الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبح ثورة جماهير سوريا يحوم فوق رؤوس ساسة البرجوازية العراقية !

عصام شكري

2012 / 9 / 27
مقابلات و حوارات


نحو الاشتراكية:

الوضع بين الجماعات المشاركة في السلطة بالعراق مازال مترديا. احد مظاهر هذا التردي تظهر في عدد من الانشقاقات داخل هذه المجاميع. فمثلا اعلن مؤخرا عن انشقاق كتلة من التيار الصدري سمت نفسها بالمرابطين التي اعلنت انها تقف الان مع نوري المالكي وحزب الدعوة وتعلن اعتراضها على قيادة مقتدى الصدر. كيف تنظرون الىالانشقاقات داخل هذا الفصيل الاسلامي، في هذه المرحلة بالذات ؟

عصام شكـــري:

الانشقاقات لا تحدث فقط داخل التيار الصدري واتصور انكم على اطلاع على ازمة بقية الكتل الاسلامية والقومية. فيما يخص طرفي الخلاف فان الانشقاقات تمر بحزب الدعوة الحاكم نفسه بوجود كتلتين متناحرتين. القائمة العراقية ككتلة تمثل الخط القومي والاسلاميين السنة فهي الاخرى تنشق الى كتل اخرى معارضة لتيار علاوي. ولكن الانشقاق بحد ذاته لا يمكن ان يعني شئ بشكل مجرد. ولنثبت اولا ان الخلافات التي تحكم هذه المجاميع ليست خلافات على برامج سياسية . انها عدا عن كونها خلافات داخل كتل اسلامية طائفية وعشائرية، فان الحجة التي تتمسك بها القوى المنشقة هي في معظمها الدكتاتورية وتسلط قادة هذه التيارات. هذا المحتوى الديمقراطي فارغ. فالتيار الصدري وجناحي حزب الدعوة والتيارات الاسلامية الشيعية تعاني من التشرذم اليوم بسبب الاوضاع الجديدة في المنطقة وخاصة الوضع السوري والمأزق الذي ينحشر فيه محورالجمهورية الاسلامية الايرانية. الانشقاقات داخل التيار الصدري والتي شرعت مع خروج الجيش الامريكي والبريطاني من العراق، تختلف اسبابها عن انشقاقات حزب الدعوة مثلا او القائمة العراقية. فتيار مقتدى الصدر هو جناح من الاسلام السياسي معرف بمعاداة ومقاتلة امريكا وبالتالي فان خروج الجيش الامريكي قد سبب لهذا التيار معضلة تتمثل في عدم قدرته ايديولوجيا على تعبئة الجماهير وسقوط شعاره كلا كلا امريكا. ولا يغرن احدا تلك الاستعراضات البهلوانية التي يقوم بها هذا التيار بين الحين والاخر على غرار استعراضات ميليشيات حزب الله في لبنان فهو اليوم بلاشك قد اصبح مروضا داخل البرلمان. لذا فالصراعات التي تنشب داخل هذا التيار، منذ خروج جناح الخزعلي (عصائب اهل الحق) والانقسامات الاخيرة التي حدثت للتقارب مع السلطة وحزب المالكي كلها نتائج لهذه الوضعية—اي لضياع بوصلة هذا التيار كتيار مقاتل من تيارات الاسلام السياسي. ان العقائدية المذهبية الشيعية ليس بامكانها فعل الكثير . هذا التيار كما تنظيم القاعدة لا يمكن له ان يقدم نفسه دون اكفان و جثث وتوابيت وسواطير وتخويف ودون شعارات ”الشيطان الاكبر“ والقدس والصهاينة. ولكن اين صار عدوه ومن يسمع له في العراق بعد اليوم؟

نحو الاشتراكية:

نحيد قليلا عن موضوع الانشقاقات الى اقوال جلال الطالباني رئيس الجمهورية حول اسباب رفضه توقيع وثيقة سحب الثقة من نوري المالكي التي وجهها البرلمان له. هل برأيكم ان موقف جلال الطالباني يمثل موقف القوميين الكرد ودورهم في الواقع السياسي بالعراق؟ منذ اعلان امريكا عن نيتها بالخروج قلتم ان ايام القوميين الكرد في السلطة بدأت في العد التنازلي على اساس انهم منحوا هذه المكانة اصلا مكافأة على ما قاموا به في تسهيل مهمة الجيش الامريكي. كيف تنظرون الى سياسة رئيس الجمهورية في الوقوف على الحياد بين الكتلتين المتصارعتين، كتلة المالكي وكتلة علاوي ؟

عصام شكــري:

اعتقد ان تحليلنا لموقف القوميين الكرد كمرشدين لقوات الاحتلال الامريكي صحيح ونافذ ولكن هناك معطيات مهمة وخاصة االاعتراضات الواسعة التي اجتاحت كردستان. فبعد ان كوفئ الحزبان القوميان الكرديان بمناصب رئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية وتمتعوا بصلاحيات واسعة وبحكم فدرالي اطلق يديهم في كردستان واتاح لهم التخلص من قبضة الحكومة المركزية و التصرف بنفط الشمال وتوقيع العقود والاتفاقيات مع الشركات العالمية دون تدخل بغداد، فان الخلافات بدأت بالطفو على السطح بين الاحزاب الحاكمة من جهة، وتدهور وضعهما داخل السلطة المركزية التي تسيطر عليها المجاميع الاسلامية العربية قد بدأ بالتراجع، من جهة اخرى. لا ارى ان العامل المباشر اليوم هو الصراع على الثروات والنهب بل تطور الى صراع سياسي بظل استقطابية اقليمية جديدة اختفى فيها العامل القومي الكردي ايضا. فمسعود البرزاني وحزبه يحاول النأي بنفسه عن السلطة المركزية اكثر فاكثر مهددا احيانا بالانفصال ودائما تحت يافطة "حق تقرير المصير". وهو يلتقي في هذا مع القائمة العراقية. اما الطالباني وحزبه فمصمم على الحفاظ على علاقته ببغداد بدلا من الانكفاء واحتمالات الموت سياسيا في السليمانية. لم يعد موقف الاخير يمثل موقف القوميين الكرد اي تمثيل القضية الكردية ولا ينبع من مسألة تحرير الجماهير من الاظطهاد القومي للحكام العرب في بغداد والتي قدم تياره نفسه على انه اجابة تحررية لها. الشارع الكردستاني اليوم محتقن. وارى ان صلاحية ونفوذ القوميين الكرد لم يعد مقتصرا على خسارتهم لمكانتهم في بغداد بل يمتد لكردستان نفسها - مركز ثقلهم والسبب هو تحرك جماهير كردستان واعتراضهم على البطش والتسلط بالاضافة الى التدهور الاجتماعي الكبير والبؤس المعيشي والبطالة واوضاع النساء الكارثية ويأس الشباب وقمع الحريات.

نحو الاشتراكية:

بماذا تعلق على كلام او اسباب جلال الطالباني لتبرير عدم قبوله بسحب الثقة عن المالكي؟

عصام شكــري:

كل الاسباب المقدمة من الطالباني سطحية. السببان الاوليان اللتان يوردهما لتبرير اصطفافه مع حزب الدعوة والمالكي يتحدث فيهما بشكل طائفي يليق بقائد بيشمركه في قرية جبلية، لا رئيس جمهورية. انه يقول ان رئاسة الوزراء هي من "نصيب" الشيعة وهو لا يحب ان يقف بوجه "الاكثرية الشيعية" !!. وبدلا من الدفاع عن المواطنة او ترسيخ مبادئ مجتمع يقوم على المدنية لا على التقسيم الديني او الطائفي فانه، ودون حياء، يتباهى بالدفاع عن ”نصيب“ طائفة دون اخرى بسبب ان تعداد افرادها اكثر . ان هذا الانحطاط االسياسي والاخلاقي للبرجوازية يجد تجسيده بكل وضوح في كلام اعلى سلطة في الدولة فما بالك ببقية الرتب. وحتى لو قبلنا بهذا المنطق اليميني الرجعي في تقسيم الجماهير، فان السبب الوارد ايضا مردود. فهل شكك احد ب“اللعبة الطائفية“ القذرة التي يلعبها هؤلاء لكي يقول انه لا يقبل بمهاجمة حصة الشيعة. ان المعنى بالمسائلة هو نوري المالكي وليس التحالف الشيعي السبب الثالث الذي اورده فهو ان تحالف المالكي قد "وعده" بالالتزام باتفاقات اربيل. يعرف اي مواطن في العراق ان هذه القوى توعد بعضها البعض بشتى الوعود ولكنهم بعد ساعة يبدأون بحياكة المؤامرات للايقاع ببعضهم البعض. الا ان السبب الاخير الذي قدمه المالكي كان برأيي الاكثر وجاهة حيث قال انه كرئيس يحتمي ببروتوكولية حيادية بين الطوائف مناقضا بوضوح موقفه الداعم للمالكي. على اية حال كل الاسباب التي يوردها فارغة. المسألة الاساسية هو انه يريد دعم الجمهورية الاسلامية الايرانية ومحورها لابقاء نفوذها في العراق قويا. الطالباني ربط وضعه ببغداد وهذا الربط يستدعي الوقوف مع ايران للحفاظ على موقعيته. لا علاقة لاي سبب يدعيه بما يقوم به على الارض.

نحو الاشتراكية:

نلاحظ ايضا ان القائمة العراقية تعاني من التمزق. لقد بينتم ان الانشقاقات داخل التيار الصدري يحدث تحت تأثير انسحاب امريكا ...ولكن ماذا عن الانشقاقات لدى القائمة العراقية ؟

عصام شكــري:

اياد علاوي كان بقدم نفسه في السابق على انه "علماني" يقف بوجه المجاميع الاسلامية ويدعي الرغبة في بناء دولة مدنية. ولقد حاول لحد الان الترويج لنفسه ولتياره على هذا الاساس. علاوي مؤخرا برز بشكل كاريكتوري متبنيا خطابا اسلاميا انتهازيا ليتقرب للسعودية. الملاحظ ان علاوي وقف مؤخرا الى جانب الثورة السورية لسبب لا علاقة له البتة بمطالب جماهير سوريا بل كموقف مساند وداعم للموقف السعودي—الامريكي المراهن على اجهاض الثورة وبمعونة تركية وامريكية. في لقاءه الاخير مع احد الصحف السعودية تحدث علاوي بلهجة البعثي—السعودي وبشكل يقطر رياءا وانتهازية. الانشقاقات الحاصلة داخل القائمة العراقية اذن ليس لها علاقة ب“دكتاتورية“ علاوي او غياب الممارسة الديمقراطية بل بهذا التمحور بين الاسلام السعودي والجمهورية الاسلامية الايرانية واصطفاف كل طرف مع القوى المضادة للثورة هنا او هناك.

نحو الاشتراكية:

وماذا عن المالكي؟ هل تعتقد ان موقف المالكي اليوم اقوى وانه انتصر على خصومه سواء داخل "الاكثرية الشيعية" ام من الجماعات البعثية والاسلاميين السنة ؟

عصام شكــري:

المالكي ومحور الجمهورية الاسلامية في مأزق. فترنح النظام القومي السوري واحتمالات سقوطه سيوجه ضربة قوية لهذا المحور وتحديدا الجمهورية الاسلامية التي سيكون عليها ان تواجه غضبة ثورية متوقعة من قبل جماهير ايران التي تغلي بالغضب. بانهيار النظام السوري وتضعضع االجمهورية الاسلامية فان قبضة ايران الاسلامية ستتراخى على عموم الشرق الاوسط والمنطقة مما سيفسح في المجال للجماهير الواسعة بتقوية حركتها الاعتراضية والثورية والتقدم بمطالبها.

نحو الاشتراكية:

الا يمكن ان يقال بان موقفكم ضد الجمهورية الاسلامية يصب الماء في طاحونة قوى الاسلام السعودي ؟

عصام شكـــري:

كيف ونحن نوجه نقدا لا مهادنة فيه لمحور السعودية والخليج وتركيا وامريكا وكذلك موقف القائمة العراقية ودور اياد علاوي الخادم لهذا التيار الرجعي ؟. ولكن حتى لو لم يكن لدينا نقد للقوى الرجعية الموالية للسعودية وتركيا وامريكا فاني لا اعتقد ان الثنائية القطبية السابقة هي المعادلة السائدة اليوم. الثورة في سوريا لها خصوصية انها تظطرم داخل محور الاسلام السياسي نفسه هذه المرة مهددة باحراقه.

من الاهمية بمكان ادراك ان هزيمة محور الاسلام السياسي للجمهورية الاسلامية لن يؤدي الى تقوية النفوذ السعودي او الاسلام الموالي لامريكا ولا تصعيد الوضع الطائفي او تقوية نفوذ الاسلاميين السنة. هذه التصورات واهمة وتروج من قبل القوى الموالية للجمهورية الاسلامية وللنظام السوري واعوانه كحزب الله لاضعاف التأييد للثورة في سوريا. ان افول الجمهورية الاسلامية سيؤدي اولا الى انهاء القطبية الطائفية. عندها لن تبقى مسألة صراع الاسلاميين الشيعة والسنة مهيمنة بل ستبرز مسائل المجتمع الحقيقية وتتقدم بدائل علمانية من داخل معسكر الجماهير وتتفتح افاق جديدة لنضال اكثر جذرية بين الجماهير المحرومة من جانب والطبقة البرجوازية من جانب اخر قد يتخذ اشكالا اكثر متعارفة ولكن لا يمكن باي شكل من الاشكال التنبؤ بها تماما كما حدث في مصر وتونس وليبيا وسوريا.

نحو الاشتراكية:

شكرا جزيلا.
-------------------------
لقاء جريدة نحو الاشتراكية العدد 162 مع مع عصام شكـــري سكرتير اللجنة المركزية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في الإمارات لليوم الثالث بسبب سوء الأحوال الجوية


.. -الرد على الرد-.. ماذا تجهز إسرائيل لطهران؟| #الظهيرة




.. بوتين..هل يراقب أم يساهم في صياغة مسارات التصعيد بين إسرائيل


.. سرايا القدس: رشقات صاروخية استهدفت المدن المحتلة ومستوطنات غ




.. أصوات من غزة| ظروف مأساوية يعيشها النازحون في العراء بقطاع غ