الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسايرة والانتماء ..الوحدة الجدلية بين الفردية والجماعية

اسعد الامارة

2012 / 8 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نحن معشر البشر نساير لكي نقلل مخاوفنا ، نزيد انتماؤنا للاخرين حتى نشعر بالمؤانسة معهم لأن الحياة هي أنُسْ وُمؤانسة ، وتؤكد لنا الادبيات النفسية بأن المسايرة هي الحاجة للانتماء فالاشخاص ذوي الحاجات الشخصية القوية للانتماء معرضون بالذات للمسايرة هذا ماعبر عنه "ووكر وهينز" . تضيف لنا موسوعة علم النفس والتحليل النفسي بقولها ان الانتماء هو انتساب الفرد الى جماعة معينة او حزب معين او ناد معين او عمل معين بمعنى كونه عضوا فيه او واحداً منه ، له ما لافراده من حقوق وعليه ما عليهم من واجبات .
رغم ان المسايرة هي مصادرة لبعض خصوصياتنا إلا انها كما اسلفنا تعطينا الانتماء ويقول البعض منا ان المسايرة هي طريقة للسلوك تساعد الشخص على ان يحظى بالقبول والحب من الاخرين وهي ميزة كثيرا ما يفتقدها من تحوم في نفسه هواجس القلق ، او ينتابه القلق الهائم بين حين وآخر او ربما تمزقه لحظات الوحدة او يشقى جسديا ويصل به الاحتقان في بعض اقسام الجسم لحد لا يحتمل ، فلا عجب ان نلاحظ البعض منا يشعر بتنميل في بعض اعضاء جسده الخارجي او اطرافه وهذا الاخر من ضغط في البلعوم او فم المعدة اواو حرقة فيها او ذلك من دق في الجبهة الى آخر هذه الاحساسات الغريبة ويندر ألا تكون هذه الاحساسات مصحوبة بقلق عصبي صريح..ولو تمعنا اكثر في ذلك لتبين لنا وجود كمية من القلق الهائم تطوف بنفس اي منا في لحظة نفقد السيطرة على انفسنا ، انه ينبؤنا بحدوث شئ ينتظر هذا الهائم ويترقب الاحداث حتى يعلق بأول فكرة مناسبة يتشبث بها لكي يخلق حالة تتميز بعدم التوازن .. انها الوحدة وفقدان الانتماء الناجمة عن تمزقه بين حقيقة "ماهو عليه" وبين ما "يعتقد أنه مع ذاته" إنه ممزق وتتعمق الحالة وفجوتها بين ميوله العميقة وبين سلوكه الخارجي .. أليس المسايرة حلا يمكن ان تخلق ولو جزءا من التخفيف!! ويكون الانتماء ولو بمصادرة جزء من الخصوصية حلا وان كان اعرجا او مبتسراً ..
أن انساننا في العصر الحديث ..العصر الاحدث هو إنسان عصر الاليكترونيات والتواصل الافتراضي ومشكلات البيئة والمعيشة والصعوبات والهزات الاقتصادية والاجتماعية والتحولات السريعة التي ترافقها الصدمات والازمات لايحرضه عقله ولا فكرته الواعية ، بل انفعاليته وربما .. المرضية ..ألا يحتاج الى الانتماء ..والانتماء يقود للمسايرة حتماً.
ينبغي ان نبحث عن توازن وتكيف ، علينا ان نجد حلولا حقيقية لا نكذب بها على انفسنا ، لاننا استهلكنا التحايل على انفسنا بقبول الحال كما هو عليه لكنه في النهاية يقودنا الى المرض شيئا فشيئا .. ورجائي للقراء ان لا يتشبثوا بالطب كوسيلة للعلاج ، لأن الطب يعرف عن المرض أكثر مما يعرف عن الصحة ، ونحن لسنا مرضى ولكن نبحث في انفسنا على الاستقرار النفسي فلا الطب يعيننا ولا الدواء يريحنا .. علينا ان نبحث عن اساليب جديدة نساير بها ما تبحث عنه انفسنا للراحة ، فكل ما لدينا وسائل واساليب باتت قديمة وبالية.. فكما تتطور موديلات السيارات وتتجدد ، وكما تتبدل الملابس وموضاتها وتتغير تحتاج النفس لأن تبدل اساليبها وإلا لسقطنا صراعى من داخل انفسنا ونهشت بنا الامراض المتربصة بنا وما اكثرها ومنها السرطانات بانواعها والامراض الجاهزة والمتهيئة المتربصة بنا دائما مثل السكري او الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم او قرح المعدة بانواعها او مشكلات القولون العصبي والقائمة تطول .. نحن نبحث في المسايرة لكي نخفف مما يجول في دواخلنا .. ونستسلم للانتماء لكي نبعد العزلة وهي كارثة الوجود الانساني في عالمنا المعاصر رغم التواصل الاجتماعي البديل في العالم الافتراضي عن عالمنا الذي فقد التواصل الاجتماعي الواقعي لكثرة الهموم الشخصية وانعكاسها على تعاملنا وسلوكنا اليومي حتى بات الفرد منا ينفعل لابسط مواجهة ويحسب حساب التوقع وما ستكون عليه الاموراليوم او غدا ..انها ازمة قلق الوجود ..لافائدة ان يشكو الانسان من الحياة بل من المفيد لنا جميعا ان نستخدم اساليب افضل فليس للحياة عينان لترى ولا اذنان لتسمع ولكن الانسان يصطدم بالظروف ومشاكل الحياة وازماتها وبدلا من ان يكسرخشمها"يحطم انفها" تكسر الظروف خشمه"تحطم انفه"إذا كان تقريبا أعمى بسبب ضيق آفقه وعدم وضوح رؤيته للامور او مواجتها ..يعتقد العقلاء منا ان لا فائدة من صب اللعنات على الحياة وما آلت اليه من الامور بل علي ان ارى الخصم حتى اصارعه وإلا فإنني خسران ومهزوم ومغلوب لا محالة .. اذن انني اصارع مشاكل الحياة حينما تعكس وتدبر وفي الحقيقة ان هذا الخصم هو انا بالذات .. ضعفي هو هزيمتي ، ومواجهتي هي فوزي وانتصاري!!
رغم ان محاولاتنا في التوازن النفسي والتكيف مع الجديد هي محاولات جديدة وبها اخفاقات محتملة ايضا جديدة .
المسايرة كما تقول(ليندا دافيدوف) انها تغيير في السلوك والاتجاهات ينتج عن ضغط الجماعة الحقيقي او المتخيل . ونحن بصدد هذه السطور لا نقصد بالمسايرة "الاذعان"وانما نقصد بها القبول بدون اذعان .
اننا نساير الناس والاقرباء والاصدقاء لكي نشعر بالارتياح ونلتقي معهم بافكارنا وطروحاتنا نحتاج لحضورهم معنا ، وتواجدنا في حضرتهم ، لأن الفرد مرآة الجماعة والجماعة هي المجال الذي يتحقق أو لا يتحقق وإنما يتخلق من خلاله الفردية ، ليس لاحدهما وجود مستقل بذاته دون الآخر ،هذا هو شأن الفرد في جماعته كما عبر عنه "د.فرج احمد فرج"رحمه الله وهو الانتماء للجماعة بعد ان سايرهم فهذا العصر بكل تطوراته التكنولوجية هو عصر الجماعة ،وعصر الحضور معهم فالانسان بطبيعته كائن يأنس للاخرين ويأنس الاخرون اليه فوجوده بالكون يعتمد على وجود الاخرين واذا غاب هذا الوجود إنهار وجوده هو ذاته .
حينما نتحدث عن السواء واللاسواء نذكر اولى محكاتها وهي التقارب او التباعد الاجتماعي من المجموع ، هل نساير المجموع ام نختلف عنهم ؟ يرى (د.فرج احمد فرج) على الفرد ان يتوافق مع الجماعة اي يتحرك على وفق ايقاع حركة الجماعة ، يتأقلم معها يجاريها ينصاع لها اي في نهاية الامر يصطنع قيمها هذا هو التوافق أو التكيف أو التأقلم هذا هو السواء وهذا هو الانتماء وهو بنفس الوقت يستوجب المسايرة وهو عكس الوحدة والعزلة والموت الفعلي او النفسي – المعنوي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله اللبناني يوسع عملياته داخل إسرائيل ويستهدف قواعد عس


.. حزب الله يعلن استهداف -مقر قيادة لواء غولاني- الإسرائيلي شما




.. تونس.. شبان ضحايا لوعود وهمية للعمل في السوق الأوروبية


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية.. وطلاب معهد




.. #الأوروبيون يستفزون #بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال ا