الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صديقتي التونسية... تسال عن العراق!

اسماعيل داود

2012 / 7 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


طيلة اكثر من ثلاثة اشهر في تونس ، دُرت اوجه اسئلتي يمين وشمال حول التغيير في تونس ومستقبل حقوق الانسان و الحريات ، حتى التقيت مدوّنة تونسية شابة امتلكت بالإضافة الى الذكاء ، الصراحة و ادب الحديث ، وحينها انقلب السحر على الساحر، و وجدتني اجيب على اسئلتها الواحد تلو الاخر!

- قلي بربك هل صحيح ان الشيعة لديكم لا يحبون محمد ، وان السنة في العراق لا يحبون علي والحسين؟

- عزيزتي في العراق هناك متدينون يصفون انفسهم بالسنة وهم ورثوا المذهب الحنفي او غيرها من مذاهب تسمى المذاهب السنية ، وهم يحبون علي ويحبون ايضا الحسين. ولدينا متدينون ورثوا المذهب الجعفري وهو مذهب عريق في بلادنا وهم يحبون محمد، كيف لا و هو نبيهم!

- عذراً لكن ما المشكلة اذاً؟

- المشكلة ان المتدينون من كلا المذهبين لم يتعلموا للان ان يحبوا بعضهم البعض! بل انهم كلما تدينوا اكثر كلما وضعوا حواجز بينهم وبين الاخر. هم يعتقدون ان مذهب كل منهم هو الحقيقة المطلقة ، ويستغربون ان الاخر لم يهتدي لمذهبهم ! انتم في تونس ورثتم مذهب واحد و نحن ورثنا مذاهب.

- لماذا تقول المتدينون ، انا اسال عن العراقيين وليس عن فئة منهم.

- لك الحق فغالبية العراقيين ضاعوا وضيعو هويتهم بين الدين و الطائفة ، لكن الروح المدنية موجودة في العراق وان كانت قد غُيّبت اليوم، بسبب ما يسميه العراقيون الطائفية السياسية، وهي طبخة امريكية التهمها سياسيون عراقيون بشراهة!
عودي الى تاريخ العراق بداية القرن العشرين وتناولي اعلامهم من شعراء ومفكرين ومناضلين ، ستجدين انهم عراقيون ولم يعرف عنهم انهم تفاخروا بتحزبهم لدين او مذهب. للأسف اليوم نعيش ازمة هوية لان الانتماء الى الدين و الطائفة والقومية اقوى من الانتماء الى العراق.

- هل صحيح ان المتطرفين لديكم ارتكبوا فضائع ؟

- هذه قصة حزينة جداً ، المتطرفين من الجهتين وان كانوا اقلية ، فأنهم ارتبكوا فضائع طالت الاغلبية ، وهي جرائم يندى لها جبين الانسانية. هم لا ينكرون ذلك لكنهم يختلفون بينهم على من بدا أولا ومن قتل ومن فجر ومن هجر اكثر . اليوم هناك تغيير فالتطرف انحصر الى حد ما، لكنه ما يزال يهدد حياة الاغلبية. لديكم في تونس سلفية واحدة ونعاني نحن من سلفيتين!

- ماذا عن الكورد هل حقيقة انهم حلفاء للصهاينة وعملاء للغرب؟

- كي تعرفي من هم الكورد ومن هم باقي المكونات العراقية غير العربية ، عليك ان تستحضري قصة الامازيغ في شمال أفريقيا، هم جمع بشري سكن المنطقة منذ الازل وله ثقافة ولغة ولديه تطلعات سياسية وثقافية. ما يجمع الكورد لدينا و الامازيغ في شمال افريقيا هو ان كلاهما تعرضوا للاضطهاد و الاقصاء من قبل موجة من الفاشية القومية والتي اتخذت العروبة عنوان لها. نحن نعيش الان تحول فرموز الفاشية تسقط ، لكن للأسف ما جنوه على المنطقة باقي، فمثلا اليوم الكورد في العراق لا يحسون انهم عراقيين بالدرجة الاساس.

- اراك متعاطف معهم ، هل تقبل ان يقسّم العراق؟

- صديقتي انا لا اقبل للشعوب سوى الحرية، كما اتطلع لحرية شعب فلسطين انا اتطلع لحرية الشعب الكوردي في كل مكان، وكما اتمنى ان يتحد العرب وان يشكلوا فضاء سياسي اجتماعي واقتصادي يحمي مصالحهم ، اتمنى ذلك للكورد و الامازيغ. على اساس المواطنة فقط يمكن ان تتشكل الاوطان ، فلا اتصور ان اجبر الكوردي على ان يحس انه عراقي اولاً ، بالرغم من إن ذلك ما اتمناه انا. اليوم هناك اصوات تنادي بالفاشية القومية من جديد كوردية بمقابل العربية او العكس ، والخاسر الوحيد هو الهوية العراقية.
ببساطة العراق بدون الكورد لن يكون عراق ابداً ، سيكون بلد اخر! بالمناسبة التقيت امس صديق من ليبيا من اصول امازيغية وكان بيننا نفس هذا الحديث في ما يخص ليبيا. الفرق انني كنت من يوجه الاسئلة!

- طيب ماذا عن المراة العراقية ، هل امتلكت حريتها ؟

- اتمنى لو امتلك جواب شافيا لك ، لكن العراق بلد الالوان ليس فيه ابيض واسود . حسنناً المراة العراقية اقصيت الان من الحياة العامة وهي تعيش على الهامش. الدولة العراقية تمارس سياسة العزل والتمييز على اساس الجنس بشكل يومي وفي كل مفاصلها من المدرسة الابتدائية الى رئاسة الوزراء. تصوري المفارقة فكما تعلمين ان العراق طبق نظام الكوتا - ولضمان الحقوق السياسية للمرأة في بلداننا ارى إن مثل هذا النظام ضروري - اليوم لدينا ما يقارب 25 بالمئة نساء في البرلمان لكنهم تحت عباءة القيادات الذكورية الطائفية والقومية ، للأسف لم يتمكنّ ان يلتقينّ على ما يجمعهنّ، حتى وان كانت المسالة تتعلق بحقوقهن! الادهى من ذلك ان بينهن من تصارح وتحتفي بدونية المراة قياسا بالرجل ! تصوري في العراق ولآلاف السنين عرفنا اَلهة نساء ، واليوم نواجه عبودية علنية لصالح الذكور!

- ماذا عن حقوق الانسان في العراق ؟

- اذا تقصدين منظمات حقوق الانسان فهي بآلاف ومعظمها بعيد عن المفاهيم الاساسية لحقوق الانسان ! وإذا تقصدين مؤسسات فلدينا وزارة لحقوق الانسان ومفوضية والقائمة تطول. اما اذا تقصدين الحقوق والحريات نفسها ، فهي في خطر عظيم ، هل تعرفين ان وزارة حقوق الانسان تبرر عقوبة الاعدام و التعذيب مثلاً وتغطي عليه ، و الامرّ من كل ذلك فأن حكوماتنا المتوالية تعدنا كل يوم ببناء مزيد من السجون! ويشرع برلماننا مزيد من القوانين التي تحد من الحريات... صحيح ، علمت ان تونس قد استحدثت وزارة لحقوق الانسان وهو امر مقلق جداً ، اقترح ان تستوعبوا النموذج العراقي اولاً!

- ماذا عن باقي الاديان لديكم ... اريد ان تخبرني عن زواج المتعة ، هل هوة اشاعة ام حقيقة ... وماذا عن الفساد هل حقيقة نوابكم سراق للمال العام ... وأريد ان توضح لي كيف احتل الامريكان العراق ودمروه بهذه السهولة ... قلي بصراحة زمن صدام افضل ام الآن و هل ...

- هل يمكن ان نتوقف هنا وان نذهب للمقهى لتناول الشاي التونسي مع النعناع ؟ اعدك بأنني سأحاول ان اجيب على ما تبقى من اسئلة لكني الان بحاجة الى الشاي ...
هل لاحظت ان الشاي التونسي اخضر والشاي العراقي اسود ... مع ذلك انا افتقده و افتقد رائحة "الهيل" فيه .

تونس 21-07-2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ اسماعيل شكرا لك
هوزان خورمالى ( 2012 / 7 / 21 - 23:33 )
مقالك جميل والاجمل انصافك لايبدو انك في قفص اي من الايدولوجيات المتعصبة ,كلامك عن الواقع العراقي هوة نفس الذي يحدث او الذي حدث ,لكن ملاحظة بسيطة لك كان يجب عليك بعد اذنك طبعا ان توضح للاخت التونسية بان الكرد بمرور الزمن وطوال فترة الحكم المستبد في العراق لن ينعموا بلامن والراحة لسبب بسيط وهوة لا نهم كرد ومن غير قومية ولديهم نضال عمرة اكثر من 100سنة ضد الدكتاتوريات المتلاحقة في العراق ,امابصدد انهم عملاء الصهاينة فهي اشاعة الغرض منها تشويهة تلك الحرية التى تم انتزاعها بدماء الشهداء الابرار منذو عصورمقال جميل ومنصف لكن عن حقوق المرة كان عليك ان توضح للاخت الكريمة بان عددوف الارامل يفوق 4ملاين ارملة وعددالايتام يفوق 5ملاين يتيم تم قتل ذويهم من قبل عصابات الغدر والخيانة وتذكر عن البطالة النامية في العراق وفقدان القانون والطائفية والدكتاتورية المذهبية والفساد المنتشر ,امابصدد الكرد واحساسهم بعراقيتهم صح الكرد مقسمون الى فيئتين عراقي وكردستاني وان دل على شي هذا يدل على الديمقراطية والحرية في كردستان اخير وليس اخرا شكرا لك لانصافك بحق الكرد والشعب العراقي


2 - شكرا
اسماعيل داود ( 2012 / 7 / 22 - 05:05 )
شكرا هوزان ، بالتاكيد هناك الكثير لنقوله و الاكثر لنتعلمه. فشكرا على ملاحظاتك.

اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا