الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغرب الديمقراطي ...والإسلام السياسي ،

هرمز كوهاري

2012 / 7 / 18
مواضيع وابحاث سياسية





الغـــرب الديمقراطــي... والإسلام السـيـاسي

مَـــن يـــروّض مَــــــن ؟

يتساءل كثيرون كيف أن الغرب الديمقراطي يرحب بل يشجع الإسلام
" السياسي " عدو الديمقراطية ويفضله على الديمقراطيين والعلمانيين في مجيئه الى السلطة !

ثم كيف يتخلى الإسلامي الذي يعتبر نفسه فردا من " خير أمة أخرجت الى الناس " وجَعَله الله شرطيا على بقية الناس ليكفّر هذا وذلك مدعيا حماية الذات الإلهية " تأمرون الناس بالمعروف وتنهون عن المنكر " علما بان الله ليس بحاجة الى حماية كائن من كان بل هو بإمكانه أن يحمي كل المخلوقات إن شاء ذلك ، بنظر كل الأديان السماوية طبعا .

ثم كيف يتخلى " الإخواني " والسلفي عن كل هذه الميزات التي أنعم الله بها عليه ، هل كل هذا ليعتبر وطنيا ديمقراطيا ؟ أم ليصل الى السلطة والمال والجنس ...؟؟؟؟ .

ويمكننا أن نستمر في التساؤلات لكن ما يهمنا في هذه المقال هو ما ورد في عنوان المقالة .والتساؤل الذي يطرح نفسه : كيف تشجع حكومات الغرب الديمقراطي الإسلاميين في الوصول الى الحكم في الدول العربية والإسلامية وتخذل العلمانيين والديمقراطيين !!
وإعتبره البعض هذا مخالفا للمنطق والواقع والمتوقع !

ويمكن أن نفسر هذا :
أولا ـ وقبل كل شيئ يجب ألا ننسى أن الغرب ممثلا بحكوماته ، تاجرا متجولا يشتري المواد الأولية والأيدي العاملة بارخص ما يمكن من الآسعار ويبيع بضاعته بأعلى ربح ممكن ، ولا يهمه من يكون البائع او المشتري وما هو دينه و معتقده .

ثانيا ـ لو فعل الغرب هذا ، أي لو دعم الديمقراطيين لكان خسارة للديمقراطيين والعلمانيين !! إن لم تكن في نتائج الإنتخابات ، بل قد تكون في زعزعة ثقة الشعب بهم على أنهم عملاء الغرب جاءوا الى الحكم بالقطار أو بالدولار الأمريكي أواليورو الأوربي ، وهذا ما كان يروجه أعداؤهم من الإسلاميين والرجعيين والإخوان والسلفيين ، وإن لم يفوزوا ! مقابل إستقواء الإسلاميين بإدعائهم بأنهم معادون للغرب صديق العدو الإسرائيلي وليسوا عملاء له ويزيدون من رصيدهم الشعبي بين الإسلاميين والسلفيين !!.

ولهذا وجدنا أن الدول ا الديمقراطية الغربية رحبوا بصعود الإسلام " السياسي " الى السلطة في مصر ، وبقية بلدان المغرب العربي ، بل أن أوباما وكثير من رؤساء الدول الإوروبية سارعوا لتهنئة مرشح الإخوان محمد مرسي بالفوز ، وهرعت الوزيرة كلينتون الى مصر لمقابلته وبعده المشير الطنطاوي وكذلك الخارجية المصرية ، و أشار د. مأمون فندي في إحدى الحوارات أن أمريكا طلبت من المجلس العسكري المصري سحب تأييده لمرشحه أحمد شفيق وبمعنى آخر أعطاء الضوء الأخر لمرشح الإخوان ، وكما ورد في مقال للكاتب المصري ( يوسف آلو )، وأخيرا ورد في الأنباء أن أمريكا دعمت الإخوان بمليار ونصف المليار دولار في حملتهم الإنتخابية ....!!

قبل إنهيار الإتحاد السوفيتي ، كل دعم وتشجيع من الغرب كانت تتلقاه المنظمات الإسلامية بما فيهم المجاهدين ، كان يفسر قطعا بجعلهم مرتزقة لمحاربة الشيوعية !
كما ساند ت أمريكا الأحزاب الإسلام الشيعي في العراق وباركوا تسلمهم السلطة !! وهي تعلم ،أي أمريكا ، أن هذه الأحزاب والتشكيلات الإسلامية لم ولن يؤمنوا بالديمقراطية وحقوق الإنسان ولا بحقوق المرأة ولن يطبقوها .في كل الأحوال .
واليوم ليس هناك لا إتحاد سوفيتي ولا حزب شيوعي قوي يتوقع أن يستلم السلطة ! و مع علمهم بأن الإسلاميين ، ولم أقل المسلمين ، مهما إتخذوا من أسماء وتسميات لم ولن يؤسسوا نظما ديمقراطية ! التي تروج لها أمريكا ! إذا لماذا هذا الدعم المفرط سياسيا وماليا ودون أي تردد .

وهل يمكننا أن نقول : أن تشجيع فوز الإسلام السياسي هو خدمة للديمقراطية والعلمانية على أمد بعيد وبطريقة غير مباشرة ؟!!

ولكن قبل أن نحاول أن تفسير هذا ، يجب أن نعترف بأن أغلب دول العالم الثالث وخاصة الدول العربية والإسلامية ، ليست إلا موضوع مساومات وصفقات سياسية بين الدول الكبرى المتنفذة والمتحكمة بالسياسة الدولية ،تلك التي تمتلك المال والسلاح والتكنولوجية ، أي تدخل في لعبة الكبار شاءت أم أبت .وخير مثال على هذا ما يعانيه الشعب السوري اليوم .

بالإضافة الى :
أولا ـ إن الإسلام السياسي قوة سياسية وإجتماعية ودينية متغلغلة في مختلف طبقات هذه الشعوب وواقع لا يمكن تجاهله ، باي حال من الأحوال ، ومن الصعب مقارعته وجها لوجه فكان لابد أن يسحب الى معركة الديمقراطية التي لا يجيدها ليجرب حظه فيها !.

ثانيا ـ
إن فوز الإسلاميين تكون أمريكا والدول الغربية قد نقلت الإسلام من إسلام يكفر الديمقراطية والعلمانية الى إسلام يعترف بمبدأ الديمقراطية وممارسة الإنتخابات .
ـ و نقل الصراع معهم من صراع السيوف والسكاكين ، الى الصراع باوراق الإنتخابات .
ـ وسحبهم من ساحات القتال الى قاعات الإنتخابات .
ـ ومن صبغ أصابعهم باللون الأحمر القاني الى اللون البنفسجي !!
ـ ومن فئات يقسمون على تطبيق الشريعة المنزلة على الأمة الى فئات يقسمون بالإلتزام بالدستور و الدولة الوطنية والمدنية والديمقراطية .
ـ ومن إخوان المسلمين الى إخوان المواطنين .!
ـ ومن وقوفهم وجها لوجه في صراعهم مع غير المسلمين الى وقوفهم
جنبا الى جنب مع غير المسلمين والعلمانيين ومع النساء في الإنتخابات !

هذا إضافة ألى تجنب تهديد الإخوان والسلفيين الذين هددوا بتحويل شوارع القاهرة الى أنهار من الدماء إذا لم يفوزوا في الإنتخابات كما فعلوا في الجزائر ، إن دعمهم و إعطائهم الضوء الأخضر في الإنتخابات لم يكن إلا تجنبا للكارثة ومقارعتهم في معركة الديمقراطية التي لا تستل فيها السيوف ولا تجري فيها الدماء .وتتناثر الأشلاء !.

ثالثا ـــ
!وأخيرا وليس آخرا أن أمريكا وبقية الدول الغربية وضعوا الإسلاميين في السلطة أي أمام إمتحان عسير لإثبات إدعائهم الذي أقاموا الدنيا ولم يقعدوها بأن " الحل في الإسلام " أو الإسلام هو الحل " ليقولوا لهم تعالوا الى الإمتحان :
في الإمتحان يكرم المرء أو يهان !!

ورابعا ــ
إن وصول الإسلاميين الى السلطة سيحدث شرخ عميق بين الإسلام المتطرف العدواني والإسلام المسالم ، لأن وجود الإسلام في السلطة سيضطر الى التعاون مع الغرب ومهادنة إسرائيل ولو بطريقة غير مباشرة لضمان إستمراره في الحكم الأمر الذي سيؤجج الخلافات فيما بينهم وبالتالي يؤدي الى ضعفهم ! وهذا أيضا سيصب في صالح العلمانيين والديمقراطيين والغرب .

وخامسا ـ
والأهم مما سبق ذكره أن الإسلام السياسي في مصر وشمال أفريقيا هو إسلام سني يتفق ويتعاون ويتحالف مع السعودية وبقية دول الخليج العربي وهذا يشكل " خط ماجينو " و سدا منيعا بوجه " الهلال الشيعي" !و التمدد الشيعي أو النفوذ الإيراني الذي يلتقي بالنفوذ الروسي والصيني كقطب يتحدى القطب الأول أمريكا والغرب في المنطقة والعالم ! وهذا ما ترغب به أمريكا والغرب قبل كل شيئ .

وهذا أيضا يضعف التوحد الإسلام السياسي العالمي وهذا أيضا سيكون في صالح العلمانية والديمقراطية .ولكن قبل كل شيئ يكون في صالح الدول الغربية وأمريكا قبل العلمانية والديمقراطية .

وبهذا يعتقد الأمريكان والأروربيون، برأي ، أنهم تمكنوا من ترويض الإسلاميين وإدخالهم في تجربة الديمقراطية ، فتطبيقها هو من أصعب الإمتحانات السياسية ،في الدول العربية والإسلامية ، وحتما سيفشلون ، لأنهم إذا طبقوا الديمقراطية وحقوق الإنسان يعني تركهم الشريعة الإسلامية وهذا كفر وإلحاد وخيانة لإخوانهم في الإسلام ! وحتما سيخسرون إخوانهم الذين صفقوا لهم ، وإذا تمسكوا بالشريعة ويعادون الديمقراطية التي إدعوا أنهم ديمقراطيون يكونون قد نكثوا بقسمهم ، وبهذا يكونون قد ضيعوا المشيتين كما يقال ، وفشلهم يكون إنتصارا للديمقراطيين الحقيقيين ، والتجربة والإمتحان أكبر برهان

أما الإسلاميون :
أولا ـ يعتبرون أنهم هم الفائزون عندما تمكنوا من إستغلال الديمقراطية وجعلها سلما للوصول الى السلطة لتطبيق شريعتهم السمحاء ! وجسرا للعبور الى الديمقراطية و المدنية و ( العلمانية ) الكافرة للقضاء عليها ، وإنهم روّضوا الديمقراطية لصالحهم ولسان حالهم يقول : بسلاحكم " الديمقراطية " الذي كنتم تحاربوننا به نحاربكم به اليوم !

ولكـــــــن :.
عندما يتخلى المسلم أو أي مؤمن عن هويته الدينية في سبيل السلطة والمال والجنس أو لأي سببا كان ، لم يعد من حق ذلك الشخص أو الحاكم أن يطالب بتطبيق شريعته الدينية كلا أو بعضا ما زال إنتقل من دائرة الدين الى دائرة السياسة و الوطنية والديمقراطية .

فهل نهنئ الديمقراطية ، نحن الديمقراطيون ، لأنها تمكنت ، أي الديمقراطية ، من ترويض الإسلام بما فيه الإسلام المتطرف أو العدواني
( السلفي ) الى الإسلام الوطني الديمقراطي !! وطوعته ليقف بكل إحترام وخشوع مجردا من السيوف والبلطات في صفوف الناخبين لا في صفوف المجاهدين !

أم نبكي على الديمقراطية لأنها خانت العهد و أوصلت أعداءها الى السلطة على حساب ألمؤمنين بها وأصدقائها وأبعدت الديمقراطيين الحقيقيين عن السلطة للقيام بواجبهم لخدمة المواطنين ؟

وهل ستتمكن الديمقراطية أن تحول أعداءها الى الأصدقاء .
أم يتمكن أعدائها من تشويهها والحكم بالدكتاتورية بإسمها ؟
وهل سيأتي يوم نهتف بسقوط الديمقراطية التي أوصلت أعداءها وأعداء الشعب الى السلطة ؟
ويكون حالها حال السيادة الوطنية التي كنا نتغنى بها ونصونها بصدورنا العارية ضد التدخل الأجنبي ، واليوم نلعن تلك السيادة التي تحولت من السيادة الوطنية الى سيادة أشخاص وعوائل وعشائر وإنتهازيين ومنافقين ، لا سيادة الشعب ، ونفتح دراعنا للأجنبي وندعوه للتدخل ليخلصنا من تلك السيادة الدكتاتورية الى السيادة الشعبية ، بعد أن فسدت وأصبحت في خدمة أعدائها ؟

وهل :
وصول الإسلايين ، الى السلطة يمثل بدء نهايتهم كإسلاميين ،لا كمسلمين ، لأنهم سيفشلون بتنفيذ شعارهم الذي خدعوا الناس به ثمانون سنة " الحل في الإسلام " أو " الإسلام هو الحل "! واليوم يرفعون شعار الحل في الديمقراطــــــة !!ويكون مصيرهم كمصير القوميين والبعثيين ؟
و كلما يرتفع الإنسان كلما يكون سقوطه أخطر، كما يقال
والذي يخدع الطرفين يتلقى الضربات من الجهتين .

والأيام ستكشف لنا :
مـَـــن يروّض مـَــــن ؟؟؟؟؟

=====================








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كل بيت ينقسم على نفسه يخرب
سامي الذيب ( 2012 / 9 / 10 - 14:42 )
أشكر أخي على هذا المقال الرائع
انا متأكد الإن الإسلام يقترب من نهايته، ليس فقط كسياسة ولكن كدين...
ليس بفضل العوامل الخارجية، بل بيد اتباعه. فدود الشجر منه فيه. ويقول السيد المسيح كل بين ينقسم على نفسه يخرب. اسمع بمزيد من الأسى ما يحدث في العراق وسوريا واتخوف من ان تنتقل المذابح من هناك الى مصر وتونس والمغرب والجزائر وغيرها من الدول الاسلامية... ومنها الى الغرب ولكن اقول الدمل ما ينفجر إلا لما يستوي

لقد عرضت في مقال مطول ما يعلم في المدارس المصرية من الإبتدائي الى الثانوي... ناهيك عما تذيعه تلفزيوناتنا من برامج دينية. لقد حفرت حكوماتنا بغبائها القبور لشعوبها بيدها.
تصور ان مجلس وزراء العدل العرب وافق عام 1996 على مشروع قانون يسن على الرجم للزاني وقطع يد السارق وقتل المرتد والعين بالعين... هذا نتاج مدراسنا وجامعتنا
إن كان علية القوم اغبياء، فماذا ننتظر من شعبويهم؟ إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص‎

اخر الافلام

.. صحة وقمر - قمر الطائي تجرب التاكو السعودي بالكبدة مع الشيف ل


.. لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس




.. بعد 200 يوم.. كتائب القسام: إسرائيل لم تقض على مقاتلينا في غ


.. -طريق التنمية-.. خطة أنقرة للربط بين الخليج العربي وأوروبا ع




.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: حزب الله هو الأقوى عسكريا لأنه م