعب الفلسطيني تحت خط الفقر فالشعوب لا تولد فقيرة ولكن هناك دائما من يتولى عملية إفقارها. لكن، أليس من المخجل أن نُفقر شعبا فقيرا أصلا؟؟؟ ألا يعلم المختلس بأن أطفال فلسطين يعانون من سوء التغذية وأن نسبة فقر الدم بين الأطفال دون الخامسة وصلت في بعض المناطق إلى 65%. ألا يعلم بأن السلطة الفلسطينية غير قادرة على دفع رواتب موظفيها والاستحقاقات والاحتياجات اللازمة لعمل الوزارات والمؤسسات العامة بسبب تفشي الفساد وعمليات النهب الممنهج. قد يتذكر البعض كيف نشرت صحف عديدة تصريح عمرو موسى (2009) ناشد من خلاله العرب والمجتمع الدولي لمساعدة وانقاذ السلطة الفلسطينية من الإفلاس لأنها كانت تعاني من أزمة مالية حرجة وأصبحت غير قادرة على دفع رواتب موظفيها، لكن الغريب أنه في نفس السنة نشرت العربية خبرا تحت عنوان : "مصر توقف المتحدث باسم حماس (أيمن طه) مع 10 ملايين دولار نقدا" هذا الخبر ليس بجديد، فقد سبق لعدد لا يستهان به من المسؤولين في حركة حماس أن أدخلوا مرارا عبر معبر رفح ملايين الدولارات إلى القطاع ، لكن المثير للجدل هو تزامن الخبر مع اعلان الحكومة افلاسها، ومروره مرورالكرام بدون مساءلة قانونية/شرعية عن مصير أو مصدرتلك الملايين. فاذا كانت هذه الأموال تخصص لشراء الأسلحة كما يتباهى البعض، فدعني أقول للحمساويين " الشعب الفلسطيني يفتقد للخبز الحاف، فالنقاوم الجوع أولا وفساد السلطة ثانيا وإشكالية الحوار الوطني ثالثا، ثم نشتري السلاح، فهذا الأخير يُشترى عندما تمتلئ البطون وتتحرر العقول. فالمقاومة أنواع وأشرفها أن تقاوم من أجل وحدة الوطن ووحدة كلمته في سبيل النهوض بحال فلسطين المنكوبة. لقد سئم الإنسان العربي من حالة الإنقسام الفلسطيني/ الفلسطيني (بين فتح وحماس)، فبعد أكثر من 20 عاما على قيام سلطة أوسلو لم تتمكن فيها الحركتان من التوصل إلى "عقد" أو "ميثاق" وطني يشكل مرجعية ملزمة للطرفين، بل الأكثر من ذلك أنه لا يوجد هناك منهج سياسي واحد أاو أيدولوجية واحدة : فحماس لازالت تعتبر فلسطين أرض وقف إسلامي لا يمكن التنازل عن أي جزء منها مهما طال الزمن وبأن الحل هو المقامة المسلحة، وفي المقابل ترى فتح بأن الإصرار على كل فلسطين قد يؤدي إلى خسارة كل فلسطين، فالأمر مرتبط بتقدير المصلحة، ودراسة الواقع وموازين القوى، وتحصيل ما يمكن تحصيله وفق قرارات الشرعية الدولية بشكل ديبلوماسي أي على طريقة (رحم الله امرئ عرف قدر نفسه). ويبقى الخلاف قائما الى أبد الابدين وتتبخر معه القضايا الجوهرية والأساسية كالفساد واختلاس المال العام ويلقى بالملفات العالقة في أدراج النسيان، ملفات طواها االغبار وعشعش عليها العنكبوت ومازالت تراوح في مكانها ولا يحاسب أي شخص، سوى الصغار من اللصوص والمفسدين. ولما لا؟ فمحاسبة الكبار مكلفة جدا ومعظمهم هاجر من فلسطين بعد ان نهب أهلها وشرد أطفالها.

إن الجواب على سؤال جريدة نيويوك تايمز الذي طرحته يوم 11 نوفمبر 2004، "هل السلطة الفلسطينية نهبت أموال الشعب الفلسطيني؟؟؟ اتضحت ملامحه ونقولها بحزن كبير "نعم " السلطة الفلسطينية مسؤولة عن نهب أموال الشعب الفلسطيني ما دام هناك أكثر من 50% من الفلسطينيين بالضفة الغربية يعيشون تحت خط الفقر، و68% بغزة. نقول نعم، لأن رمز القضية الفلسطينية المناضل ياسر عرفات، مات (أو قتل أو استشهد) ورصيده بلغ 300 مليون دولار على أقل تقدير. لم يعد سرا أنه خلال سنوات قيادته لمنظمة التحرير الفلسطينية دُفعت مبالغ مالية كبيرة، تم منحها أو جمعها عبر الأعمال التجارية أو الضرائب، مباشرة إلى حسابات مصرفية باسم السيد عرفات. إن المساعدات الدولية للسلطة الفلسطينية على حد تصريح صندوق النقد الدولي قد وصلت المليار دولار سنويا منذ عام 2000. ففي مقال تحت عنوان " لغز أموال عرفات" صرح المسؤول المالي الفلسطينيٌ الأسبق، جميل الغصين لقناة (البي بي سي) بأن "العالم العربي كان يمنح حوالي مئتي مليون دولارا للصناديق الفلسطينية، بحيث يحصل عرفات منها على شيك بعشرة ملايين شهريا." أين ذهبت كل هذه الأموال؟؟ إن التحقيق في ملابسات مقتل السيد عرفات واجب إنساني، لكن التحقيق في مصير أمواله واجب وطني ومقدس لأنه اثر في حياة الالاف من الفلسطينيين.

إن الشعب الفلسطيني في حاجة ماسة إلى انتفاضة حقيقية ضد الفساد والنهب والظلم وسياسة التجويع، ضد التسول باسمه ولهف التبرعات وتهجيرها للخارج، لكي يتخرج أولاد اللصوص من جامعات اكسفورد وهارفرد ويتخرج أولاد البسطاء من السجون والمعتقلات ليعيشوا ابد الدهر صامتين بين الحفر. على الشعب الفلسطيني أن يعرف جيدا بأن هناك أموالا طائلة ترسل باسمه لكن تذهب لجيوب غيره، ومن حقه أن يطالب بتقارير مفصلة عن هوية هذه الأموال (من أين تأتي وأين تذهب) فلم يعد هناك فرق بين سارق الأرض و سارق من عليها، فناهب أموال عروس العروبة "فلسطين" أكثر تصهينا من الصهاينة أنفسهم، كما قال الشاعر العراقي مظفر النواب :
من باع فلسطين سوى اعدائك يا وطني؟
من باع فلسطين وأثرى, بالله
سوى قائمة الشحاذين على عتبات الحكام
ومائدة الدول الكبرى؟
من باع فلسطين سوى الثوار الكتبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان