الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا-، من التأسيس إلى العودة

محمد باسل سليمان

2012 / 7 / 17
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات




الميلاد:
تأسست "وكالة الأنباء الفلسطينية – وفا" في بيروت يوم 15/6/1972 بموجب قرار المجلس الوطني الفلسطيني في الدورة العاشرة الاستثنائية (القاهرة 6-12/4/1972) المستمد من توصيات واقتراحات المؤتمر الشعبي الفلسطيني الذي عقد جلساته في القاهرة في الفترة نفسها، والتي كانت مكرّسة لمناقشة قضايا الوحدة الوطنية ووحدة فصائل حركة المقاومة الفلسطينية. فقد نصّ ذلك القرار في جانبه الإعلامي على "توحيد أجهزة الإعلام ووسائله المختلفة لدى الفصائل الفلسطينية في جهاز مركزي واحد، وإنشاء وسائل عمل موحدة لهذا الجهاز، على أساس البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية... على أن تنجز المراحل الأساسية من ذلك خلال فترة ثلاثة أشهر".( )
وقررت اللجنة التنفيذية للمنظمة التي انتخبت في هذه الدورة، في اجتماعها يوم 19/5/1972، إسناد مهمة الإعلام للأخ كمال ناصر، وتأسيس "جهاز الإعلام الموحد" الذي كانت دورة المجلس الوطني قد قررت إنشاءه كإطار لوحدة العمل الإعلامي الفلسطيني، وشكّلت "مجلس الإعلام الموحد" بتاريخ 19/5/1972، من مندوبين إعلاميين مفوضين من الفصائل، وعهدت إلى كمال ناصر برئاسة مجلس الإعلام بصفته رئيس دائرة الإعلام في منظمة التحرير الفلسطينية.
وجاء في الوثائق الفلسطينية أن اللجنة التنفيذية توجهت إلى مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية بالدعوة إلى التعاون مع كمال ناصر، ليس في مجال تطبيق الالتزامات التي ترتبت عليها بفعل موافقتها على الوحدة الإعلامية فحسب، وإنما لدعمه ومساندته بكل السبل الممكنة لإنجاح مهمته؛ وللمشاركة في بناء الصرح الإعلامي الفلسطيني الموحد. وتركت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الخيار مفتوحاً لمختلف الفصائل لتحديد الآلية والكيفية اللازمة لموائمة أوضاعها الإعلامية بما يتواءم وتطبيق قرار الوحدة الإعلامية في المهل المحددة لذلك، وكذلك مدى وحجم مشاركة الفصائل في وسائل الإعلام الموحدة التي اعتمدت كوسائل رسمية للمنظمة: "وفا" (وكالة الأنباء الفلسطينية)، و"فلسطين الثورة" (الصحيفة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية)، و"صوت فلسطين" (الإذاعة الرسمية لمنظمة التحرير الفلسطينية)، و"مؤسسة السينما والتصوير" وجهاز الإعلام الخارجي. ووفق حيثيات قرار الوحدة الإعلامية الفلسطينية، فإن على "مجلس الإعلام الموحد" أن يبني الوسائل والمؤسسات الإعلامية الجديدة برؤية معاصرة ومتطورة ضمن الإمكانيات المتاحة. وأما بالنسبة للوسائل التي كانت قائمة فسيطلق عملها تحت اسمها الرسمي الجديد من النقطة التي كانت بلغتها وفق خطة عمل تستجيب ومتطلبات المهمات الإعلامية الجديدة، وتتواءم مع مقتضيات المرحلة والاستحقاقات التي ترتبها أو تترتب عليها.
تفاوت مدى التزام الفصائل بالقرار الإعلامي الجديد، وتفاوتت جاهزيتها للتعاون مع قيادة الإعلام الموحد، وتعلّل كل فصيل بأسبابه وظروفه مع التأكيد على أن ذلك يجب أن لا يعني بأي حال من الأحوال رفض قرار الوحدة الإعلامية أو عدم الموافقة على الآليات والوسائل والكيفيات التي اعتمدت لتطبيقها.
التزمت "حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح" بقرار الوحدة الإعلامية فأوقفت صحيفتها الرسمية المعروفة باسم جريدة "فتح" الأسبوعية بتاريخ 31/5/1972 عند العدد (340). وعكست حركة فتح هذا الالتزام بكيفيات عملية رسمية أخرى. إذ أصدر كمال عدوان، مفوض الإعلام المركزي لحركة "فتح" قراراً تنظيمياً وإدارياً يوم 3/6/1972 يقضي "بتغيير اسم الإذاعات الأربعة التابعة للحركة (القاهرة، درعا، بغداد، الجزائر) اعتباراً من يوم 5 حزيران 1972، ليصبح اسم كل واحدة منها "صوت فلسطين- صوت الثورة الفلسطينية". وجاء في الأمر الإداري- التنظيمي نفسه أنه "اعتباراً من ذلك التاريخ تصبح مكاتب إعلام حركة "فتح" في دمشق، والقاهرة، وبغداد، والجزائر، وليبيا، والكويت، وتونس مكاتب لدائرة الإعلام والتوجيه القومي في منظمة التحرير الفلسطينية؛ وتتلقى تعليماتها من المستويات ذات الصلاحية وتصاص فيها...".
وتشير أوراق "فتح" الموثقة إلى أن مفوض الإعلام المركزي الحركي كان قد أصدر قراراً يتعلق بالمطبوعات والنشرات الحركية رى باللغة العربية وباللغات الأجنبية أيضاً.
ويذكر على هذا الصعيد أن كمال عدوان، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومفوض الإعلام المركزي للحركة زوّد كمال ناصر، رئيس دائرة الإعلام والتوجيه القومي لمنظمة التحرير الفلسطينية بخطة تحرك إعلامية فلسطينية كانت مفوضية الإعلام الحركي قد 222أعدّتها، ولكنها لم تباشر العمل بها لأسباب تتصل بالشروع في تطبيق الوحدة الإعلامية الفلسطينية. وأرفقت الخطة بمذكرة حركية رسمية حول الوضع الإعلامي الحركي وبنيته وآلياته ووسائله، والخطوات التي قامت بها الحركة بشكل عملاتي على صعيد توليف وضع إعلامها في خدمة الكيفية التي وضعتها دائرة الإعلام والتوجيه القومي في المنظمة لتحقيق الوحدة الإعلامية. وقد اشتمل التقرير الحركي الرسمي على قوائم بأسماء ومؤهلات وخبرات، ومسؤوليات العاملين في وسائل الإعلام الحركي (الجريدة، الإذاعات، الإعلام الخارجي، السينما والتصوير...الخ)؛ ووضعهم بتصرف رئيس دائرة الإعلام في المنظمة.
واشتمل التقرير أيضاً على أفكار تتصل بتأسيس وكالة أنباء فلسطينية. وإن منجزات الحركة في هذا الاتجاه محدودة وجزئية، والظروف الآن مواتية لانطلاقها والاستفادة منها.
يرى كثير من الباحثين وباريين أن تلك التجربة المحدودة والمتواضعة كانت بمثابة فترة الحمل والمخاض الحقيقية والفعلية التي سبقت ولادة وكالة "وفا".
يقول زياد عبد الفتاح، الرئيس الأسبق لوكالة الأنباء الفلسطينية: "أن التجربة الأولى منذ بدايتها كفكرة بعد عام 1971، ساعدت قيادة الإعلام الموحد على الانطلاق من المعطيات التي أمكن مراكمتها في مجال البحث عن بار وتحريرها وبثها بالوسائل الممكنة وفق الإمكانيات المتاحة، وتأسيس "وكالة الأنباء الفلسطينية – وفا" خلال المهلة التي حددت لذلك...".( )
تستمد تجربة البدايات مقومات أهليتها التأسيسية من تمثّل آليات عملها وطرائقه لمواصفات عمل وكالة الأنباء التقليدية. ويقول وليد الدسوقي (صحافي أوائلي، ودبلوماسي فلسطيني متقاعد) حول تلك الفترة: "...كنا نتلقّى بار الرسمية العسكرية والسياسية من مكتب كمال عدوان مفوض إعلام فتح. وكنا في مكتب إعلام "فتح" في المنطقة الجنوبية الغربية لمدينة بيروت، نتابع بار الفلسطينية عبر رصد الإذاعات العربية والأجنبية التي تبث باللغة العربية ونسجلها، وبعد تفريغها نعيد تحريرها. كما كنا نتلقّى الكثير من بار الفلسطينية المحلية عبر الهاتف؛ وبعد تحريرها ومراجعتها من قبل علي فياض (صحافي أوائلي ودبلوماسي فلسطيني قديم) مسؤول النشرة كان يعرضها على كمال عدوان مفوض الإعلام لإقرار صيغتها السياسية النهائية. ثم يجري توزيعها على المستويات القيادية الفلسطينية وعلى الصحف ووسائل الإعلام رى باليد. وكانت ترسل إلى مكاتب الإعلام الحركية والمواقع الحركية بما في ذلك الممثليات الخارجية عبر جهاز اللاسلكي، أو عبر الهاتف..".( )
كانت مكاتب الإعلام الحركية في البلدان العربية تقوم بتوزيع "النشرة بارية" الفلسطينية على الصحف ووسائل الإعلام المختلفة، والسفارات والممثليات الدبلوماسية والقوى السياسية في تلك البلدان.
كانت النتيجة المباشرة للترحيب بقرار الوحدة من إعلام فتح وإعلام الفصائل الفلسطينية رى، إقدام اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على إصدار مرسوم بتأسيس "وكالة الأنباء الفلسطينية – وفا" بتاريخ 5/6/1972. وكانت الثمرة المباشرة لتعاون إعلام الفصائل جميعها مع الإعلام الموحد، التوافق السهل بين الجميع على آلية تطبيق قرار الوحدة والنجاح في ذلك بإنشاء “وكالة الأنباء الفلسطينية-وفا”وانطلاقها يوم 15/6/1972م لوكالة أنباء فلسطينية رسمية مقرها مدينة القدس، وتبث مؤقتاً من مدينة بيروت و/أو أي مدينة عربية أخرى تقررها منظمة التحرير الفلسطينية.
وصدرت في بيروت يوم 28/6/1972 مجلة "فلسطين الثورة" كصحيفة مركزية رسمية لمنظمة التحرير الفلسطينية، تصدر في بيروت أسبوعياً أو يوميا عندما تقرر منظمة التحرير الفلسطينية ذلك. وتسلم كمال ناصر وظيفة رئيس التحرير وتولى حنا مقبل (أبو ثائر) وظيفة مدير التحرير، بينما أوكلت وظيفة سكرتير التحرير إلى غطّاس صويص (نزيه أبو نضال). وتشكلت هيئة تحرير المجلة من عدد من وة الصحافيين والكتّاب من مختلف الفصائل الفلسطينية؛ في حين تولى مسؤولية راج الفني نبيل أبو جعفر.
وانطلقت "وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا" بعدما اتفق على اسمها وشعارها الرسميين، وتم اعتمادها بقرار من الإعلام الفلسطيني الموحد، لتكون الوكالة الرسمية لمنظمة التحرير التي تعتني ببثّ بار الفلسطينية الرسمية وغير الرسمية، وتكون مرجعية لوسائل الإعلام الفلسطينية في تحديد وتوضيح السياسة الرسمية الفلسطينية.
صدر العدد الأول من نشرة "وكالة الأنباء الفلسطينية – وفا" بتاريخ 15/6/1972 من مقر إعلام "فتح" عند "جسر الكولا" ببيروت. وصدرت نسخة أخرى من العدد الأول في اليوم نفسه من مكتب إعلام "فتح" في دمشق الذي كان فد تحول إلى مقر للإعلام الموحد في سوريه، وانتقلت مسؤولية إدارته من أنيس الخطيب إلى إسماعيل أبو شماله (أبو نضال) ونائبه خليل الزبن الذي أسندت إليه مهمة الإشراف على الوكالة في دمشق.
يذكر باريون أن التمهل في اختيار اسم "وفا" كاختصار دلالاتي لوكالة الأنباء الفلسطينية، هو الذي حال دون صدورها مبكراً، وحتى قبل صدور قرار المجلس الوطني الفلسطيني الخاص بالوحدة الإعلامية الفلسطينية. إذ كانت النيّة قائمة، والقرار لدى إعلام "فتح" كان قائما أيضا، وكذلك الاسم المقترح لوكالة الأنباء الفلسطينية أيضا برغم عدم الحسم نهائياً في الموضوع، وبعد صدور قرار الوحدة توقف البحث عن اسم الوكالة عند الاسم الذي تحمله اليوم. وبدا أن هناك ميلاً شديداً وجاداً إلى رفض استبداله بأي مسمى آخر، فتحولت الجهود إلى البحث عن رمز دلالي لهذا الاسم. وقد تقاطعت الآراء والاقتراحات على تكوين الرمز من الأحرف الأولى من اسم وكالة الأنباء الفلسطينية أي (واو، ألف، فاء). ولكنه استذكر على هذا الصعيد أن هذه الحروف الثلاثة، على هذه التراتبية هي الرمز الدلالاتي (و.أ.ف) لوكالة الصحافة الفرنسية؛ ولا يمكن استخدامه قانونيا، وأخلاقيا، ومهنيا. ولذلك استبعد اختيار هذا الرمز نهائياً.
وعندما تسلم "مجلس الإعلام الموحد" "رزمة الواقع الإعلامي الحركي" من مجلس الإعلام المركزي لحركة "فتح" وُضعت قيادة الإعلام الموحد في صورة الفكرة العامة المطروحة للتداول حول تأسيس وكالة أنباء وطنية، وحول الاسم المقترح لها الذي كان متداولاً، وإن بشكل غير رسمي،تبنى "مجلس الإعلام الموحد" معظم المقترحات الواردة، بما في ذلك أسم الوكالة، "وكالة الأنباء الفلسطينية ورمزها الدلالي "وفا". وبذلك بُتَّ في أسم الوكالة وفي الإشكالية المتعلقة باختيار "الرمز" والمصاعب التي تحول دون تركيبه كما جرت العادة تقليدياً.( )

التأسيس:
يذكر محمود عيسى الفاعوري (مدير عام دائرة شؤون اللاجئين في السلطة الوطنية ) أنه "عندما كانت النشرة بارية اليومية تصدر من مكتب إعلام "فتح" في بئر حسن، جنوب غربي بيروت، كان مسؤول النشرة هو علي فياض، أحد العاملين القدامى في إعلام حركة فتح، وكان يحرص على أن يأخذ موافقة كمال عدوان عليها قبل أن يصدرها ويوزعها. وظلّ الأمر كذلك حتى بعدما انتقل مقر الإعلام إلى جسر "الكوكاكولا" في حي الفاكهاني في الجنوب الغربي لمدينة بيروت. وبرغم ما يشي به مثل هذا الأمر من إرباك وتعقيد، وما يتطلبه من جهود إضافية، فإن شبكة الدعم والمساعدة التي كان يقرها تنظيم فتح للإعلام ساعدت على فكفكة التعقيدات وتذليل العقبات التي كانت تعترضنا. فكان يتردد على المقر أعداد كبيرة من المتطوعات والمتطوعين من أعضاء وأنصار الحركة الفلسطينيين والعرب الذين كانوا يضعون أنفسهم وإمكانياتهم بتصرفنا، فيساعدون في الاستماع الإذاعي وفي التنضيد على الدكتيلو والسحب على ماكينة الطباعة "الستانسيل"، وجمع الأوراق وتدبيس النشرة، والمساهمة في توزيع النشرة على مؤسسات الصحافة والإعلام والسفارات والممثليات الدبلوماسية الأجنبية والعربية المعتمدة في بيروت؛ وكذلك مؤسسات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية. وكان كثير من المتطوعين يشارك في مناوبات الحراسة والأعمال الإدارية رى التي يتطلبها العمل وعلاقاته.
واستمر تنظيم حركة "فتح" في توفير هذه الشبكة من الدعم حتى بعدما تسلمت منظمة التحرير الفلسطينية مسؤولية الإعلام، وانتقل مكتب الإعلام إلى مقره الجديد قبالة مبنى الجامعة العربية"( ) في شارع نُسي اسمه بعد أن اشتهر خلال فترة وجيزة باسم "شارع وفا" وظلّ هذا الاسم متداولاً طيلة السنوات العشر اللاحقة؛ ولا زال الاسم حيّاً في أحاديث وذكريات معايشي تلك المرحلة من الفلسطينيين واللبنانيين.
ويمكن أن نستذكر على هذا الصعيد أن مكتب وكالة "وفا" في دمشق، والذي أصبح المقر الرئيس الثاني للوكالة، قد تمتع، ومنذ البدايات ولوقت طويل بمثل هذا الدعم التطوعي من قبل تنظيم حركة "فتح" والفصائل فلسطينية رى ومن أناس فلسطينيين وسوريين وعرب يقيمون في دمشق. إذ يؤكد وجيه جبر (من الصحافيين الأوائل في وكالة "وفا") على أن "كادر وكالة "وفا" في دمشق لم يقتصر على وات ووة الفلسطينيين فحسب، بل كان من بين أعضائه أخوات وأخوة سوريون أيضا".( )
ويذكر الذين عايشوا مرحلة البدايات أن مقر إعلام "فتح" في دمشق كان ملتقى لأعداد كبيرة من المثقفين والإعلاميين والصحافيين والسينمائيين والتشكيليين والمصورين الفلسطينيين والسوريين والعرب المقيمين في دمشق. وقد تطوع بعضهم بقسط هام من جهده وإبداعه وإنتاجه لتطوير وتعزيز الإعلام الفلسطيني. واستفادت هذه المساهمات وكالة "وفا" مع انطلاقها كنشرة للأخبار الرسمية الفلسطينية.
جاء ميلاد "وكالة الأنباء الفلسطينية-وفا" طبيعياً رغم ضراوة الأحداث التي كانت تعصف بالمنطقة، وتداعياتها على الساحتين الإقليمية والدولية. وكان على وكالة "وفا"، الوليد الوعد أن يتأهل لمتطلبات المهمة الإعلامية اللازمة لمواكبة ومتابعة صيرورة هذه الأحداث وتفاعلاتها الخطيرة على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.
كان على وكالة "وفا"، وهي في أيام حضانتها الأولى أن تتصدى لتغطية ومعالجة القضايا السياسية الكبرى التي تزامن انفجارها مع ولادتها، والتي كان من أبرزها: مشروع المملكة المتحدة بين الأردن والضفة الغربية الذي عرف باسم "مشروع الملك حسين سنة 1972" و"قرار إسرائيل بإجراء انتخابات بلدية ومحلية في الضفة الغربية يتشكل على ضوء نتائجها كيان فلسطيني يمثل الشعب الفلسطيني ويقيم علاقات ثابتة ودائمة مع إسرائيل؛ ويكون بديلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية".
وكان على "وفا" أن تحرق مراحل تطورها فتشبّ من المهد إلى الخندق؛ لكي تمسك بأولويات المهنة ومتطلباتها. فكيف بها وقد أصبح مطلوباً منها، منذ يومها الأول أن تثبت أنها مؤهلة للإحاطة بتفاصيل المشهد السياسي، وبأسس الصراع بين القوى وتحالفاتها واصطفافاتها، وأن تغطيها في جميع الميادين والساحات. وكان على وكالة "وفا"، علاوة على ذلك أن تبلور سياسة إعلامية إزاء هذه القضايا تسترشد بها وسائل الإعلام الفلسطينية عند تناولها لهذه القضايا أو ما يتصل بها.
وتزداد المهمة التي اضطلعت بها وكالة "وفا" صعوبة على الصعيد المهني، بسبب أن الغرض الذي أرادته منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها النظام السياسي الفلسطيني، من إنشاء وكالة الأنباء، هو نفسه الغرض الذي دفع النظم السياسية في العالم الثالث إلى إنشاء وكالات وطنية للأنباء، تخدم استقلالها السياسي، واصطفافها في المحاور التي تبلورت مع اندلاع الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي والإمبريالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
في ثنايا هذا المسوغ السياسي يمكن الحديث عن حرص أنظمة دول العالم الثالث على توصيل أخبار بلدانها للعالم بجهودها الخاصة انطلاقا من رؤاها الوطنية، لأن وكالات الأنباء العالمية، ربما لم تكن معنية بذلك بعد أن حصلت هذه البلدان على الاستقلال السياسي. كما أن أنظمة العالم الثالث لم تعد تثق في نزاهة مهنية الوكالات الأجنبية، ولا تتوقع منها أن تتابع وتنشر أخبار العالم الثالث بصدق وشفافية.
وتتضافر هذه الأسباب وغيرها في الواقع الفلسطيني وارتباطاته الإقليمية وما يتصل بكل منهما على الصعيد القاري والعالمي، وفي المقدمة منها مسألة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي والصراع العربي- الإسرائيلي لتستحث المستويات الفلسطينية على إنشاء وكالة أنباء وطنية فلسطينية استجابة لهذه الاستحقاقات وتجاوباً مع ضرورة وجود الوكالة كمطلب وطني ومتطلب مهني؛ وخصوصاً بعد صدور قرار الوحدة الإعلامية الفلسطينية عن المجلس الوطني الفلسطيني.
أذكر في هذه المناسبة كيف رحب المثقفون الفلسطينيون، وخاصة الصحافيون والأدباء بقرار الوحدة الإعلامية. إذ توافد على مقر إعلام "فتح" في دمشق زملاء من مختلف الفصائل ومن المستقلين، وزملاء عرب، في جمهرة تأييد حار للقرار، واستحثوا الفصائل الفلسطينية على الإسراع في المباشرة بتطبيقه.
يقول وليد الدسوقي: "...توافد على مكتب إعلام حركة "فتح" في بيروت صحافيون وإعلاميون ومثقفون فلسطينيون وعرب من مختلف الاتجاهات الفكرية والانتماءات السياسية، أعلنوا عن ترحيبهم بقرار الوحدة الإعلامية وتأييدهم الواسع لها. وتمنوا للفلسطينيين النجاح في تحقيقها وإقامة صرح الإعلام الفلسطيني الموحد.
وأذكر أن الحماسة التي استقبلت بها الفصائل قرار الوحدة الإعلامية، انعكست تهيباً عند البدء في التطبيق. فقد تباطأت بعض الفصائل (الصاعقة، والقيادة العامة، والشعبية مثلاً) في وقف إصدار مطبوعاتها الحزبية وانتداب صحافيين وإعلاميين منها وفق ما يتطلبه القرار. وعندما قررت ذلك كانت مساهمتها محدودة جداً؛ في حين أن "الجبهة الديمقراطية" و"جبهة التحرير العربية" تفاعلت بإيجابية عالية مع متطلبات آلية تنفيذ القرار التي كان قد توصل إليها كمال ناصر رئيس دائرة الإعلام والتوجيه القومي في منظمة التحرير الفلسطينية بالتعاون مع وة من قيادة إعلام "فتح" كمال عدوان، ماجد أبو شرار، محمد أبو ميزر (أبو حاتم)، وبمشاركة عدد من وة الصحافيين من المستوى القيادي التنفيذي...
وقرر كمال ناصر أن يسمّي المحطات الإذاعية الفلسطينية بمسمّاها الجديد الوحدوي مع الاستمرار في عملها كالمعتاد، والإبقاء على هيكلياتها الإدارية كما، هي مع مراعاة المرونة التي تسمح باستيعاب أي مستجدات وظائفية أو مهماتية.
وتشكلت نواة هيئة تحرير مجلة "فلسطين الثورة" من الخلية الصحافية الفتحاوية التي كانت تصدر مجلة "فتح"، واستمرت على تراتبيتها الإدارية السابقة، باستثناء تعديل واحد هو أن كمال ناصر قد أصبح رئيس تحرير المجلة، وأما وكالة "وفا"، الوسيلة الإعلامية الفلسطينية المستحدثة، فقد بُدِئ بها أيضاً بالاستناد إلى التجربة المتواضعة والمحدودة لإعلام فتح في مجال بار. كما اعتبر العاملون النواة الأولى لهيئة وكالة "وفا" الصحافية والإدارية".( )
واستمر الصحافيون العاملون في المجلة في تزويد وكالة "وفا" ببار وفق ما تسمح به ظروف عملهم، وخصوصاً بار والتقارير الميدانية من مواقع الأحداث: مناسبات سياسية، فعاليات جماهيرية، مؤتمرات، معارك، اعتداءات إسرائيلية، مؤتمرات ومهرجانات واحتفالات...الخ.

مرحلة بيروت:
كانت البداية صعبة؛ لأن متطلبات التأسيس كثيرة ومتنوعة، والإمكانيات محدودة، وخاصة المهنية منها. ولكن استعداد العاملين وتفانيهم في القيام بالمهمة الشاقة كان العنصر الأهم في مثل هذا العمل. وتم الشروع في خوض غمار التجربة بما توفر من إمكانات محدودة لا تستجيب لاحتياجات المهنة بمعاييرها ومتطلباتها.
ويبدو أنه قد حدث ما هو أكثر من ذلك، بدليل تعدد واختلاف والتباس روايات الشهود ]زياد عبد الفتاح، وجيه جبر، وليد الدسوقي، محمود عيسى (أبو عيسى)، محمد عواد (أبو الوفا)، سعد الغرّاوي (محمد أبو السعود) ومحمد الشرافي، وآخرون] حول البداية، وتناسيهم، أو إغفالهم، في معظم الأحيان، حقائق صارخة عند التأسيس وسفر بداية التكوين.
واعترف على هذا الصعيد أنني لو لم أكن جزءاً من هذه التجربة ومن شهودها ومن الشاهدين عليها، لصعب عليّ الوصول إلى المعلومات القريبة من الدقة عن بدايات وكالة "وفا" في مرحلة التأسيس. ولكن ما دام الأمر كذلك فسأتحدث عن التأسيس برؤيتي للدلالات المعلوماتية لشهادات الشهود حول الحدث، وروايتي التي سأستحضرها من خزنة ذاكرة تتقاطع محتوياتها مع المعلومات المتقاطعة والمنطقية في روايات الـ "وفاويين" الأوائل الذين يحملون شرف المساهمة في التأسيس.
تأسست "وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا" بناء على قرار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الصادر بتاريخ 5/6/1972، والمؤسس على قرار الوحدة الإعلامية الفلسطينية الذي اتخذه المجلس الوطني الفلسطيني في الدورة العاشرة الاستثنائية التي عقدت في القاهرة خلال الفترة 6-12/4/1972، وذلك استنادا إلى توصية "المؤتمر الشعبي الفلسطيني" الذي انعقد على هامش هذه الدورة.
يقول وليد الدسوقي "بعد صدور قرار اللجنة التنفيذية القاضي بالتأسيس استقبل كمال ناصر النواة الأولى لوكالة "وفا" التي كان على رأسها علي فياض، وذلك بحضور وين كمال عدوان وماجد أبو شرار، وبعد أن رحب بهم، قال: فخركم بشرف البداية في المرتين. وأثق أنه كما نجحتم في التأسيس في محاولة فتح (صحيفة "فتح")، فقد تأهلتم للبدء في إطلاق وكالة "وفا" نحو أرحب الآفاق وأوسع الحريات التي نريد للخبر الفلسطيني أن يبلغها...".( )
ويذكر محمود عيسى (أبو عيسى) أنه "عندما بدأت "وفا" كوكالة أنباء رسمية لمنظمة التحرير كنت مسؤول الرصد الإذاعي. وكان يعمل فيه أيضاً وة وليد أبو جاموس (سليمان)، ومصطفى الخطيب (باسل أبو الرب)، ورعد، وزكريا. ويمكن القول أن الصحافي الوحيد في النواة حينذاك كان علي فياض (أبو زياد) الذي عمل مع كمال منذ توليه مسؤولية إعلام فتح. وكان يدعم في المجال المهني ببار التي تصلنا جاهزة من خليل الزبن في دمشق والذي كان الصحافي ر في النواة. وكان عبد العزيز أبو وردة (رياض أبو وردة) أول منضّد في الوكالة. فقد كان ينضد بار والتقرير الصحافي وبار الخاصة بمفرده. وكنا، جميعنا نقوم بمتطلبات العمل رى ( )".
ويتقاطع ما يذكره محمد عواد (أبو الوفا )، مدير عام في وكالة "وفا"، حول مرحلة البدايات مع رواية محمود عيسى، إلا أنه يضيف "أنه كان يعمل في الرصد الإذاعي أيضاً عبد الحميد سالم العواودة (أبو الفتوح). وكان عوني النتشة (أبو العون) الإداري العام للوكالة الذي كان يقوم بإنجاز كل ما يطلب منه، إضافة إلى توزيع النشرة والعناية بالمتطوعين.
ومع أنه لم يُعين مسؤول إداري للوكالة في البداية، إلا أن أول مسؤول مالي لها كان عبد الله مطيع. وقد ظلّ يمارس هذه المسؤولية حتى استقالته مع بدايات عام 1973، فتولى هذه المسؤولية كامل حسن، إضافة إلى مسؤولياته المالية عن مؤسسات الإعلام الفلسطينية رى مثل إدارة "الإعلام الموحد"، و"فلسطين الثورة"، والإذاعة...وغيرها".( )
ويبدو أن هلامية التركيب البنائي التي كانت تتصف بها وكالة "وفا" في البداية تعود إلى ضعف الخبرة، وإلى التعاطي مع كل المواقع الفلسطينية في مجالات الإدارة المختلفة بمفهوم إدارة القاعدة العسكرية. وأذكر على هذا الصعيد أن الرئيس أبو عمار رفض طلبنا في الإعلام بضرورة وجود كادر مالي مختلف للصحافيين عن الكادر المالي التقليدي للمتفرغين، يراعي احتياجات ومتطلبات حياة الصحافيين والإعلاميين. وعلّل رفضه قائلاً: "أنا لا أقبل أن يكون تفرغ المحرر الصحافي أكثر من تفرغ الضابط في قوات العاصفة".
ويبدو أنه حتى في ظل سيادة مثل هذه المفاهيم، إلا أن الطلائعيين كانوا يعرفون أساسيات العمل وكيفية توفيرها وفق الإمكانيات المتاحة، وإنشاء الدوائر المتخصصة لذلك في المؤسسات الإعلامية.
لقد أدرك الطلائعيون منذ البداية أنه لا ضمان لاستمرارية العمل، وليس لتطويره فحسب، وفق الآلية التي كانت قائمة ومحبّذة للأسف، فمهمة المحرر لم تكن تقتصر على تحرير الخبر الصحافي فحسب، وإنما كان يُطلب منه أيضا القيام بمناوبته كعسكري أو كمقاتل على الحاجز، أو على نقطة خفر حراسة المقر أو المنطقة التي يقع فيها المقر.
"لقد كنا نقوم بعمل كل ما يجب القيام به، أو يُطلب منا القيام به. فمثلاً كنا، ونحن في الاستماع أو بعد الانتهاء منه، نقوم بإرسال أخبار النشرة عبر الهاتف تنقيلاً (املاءاً) في البداية، ثم تسجيلاً بعد ذلك إلى مكاتب دمشق، والقاهرة، والكويت وغيرها ليطبعوها ويصدروها ويوزعوها على وسائل الإعلام في هذه العواصم، وكنا نرسل النشرة بنفس الطريقة (أو نطلب من بعض المراكز في البلدان العربية مساعدتنا في ذلك) إلى المراكز الخارجية: باريس، ولندن، ونيويورك، وموسكو. واستمرينا على العمل بهذه الآلية حتى صدر قرار من القيادة يقضي بأن يقوم جهاز اللاسلكي العام بهذه المهمة وذلك بدءاً من أواسط سنة 1973".( )
كانت الأشهر العشرة الأولى من حياة الوكالة مرتبكة، والوظائف في الوكالة متداخلة والمسؤوليات غير محددة. وكان عدد الصحافيين محدوداً والأعمال الإدارية تطوعية أو "خدمة ثورية"، وغير منتظمة، وعمْر التجربة العربية على صعيد وكالات الأنباء قصيراً بالقياس مع التجربة الدولية، وإمكانية تمثلها، أو الاستفادة منها في عملية بناء "وفا" أمراً غير ذي جدوى. ناهيك عن خصوصية الظروف الفلسطينية وأولويات الاهتمام على الأجندة الفلسطينية الرسمية نتيجة هذه الظروف.
أحدث اغتيال القادة الثلاثة (كمال ناصر، كمال عدوان، ومحمد يوسف النجار) في عملية فردان في بيروت ليلة 10/4/1973 إرباكاً في وضع الإعلام الفلسطيني، كان مرشحاً لإحداث آثار سلبية لولا التدخّل السريع للقيادة التي أجرت الترتيبات الإدارية اللازمة للعمل الإعلامي وفق التوجهات الجديدة. فعيّن محمد أبو ميزر (أبو حاتم) مسؤولاً للإعلام الموحّد، وماجد أبو شرار مسؤولاً لإعلام حركة "فتح". وأقرّت القيادة بُنية إدارية مهنية لوسائل الإعلام الرسمية، أصبح بمقتضاها حنّا مقبل (أبو ثائر) رئيساً لتحرير مجلة "فلسطين الثورة"، فيما بقي أحمد عبد الرحمن مسؤولاً للإذاعة في درعا، والطيب عبد الرحيم مسؤولاً للإذاعة في القاهرة، وعزمي خميس مسؤولاً للإذاعة في بغداد. وأُنيطت مسؤولية الإذاعة في الجزائر بالإعلام الموحد إلى حين معالجة الوضع التنظيمي الملتبس لمكتب الإعلام في الجزائر.
في سياق هذه الإجراءات عُين زياد عبد الفتاح مسؤولا عن "وكالة الأنباء الفلسطينية – وفا"، وسُمي خليل الزبن نائبا لمسؤول وكالة "وفا" في مقرها الرئيس الثاني بدمشق، بحيث يعمل في إطار مكتب "الإعلام الموحد" في دمشق الذي يديره إسماعيل أبو شمالة (أبو نضال).
في السياق نفسه أجريت بعض التعديلات الإدارية كخطوة أولى نحو المأسسة. إذ "أصبح علي فياض (من حركة فتح) أول مدير تحرير للوكالة. وعُين علي إبراهيم (من منظمة الصاعقة) نائبا لمسؤول الوكالة، وأصبح في الوكالة محررون في اختصاصات مختلفة من الجبهات: الشعبية والديمقراطية وجبهة التحرير العربية وجبهة النضال الشعبي والقيادة العامة، ومن محررين مستقلين...
وكان معظم المحررين الذين تم اختيارهم، إما خريجي إعلام ممن كانوا مؤهلين نسبيا بحكم الخبرة ً. وكنا، منذ البداية، نحرص على استقطاب كفاءات صحافية لها حضور نسبي، أو تجربة في وكالات الأنباء، لكن لم يتم المضي بعيداً في ذلك، إذ لم تكن هناك ميزانيات قادرة على استقطاب مهنيين أو خبراء".( )
وكان من بين الإجراءات المؤسسية الجديدة تسمية مدير إدارة لوكالة "وفا" لأول مرّة، وإسناد هذه الوظيفة للأخ أبو عيسى بعد إعفائه من مسؤولية الرصد الإذاعي في الوكالة في أواسط سنة 1973، وتطوير بنية مهمة الاستماع إلى شعبة الرصد الإذاعي وإسناد مسؤوليتها إلى وليد أبو جاموس (سليمان)، وكان يعمل فيها وة: عبد الحميد سالم العواودة (أبو الفتوح)، وزكريا؟، ورعد؟، وعدد من وات المتطوعات الفلسطينيات واللبنانيات، وعدد من وة الفلسطينيين واللبنانيين والعرب، معظمهم من طلاب الجامعات في بيروت. واستمريت أنا في مسؤولية إدارة وكالة "وفا" حتى نهاية عام 1973، حيث انتقلت إلى دائرة العلاقات الخارجية لحركة فتح، وأسندت مسؤولية إدارة وفا للأخ فتحي علوان الذي كان مسؤولاً عن شعبه "السحب والتوزيع" التي تقوم بطباعة الكمية المقررة من النشرة، وتتولى توزيعها ومتابعة توصيلها إلى كافة الصحف ووسائل الإعلام ومكاتب المنظمة والفصائل الفلسطينية والأحزاب والقوى اللبنانية، وكذلك الممثليات والسفارات المعتمدة في بيروت...( )".
ويذكر في هذا السياق أن الايفادات الأولى كانت إلى "وكالة أنباء الشرق الأوسط" المصرية في القاهرة، وكان من بين المستفيدين منها خليل الزبن، وعبد الحميد سالم، ومصطفى الخطيب، وغيرهم.
واستقبلت وكالات الأنباء العراقية والسورية والجزائرية موفدين متدربين آخرين، كان من بينهم اثنان لصالح وكالة "وفا". كما أتاحت العلاقات الفلسطينية مع البلدان الاشتراكية، معززة برغبة هذه البلدان في مساعدة الشعب الفلسطيني في مختلف المجالات عقد دورات تدريبية للفلسطينيين في تصاصات السياسية والتنظيمية والنقابية والإعلامية، استفادت وكالة "وفا" منها بإرسال أولى مجموعاتها للتدرب في دولة المجر كان من بينهم محمود عيسى (أبو عيسى)، ومحمد عواد (أبو الوفا).( )
كانت تلك الدورات ضرورية ومهمة لعمل وكالة "وفا". فهي، إضافة إلى وظيفتها في تعزيز المعرفة من خلال الإطلاع على التجارب المتقدمة، تأسيسية في تعلم مهنة الصحافة، لأن أغلبية الموفدين كانوا ممن لا صلة لهم بالمهنة، ولكنهم يبدون وكأن لديهم قابلية لتعلمها؛ وهو الأمر الذي كان يعول عليه كثيراً للتعويض عن النقص في الكادر الصحافي في الوكالة. وقد شجّعت الاستفادة المعقولة للمشاركين في هذه الدورات، وتأثيرها النسبي على تطور الأداء الوظيفي لعمل الوكالة اليومي على المستويين الصحافي والإداري، على مواصلة الاعتماد عليها. وقد ساعد ذلك على تحقيق آلية عمل خاصة بالوكالة تمثلها العاملون في المركز الرئيس وفي المقرات الفرعية.

يلخص زياد عبد الفتاح، رئيس وكالة الأنباء الفلسطينية الأسبق، في رسالة خاصة إلى الكاتب، مرحلة الـتأسيس البروتية، قائلاً: "بدأنا العمل بعفوية وبدون خطة. وكانت إمكانياتنا بسيطة وبدائية، والأسوأ في الأمر أن الوكالة لم يكن لها في البداية مقر مستقل، وإنما تعمل من المقر العام للإعلام. وبقدر ما لهذا الأمر من سلبية فإن له إيجابية واحدة، لكنها هامة وكبيرة في مرحلة التأسيس والبدايات، حيث أن جميع من في الإعلام كانوا يتابعون ويشاركون في تحضير وإعداد نشرة "وفا"، ويعملون على إصدارها وطباعتها وتوزيعها. وقد مكنت هذه الايجابية وكالة "وفا" من سد الثغرات في العمل وتعويض النقص أو الخلل الذي يترتب على ضعف وقلة الإمكانيات.".( )

تابعت وكالة "وفا" تكييف عملها في ضوء واقع إمكانياتها المهنية والتجهيزية والمادية، ومتطلبات تأدية رسالتها المهنية وتطوير مستواها على الصعيدين البنيوي والأدائي وسط ظروف بالغة التعقيد والصعوبة والتي استمرت تسير بوتائر متصاعدة بين احتمالي: الموت أو الهلاك. وقد عملت وكالة "وفا" طيلة تلك السنوات التي يمكن أن نسميها "مرحلة بيروت"، بكفاءة عالية تأهلت على الدوام خلالها لأن تكون المصدر الأول والرسمي للخبر الفلسطيني حول الحدث الفلسطيني والحدث اللبناني المتصل بالوضع الفلسطيني. ولكن هل يستمر هذا التأهل عامل ديمومة لتواصل وكالة "وفا" بنفس الكفاءة والقدرة بعد نهاية آب -أغسطس 1982 ورحيل منظمة التحرير الفلسطينية عن لبنان؟!.

المرحلة التونسية:
اتضح مآل المفاوضات المتصلة بالحرب الإسرائيلية-الفلسطينية في لبنان مع حلول شهر آب - أغسطس 1982، وبدا واضحاً، أنه، بنجاح جهود التسوية التي يقوم بها المبعوث الأمريكي فيليب حبيب، فإن منظمة التحرير الفلسطينية ستُغادر لبنان، وستتوزع قواتها على عدة دول عربية، وستكون تونس موئلاً لمقرات المنظمة ومؤسساتها المدنية.
وبات على مؤسسات المنظمة، في ضوء ذلك أن توزع كوادرها ومنتسبيها وفق مقتضيات عملها وضرورات استمراريته على الأفواج التي ستغادر بيروت وفق الجدول الزمني المعد لذلك حسب نصوص اتفاقية حبيب.
ويدلي سعد الغرّاوي (من الأوائل في "وفا" ورئيس تحرير الوكالة حتى عام 2007) شهادة في الظروف التي سادت الأيام يرة قبل الخروج من بيروت يقول فيها: "عقدت وكالة "وفا" اجتماعاً هاماً في هذا الوقت بالذات ترأسه زياد عبد الفتاح مسؤول الوكالة، و وليد أبو جاموس (سليمان) رئيس التحرير، جرى فيه استعراض الوضع العام، وأوضاع وكالة "وفا" بشكل خاص، وما يتعلق بمصيرها في ضوء ذلك. وبعد التداول قرر الاجتماع ما يلي:
- تستمر نشرة وكالة "وفا" في الصدور من بيروت حتى خروج آخر العاملين في الوكالة من بيروت.
- يواصل مكتب "وفا" في دمشق إصدار النشرة كالمعتاد خلال هذه الفترة. ويستمر في ذلك عند توقف صدور النشرة من بيروت، ويقوم في الوقت نفسه بإرسالها إلى مكاتب "وفا" الفرعية في العواصم العربية رى، وكذلك تأمين وصولها إلى مكتب قبرص.
- يتولى فايز يونس مندوب الإعلام في قبرص بتوزيع النشرة على السفارات والممثليات الفلسطينية في البلدان الأجنبية، وكذلك على الصحف ووكالات الأنباء ووسائل الإعلام الأجنبية.
- يتوجه طاقم أساسي من الوكالة مع الفوج المغادر إلى تونس، حيث سيكون مقر القيادة ليستأنف العمل من تونس التي تقرر وجود مقر رئيس للوكالة فيها.
- يبقى في لبنان وة الفلسطينيون الذين يحملون وثائق لبنانية، وكذلك وة ووات الذين لديهم إقامات قانونية في لبنان؛ وذلك ليكونوا نواة لمكتب رسمي في لبنان؛ يعمل عندما تسمح الظروف السياسية بذلك. وما تبقى من وة العاملين في الوكالة فيتوزعون على الأفواج المتجهة إلى البلدان العربية رى؛ وذلك إلى حين استئناف العمل واستقدامهم إلى تونس.
وكان التنفيذ التطبيقي لذلك أن وين زياد عبد الفتاح ووليد أبو جاموس سيتوجهان إلى دمشق ضمن الفوج المرحّل إلى سورية، ومنها سينتقلان إلى حيث سيكون المقر الرئيس للوكالة. وسيتوجه وة سعد الغرّاوي (حمد أبو السعود)، ورسلان شريف، وسعد الشرعان (أبو المجد)، وشعيب ملحم، وهاني الروسان إلى تونس. وسيبقى في لبنان وة قاسم حماد، ومحمد عثمان، وغازي خلف، ومحمد الرواس وآخرون. وكان من أوائل المغادرين خليل المناصرة (أبو أحمد) الذي توجه إلى عمان بناء على رغبته مع الفوج الذي رحّل إلى الأردن يوم 2/8/1982 عبر قبرص". ) وتوجه إلى تونس الفوج الثاني من أعضاء م.ت.ف المرحّلين يوم 22/8/1982م على متن سفينة يونانية بحماية قوات البحرية الأمريكية. وكان من المرحّلين أعضاء من قوات 17 ووحدات من جيش التحرير، القوة الجوية، القطاع الغربي، ومجموعات محدودة من أعضاء الفصائل الفلسطينية، إضافة إلى عدد من الإعلاميين من مجلة فلسطين الثورة ومن وكالة "وفا".
واصلت "وفا" إصدار نشرتها من دمشق، وكان التوزيع الخارجي يتم عبر قبرص؛ خلال هذه الفترة، وإلى وقت لاحق ظلّت النشرة تصدر بإمكانيات محدودة، وكادر مقلّص؛ بعد أن توزع معظم أفراده على البلدان العربية المضيفة. ومع ذلك لم تفقد الوكالة أهليتها وقدرتها المرجعية، بصفتها المصدر الوحيد للخبر الرسمي المتصل بنشاط وتحرك القيادة السياسية والبيانات العسكرية.
فور وصوله تونس قادماً من بيروت عبر اليونان، أصدر الرئيس ياسر عرفات قراراً بنقل جميع المدنيين، وضمنهم مجموعة "وفا" إلى "فندق سلوى" في الضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية، وهو المكان الذي تقرر أن يكون المقر العام المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية.
أخذت المستويات القيادية الفلسطينية من عمان ودمشق والقاهرة والكويت وبغداد وغيرها بالتوافد على مقر الرئيس في فندق سلوى منذ الأسبوع الأول من أيلول - سبتمبر 1982، لعقد سلسلة متواصلة من الاجتماعات السياسية والعسكرية والتخصصية نوقشت خلال بعضها إعادة تنظيم وتفعيل المؤسسات والأجهزة الإعلامية الفلسطينية. ولخّص أبو عمار التوجه المركزي الرئيس لهذه الاجتماعات بنقطة واحدة أولى هي "أن يعرف شارون ومعه الحكومة الإسرائيلية بأن منظمة التحرير باقية وستستمر في نضالها حتى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة". وهذا يعني عودة المؤسسات والأجهزة والإدارات الفلسطينية إلى العمل بأعلى وأكثف طاقة وكفاءة ممكنة (وفا 12/9/1982).
أصدر الرئيس ياسر عرفات انطلاقاً من مداولات تلك الاجتماعات عدداً من القرارات التنظيمية والإدارية ذات العلاقة بهذا الأمر. وطلب إلى المسؤولين، كل فيما يخصه الشروع الفوري بتنفيذ ذلك.
وأذكر، على هذا الصعيد، أنه طلب مني يوم 14/9/1982 التوجه مع فريق أساسي من هيئة مجلة "فلسطين الثورة" إلى قبرص وإصدار المجلة من نيقوسيا بالسرعة القصوى، وأياً تكن الظروف والإمكانات، ليتأكد الأعداء أن مجلة "فلسطين الثورة" مستمرة في الصدور، ولم تتوقف، (صدر آخر عدد من جريدة "فلسطين الثورة" اليومية في بيروت يوم 31/8/1982) وأن الثورة مستمرة ومنظمة التحرير الفلسطينية باقية وستواصل النضال.
وصلنا قبرص يوم 17/9/1982، وكان ضمن الفريق رسلان شريف، ونمر خلوف من وكالة "وفا"، وذلك بغرض تعزيز مكتب "وفا" في قبرص، والذي كان يديره فايز يونس ومعه جميلة سعد.
ومع كل الظروف الصعبة وبإمكانيات جد محدودة، وبمساعدة من حزب "أكيل" القبرصي أصدرنا المجلة يوم 27/9/1982 بنفس المواصفات المعهودة وكانت صورة الشهيد سعد صايل على غلافها. لقد أحدث صدور المجلة صدى واسعاً لدى مختلف الأوساط الصحافية والسياسية. وكان لصدور المجلة بمثل هذه السرعة وقع الصاعقة على الأوساط الحكومية والحزبية الإسرائيلية.
واستقبلت صحيفة "الاتحاد" الحيفاوية معاودة صدور "فلسطين الثورة" بترحاب وإكبار وبتهاني وأماني حارة سطّرها الروائي إميل حبيبي رئيس تحرير الاتحاد في افتتاحية اختتمها بكلمات وجههاً إلى وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك: "...أين هو نصرك يا شارون... منظمة التحرير لم تمت وتواصل النضال. اعرف إذا لم تسمع صدرت فلسطين الثورة ليظل صوت منظمة التحرير الفلسطينية حقاً مدوياً على الدوام". (الاتحاد 27/9/1982).
واشتمل قرار الرئيس على تكليف للأخ محمود اللبدي لمعاودة إصدار مجلة ""Palestine باللغتين الإنجليزية والفرنسية بأي وسيلة كانت ومن أي مكان.
عندما استقبل الرئيس أبو عمار السيد الشاذلي القليبي أمين عام جامعة الدول العربية في فندق سلوى يوم 19/9/1982 الذي أتى مرحبا ومهنئا بالسلامة، استبقى الرئيس، بعد وداع ضيفه مجموعة "وفا"، ليوعز إليهم أمره بمعاودة إصدار نشرة "وفا" بارية اليومية على الفور. وأمر بتوفير التجهيزات اللازمة لذلك، وإجراء الترتيبات الإدارية التي يتطلبها العمل.
"كانت مجموعة وكالة "وفا" في حينه محدودة جداً، لأن أغلبية الكادر الموزع في البلدان العربية لم تكن قد عادت إلى تونس بعد"- يوضح سعد الغرّاوي ويضيف: "كنت ووان هاني الروسان، وشعيب ملحم. كان في مقدورنا متابعة بار والتحرير، ولكننا كنا نحتاج إلى كادر بشري مساعد للاستماع والطباعة، والسحب، وتوزيع النشرة، وغيرها من العمليات الضرورية.
كان أفراد المجموعة، كما باقي نزلاء فندق سلوى، يقيمون في غرف مناسبة للسكن وليس للعمل. وبعد قرار الرئيس أبو عمار حددت صالة واسعة في جوار الجناح الذي اختير مكاناً لمكتب الرئيس، لتكون مقراً لوكالة "وفا". ومدّ إليها أحد خطوط هواتف الفندق ليكون خط الاتصال الهاتفي للوكالة في مرحلة انطلاقتها الثانية من تونس. وجهّز المقر بأكثر من جهاز راديو ومسجل وآلة كاتبة وماكينة سحب وطباعة، إضافة إلى الضروري من القرطاسية واللوازم المكتبية. كما تقرر أن تقوم إحدى سيارات البروتوكول بتوزيع النشرة على الصحف ومحطتي الإذاعة والتلفزة ووكالة أنباء تونس إفريقيا (تاب tap)، وعلى مقرات السفارات والممثليات والقنصليات الدبلوماسية العربية والأجنبية المعتمدة في تونس وفق قائمة وفرها مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في تونس.
كنا نعمل ثلاثتنا (سعد الغراوي، هاني الروسان وشعيب ملحم) من ساعات الصباح المبكرة. نتابع بار عبر الاستماع والتحرير، وبعد الظهر كان وان هاني وشعيب يواصلان العمل في بار في حين تتحول مهمتي إلى تنضيد وتصحيح بار، وتجهيزها للسحب، أو أساعد ت هدى (من مكتب الرئيس) التي ظلّت تساعدنا في الطباعة طيلة الفترة الانتقالية في فندق سلوى".( )
خلال فترة وجيزة بدأ كادر وكالة "وفا" يتجمع في تونس. وكان ذلك مهماً لتأكيد استمرارية مؤسسات المنظمة، حتى وان تم بشكل بطيء، ووفق ما تسمح به الظروف المتصلة بانتقال وإقامة أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية البلدان العربية المختلفة بعد خروج المنظمة من بيروت.
ويتذكر سعد الغرّاوي تفاصيل التحاق كادر "وفا" بوكالتهم في تونس، والظروف التي سادت عملية استئناف الوكالة" عملها من مقرها الجديد قائلا: "مع نهاية شهر أيلول - سبتمبر) 1982 كان قد وصل إلى تونس كل من وة: محمد عواد (أبو الوفا) قادماً من الأردن، وبشير البكر قادماً من بلغاريا، ومحمد الشرافي، ويوسف قطب من الجزائر، و سليمان أبو جاموس من سوريه. وبدأت الوكالة تستعيد وظائفها بتوارد كوادر في اختصاصات مختلفة.
إضافة إلى هؤلاء قدم لنا أخوة كثيرون مساعدات متنوعة في قضايا إدارية ولوجستية كثيرة؛ ولا يتسع المقام لذكر هؤلاء جميعاً برغم أن بعضهم انطلق من تلك المساعدات ليتوجه مهنياً ووظائفياً نحو مسار آخر في حياته، مثل سالم الساعدي (الذي اشتهر باسم سامي العراقي الذي التحق بالوكالة أواخر عام 1982 مساعداً وبشكل تطوعي. ثم انضم إلى أسرة الوكالة منذ بداية عام 1983 وواصل على هذا المسار طيلة فترة المنفى. وبعد العودة استمر في العمل مع وكالة "وفا" حتى ربيع 1997، حيث توفي ودفن في مدينة رام الله.
ويذكر في هذا المجال، أيضاً، أن مؤسسات الإعلام التونسية المقروءة والمرئية والمسموعة، وكذلك الإعلاميين والصحافيين التوانسة ونقابة الصحافيين التونسية قد احتضنت وكالة "وفا" وأعطتها دعماً معنوياً أنساها عذابات التهجير وصعوبة التأسيس. ويمكن أن نستذكر هنا الموقف الكبير لوكالة أنباء تونس-إفريقيا tap الذي أطلقه السيد البشير طوال رئيس الوكالة في حفل الاستقبال الذي أقامته وكالة tap ترحيباً بوكالة "وفا" بعد وصول زياد عبد الفتاح إلى تونس في نهاية شهر تشرين أول- أكتوبر 1982، حيث قال: "تونس هي بلدكم كما هي فلسطين. ووكالة tap وإمكانياتها البشرية والمادية والتجهيزية والعلاقاتية بتصرف وكالة "وفا" في أي وقت ولأي وقت...".
أشغلت وكالة "وفا" مقرها المستقل الأول في تونس في بداية آذار-مارس 1983 في بناية الإعلام الفلسطيني في شارع أبو لبابة الأنصاري بضاحية "المنزه" بالعاصمة التونسية.
انطلق عمل الوكالة في بدايته بسيطاً ومتواضعاً ومركزاً على نشرة "وفا" بارية اليومية باللغة العربية. وكان من الصعوبة بمكان معاودة إصدار النشرة باللغتين الإنجليزية والفرنسية. ولم يكن في الأفق ما يوحي بإمكانية التغلب على هذه المصاعب في القريب العاجل.
ومع أن الوكالة استطاعت معاودة إصدار نشرتها باللغة الإنجليزية أواسط عام 1984 بصعوبة وبعدد محدود من بار، غير أنها لم تتمكن من إصدار نشرتها باللغة الفرنسية إلا في أواسط سنة 1986، وكانت محدودة وضعيفة أيضاً؛ وذلك على الرغم من أن الذي كان يحررها ويشرف على إصدارها الصحافيان التونسيان: حسن الفقيه، والمنصف فوجه.
استمرّت إدارة الوكالة في استحثاث الكادر على الالتحاق بالمقر في تونس، وذلك منذ منتصف سنة 1983. وعاد أحمد يوسف (أحمد الشيخ) وهدى خشفة من برلين الشرقية إلى تونس بعد أن انتهت فترة إعارتهما للقسم العربي في وكالة "أ.د.ن/ADN " الألمانية الديمقراطية بموجب بروتوكول تعاون بين وكالة "وفا" الفلسطينية ووكالة "ا.د.ن" الألمانية الديمقراطية.
واستدعي حسين عباس من الجزائر للالتحاق بالعمل في المقر. كما استوعب طاهر الشيخ محرراً في "وفا" بعد انتقاله إليها من الإعلام الخارجي لمنظمة التحرير. وووفق على انضمام يوسف غانم (أحد كوادر "جبهة التحرير الفلسطينية" الإعلامية) إلى هيئة تحرير النشرة العربية. وبعد فترة لاحقة بدأت الوكالة تستقطب بعض الطلبة الفلسطينيين الذين يدرسون الصحافة والإعلام في الجامعات التونسية. وقد جرى توظيف البعض منهم بعد التخرج، مثل: علي أبو سمره سنة 1984، و عبد العزيز التنح سنة 1986. وفي السياق نفسه كان خالد الخطيب قد استقال من عمله في صحف الخليج في تلك الفترة، والتحق بوكالة "وفا"، وعين بمرسوم من الرئيس أبو عمار بدرجة مدير تحرير الوكالة.
وحفّز الرصيد الذي كانت تتمتع به وكالة "وفا" وكالات أنباء أجنبية، "بلدانية" وإقليمية على السعي الجاد لمساعدتها في تطوير برامجها الصحافية والتقنية والخدماتية. ويذكر على هذا الصعيد أن وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) عرضت على وكالة "وفا" أواخر عام 1982 المساعدة ليصبح بثها راديوياً وبتردد خاص برعاية وكالة الصحافة الفرنسية. كما أن "اتحاد وكالات أنباء عدم الانحياز" الذي تبوأت وكالة "وفا" موقع نائب الرئيس في قيادته سنة 1985، دعا وكالة "وفا" إلى تنشيط دورها في نشرة الوكالة (البول) pool، ليصار إلى ترجمة أخبار نشرة وكالة "وفا" إلى اللغة الأسبانية وتوزيعها إلى جميع صحف ووسائل إعلام بلدان أمريكا اللاتينية من خلال وكالات الأنباء الوطنية في هذه البلدان. ولكن هذا المشروع لم يكتب له النجاح لأسباب تتعلق بوكالة "وفا" وتنحصر في انتظام إصدار النشرة الإنجليزية التي سيترجم عنها إلى الأسبانية.( )
ويُستدل من مراجع الوكالة المختلفة على أن شحة الإمكانيات المالية هي التي وقفت وراء عدم استفادة وكالة "وفا" من هذا العرض الدولي الصديق والسخي. وقد تيقنت إدارة وكالة "وفا" من فداحة خسارتها التي نجمت عن عدم حصولها على هذه الخدمة التقنية المتطورة عندما تطورت الأحداث السياسية في منطقة الشرق الأوسط أواخر الثمانينيات، وتفجرت الانتفاضة الفلسطينية الأولى سنة 1988، وأصبحت وسائل الإعلام في مختلف المستويات تضيق بحجم تدفق بار الفلسطينية. وأصبحت نشرة أخبار وكالة "وفا" اليومية تصدر على شكل ملاحق متتالية تصل في بعض الأحيان إلى عشرة، وإجمالي عدد بار اليومية بالمئات، علاوة على النشرات والتقارير المسحية والإحصائية. وكان حجم ضخ بار إلى "وفا" من المصادر الفلسطينية المختلفة كبيراً، بينما كانت قدراتها التقليدية أعجز من أن تواكب بث هذا السيل من بار إلى وسائل الإعلام المختلفة. وقد استدعى ذلك الاستعانة بمكاتب ونقاط الاتصال القائمة في العواصم الأوروبية المختلفة في توزيع أخبار "وفا" عبر أجهزة الفاكس، فارتفعت بذلك أكلاف الخدمة الهاتفية، وازدادت ساعات العمل وازداد عدد المشتغلين في جمع بار وتوصيلها وخدمة متابعتها. وقد امتد ذلك لسنين طويلة، دون أن يستفز صرف الأموال الباهظة على العمل بطرقه البدائية المسؤولين ويحثهم على تحديث أساليب العمل والاستفادة من مستويات التطور التي وصلتها وكالات الأنباء في العالم.

مرحلة الوطن:
عاد الرئيس ياسر عرفات إلى غزة يوم 1/7/1994، وعاد معه إلى أرض الوطن اثنان من طاقم وكالة "وفا" هما وليد أبو جاموس (سليمان وفا) ومحمد الشرافي. ووصل الرئيس أريحا يوم 3/7/1994، فأمّت الجموع من كافة أرجاء الوطن لاستقباله، من بينهم شخصيات فلسطينية من إسرائيل يتقدمهم رئيس بلدية الناصرة توفيق زياد الذي قضى في حادث سير مؤسف في طريق عودته بعد أداء الواجب. وعندما بلغ أبو عمار الخبر المأساوي انتابه حزن شديد، وأشار على أحد مساعديه بنشر خبر الوفاة، ونعي الشاعر توفيق زياد مناضلاً من أجل الحرية والحق والمساواة. وأردف قائلا: "وخلّوا "وفا" تهتم بالموضوع".
ولكن أين يجد المساعدون "وفا"؟!. ومع ذلك، كان هناك من قام بالمهمة حسب الأصول، فوزّع الخبر، والنعي أيضا، عبر الهاتف على الصحف ومحطات التلفزة والإذاعة ووكالات الأنباء باسم وكالة "وفا". واعتمِدت هذه الواقعة تاريخاً رسمياً لانطلاقة وكالة "وفا" من أرض الوطن.
يؤكد علي حسين (مدير عام الأنباء ورئيس تحرير الوكالة) في حديث هاتفي معه يوم 14/1/2009، "أن البداية كانت بجهود الأخوين سليمان ومحمد الشرافي، وهما الوحيدان من "وفا" اللذان عادا إلى غزة، وعلى الفور باشرا الاتصال والتحرك لاستئناف بثّ أخبار "وفا" من أرض الوطن، وكنت أول من انضم إليهما من طاقم "فلسطين الثورة" والإعلام الموحد للمساعدة في هذه المهمة، وقد أخذنا قراراً بالانطلاق بأي كيفية، حتى لو كانت في أدنى مستوى من البدائية".( )
ويبدو أنه كان على وكالة "وفا" أن تبدأ مسيرة المرحلة الثالثة من حياتها من أرض الوطن، من نقطة الصفر أيضاً كما كان عليه الأمر في مرحلتي اللجوء اللبنانية (1972-1982)، والتونسية (1982-1994). وقد بدأت كذلك بالفعل.
كان سليمان يعرف بعض الصحافيين في غزة ممن كانوا يتعاونون مع الوكالة أثناء وجودها في تونس بتبادل بار والخدمات الصحافية معها.
وتوافق مع زميليه محمد الشرافي وعلي حسين على طلب مساعدة هؤلاء الصحافيين والتعاون معهم وإشراكهم في مهمة التأسيس للانطلاق. وفي سياق هذا التوافق قام وة الثلاثة يوم 3/7/1994 بزيارة الصحافي إبراهيم عبد العزيز مالك ومدير "المكتب العربي للإعلام والنشر في غزة"، وأطلعوه على حيثيات قرار معاودة الصدور من غزة. وسألوه المساعدة في ذلك. فرحب إبراهيم بوفد "وفا"، وتحمس لفكرة صدور "وفا" من أرض الوطن. ووضع نفسه ومكتبه بتصرف الوكالة
لم نستغرب موقف إبراهيم عبد العزيز- يقول علي حسين، ويضيف: "فقد كان له موقف تعاون مشهور خصوصاً في "انتفاضة 87"، حيث كان يتلقى نشرات وكالة "وفا" من مكاتب فروع "وفا" في أوروبا، خصوصاً عبر "نقطة قبرص"، كلما اقتضت الضرورة. وكما أبلغني سليمان كان المكتب العربي يقوم بتوصيل نشرة "وفا" إلى الصحف الفلسطينية التي تصدر في مدينة القدس (الشعب، الفجر، القدس، النهار، البيادر، الطليعة،...الخ). للاستفادة منها في تغطية بار الفلسطينية. وكان يرسلها أيضا إلى بعض المؤسسات والعناوين رى في غزة وفي الضفة".( )
بدأ طاقم "وفا" يوم 4/7/1994 العمل على إصدار النشرة الورقية الأولى من"المكتب العربي" في غزة. ولم يكن الحصول على بار ومتابعة تطورات الأحداث سهلاً، ولكنه كان ممكناً. وكانت إمكانية تنفيذها وتوزيع بعضها عبر الهاتف على المؤسسات الصحافية والإعلامية متوفرة نسبيا. ولكن المشكلة الحقيقية التي واجهت الفريق كانت تتمثل، كما يذكر إبراهيم عبد العزيز"في طباعة النشرة وتجميعها وتوزيعها. وكانت المشكلة مركبة؛ تقنياً ولوجستياً ومالياً وبشرياً أيضاً. وكان لا بد من طلب المساعدة والعون لتذليل بعض العقبات. وقد شكّلت محاولات التغلب على ذلك صورة المعاناة اليومية. فأحياناّ كان يتم سحب النشرة في نقابة المهندسين، وتارة في نقابة المحامين، وفي مرات كثيرة كنا نقوم بهذا العمل في مؤسسات القطاع الخاص بأسعار رمزية ثم بسعر السوق بعد ذلك.
كانت عملية السحب تشكل جزءاً من المشكلة الكبرى بمكوناتها المختلفة، كل واحد منها أعقد وأصعب من ر؛ ويتطلب حلولا ضرورية وأساسية في آلية العمل. وكانت المشاكل المرتبطة بتوزيع النشرة الضروري لجدوى الصدور غاية في الصعوبة، لأن طاقم الوكالة لم يكن يملك الحد الأدنى من المقومات للقيام بهذه المهمة، لذلك كانت الكمية المطبوعة من النشرة ضئيلة، والكمية الموزعة محدودة جداً".( )
وما إن صدرت نشرة "وفا" بطبعتها الورقية من مقر رسمي لها في غزة يوم 4/7/1994، بعد أن كان عددها الأول، غير الورقي قد صدر في أريحا يوم 3/7/1994 حتى حصل سليمان على موافقة أمانة الرئاسة على إشغال حيز صغير في صالة المنتدى (المقر الرئاسي في غزة) كمقر مؤقت لوكالة "وفا".
"كنا نداوم كل يوم في صالة المنتدى منذ الصباح. نجمع بار والتصريحات الرسمية على الأحداث، ونتابع بار من الخارج، ونستقبل بار من كل المصادر في ظروف عمل غير طبيعية وبإمكانيات محدودة جداً. وكنا نقوم بتحريرها أولاً بأول. ونواصل العمل حتى الساعة الرابعة بعد الظهر، لننتقل بعدها إلى "المكتب العربي" لنقوم بالأعمال التكميلية التقنية؛ نتابع ترتيب تسلسل بار وتنفيذها ومراجعتها طباعياً، ثم نسير على طريق الجانب ر من المعاناة، وهو سحب النشرة وتوزيعها. وقد استغرقت هذه المشكلة بعضاً من الوقت جرى حلّها أخيراً بمساعدة "قوات 17" التي أخذت تسحب النشرة من مقرها".( )
تواصلت عودة الكوادر من الخارج إلى أرض الوطن عبر معبري "رفح"، عن طريق مصر و"جسر اللنبي"، عن طريق الأردن. وانضم إلى وكالة "وفا" عدد من الإعلاميين العائدين. وقد التحق بالعمل على الفور أولئك وة الذين اختاروا غزة مكان إقامة لهم، وكان من أوائلهم رمضان العصار، مراسل الوكالة في المغرب؛ أما وة الذين هم في الأساس من سكان الضفة الغربية فقد أنجزوا إجراءات تعيينهم وتوجهوا إلى أماكن سكنهم بانتظار افتتاح مكاتب الوكالة في الضفة.
خلال هذه الفترة عُين إبراهيم عبد العزيز في القسم العبري للوكالة. وانضم إلى طاقم النشرة
ليكون خامس أربعة (سليمان، والشرافي، وعلي حسين ورمضان) في العمل اليومي لإصدار النشرة انطلاقا من صالة المنتدى، واستكمالا في "المكتب العربي" و"مقر 17" في سراي غزة. واستمر الحال على هذا المنوال طيلة ثلاثة أشهر صيف عام 1994.
في بداية تشرين الأول- أكتوبر 1994 استأجر وليد أبو جاموس (سليمان)، نائب رئيس الوكالة (عين خلال هذه الفترة مديرا عاما الوكالة، وتغيّر مسمى زياد عبد الفتاح الوظيفي من مسؤول وكالة "وفا" إلى رئيس وكالة "وفا")، استأجر مقراً مستقلاً للوكالة، وهو مقر "وفا" الرسمي الأول في فلسطين. وكان عبارة عن شقة صغيرة في الطابق الثالث من "عمارة زينو" بشارع النصر في مدينة غزة. وجرى تأثيث المكتب بتجهيزات بسيطة ولكنها عملية؛ مكاتب وكراسي وخزائن وقرطاسيه وأدوات مكتبية، وجهاز كمبيوتر وماكينة تصوير. كما أمكن تزويد المكتب بخط هاتف واحد بشكل استثنائي لتعذر وجود خطوط هاتف لدى وزارة الاتصالات. وجرى استعارة الخط الهاتفي العائد لصاحب الشقة للاستعانة به كخط فاكس الوكالة.
وتشير وثائق الوكالة الرسمية إلى أنه قد جرى في شهر تشرين الأول- أكتوبر 1994 أول عملية إشغال وظائف في الوكالة من خارج كادر منظمة التحرير الفلسطينية العائد من الخارج. فقد تأكّد تعيين إبراهيم عبد العزيز، كما وظّف عبد القادر حماد مراسلاً صحافياً، وعُينت سمر القصابوغلي بوظيفة طابعة. وجرى تشغيل موظفين في الأعمال الإدارية رى لطباعة النشرة وتجميعها وتوزيعها، إضافة إلى عاملين في مجالات أخرى. وانضم إلى المستوى القيادي في الوكالة سامي سرحان بعد تعيينه مديراً عاماً في الوكالة، ليباشر، في وقت لاحق بتأسيس المقر الرئيس الثاني للوكالة في رام الله، والإشراف على تأسيس المكاتب الفرعية المحافظات الأخرى.
ويُستدل من المعلومات الاستقصائية حول وكالة "وفا" أن سامي سرحان لم يتمكن من تنفيذ المهمة إلا في منتصف عام 1996، وبشكل جزئي ومحدد وبطيء، وذلك لأسباب خاصة بالوكالة.
خلال هذه الفترة التحق بالوكالة طلعت موسى وتوفيق أبو زعنونة (توفيق وصفي) من كادر "فلسطين الثورة". وكان إسماعيل سرحان قد عاد إلى غزة وعُين في المقر العام للوكالة بتاريخ 1/8/1994 بدرجة مدير، كما عُين إبراهيم المصدّر بتاريخ 15/7/1994 مدير إدارة في قسم التصوير بالوكالة. ثم عُين يوسف القطب بتاريخ 2/8/1994 مديراً في قسم التصوير أيضاً. وتم تعيين محمود نوفل مديراً لقسم التصوير في الوكالة بتاريخ 24/8/1994.
وتشير سجلات وكالة الأنباء الفلسطينية إلى أن الوكالة استوعبت (22) موظفاً من الفئتين السامية والأولى بين درجة رئيس الوكالة ودرجة مدير دائرة فيها وذلك خلال الفترة من 12/7/1994 وحتى 31/12/1994، إضافة إلى عدد آخر من وظائف الفئة الثانية خلال تلك الفترة( ).
ويذكر إبراهيم عبد العزيز أن وكالة "وفا" ظلّت تشغل هذا المكتب كمقرها الرئيسي في فلسطين، وتزاول مختلف أعمالها من خلاله حتى صيف 1995 حين الوكالة إلى المقر الذي استأجره رئيس الوكالة في عمارة "الملح" بحي الرمال الجنوبي في تل الهوى بمدينة غزة.
وزوّد المقر الجديد بأثاث مكتبي إضافي وبمعدات وتجهيزات حديثة تلبي مقتضيات العمل، خاصة بعد ازدياد عدد الموظفين وتوسع المهام الأدائية للوكالة".( )
على الصعيد الصحافي استوعبت الوكالة المزيد من الصحافيين والمصورين والفنيين والإداريين، آخذة بالاعتبار أن تكون الأفضلية في التشغيل لخريجي الصحافة والإعلام من الجامعات الفلسطينية، ثم الجامعات العربية. ويمكن أن نستذكر على هذا الصعيد أنه كان من بين الموظفين من الخريجين من هذه الفئة عبد القادر حماد وعماد الدريملي وزكريا المدهون وشهدي الكاشف، وغيرهم. وعلى الرغم من ضآلة هذا العدد بالنسبة لإجمالي عدد الذين تم توظيفهم خلال سنة 1995 استجابة لاعتبارات مختلفة كانت حاجة العمل واحدة منها، والذين يزيد عددهم على الثلاثين موظفاً ( ) وعاملاً، فإن لهذا التشغيل دلالة تخصصية ومدلولاً تنموياً.
كان المرحوم سليمان أبو جاموس، مدير عام الوكالة يتابع أدق تفاصيل العمل في الوكالة ويشارك حتى في أصغرها، خصوصاً في فترة مكتب "شارع النصر" التي شهدت مرحلة التأسيس. وكان غالباً ما يشارك في تجميع النشرات وتدبيسها، خصوصاً حين أخذت الوكالة تصدر يوميا، إلى جانب نشرتها بارية نشرات أخرى كنشرة بار الإسرائيلية التي تعنى بمتابعة بار والشؤون الإسرائيلية. وقد تولّى مسؤوليتها في البداية إبراهيم عبد العزيز، تلاه طلعت موسى الذي استمرّ في هذه المسؤولية حتى بلوغه سن التقاعد في نهاية عام 2004.
استقطب مقر الوكالة في شارع النصر كثيراً من الصحافيين والإعلاميين المقيمين في قطاع غزة والوافدين إليه لأغراض مختلفة. وكان أولئك يحصلون من المقر على مجمل بار، ويتابعون من خلاله الأنشطة والتحركات الرسمية الفلسطينية، ويتزودون منه بالمعلومات والمعطيات التي يحتاجون، ويتلقون المساعدة على ترتيب مواعيد المقابلات التي يطلبونها مع المسؤولين وتقدم لهم المساعدات اللوجستية في التحرك داخل غزة أو في الانتقال من منطقة إلى أخرى في داخل القطاع.
واستمرت "وفا" في تقديم هذه الخدمات وغيرها من التسهيلات التي تلزم الصحافيين للقيام بمهامهم، حتى بعد انتقال مقرها إلى منطقة "الملح" بحي الرمال الجنوبي، كذلك أثناء استقرارها في بناية "العايدي" الواقعة في حي الرمال بمدينة غزة في منتصف عام 1998 وحتى ليلة 14/7/2007، حيث قامت حركة حماس بانقلابها على الشرعية واستولت على مؤسسات السلطة الوطنية العسكرية والمدنية في القطاع.



--------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2012 / 7 / 17 - 12:15 )
اخي محمد باسل سليمان المحترم شئ جيد هذه التغطية التاريخية لوكالة وفا التي لعبت دورا اعلاميا هاما وعلى الصعيد الساسي النضالي. اضافة الى كافة اجهزة الاعلام الموحد . وكان بودي لو أن الذاكرة أسعفتك قليلاً وأشرت الى كوادر مجلة فلسطين الثورة ومنهم أسماء أدبية بارزة ودور التنظيمات الأخرى في إنجاح هذه التجربة الهامة. مع التحية لك ...سيمون خوري

اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست