الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للمنصب قضية

اسماعيل موسى حميدي

2012 / 8 / 5
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



دائما ما تكون النفس الانسانية عندنا ميالة للجاه والثراء والعز والتسيد الاجتماعي والاعتباري، وتحقيق الذات طبيعة انسانية لاتنكر وتعد من الحاجات الاساسية التي ذكرها العالم "ماسلو" في هرمه في تصنيف الحاجات، وتأخذ هذه الحاجة مستويات وانماطا متباينة تبعا لشخصية الفرد والثقافة الاجتماعية السائدة في محيطه، وحاجة المنصب عندنا غاية لاتدرك في النفوس ،فالكثير يظن ان اكتمال ذاته مرهون بما يحتله من منصب في المجتمع وما سيرفده من قوة ومكانة تعزز وجوده وتقوي روابطه داخل فلكه الاجتماعي وهو تفكير أقرب ما يسمى بالتفكير المتعصب ضمن مفهوم قبلي، لذا عندنا من يتبوأ منصبا ما فانه يجعل لنفسه من الاعتبارات الخيالية ما لا يجعله له حتى الاخرين المقربين منه او الذين معه في مكان العمل ،فما من احد يتسنم منصبا اداريا او فخريا حتى تتأطر شخصيته بصفات الكارزما ويغادر شخصيته النمطية نتيجة حساسيته بالتغيير الحاصل في اطاره النفسي العام ،لذا نجد في الغالب كل فرد قد احتل منصبا معينا كأن يكون رئيس قسم او وحدة ادارية او مديرا عاما فاكثر فانه طالما بقي في هذا المنصب فان قلق التخلي عن منصبه يراوده طيلة بقائه فيه ويعمل على تفتيت كل القوى التي تحيق به وتهاجمه على سحب البساط من تحت عرشه ،وغالبا ما نسمع من مدير مدرسة او قسم او وحدة ادارية بتشدقه الدائم بكلام كرهه للمنصب وانه قدم استقالته ولايروم الاستمرار بمنصبه ،والحقيقة ان الواقع على العكس وهذا الكلام نابع من شبح الاعفاء او التخلي عن منصبه لانه يعد تنازله تنازل عن مكانته الاجتماعية وتنازل عن قيمه واعتباراته واضعافا لشخصيته في الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه، وان هذا المجتمع سينظر اليه بالمتراجع غير القوي وربما المستهجن او الفاشل ، لذا ان الركون ،في مرحلة ما بعد المنصب، الى حلقة الموظف الاعتيادي يشكل له فشلا كبيرا ،وكم من اداري اعفي من منصبه لسبب ما حتى تقدم بطلب نقله الى غير مكان عمله او بقي معزولا في دائرته بنفسه لا يتحدث ولا يختلط باحد في مكان عمله على اعتبار انه حاز بشخصيته مكانه تخطى من خلالها اعتبارات الموظف العادي وطبيعة شخصيته لاتتناسب الا مع مضامين القادة الاداريين الكبار، وعندهم لا يمكن للكل ان يصبح جزءا ولا الكبير يصبح صغيرا ولا صاحب الجاه يصبح وضيعا ،والغريب الاكثر استدعاء للاستهجان ان أي شخص في مجتمعنا لايمكنه القبول بمنصب معين اقل من الذي كان يتسنمه ،فلا يمكن لرئيس جمهورية ان يصبح وزيرا ولا لوزير ان يصبح وكيل وزير ولا لوكيل وزير ان يصبح مديرا عاما ولا لمدير مدرسة ان يصبح معاونا في نفس المدرسة وهكذا ،وهذه الحالة تقودنا الى امر مفاده ان صنف هؤلاء الناس ليست غايتهم العمل والعطاء والحرص كما يدعون ، انما تسلقوا المنصب لمآرب ايدلوجية او شخصية بحته ، ،وحقا انها آفة اجتماعية تستند لثقافة تعصبية وهي بعيدة كل البعد عن ادب التواضع الذي دعانا اليه "نحن المسلمون" الله "سبحانه وتعالى" عندما قال "ان الله لايحب كل مختال فخور" والمختال معناه الذي يتخيل الفضيلة ،واخيرا ان هذا الانطباع الاجتماعي الذي يكاد يكون سلوكا جمعيا في مجتمعنا يذكرني بذلك البروفسور الذي كان يحتل مكانة عظيمة في احدى الجامعات الغربية، وبعد ان احيل على التقاعد راح يعمل سائقا في نفس الجامعة ينقل الموظفين من والى الجامعة فياعجبي للتواضع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مساعدات بملياري دولار للسودان خلال مؤتمر باريس.. ودعوات لوقف


.. العثور على حقيبة أحد التلاميذ الذين حاصرتهم السيول الجارفة ب




.. كيربي: إيران هُزمت ولم تحقق أهدافها وإسرائيل والتحالف دمروا


.. الاحتلال يستهدف 3 بينهم طفلان بمُسيرة بالنصيرات في غزة




.. تفاصيل محاولة اغتيال سلمان رشدي