الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنخفاض متوسط أعمار العراقيين..الأسباب والعوامل المؤثرة ( 6 )

كاظم المقدادي
(Al-muqdadi Kadhim)

2012 / 7 / 20
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


إستمرار التباين الصارخ في توزيع الأطباء على دوائر الصحة في المحافظات

لا تتوفر إحصائيات رسمية دقيقة عن الأوضاع الصحية في العراق يمكن الأعتماد عليها. وما يتوفر منها لا يصلح لأجراء ولو مقارنة بسيطة. وحتى" التقرير السنوي لعام 2010"[1]،الذي بذلت وزارة الصحة في إعداده، والحق يقال، جهوداً كبيرة، تستحق التثمين، جاء هو الآخر مليئاً بالأخطاء في الجداول والأرقام (سنأتي عليها تباعاً حيثما لها علاقة ببحثنا) غيرت الكثير من الإستنتاجات والتأكيدات، الأمر الذي أضعف مصداقية المعلومات الواردة فيه.وعدا هذا إحتسب معدو التقرير المعدل لكل 10 اَلاف نسمة، بدلآ من 100 ألف نسمة الذي تستخدمه منظمة الصحة العالمية، وكأنهم إختاروه عن قصد كي لا يتيح إجراء مقارنات مع الدول الأخرى التي تستخدم المعدل لكل 1000 ولادة حية ولكل 100 ألف نسمة..
وفقاً للتقرير، بلغ عدد الأطباء ( أخصائيين وغير أخصائيين، وبضمنهم المنسبين من وزارة التعليم العالي للعمل في دوائر الصحة) لعام 2010 (24750) طبيباً وبمعدل (7.5) طبيبباً لكل 10 اَلاف نسمة من السكان لعموم العراق ، مقارنة بعام 2009، حيث كان عدد الأطباء الكلي ( 22396) طبيباً وبمعدل (6.9) طبيباً لكل 10 اَلاف نسمة.ويعزو التقرير التحسن الى إستقرار الوضع الأمني وعودة عدد من الأطباء الى البلاد [2].
المفارقة،أن جميع الأرقام المذكورة: المجموع الكلي للأطباء ومعدل الأطباء لكل 10 اَلاف نسمة من السكان لعام 2010،ليست صحيحة، ومبالغ فيها كثيراً. فتبعاً للجنة الصحة والبيئة البرلمانية ثمة طبيب واحد لكل 40 ألف نسمة [3].وعدا هذا،وجدنا ان عدد الأطباء الكلي هو (23449) وليس (24750) طبيباً، أي بفارق ( زيادة) 1301 طبيباً. ولو راجعت فصل " الموارد البشرية" والجدول ( 6- 2)- ص 168- وعنوانه:"الموقف للقوى العاملة(الأطباء) حسب المحافظة لعام 2010" ستجده مليئاً بالأرقام غير الدقيقة. فالعدد الكلي للأطباء ( 24750) غير صحيح – كما أسلفنا، والخطأ ناتج عن سوء جمع الذكور والأناث في كافة المجموعات الطبية.والصحيح هو( 22185) طبيباً في المحافظات، زائداً عدد الأطباء المنسبين من وزارة التعليم العالي ( 1261)، يصبح المجموع الكلي( 23449). وإرتباطاً بهذا الخطأ فان المعدل ( 7.5) طبيباً لكل 10 اَلاف نسمة المثبت في التقرير هو الآخر غير صحيح، ولابد من تدقيقه.
كما وان أعداد الأطباء الأختصاصيين وغير الأختصاصيين غير صحيحة أيضاً. فحاصل جمعها لا يعطي المجموع الكلي للأطباء. وحاصل جمع الذكور والأناث في كافة حقول الجدول غير صحيح. فمجموع الذكور والأناث في حقل الأطباء الأختصاص هو (8095) وليس 8469 طبيباً، ومجموع الأطباء الممارسين هو (4970) وليس 5134 طبيباً ومجموع أطباء الدراسات العليا هو( 3113) طبيباً وليس (3213) طبيباً ومجموع الأطباء المقيمين الأقدمين هو (2354) وليس 2978 طبيباً وأطباء التدرج الطبي (2186) طبياً وليس 2259، ومجموع الأطباء المقيمين الدوريين (2731) طبيباً وليس 2997.وبذا يكون مجموع الأطباء غير الأختصاصيين (15354) طبيباً وليس 16281 طبيباً.ويكون المجموع الكلي للأطباء في العراق (23449) طبيباً وليس 24750 طبيباً.
لنبيان عدد الأطباء في كل محافظة والترتيب الذي تحتله المحافظة بمعدل الأطباء لكل 10 اَلاف نسمة أعددنا الجدول التالي بالأستناد الى المعلومات الواردة في التقرير.مع الأشارة الى ان كافة الأرقام غير دقيقة بسبب الأخطاء التي أشرنا إليها قبل قليل، والتي يتطلب تصحيحها من قبل واضعو التقرير بالرجوع الى الأوليات.

ترتيب معدل الأطباء لكل 10 اَلاف نسمة
من السكان وأعدادهم في المحافظات
المحافظة عدد الأطباء المعدل
أربيل 179 10.7
البصرة 2016 9.9
كربلاء 853 9.2
بغداد 6633 8.7
كركوك 822 8.4
النجف 991 8.3
نينوى و بابل 2424 و 1428 7.8
الديوانية 777 7.2
صلاح الدين و دهوك 991 و 742 7.1
السليمانية 1355 6.5
واسط 692 5.9
الأنبار و المثنى 953 و 390 5.7
ذي قار 787 4.4
ديالى 737 4.3
ميسان 317 3.6

يبين جدولنا بان أعلى معدل للأطباء لكل 10 اَلاف نسمة حققته محافظة أربيل(10.7) طبيباً، تلتها البصرة، وكربلاء وبغداد وكركوك ونينوى وبابل.وأدنى معدل سجلته محافظة ميسان(3.6)، تلتها ديالى وذي قار والأنبار وواسطً والسليمانية. أما أكبر عدد للأطباء فموجود في بغداد( 6633) طبيباً، ونينوى(2424) والبصرة ( 2016) وأربيل ( 1789) وبابل ( 1428) والسليمانية (1355) طبيباً.وسحلت محافظة ميسان أدنى عدد للأطباء( 317) طبيباً، تلتها المثنى (390) طبيباً.
هذه النتائج تؤكد الظاهرة المزمنة والمستمرة منذ عقود في القطاع الصحي، وهي التوزيع غير العادل للأطباء.يؤكده تقرير وزارة الصحة، مشيراً بأن ملاحظة موقف القوى العاملة من الأطباء لعموم العراق وحسب العناوين الوظيفية والنوع الأجتماعي (إختصاص، ممارسون،دراسات عليا،مقيمون أقدمون،أطباء تدرج، مقيمون دوريون) تبين كثرة عدد الأطباء في بغداد وقلتهم في ميسان والمثنى، والسبب يعود- حسب التقرير- الى عدم أقبال الأطباء للخدمة في هاتين المحافظتين.أما بالنسبة لأعداد الأطباء الأختصاص وحسب دوائر الصحة لعموم العراق الحاصلين على شهادات عليا في فروع الطب المختلفة السريرية وغير السريرية، فنلاحظ تباين في العدد والمعدل بين دوائر الصحة في بغداد وباقي المحافظات، مثل "طب الأسرة"، حيث لا يتوفر هذا الأختصاص في عدد من دوائر الصحة،بينما يتركز عدده في بغداد والبصرة ونينوى، والسبب يعود الى حداثة هذا الفرع مقارنة بفروع الأختصاص الأخرى.ويتضح أيضاً أعداد الأطباء الأختصاص (ملاك وزارة الصحية مع المنسبين من وزارة التعليم، والبالغ عددهم ( 7606) وبدون محافظتي أربيل ودهوك [4]
الى هذا،يتسم توزيع الأطباء بحسب الإختصاص- من حيث العدد والمعدل للسكانً- بتباين صارخ وكبير جداً. فمن ناحية المعدل، يشكل أطباء الأختصاص، ضمن الأطباء لعموم العراق، معدل (2.2) طبيباً لكل 10 اَلاف نسمة ، ويشكل أطباء غير الأختصاص (4.9) طبيباً لكل 10 اَلاف نسمة من السكان. والفرق بين المعدلين شاسع- فالأطباء غير الأختصاصيين يشكلون أكثر من الضعفين.ومن حيث العدد، فان مجموع الأطباء الأختصاصيين (8095) طبيباً الى مجموع الأطباء غير الأختصاصيين (15354) طبيباً،يعكس تبايناً جداً كبير، حيث بشكل.العدد الثاني (65.5 %) والأول (34.5 %)،أي ان قرابة ثلثي مجموع الأطباء في العراق هم غير إختصاصيين. وتلكم مسألة سلبية تُحسب على وزارة الصحة لا يتعين تجاهلها، خاصة وان دول العالم المتمدنة،التي تريد الوزارة اللحاق بركبها، إلتفتت منذ عدة عقود الى أهمية التخصص الطبي، وإهتمت به إهتماماً متميزاً، وشجعت أطباءها عليه، وحفزتهم،وتجاوزت التخصص العام الى التخصص الضيق. وقد أثمر التخصص نتائج هامة في دقة التشخيص وفي المعالجة الناجحة للمرضى وفي تقليل الوفيات، وبالتالي إطالة أعمار المواطنين، جنباً الى جنب المتطلبات الأقتصادية- الأجتماعية والسياسية والتشريعية والثقافية،التي مر ذكرها في عدد سابق.
على صعيد توزيع الأطباء الأختصاصيين في المحافظات، إحتلت بغداد المركز الأول في عددهم (2196) طبيباً، تلتها نينوى( 772) والبصرة ( 631) طبيباً. في حين سجلت المثنى أدنى عدد للأختصاصيين(96) طبيباً، تلتها ميسان ( 105) طبيباً.بيد ان معدل الأطباء الأختصاصيين لكل 10 اَلاف نسمة من السكان إختلف كثيراً عن أعدادهم في المحافظات، فسجلت محافظة أربيل أعلى معدلآ ( 3.8) طبيباً، تلتها البصرة (3.1) وكركوك( 3.0) وبغداد (2.9) طبيباً.بينما سجلت محافظتا ديالى وذي قار أدنى معدل للإختصاصيين( 1.1) طبيباً، تلتهما ميسان ( 1.2) والمثنى ودهوك( 1.4) وصلاح الدين (1.5) والأنبار (1.6) طبيباً لكل 10 اَلاف نسمة من السكان.
ولو راجعت الأختصاصات تجد التباين صارخ أيضاً. لضيق المجال نعطي أمثلة من ثلاثة منها فقط:
أولآ- النسائية والتوليد: يبلغ عدد الأطباء ( 867) طبيباً .أما معدلهم فهو (2.87) طبيباً لكل 10 اَلآف نسمة من السكان لعموم العراق (في الجدول مكتوب لكل 100 ألف وليس 10 اَلاف نسمة..لماذا؟). وهنا إحتلت محافظتا البصرة وكركوك المركز الأول( 5.0) طبيباً، تلتهما النجف ( 4.69) طبيباً. وأدنى معدل سجلته الأنبار وميسان( 1.45) طبيباً لكل 10 اَلاف نسمة من السكان..
ثانياً-الأطفال: يبلغ عددد الأطباء ( 1026) طبيباً ومعدلهم (3.40) طبيباً لكل 10 اَلاف نسمة لعموم العراق.هنا سجلت محافظة كربلاء أعلى معدل (6.20 ) طبيباً لكل 10 اَلاف نسمة من السكان.وسجلت محافظة السليمانية أدنى معدل (1.39) طبيباً لكل 10 اَلاف نسمة من السكان.
ثالثاً- الباطنية: يبلغ عدد الأطباء (899) طبيباً ومعدلهم (2.98) طبيباً لكل 10 اَلاف نسمة من السكان. هنا سجلت محافظة النجف أعلى معدل(6.37)طبيباً. أما أدنى معدل، فقد سجلته ديالى( 1.17) طبيباً لكل 10 اَلاف نسمة من السكان.
ويذكر،ان عدد الأطباء المنسبين من وزارة التعليم للعمل في دوائر الصحة لعام 2010 بلغ ( 1261) طبيباً، منهم (1088) طبيباً إختصاصياً و( 8) أطباء ممارسين و ( 103) أطباء دراسات عليا و( 52) طبيباً مقيماً أقدماً و (10) أطباء مقيمين دوريين. أكثر الأطباء الأختصاصيين من المنسبين هم في بغداد ( 280) طبيباً، تلتها البصرة ( 113) والنجف ( 100)طبيباًً.أما أدنى معدل لهم فهو في ميسان والمثنى( 8 و 9) طبيباً..
وعلى صعيد توزيع الأطباء غير الأختصاصيين، الذين يبلغ مجموعهم (15354) طبيباً ومعدلهم (4.9) طبيباً لكل 10 اَلاف نسمة من السكان لعموم العراق، فقد سجلت محافظة أربيل أعلى معدلآ (6.7) طبيباً، تلتها كربلاء( 6.5) والبصرة(6.2) وبغداد( 5.4) والديوانية وكركوك( 5.1) طبيباً.وأدنى معدل سجلته محافظتا ذي قار وديالى(3.1) طبيباً لكل 10 اَلاف نسمة من السكان.

خلاصة العرض، ان التوزيع غير العادل للأطباء الأختصاص في المحافظات لعب دوره السلبي الكبير في تشخيص الأمراض ومعالجتها وإنقاذ المرضى من الموت.ولا يقتصر التباين الصارخ في توزيع الأطباء فقط، وإنما يشمل ذوي المهن الصحية والمؤسسات الطبية الحكومية في المحافظات..
ولنا عودة للموضوع..
الهوامش:
1- التقرير السنوي لعام 2010 ، وزارة الصحة، جمهورية العراق.
2- الموارد البشرية، التقرير السنوي لعام 2010 ، وزارة الصحة، جمهورية العراق، ص 163.
2- "شفق نيوز"، 12/12/2011.
3- التقرير السنوي لعام 2010، ص163
-------
*أ.د.كاظم المقدادي-أكاديمي وباحث بيئي عراقي مقيم في السويد









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا