الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الروائي إيلي عمير: بغداد مسقط راسي وتعشش في ذاكرتي وفي مخيلتي

مازن لطيف علي

2012 / 8 / 6
مقابلات و حوارات


إيلي عمير (واسمه في سجل النفوس البغدادي: فؤاد الياس خلاصجي) روائي عراقي كبير، هو كاتب وناشط إسرائيلي/عراقي ولد في بغداد في 26 سبتمبر/أيلول عام 1937م وقد هاجر مع أسرته من العراق إلى إسرائيل عام 1950م، نشر ايلي عمير أربع روايات هي : "ديك الفداء"، " المطيرجي "، "حب شاؤول"، و"ياسمين" وقصة مطولة تحت عنوان "لقاء بين مجهولين" تتناول مؤلفاته المواجهات الاجتماعية الثقافية في المجتمع الإسرائيلي، والصراعات بين اليهود والمسلمين، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ومحاسبة النفس لدى الإنسان الإسرائيلي. فاز ايلي عمير بالعديد من الجوائز الأدبية والاجتماعية وله برامج في الراديو والتلفزيون.

قبل الحديث عن الادب والراوية يهم القارئ العراقي أن يعرف بداياتك في بغداد؟

تركت العراق وانأ في الثانية عشرة من عمري قبل ان استقي من منهل الادب والشعر العربي لحد الارتواء. هذا الوضع انعكس بطبيعة الحال على مقدرتي في بسط شبكة علاقات مع ادباء وكتاب عراقيين. غير ان حبي وتعلقي بجذوري العراقية منعني من التفريط في اهتمامي وتعلمي اللغة العربية وآدابها ودراسة تاريخ الشرق الاوسط في الجامعة العبرية. وفي حياتي اليومية استخدمت اللغة العربية اليهودية الدارجة وطالعت باللغة العربية واحتفظت بعادة الاستماع الى الموسيقى العربية ، مصدر الهامي. غير انني توجهت للكتابة بالعبرية لعدم المامي باللغة العربية كما انني اَثرتُ الكتابة بالعبرية لمخاطبة الجمهور الاسرائيلي من حولي وتثقيفهم عن الظروف التي مر بها يهود العراق على مر العصور الغابرة.

في روايتك "ياسمين" الصادرة عام 2005 تروي فيها قصة حب بين رجل يهودي إسرائيلي ينحدر من أصل عراقي وبين شابّة مسيحية فلسطينية من شرقي أورشليم القدس اسمها ياسمين.. ترى هل يمكن اعتبار هذه الرواية سيرتك ألذاتية ام ان سيرتك الذاتية كانت في روايتك ألشهيرة المطيرجي"؟


اصداراتي الثلاث "ديك ألفداء" ، " المطيرجي"و"ياسمين" هي تريلوجيا – رواية بثلاثة فصول، مكملة الواحدة الاخرى وتستند الى خطوط سيرتي الذاتية الشخصية منها والعائلية. توخيت من الكتابة تعريف القارئ اينما يتواجد بالعائلة العراقية التي استقر بها المقام في بلاد الرافدين منذ مئات السنين. هذه العائلة اضطرت الى اقتلاع جذورها والهجرة الى اسرائيل مارة بأزمة الهوية وغيرها من مشقات الحياة وما واكبها من عملية بناء حياة جديدة في بيئة غريبة وكيف اثٌر ذلك على الصغار والكبار والأهل من خلال متابعة سيرة حياتهم. استغرقت كتابة " المطيرجي" اكثر من عشر سنوات حيث اجريت تحقيقا مسهبا كما تحدثت الى كثير من المؤرخين والخبراء في تاريخ العراق في الثلاثينات والأربعينات من اليهود والمسلمين اضافة الى دراسة مستندات دبلوماسية تحتوي على مواقف وأراء سياسيين ووجهاء في تلك الفترة . وفور صدورها تقدمت "المطيرجي" لائحة الكتب الاكثر قراءة ، فالرواية تأخذ بيد القارئ للتجول في ازقة بغداد وشواطئ دجلة والطبيعة الخلابة والتعطر بروائح اسواقها والتمتع بفولكلورها الشعبي والغذائي. تميزت هذه الفترة بكثرة التحديات الفكرية مثل الشيوعية والصهيونية والقومية التي تناحرت فيما بينها وزرعت هوة بين الاجيال الناشئة والمتقدمة في السن سواء من اليهود او العرب كما ان الصهيونية اثارت الخلافات بين المؤسسة التقليدية والجيل الناشئ على غرار ما نشاهده في الربيع العربي.هذه الصراعات ألت الى تشقق نسيج العلاقات بين العرب واليهود وتفشت الخلافات في صفوف كل من الطرفين. الحلم اليهودي ينتهي بالهجرة والوصول الى ارض الميعاد التي سبقنا اليها يهود اوربا في العمل والمكانة والعقلية والثقافة الغريبة. يتحطم الحلم اليهودي على صخرة الواقع المرير من عوز وشحه السكن والتحول بين ليلة وضحاها من اناس مكرمين معززين الى لاجئين في خيم تعصف بها الرياح والمطر في الشتاء لسنوات عجاف.

ان روايتي "ياسمين" ترجمت للعربية في مصر عن دار النشر بيت لقمان بترجمة الصحفي المصري حسين سراج حيث قوبلت بنجاح واستحسان كبيرين. اما كتابي "ديك ألفداء" فقد حظي والحمد لله بإطراء واقتباس في الدول العربية من خلال الترجمة الانجليزية.
تحاول رواية ياسمين تصوير لقاء بين شابة فلسطينية وعائلتها بنوري الشاب اليهودي وعائلته العراقية الاصل مع الحرص على طرح الخطاب الاسرائيلي والفلسطيني في المداخلات بين الجانبين.
وأشاد النقاد في مصر بالتوجه الايجابي في استعراض الثقافة والحضارة العربية في الرواية ياسمين. وكان هذا الكتاب ثمرة فترة ما بعد حرب الايام الستة حيث تم تعييني مستشارا لشؤون عرب شرقي القدس في ديوان رئيس الوزراء . شغف القراء ب"ياسمين" بالعبرية وكان لروايتي هذه و"المطيرجي" صدى كبيرا في الدول الغربية وخاصة في تركيا


في روايتك"المطيرجي" الكثير من الاهتمام بالفلكلور العراقي والأكلات الشعبية العراقية واليهودية، والمفردات ألبغدادية الى اي مدى يتفاعل معها القارئ الغربي؟

تُدون هذه الرواية الذاكرة العراقية مصورةً سحر ألشرق، فضلا عن تسجيلها فصل الختام في تاريخ يهود العراق منذ السبي البابلي. وصدرت مؤخرا ترجمة للرواية الى الانجليزية فيما يعكف المخرج الشهير نسيم ديان على انتاج وإخراج فيلما سينمائيا تستند احداثه الى رواية "المطيرجي" . اما الممثلون فانتخبوا من مواليد إسرائيل ينحدر اباؤهم من العراق كي يتحدثوا بالعربية اليهودية

ما هو انطباعك الان عن الثقافة العراقية والأدب ألعراقي وهل لديك تواصل مع الادباء العراقيين

كان بودي توسيع رقعة الاتصال مع ادباء وشعراء عراقيين خاصةً في عهد الاتصالات الالكترونية كما ان لقاءاتي الطيبة مع العراقيين والأكراد المغتربين التي تتخلل الندوات وحفلات ألاستقبال تثير دائما المشاعر الجياشة.

هناك خلط بين مفاهيم مثل الادب العبري والأدب اليهودي والأدب الصهيوني والأدب الإسرائيلي كيف تنظر لذلك؟

يمكنني ان اقول ان الادب أليهودي مثل ادب المهجر باللغة العربية, كتب في كل مكان عاش فيه اليهود في العالم. بطبيعة الحال كتب الادباء باللغات المحلية في البلاد اللتي كانوا يعيشون فيها ,بالعربية, الانجليزية, الالمانية, الروسية وغيرها من اللغات. وهناك القليل من الكتب كتبت بالعبرية في ألمهجر
الادب اليهودي تناول مواضيع في الديانة أليهودية تفسيرها والضافيات لها, الايمان أليهودي المدراش,المشنا والتلمود, الادب الشفوي ومدراشيم لا تعد ولا تحصى والتي تتناول الدين والإيمان ولا يزال الحاخامات والأكاديميون والخبراء يستخدمون هذا الادب التعبيري في هذه المسائل. وهو الادب اليهودي الرئيسي الذي يكتب اليوم في انحاء العالم.
في الحقيقة بدأ الادب الصهيوني قبل مائة وخمسين عاما تقريبا عندما شرع يهود تأثروا بالثقافة الغربية وحصلوا على التعليم الجامعي بمغادرة " الجيتو " اليهودي .

اما الادب الاسرائيلي فقد بدأ في الواقع قبل 80 عاما هنا في اسرائيل حيث كتبت اعمال ادبية اسرائيلية تبعتها كتب اخرى من قبل الجيل الذي ولد في اسرائيل في فترة البلماح وحرب الاستقلال وما بعدها.
الأدب الإسرائيلي هو الأدب الذي كتب في ارض اسرائيل دائما وبشكل خاص الادب الذي نشر بعد استقلال ألدولة ومما يلفت الانتباه اندماج كتاب يهود مهاجرين جدد من جميع الدول في العطاء الادبي المحلي مثلما حدث لي. وكان من الطبيعى ان تدرس المواد الادبية لهؤلاء الكتاب المهاجرين في المدارس الاسرائيلية في الحصص الالزامية. ولا تقتصر اهمية هذا الادب على المشهد ألمحلي بل تتعداه الى الخارج حيث تبوأ مكانة عاليه بعد ان ترجم الى عشرات اللغات الاجنبية وأصبح في متناول أليد. يعكس هذا الادب القضايا التي تشغل اليوم الكتاب الإسرائيليين سيما موضوع الصراع العربي الاسرائيلي ألفلسطيني الذي يحتل مكانة خاصة ورقعة واسعة في اعمالهم.

هل تعتقد أن الجذر الروحي ممكن ينتهي عند اليهودي العراقي الذي هاجر من العراق ؟
استنادا الى تجربتي وتمسكي بالتراث العراقي الذي يلازمني ويغشو جلدي وصميمي، فأنني اعتقد ان الجذور العراقية الروحية ستلازم الاجيال القادمة بفضل الكتب والبحوث لأدباء وشعراء من يهود العراق الى جانب التقاليد والتراث التي تنتقل بصورة شفوية. ولعل ابرز مثل على ذلك، ان بعض ابناء الجيل الثالث يتبنون الهوية العراقية او تؤثر على نتاجهم في مجال الافلام الوثائقية والسينمائية على حد سواء والمشهد الاسرائيلي يعج بها. ومن المفارقة انهم ولدوا في اسرائيل ولم يروا حتى لمحة من بغداد.

ما أهمية المكان في اعمالك الادبية؟

للمكان اهمية كبيرة في كتابتي كما هو الحال بالنسبة لكل كاتب اخر. فها هي بغداد مسقط راسي لا تفارقني فهي موجودة في فؤادي وذهني وتعشش في ذاكرتي وفي مخيلتي.
ان رواياتي تستنبط من المدن التي زرتها في العالم وسكنت فيها عشرات السنين مثل مدينة اورشليم.
عندما اجلس لأبدأ بالكتابة تراودني في مخيلتي لوحات من مناظر ومواقع على وجه البسيطة شغفت بها اضافة الى انغام ولغات لقيت ملجأ دافئا في طيات قلبي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اسئله محيره
د.قاسم الجلبي ( 2012 / 8 / 6 - 09:22 )
سيدي الكريم ما هو الدافع الرئيسي والاساسي في جعل المواطن اليهودي بعدم نيسيان موطنه الاول وجذوره العراقيه؟ الى جانب الاحتفاظ بكل التقاليد والتغزل ببغداد والنهرين دجله والفرات؟ رغم كل الجور والظلم الذي لحقه من الاجيال الماضيه؟ الا ترى ياسيدي انهم من تركيبه نفسيه وطيبون الى درجه الكمال؟انهم يختلفون جذريا عن نفسيه المسلم والذي يحمل الضغينه والعنف اتجاه من يختلف معه في المبداء بل قل حتى ضد طائفته؟


2 - رائع-اكتبوا عن الاكراد والتركمان الواعين لعراقيتهم
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2012 / 8 / 6 - 12:17 )
نص رائع تحياتي استاذ مازن-هذه مساهمة في بناء الوعي بالانتماء الوطني الى العراق-نحن نعيش انتكاسه في كل شئ بسبب التسلط الهمجي البعثي لاربعين سنه
63-2003
والحروب وتكحلت بالتدخل الاميركاني-الجاهل الخبيث الوارث للكثير من سفالات الكولونيالية ومنها العرقية والطائفية وفرق تسد
استاذ مازن دورك رائع يسجله التاريخ لك وسعه رجاء ليشمل شركاءنا في
الوطن خصوصا الكثير من الاكراد وبالاخص المتعلمين بالجهل وليس المثقفين الذين لايدرون ان الانتماء للامة العراقية هي باسبورتهم للانتماء للانسانية
فكلما كان الانسان عرقيا كلما كان اقرب الى معشر البهائم وكلما كان وطنيا كلما كان ذالك يعني انه يمشي على السكة الصح
يوجد -رغم غيمة الغمه الاكرودية وتقوقعها القروسطي الاقطاعي العبودي
الذي يبشر به اعداء استقرار وتطور ورفاه العراقيين الذين ظلموا طويلا-والذين يعملون على ان يعيش العراقيون في -جيتوات عرقيه كريها ومتكارهة-اللعنةعلى الشوفينية على مختلف انواعها انها تجر الناس جرا الى الوراء حيث الغابة والسراع البهائمي

اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل وحماس؟


.. سمير جعجع لسكاي نيوز عربية: لم نتهم حزب الله بشأن مقتل باسكا




.. قطر: لا مبرر لإنهاء وجود مكتب حماس | #نيوز_بلس


.. بكين ترفض اتهامات ألمانية بالتجسس وتتهم برلين بمحاولة -تشويه




.. أطفال في غزة يستخدمون خط كهرباء معطل كأرجوحة