الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سويةً إحتفلنا

علاء دهلة قمر

2012 / 9 / 13
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


اليوم تحتفلُ بعيد ميلادها ... هكذا شاءت الصدف ان اعرف ذلك ... حيثُ لم أتمكن من العودة الى منزلي قبل الساعة السادسة مساءاً بنصف ساعة على الرغم من وجود الكثير الواجب عملهُ هذا اليوم من كل عام ... وحالَ دخولي بوابة العمارة من الواجبات ان افتح صندوق بريدي لأرى مايُخبأهُ لنا قَدَرَنا في دهاليز غُربتنا ، وكألعادة ليس هناك من كَلفَ نفسهُ وان بعثَ برسالة لِيُطمئننا عن حاله أو ليطمئن على حالنا ، ولسنا بانتظار هدية لعيد ميلاد هذا اليوم ، أو هدية لمناسبة خاصة وفقاً لعاداتنا فألكل مُنهمك بصخب الحياة التي اعتاد العيش فيها وتعايشَ معها ... وما البريد الذي يأتينا سوى مواعيد لمراجعة الاطباء لكثرةِ عِللنا وماحملناهُ من ضيم أو ماورثناهُ والحمد لله من امراضٍ مزمنةٍ في بلد ضاعت حياتنا فيها كأدراج الريح ... أو لمواعيد تخص مقابلات للرعاية الاجتماعية أو لإمور تنظيمية تخص مكتب العمل الذي انت مُلزم بمراجعته الدورية عندما تكون عاطلاً عن العمل ... أما الأهم من كل ذلك والذي يعتبر بغاية الاهمية هي فواتير الدفع التي نكون جميعاً كمواطنين ملزمين بدفعها وفي اوقاتها وإلاّ زادت قيمة الفاتورة كضريبة تاخيرية ومابعدها الله اعلم .
وبنظرةٍ خاطفةٍ وقبل ان تاخذاني قدماي بصعود درجات السلم الى الطابق الثالث لَحَظْتُ كثرة البريد الواصل وهمهمتُ مع نفسي بصوتٍ منخفضٍ ، هذه المرة الاولى التي يكون فيها صندوق البريد مليء الى هذا الحد ، وماهي إلاّ نظرة سريعة حتى خاب ظني لان اكثر البريد يعودُ الى التي تحتفلُ اليوم بعيد ميلادها ... ( جارتي ) ... ، وبطريق الخطأ وضع ساعي البريد وعلى عُجالةٍ من امرهِ بريدها مع بريد العائلة ... عادة يحصل مثل هكذا خطأ كون اسم زوجتي يبدأ بحرفي الميم والنون وكذلك جارتي ، فكانت فرصة طيبة ان اعرف يوم ميلادها ، وكل الذي فعلتهُ سوى اعادة مايخصها الى صندوق بريدها واخذتُ مايخص عائلتي وبدأتُ بصعود السلم اللعين خطوة تلوى الاخرى وانا استرجع بالذاكرة يوم اكملتُ الخمسين من عمري فحينها علمت جارتي بذلك وقدمت لي التهاني مع ابتسامة جميلة .
كما ان جارتي اكثر حظاً منا حيث لها يوم آخر خاص باسمها ضمن تقويم مملكة السويد ( البلد الذي اضطررتُ للاقامة فيه ) فهناك من يحتفل بهذا اليوم ولكن ليس باهمية يوم الميلاد ... وياحسرتي على تقويم وطني ( العراق ) ففيه نستذكرُ ايام احزاننا ومآسينا وعدد مرات خسارة مُنتخبنا ألوطني لكرة القدم وكم عزيز فقدناه حتى دون ان نودعهُ أو نرى قبراً له ، ولكن من يعلم فقد تتفق الكتل السياسية ونواب البرلمان بإصدار قرارٍ يُضاف الى دستور العراق الجديد يُحدد فيه التقويم الجديد مشفوعاً بالاحتفال بيوم المالكي ، النجيفي ،وعلاوي أو بتاسيس التيار الفلاني والكتلة العلانية واملي ان تكون للمطلك ، عثمان والهاشمي طبعاً بعد تنفيذ حكم الاعدام فيه حصة بذلك شريطة ألأ يكون لممثلي الاقليات حصة لان ذلك من المحظورات ومرفوض جملة وتفصيلا ويتنافى مع احكام السنة النبوية والشريعة الاسلامية .
وعند دخولي الدار رغم اني على يقين ان الجميع مُنشغلٌ بعمل ما بهذا اليوم تحديداً ، فقلت ان جارتنا تحتفل اليوم بيوم ميلادها الستين واتفق الجميع على تقديم هدية مناسبة لها لانها لطيفة معنا وتحب الخير لكل الناس وكم من مرة ساعدتنا يوم كنا بحاجة الى المساعدة عندما وطأت اقدامنا هذا البلد ... ولان لكل مناسبة عندهم هديتها الملائمة فاقترحنا ان تكون هديتها باقة ورد علماً ان الورود والوانها تختلفُ من مناسبة لاخرى ... رغم تاخر الوقت فقد ذهبتُ مسرعاً الى مركز المدينة كي احضى بشراء باقة وردٍ إلا ان الوقت لم يسعفني فابواب حوانيت بيع الورود وغيرها قد أُغلقت لان الساعة تجاوزت السادسة مساءاً لذلك عُدت ادراجي خائب الامل وفشلت محاولاتي لاسعاد جارتي بيوم ميلادها .
إلاّ ان البدائل كانت حاضرة فبعد باقة الورد تأتي الحلويات ولكون العائلة مُنشغلة هذا اليوم بالاحتفال بيوم ميلاد أصغر الابناء ولان كل شيء قد جُهِزَ منذُ وقتٍ مبكرٍ وخاصة الحلويات ذات النكهة العراقية حيثُ توفر موادها في كل بيت عراقي في بلدان المهجر لحاجتهم اليها لمثل هكذا مناسبات او للضيوف الاعزاء.
وقبل ان نحتفل بيوم ميلاد الابن الاصغر رغم حزنه الكبير لخسارة مُنتخبنا طرقنا الباب على بيت جارتنا لتقديم تهانينا لها بيوم ميلادها وحاملين معنا بعض من صنع ايادينا من الحلويات هدية لها فقد اسعدها حضورنا وتفاجأت لما حملناهُ معنا وبادرتنا بسؤآل إن كنا نحن لدينا مناسبة هذا المساء ، فقال لها الذي يحتفلُ اليوم بعيد ميلادهِ .. انه يوم ميلادي ياجارتي العزيزة ويشرفنا حضوركِ ومشاركتنا للاحتفال سوية ... وبدون ان تاخذ وقتاً للتفكير قبلت الدعوة واغلقت بابها لتدخل باب منزلنا ، ولان كل شيء قد جُهِزَ منذُ وقت مبكر فلم نأخذ وقتاً طويلا لكي نحتفل ... وبدأنا احتفالنا باغنية يوم الميلاد كما غنينا بِلُغَتينا دون ان تكون حواجز بيننا واكلنا ماملأتهُ مائدتنا وخوفي ان اقول شربنا كي لا يسمع المتنفذون من قادة الامن الكبار حماة الذين اصبحوا الوباء الاعظم في وطني الجريح ويعتبرون ذلك رجسٌ من عمل الشيطان فيلاحقونا حتى في غربتنا ... احتفلنا دون ان نتردد بما حملتهُ معتقداتنا أو مذاهبنا كما اننا لانعرف ماهو مذهب جارتنا فكل يحترم الآخر لانسانيته لا لما ينتمي اليه او يرتمي باحضانه ... وكم تمنينا قبل هجرتنا ان يشاركنا او نشارك جارنا دون ان يكون هناك تكلف او توجس وان صح التعبير تصنع في التصرف وفقاً لعادات سيئة موروثة يهابها الجميع مع بعضهم البعض فكيف مع الغير ونحن على يقين بانهم يودون عمل غير ذلك ولكن كلٌ يخشى الآخر ... أما انتم يامن تعانون الأمرين في وطني فعين الله ترعاكم وتحميكم واقفلوا ابواب منازلكم لو اردتم ان تفرحوا داخلها ولاتشعرون احدا بذلك وخاصة القائد العام والمتنفذين من ازلام القادة العظام الذين لايختلفون عمن سبقوهم لانهم سوف يسرقون فرحتكم وتبتلون بالخيانة العظمى لو حصل مكروه لاسامح الله .
وبعد ان اكملنا احتفالنا معاً ولكون الساعة تجاوزت العاشرة ليلاً ولان جارتي حان وقت راحتها فقد وَدَعَتنا بعد ان اسمعتنا أجمل مايقال من كلمات الشكر مشفوعة بالاحلام السعيدة لنا ، ونحن ايضاً ملزمين بالنهوض المبكر لالتزاماتنا وماهي إلا دقائق واخلد الجميع للنوم إلاّ أنا بقيتُ جالساً قرب جهاز الحاسوب كي اكتب هذه الأسطر وفي قلبي حسرة لخسارة منتخب العراق رغم اني لستُ من متابعي اللعبة واخرى على وطني الذي ضاعت فيه تباشير فرحه ومعها ضاعت احلام الفقراء والى الابد واختفت ضحكات الاطفال وامنياتهم الوردية لانشغال الساسة العراقيين بمشاكلهم المستعصية وقد يكون للحديث بقية ،،،








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سويةً إحتفلنا
amna ( 2012 / 9 / 15 - 01:12 )
للحديث بقية ولهموم العراقيين في وطنهم وبلاد المهجر الف والف بقية ومعاناتنا لم تنهي او تكون لهاية بداية حتى تكون لها نهاية نزعت الفرحة من اعين الاطفال واطفئ النور عن اعين الشباب وضاعت احلى الايام في دهاليز الظلام لم نستيقظ يوما لنفرح او نلهو بل لنعاني ونسرع لتوفير القوت وندفع فواتير الكهرباء والمولدات واجور النقل واجور عدم الخدمات هكذا حالنا وسوف نبقى مادام هناك عدم ولاء لكل شي الكل يسير في طريق المجهول لم ياتي القدر او صاحب النخوة ليشد على ايدينا ويعودنا الى زمن اللامحظور وان كل شي هو ملكنا وان الحياة هي هبة الله وليس من احد ان يجعله ترحل دون عودة او يكون قبرا غير معلوم او جثمان تعفن في الطرقات او رمي في الانهر وانتهت معالمه نريد ان نكون ان نعيش الانسانية الانسانية الحقيقة ان نطلق مشاعرنا دون خوف و مجاملة ان نعيش على ارضنا التي ولدنا بكل حرية دون خشية او قوانين تفرضها اصحاب الانفس المريضة والتي تعاني من نقص الادراك متى نكون سعداء ويتحلون السلوطيون عن حقدهم على الانسانية متى نعيش الحرية والديمقراطية المزعومة ونكون نحن السادة في بلد قد احترق في الزمن الماضي ومازال يحترق دعوة للشرفاء فقط

اخر الافلام

.. غرقُ مطارِ -دبي- بمياهِ الأمطارِ يتصدرُ الترند • فرانس 24 /


.. واقعة تفوق الخيال.. برازيلية تصطحب جثة عمها المتوفى إلى مصرف




.. حكايات ناجين من -مقبرة المتوسط-


.. نتنياهو يرفض الدعوات الغربية للتهدئة مع إيران.. وواشنطن مستع




.. مصادر يمنية: الحوثيون يستحدثون 20 معسكرا لتجنيد مقاتلين جدد