الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماركسية في البحث النقدي

محمد فخري حسن

2012 / 8 / 7
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية



صدر عن دار الفارابي في بيروت للأستاذ الأكاديمي فؤاد الخليل كتاب الماركسية في البحث النقدي وهو كتاب يتناول عدد من المواضيع التي تهم الماركسية كفلسفة كونية تعنى بتقديم رؤية ممنهجة للمشاكل الاجتماعية مع إيجاد الحلول اللازمة لها وفق ألمنهج المادي التاريخي وكذلك محاولة إيجاد راهنيه لها في هذا الظرف التاريخي الذي لايختلف اثنان على انه من السوء بمكان انه يتطلب إيجاد الاجتهادات النظرية وإعادة قراة للأفكار والنظريات على أساس النص الأصلي( كما ذهب إليه الكاتب ) لها من غير الاستناد على الشروح والقراات الأخرى التي قد تقدم ماينافي المقصد للنص الأصلي رغم سلامة النية والهدف .
لست ادري كم مرة أعلنت فيها وفاة الماركسية وأقيمت المآتم ولم اعرف أن في كل مرة يتبين إن الجثة في بصحة جيدة وان المرحومة قامت من بين الأموات قبل اليوم الثالث واعرف ا ن أول مرة أشهر فيها حفاروا القبور معاولهم والرفوش كانت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي .
بهذه الأسطر قدم المفكر الماركسي المعروف فواز طرابلسي كتاب رفيقه فؤاد خليل المار الذكر وهي مقدمة استنكارية لما ذهب إليه البعض بخصوص مال الماركسية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي .(ص9) .
تالف الكتاب من ثلاثة مباحث الأول حمل عنوان الماركسية بين الراهنية والقول النقدي تضمن عدد من العناوين التي رأى الكاتب إنها تتسق مع متطلبات البحث وتنشا بحثا نقديا في مواضيع متكاملة منها :-
1-تحديد العلاقة بين الماركسية والسسيولوجيا
من خلال مواقف عدد من علماء الاجتماع منهم عالم الاجتماع البلجيكي هنري جان الذي اقر بتفوق ماركس على بقية المذاهب الكبرى في القرن التاسع عشر والذي رأى إن قليلا من علم الاجتماع يسيء إلى الماركسية ويحط من شانها في حين إن كثيرا منه يزيدنا قربا منها (ص43) .
2- تحديد موقع الماركسية على الساحة الفكرية :
يؤكد الكاتب بالأدلة والشواهد على المكانة المتميزة التي شغلتها الماركسية وما زالت على الساحة الفكرية العالمية منذ انبثاقها على الصعيد الفكري في البيان الشيوعي لماركس وانجلز حيث يشير إلى تحفيزها للسجال العالمي منذ قرن ونصف (1840-1990) ومازالت سواء تعرضت للتأيد أم للنقد فعلى سبيل المثال مثلت الماركسية موضوعا للنقد من قبل دوهرنغ وآخرين وحضرت بشكل غير مباشر في الفكر السوسيولوجي عند دور كايم وماكس فيبر .
وانطلاقا من إن الامتياز الأصيل للماركسية هو في مفهوم الطبقة أداتها الرئيسية في التحليل النظري بأكمله حيث قدم ماركس مفهوما بشروط جديدة في تعامله الإجرائي مع مفهوم الطبقة المجتمعية حيث يقول ( إن تشكل الطبقة لايتطلب فقط المشاركة الموضوعية أو الواقعية في أساليب الإنتاج أو طرائق العيش بل يتطلب أيضا التضامن والوحدة المصلحية وبالتالي وعي هذين الشكلين من المشاركة المستمرة أو التعامل المتبادل بين أعضائها من موقع النقيض ضد الطبقات التي تهدد مصالحها .
وقدمت الماركسية رؤيتها التحليلية للمجتمع البرجوازي والمآل الذي سيكون فيه من خلال تناقضه البنيوي الذي يؤدي إلى الإطاحة به ومن ثم إلى بناء مجتمعي جديد وقد حددت الجديد بالاشتراكي في مرحلة دنيا والشيوعي في المرحلة العليا وتصورت إن البروليتاريا سوف تلغي نفسها كطبقة وسوف تزول الطبقات وتضمحل الدولة وينتفي أساس الاغتراب الإنساني ؟؟؟؟!!!
وهنا نرى الخليل يوجه النقد التهكمي ألاذع لهذا التصور قائلا( ومع تصور كهذا تكون الماركسية قد ابتعدت عن تحليلها الملموس وانزلقت إلى نبؤة يقع جذرها في كل فكر وضعي يجري إعلائه إلى ضرب من الدين ألخلاصي لكن في هذه الحالة على الأرض وليس في السماء !!!.
وقد أعطت الماركسية للدين أهمية كبرى في عملية دراسة المجتمع والوقوف على القوى المحركة فيه وما هو دور الدين في ذلك وقد حددت مهمتها في البحث في وظيفة الدين .. تنقب عن أسباب حاجة البشر إلى الدين... وتجيب في ذلك المقطع الشهير عن الدين بما هو (الزهرة الوهمية على قيد العبد ) 0 زفرة المقهور ) ( روح عالم بلا روح ) ( أفيون الشعوب ) وللمناسبة الذين يفسرون عبارة الدين أفيون الشعوب على إنها الدور التخديري للدين ..يتناسون إن الأفيون كان ولا يزال دواء بالغ الفعالية لتخفيف الأوجاع .
ثم لابد من ملاحظة عبارة ( روح عالم بلا روح ) إنها تصفع الذين يخلطون بين المادية والمثالية فيفسرون المادية تعلقا بالماديات بمعناها المبتذل ونقيضا للروح التي يجري تقديمها على إنها تكثيف للقيم الأخلاقية والمثل العليا يقلب ماركس الآية : الحضارة الرأسمالية هي التي سلبت البشر روحهم فيحرر الروح في ضربة واحدة من الاحتكار الديني والرأس مالي للسمو والتعالي والقيم الأخلاقية وكم هي صحيحة هذه أللفتة للتأمل في الردة الحالية نحو التدين تحديدا بسبب خواء الرأسمالية عصر العولمة ألقيمي وفسادها الأخلاقي وفقرها الروحي .
ويذكرنا الكاتب إن الماركسية بحثت الدين ( فلسفيا ) من منطق مقولة الاغتراب ولاغتراب عندها مزدوج اغتراب عن عالم الطبيعة . وآخر عن العالم الواقعي ..الأول يحدد نشأة الدين ومسار تطوره . والثاني يرسم موقعه ووظيفته بالنسبة للفرد والمجتمع على السواء ومما جاءت به النظرية ( إن الدين هو انعكاس خيالي في أذهان الناس لقوة مجهولة وغريبة عنهم وهي تفرض سيطرتها على حياتهم اليومية وان تطوره يرتبط بتطور مواد الانعكاس ومستلزماتها الطبيعية والمجتمعية . وهو ما استولد في البداية تعدد الآلهة وانتهى إلى استيلاد وحدانية الآلهة .)
وقد افرد الكاتب الفصل الثاني من كتابه للفيلسوفين هيغل –ماركس بعنوان فرعي هو مطلق في الأزل ،حتمية إلى الأبد .
يعترف المؤلف انه للوهلة الأولى تبدو العودة إلى ماكتبه هذان الفيلسوفان هو بمثابة عودة إلى ماكتب في القرن التاسع عشر وما سطراه في أوراق صفراء تنفع أن تكون الآن في داخل طبقات المتاحف والمكتبات .؟؟؟!!
ويستدرك الكاتب ببعد نظره وإلمامه بموضوعه وثقته بالفكر إلذي., يعتنقه قائلا ( إن هذه الهواجس يبددها على الأرجح بعض من فكر معمق في فكر العولمة نفسه من حيث نشأته ومظاهر تعبيره المعاصر .
يعود هذا الفكر إلى مشروع ثقافي رسخ الانوية الغربية منذ قرنين من الزمان التي أوجدها هيغل والتي تجيز للغرب التدخل بصورة عنيفة كونه يمتلك المعرفة والجبروت العلمي والتكنولوجي الذي يجيز له التدخل لتحديث الآخر المختلف بما في ذلك الغزو العسكري هذا النموذج الذي يقتلع الآخر من الماضي ويأتي به مخفرا إلى الحاضر وهو وما عرف بالذات العارفةالمتفوقة ويستنتج الكاتب إلى إن هذا ما أدى إلى ظهور نظريات مابعد الحداثة والتي تناولت البحث في قصور العقل عن فرض سيادته الكونية وذلك بسبب احتوائه على مساحات لاواعية تشكل الحيز الخاص لنشاط الروح ) بكل مظاهرها وإشكال تعبيراتها .
بينما يذهب المؤلف في شرح مسهب إلى إن ماركس اكتشف الذات الصانعة التي التي تنتج قوت يومها وهي ذا ت تتحكم بها عوامل الاقتصاد دون أي عوامل أخرى مثل العرق أو اللون أو الجغرافية أو غيرها مع إن الإبداع يأتي عند الجماعة البشرية من توفير الحجات المادية الأساسية للبشر وذلك من خلال فهم التاريخ عند ماركس والذي يذهب الى انه صيرورة واقعية للإنتاج .
أما المبحث الثالث فقد خصصه الكاتب للفكر الماركسي وراهنية أن يكون عربيا أو معربا :
وقد ابتدأ المبحث بالتطرق إلى أطروحة اديولوجية شاعت في الوسط العربي مفادها :
إن النسق الغربي الحديث له منطق داخلي ينطبع بقواعد السيطرة ولإخضاع والنفي في علاقته مع الآخر المختلف والماركسية احد تفرعات هذا النسق وأحدى واجهاته الاديولوجية في شرعنة وتبرير منطقه ذاك في العنف التاريخي الشامل وبوجه آخر فالماركسية خطاب غربي يسوغ سيطرة الغرب على الآخر ويشرعن نسقه الفرعي :مقولة إن الحضارة الغربية هي ذات محورية للتاريخ البشري عامة .
ويفند الكاتب في شرح مسهب ذلك على مدار أكثر من (10) صفحات من الكتاب .
يسهب الكاتب كثيرا في هذا المبحث بضرورة أن يتجدد الفكر الماركسي في بيئته العربية وهو أهلا لذلك من خلال فهمه لتناقضات الواقع العربي من منظور تاريخي معاصر يرى ان المجتمع العربي في طوره الانتقالي الراهن يطرح قضية التحديث كأولوية على الفكر الماركسي أن يجعلها في سلم أولوياته يندرج في متنها :
1-النظام العربي وإشكالية بناء الدولة الوطنية الحديثة / السلطة العصبية وسلطة الدولة
2-أزمة غياب الديمقراطية في الحياة السياسية العربية / الحرية والاستبداد .
3-حقوق الإنسان والأقليات في الوطن العربي / العروبة الديمقراطية الجامعة .
4عقلنة الرأسمالية في الدول العربية وترشيدها / الإنتاج وبناء المجال الوطني الموحد
5-إشكالية اندراج الثقافة العربية في الثقافة العالمية المعاصرة / الخصوصية الكونية
يرى الكاتب إن هذه النقاط هي مهام ملحة تقع على الماركسية ومريديها للانتقال بالمجتمع العربي إلى واقع آخر تسم الماركسية في هذا المشروع في طوره التاريخي .....فهل هذا ممكن ؟؟؟!!!!
في هذه المرحلة التي يقف فيها لاهوت السوق النيو لبرالية والوعود بالجنة أو بعودة المهدي أو المسيح أو إعادة بناء الهيكل تطلقها التيارات الدينية أقول ( هل نستكثر على الماركسية إن هي استعادت طوبى الممكن : الجنة على هذه الأرض ).



اسم الكتاب :الماركسية في البحث النقدي
اسم الكاتب :فؤاد خليل
الناشر : دار الفارابي
سنة الطبع 2010ط1
عدد الصفحات 293
محمد فخري حسن
العراق / ديالى /بهرز
5/8/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري