الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استمرارية الاجتياح التركي داخل اراضي اقليم كردستان العراق

صباح قدوري

2012 / 9 / 10
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


بعد تحويل الدور الايراني من خدمة تنفيذ السياسة الامريكية وحلفاءها في المنطقة، الى المواجهة والعداء ضدها، على اثر انهيار حكم الشاه ، وانتصار الثورة الايرانية في عام 1979 من القرن السابق. تحول اهتمام الولايات المتحدة الامريكية وحلفاءها على تركيا، باعتبارها قاعدة متقدمة شبيهة بايران قبل الثورة ، من حيث القوة البشرية ، وقربها من العالم الاسلامي، وعضومهم في حلف الناتو، وترتبط بمعاهدات عسكرية مع امريكا، ولها قواعد برية على اراضيها لتهديد البلدان المجاورة، ولاهميتها جغرافيا لكونها بوابة تفتح عل الجمهوريات القريبة من الروسية الاتحادية وعلى بحر الاسود، ولها علاقة الصداقة والتعاون الاقتصادي مع اسرائيل ، وبذلك لها اهمية استراتيجية لتلعب دورها الرئيسي في منطقة الخليج والشرق الاوسط.واليوم كل من الناتو والولايات المتحدة الامريكية تدعمان الدور تركي وتعزيزه، كي تقوم بواجباتها لتنفيذ المخططات الامريكية وحلفاءها، وحماية مصالحها المتنامية في المنطقة.

لعبت تركيا دور الشرطي على الاتحاد السوفيتي السابق ، ابان الحرب الباردة. وتحررت الان من ردعه وصارت اكثر حرية في تصرفها مع جيرانها وعلى عموم الدول العربية وفي منطقة الشرق الاوسط ، لتنفيذ السياسة الامريكية وحماية مصالحا السياسية والعسكرية والاقتصادية في المنطقة، وانتفاعها الاقتصادي مع الدول في المنطقة، وعلى حساب زعزة امنها وتهديدها بالحرب والدخول السافر في شؤونها الداخلية. كما نلاحظها اليوم في سياستها تجاه سوريا، وقبلها مع بقية بلدان العربية التي تجري فيها تغيرات لصالح هيمنة قوة الاسلام السياسي والسلفي على الحكم في هذه البلدان ، وبالتعاون مع الدول الخليجية ، وعلى راسها المملكة السعودية وقطر.ويقوم حكام تركيا اليوم بابرازهويتهم للغرب، بان تركيا علمانية ظاهرا، بهدف انضمامها الى الوحدة الاوربية، ولكن تحاول وبشتى الطرق ايضا ابراز هويتها الاصولية الاسلامية في المنطقة، تحت اسم حزب العدالة والتنمية، وهي شبيهة اومطابقة الى حد ما لهوية الاخوان المسلمين في المنطقة العربية ، والتي تاخذ اسماءا مشابهة لها ، مثل الحرية والعدالة في مصر، والنهضة في تونس والعدالة والتنمية في المغرب وغيرها من المسميات.

منذ ثمانينيات القرن الماضي ، اصبحت مناطق كردستان تركيا مسرحا للمناورات العسكرية من النظام التركي، ولحد اليوم.وخلال المناورات العسكرية التي جرت في منطقة باطمان في ولاية ملاطية من كردستان تركيا، امام سكانها ،تم تدمير احدى قرى بكاملها بعد اجلاء سكانها الى مناطق اخرى. وتنفيذ حكم الاعدام باحد الاكراد المناضلين من الفصائل المحاربة للنظام التركي، رميا بالرصاص وامام جمهرة في ديار بكر، وذلك لترهيبهم، نقلا عن كتاب ( تركيا في الاستراتيجية الامريكية بعد سقوط الشاه، للكاتب د. جرجيس حسن) ، والكاتب مستند على مجلة الهدف 21 تشرين الثاني/1981 العدد 563. ان الشوفينية التركية منذ العهد العثماني ، مرورا بعهد اتاتورك، واليوم في عهد حكومة اردوغان الاسلامية ، العدالة والتنمية ، كلها تحمل مفاهيم العرق مخلوطا بالدين السياسي ضد الشعوب الاخرى ، وخاصة تجاه الشعب الكردي والارمن في حينه . ان احلام تركيا التوسعية لا تقف عند بحر ايجة اوغرب بلقان ، بل تندفع اكثر نحو مناطق حلب وكركوك والموصل . وتخطط لها المشاريع بالتنسيق مع حلفها الاكبر امريكا لتحقيق ذلك.واليوم يوكد احمد داود اوغلو وزير خارجية تركيا في جولاته المكوكية للبلدان العربية وفي زيارته الاخيرة الى كركوك على هذه المسالة.

ومنذ ايار/ مارس 1983 وبالتنسيق مع النظام السابق في العراق ، دخل الجيش التركي بعمق في الاراضي العراقية لقصف المناطق الكردية، ففي البداية لمسافة 5 خمسة كيلومترات ولفترة قصيرة ، وازدادت هذه المسافة الى 20عشرين كيلو مترا، قبل سقوط النظام، والى اكثر من ذلك بعد السقوط في2003 ،وذلك بذريعة محاربة مقاتلي حزب العمال الكردستاني، واعتباره منظمة ارهابية لا تمثل مصالح حقوق الشعب الكردي في نضاله العادل،رغم محاولة الحزب مرارا بايجاد حل للقضية بالطرق السلمية ، والمشاركة بالعملية السياسية والعودة الى تركيا، ولكن اصرار تركيا دائما بحلها عسكريا، واستمرارها في قصف القرى والقصبات الكردية وبالتنسيق تارة مع ايران داخل الاراضي العراقية ،وحتى يومنا هذا .

ان وجهة نظر تركيا هذه تجاه القضية الكردية الموجودة فعلا، والتي فرضت نفسها كظاهرة قومية اجتماعية سياسية موضوعية، لا يمكن ان تقدم اي حل واقعي لها ، ولايمكن ان تخدم الشعب التركي ولا الشعب الكردي . ان الخيار الوحيد امام حكام تركيا ،الذين يحلمون منذ فترة طويلة للانضمام الى الوحدة الاوربية ، وتعميق علاقتها الاقتصادية مع الاكراد في كردستان العراق،وحسن الجوار مع العراق الجديد ، ان تقوم باجراء بعض الاصلاحات السياسية والاجتماعية في بلدها ، وخاصة ما يتعلق بحقوق الانسان وانتقال مركز قرارات السلطة ، الذي لايزال هو فعليا في الجيش الى المؤسسات المدنية ، بحيث تتفاعل مع الاوضاع الاقليمية والدولية ، انطلاقا من المنظور العصري ، الذي يستند على توسيع القاعدة الديمقراطية في المنطقة ،واحترام الشرعية الدولية ، وخلق الاسس لانبثاق ارضية صحيحة، مبنية على الحوار الحضاري مع القيادة الكردية، وايجاد حلول سلمية للمنازعات الداخلية والاقليمية ، والاقرار بمبداء حق تقرير المصير للشعوب، ومنها القضية الكردية العادلة.

واليوم بدلا من ان تتبع تركيا مبداء الحوار الديمقراطي في معالجة القضية الكردية الملتهبة فيها ، وايجا د الحلول الصحيحة لها ، اذ تحاول من خلال البوابة الاقتصادية ، ان تجر القيادة الكوردية في اقليم كردستان العراق ، للدخول في المشاكل السياسية التي تعم المنطقة ، وخاصة في الوضع السوري الملتهب ، ودفعهم لتعميق المشاكل الموجودة بين الاقليم والحكومة المركزية، والتدخل في شان مدينة كركوك ، وهم بغنى عنها، من جهة اخرى تستمر في نهجها الشوفيني تجاه الشعب الكردي، وفي قصف قرى وقصبات كردية امنة في اقليم كردستان العراق ، وتهدف من هذه السياسة الديماغوغية اللعينة ،الاجهاض على كل المكتسبات المتحققة للشعب الكردي في العراق ، والتي تحققت بفضل نضالات الشعب الكردي الدؤوبة ، منذ الثورات الكردية مرورا بالانتفاضة المجيدة في 1991 وحتى اليوم . وبمؤازرة من القوة الوطنية والديمقراطية الداعمة لهذه المكتسبات، بما فيه حق اقرار مبداء تقرير المصير لهذا الشعب في كل اجزاء الكردستان المجزئة.

ان ضعف السلطة المركزية في بغداد، والانشغال بالمشاكل السياسية والامنية الداخلية، وكذلك ضعف القدرة في الاقليم ومشاكله الداخلية ومع الحكومة الاتحادية، وعجزالحكومة الاتحادية عن حماية حدودها مع تركيا. يتم استثمارها من قبل تركيا في ادعاءها وباستمرار لمدينة الموصل ،ومطالبتها بحماية المنشات النفطية في كركوك، وخط انابيب نفط المار باراضي تركيا عبر الحدود المتاخمة مع اقليم كردستان ،ومنح نفسها حق الوصاية على تركمان العراق، بالاضافة الى خلق مشكلة المياه الاقليمية مع العراق وسوريا ، وفق مفهوم السيادة الكاملة لدولة المنبع. اذ تعتبر الرافدين نهرين تركيين عابرين للحدود ، رغم انهما نهران دوليان، كذلك لتركيا الان مصالح اقتصادية هامة مع العراق وفي الاقليم، والمتمثلة بتسويق النفط عبر اراضيها، بصادراتها للبضائع المتنوعة للعراق، حيث بلغ حجم العلاقة التجارية معها الى حوالي 4 مليار دولار ، بعد سقوط النظام السابق، والحصول على النفط باسعار تفضيلية،وتحاول في تصعيد العلاقة بين الاقليم والحكومة المركزية، وتعميق المشاكل بينهما، من اجل خلق ما يسمى ب
( حزام امن ) لنفسها داخل الاراضي العراقية، يكون تحت سيطرتها ، في سبيل حماية ومحافظة مصالحها الاقتصادية الاساسية، ومصالح حلفاءها في المنطقة.

على القيادة الكردية في كردستان العراق ان تتفهم وتدرك جيدا ، بان الاوضاع الراهنة في المنطقة ملتهبة وبالغة التعقيد . تحتاج قراءتها الى الدقة والمعرفة السياسية .. ومجابهتها بهدوء وبمنطق العقل والحكمة ، وعدم انجرافها في هذه اللعبة الدولية المخطط لها من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلفاءها، لاعادة تشكيل الشرق الاوسط الجديد، وتنفيذها عن طريق تركيا وبالتعاون مع الدول الخليجية، وخاصة السعودية وقطر. الاستفادة من التجارب والخبرات السابقة، وتكريسها في تقوية العامل الذاتي ،مع الاستفادة العقلانية من العامل الموضوعي،والتاكيد على توحيد ورص الصفوف، والتعميق في الروية والنظر اليها من جميع جوانبها ، وتوسيع مبداء الحوار الديمقراطي في حل المعضلات المهمة والمصيرية ، وزجها في خدمة تقدم مسيرة الفيدرالية،وتثبيت وتعميق مكتسباتها،وتطوير افاقها المستقبلية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي