الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السورية، وفوبيا الحوار ..؟!!

عماد يوسف

2012 / 10 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تقف الأزمة السورية اليوم أمام تحديّات جمّة، وتحوّلات مصيرية خطيرة يمكن أن تودي بها، وبمستقبلها كدولة، وبالمنطقة ككل. ومع هذا الاحتمال "المرّجح" تكشف لنا هذه الأزمة وتعقيداتها قصور الرؤية السياسية والاستراتيجية للكثير من أطياف المعارضة السورية الداخلية والخارجية في قراءة هذا الواقع الذي يُرعُب العالم لما له من أهمية خطيرة على الوضع الجيو- سياسي لمنطقة الشرق الأوسط ككل، لجهة أن أي حرب محتملة تقوم بها سوريا، أو ضدّ سوريا ستشعل بالضرورة حرباً اقليمية شاملة يعلم البعض بدايتها، ولا يعلم كثيرون نهايتها أو كيفية وضع حداً لها.؟!
إذا ما قمنا بقراءة "فلاش باك"، لبداية الأحداث، نجد أن النظام كان حقاً متعنتاً في موضوع الحوار وكارهاً له، ظناً منه بأنه سينجح بالقضاء على الحراك السوري الذي قام ضدّه في 15 آذار 2011 عبر الحل الأمني. وهذا، يُعتبر وضعاً طبيعياً لنظام سياسي، ايديولوجي توتاليتاري(شمولي) مضى على بقائه في الحكم ما يُقارب الخمسين عاماً. و في حالة ٍ كهذه يكون من السذاجة السذاجة بمكان أن يظن البعض بأنَّ هذا النظام القمعي الشمولي، سيفتح يديه ويأخذ المحتجين بالأحضان الدافئة، فأنظمة كهذه لا تعرف من الأحضان الدافئة سوى أقبية الفروع الأمنية التي يزينها الصقيع طيلة شهور السنة. .!!
مع دخول الأزمة السورية شهرها الرابع، الخامس، السادس، على التوالي بدأ النظام يقتنع بضرورة تقديم تنازلات( من وجهة نظره هي تنازلات) ولكنها حقوق مكتسبة للشعب السوري غُيّبَت عنه خمسين عاماً، مع قناعة النظام بضرورة الحوار مع المعارضة بدأ يدعو إلى لقاءات تجمعه بهم لغرض الحوار، لكنَّ في هذا الوقت كانت الأمور قد أخذت منحاً تراجيدياً صعباً, وازداد عدد القتلى بشكل مُريع، مما جعل شريحة كبيرة من المعارضين، في الداخل والخارج تُحجم عن قبول الحوار وتُطالب سراً وعلناً بإسقاط النظام. تزامن ذلك كله مع دخول صراعات جديدة على الساحة السورية لصالح أطراف خارجية. منها ما يندرج تحت يافطة تصفية حسابات سياسية، ومنها ما يندرج تحت راية الأصولية الدينية التي بدأت تأخذ مداها بالتماهي مع المدّ الأصولي في العالم العربي الذي تلاقح مع الوهابية كمشروع في المنطقة، متحدّين في حربٍ دينية- مذهبية لمواجهة ما سمّوه، مشروع المدّ الشيعي الإيراني. ترافق كلّ ذلك مع الصراع العالمي الجديد على منابع الطاقة الجديدة- الغاز السائل- ومع حرب اثبات وجود اقليمية تُدار بين تركيا برعاية أمريكية، وبين ايران برعاية روسية – صينية، وتأتي اسرائيل في خط الوسط لترمي كرتها في الاتجاهات كافة مستغلةً بذلك خطوط التماس التي يتصارع عليها الجميع..!!
أخذت المعركة السورية صراعاً بين القوى ( التي من المفروض أن تكون علمانية) وبين قوى أصولية دينية إخوانية، سلفية، أصولية، وهابية، مع تطعيم صغير في ساقها الصغيرة لقوى يسارية قومية وماركسية لا تشكل إلاّ نسب قليلة من هذا الحراك لا تتجاوز العشرة بالمئة ربما. هذا التعقيد ( المتصاعد) فرض استراتيجيات جديدة على جميع الأطراف، تحوّلت بعدها إلى الصراع المسلّح العلني، وانتقلت الأوراق لدول الخليج وتركيا، وايران وحلفاؤها، انتقلت من الصراع الخفي تحت الطاولة، إلى ما فوق الطاولة. ليستشرس الجميع في حربٍ كارثية تندرج تحت مسمى " كسر العضم" ويدفع ثمنها وتضحياتها الشعب السوري بكل مكوّناته الاجتماعية والاقتصادية، والدينية والسياسية..!!
كان يتوجب على المعارضة في انعطاف خطير كهذا أن تلجأ إلى لغة العقل، وتبحث عن استراتيجيات جديدة تُعيد من خلالها انتاج حراكها المجتمعي، لتنضوي تحت مظلّته كل شرائح المجتمع السوري، لتُجبر النظام على تقديم أكبر قدر ممكن من التنازلات وتحويل البلاد إلى المناخ الديمقراطي وفضاء الحرّيات الذي يحوّل سوريا بالنهاية إلى دولة ديمقراطية- تعددية. لكن ما حصل، أن هذا الحراك استشرس بطريقة دراماتيكية جداً وفتح الباب لكل الموبقات والأفعال الانتقامية، والارتدادية التي يمكن أن تقوم بها فئات معينة ضدّ فئات أخرى تتناقض معها، أو تختلف عنها. فانجرفت إلى القتل العمد، وإلى التفجير، وإلى قطع الطرقات لشل الحركة الاقتصادية في البلاد، ومهاجمة الآمنين في بيوتهم وفي حافلات النقل، كما فتحوا الباب لمجاهدين تكفيريين من الخارج وصلت أرقامهم إلى الآلاف في سوريا، وهم يقتلون كل من لا يُشبههم، بغض النظر عن انتمائه السياسي، أو الديني.
هذا الواقع المرير، يدعو إلى ترجيح كفّة العقل والعقلانية، وترجيح كفة السلم على كفّة الحرب وذلك تصديقا للآية القرآنية "وإن جنحت للسلم ِ فاجنح لها" الأنفال61. لكن الذي يحصل بأن السلطة تطلب الحوار منذ أكثر من عام، والمعارضة ترفض وخاصة معارضة الخارج.هي تريد مفاوضات، مفاوضات على رحيل النظام. ومن المعروف بأن المفاوضات يفرضها الطرف المنتصر على آخر، فكيف تفرض المعارضة هكذا طرح على نظام مازال قوياً، ويُمسك بالكثير من مقدّرات البلاد، ويدعمه في ذلك دولُ عظمى ودول اقليمية ومنظمات مسلّحة مثل حزب الله وبعض الفصائل الفلسطينية. بالإضافة إلى كل ذلك، وحتى هذا الوقت مازال النظام السوري له قاعدة شعبية تشكل ملايين من السوريين وخاصة من الأقلّيات مجتمعة فغالبيتها معه. بالإضافة إلى نسبة كبيرة من الطائفة السنيّة في البلاد وهم أصحاب الإمتيازات والمستفيدين والكثير من الوطنيين منهم وغير المستفيدين من النظام أو من وجوده حتى. وهؤلاء مجتمعين يقدرون بنصف سكان سوريا أو أكثر حتى. فمن الذي أعطى هذه المعارضة الحق في التحدث، أو التفاوض عن هذه الشريحة العريضة والمؤثرة جداً في واقع الأحداث. ومن ثمَّ لماذا نقبل التفاوض ولا نقبل الحوار؟؟!! هناك سبب واحد يكمن خلف هذا الرفض وتفسيره أن هذه المعارضة لا تملك اوراق القوة التي تخولها الجلوس إلى طاولة الحوار. ولماذا لا نأتي لندل ِ بدلّونا ومن ثم ننسحب من طاولة الحوار إذا لم يُعجبنا، أو لم نحصل على ما نريد؟! هناك سؤال يطرح نفسه بقوة على جميع السوريين، ألا وهو؛ هل يُمكن لعاقل في العالم أن يُفكر بتدمير وطن وشعب أو منقطة بأكملها ولا يُضحّي بعدة ساعات، أو عدّة أيام، يقضيها على طاولة الحوار مع طرف يتصارع معه على الأرض ..؟؟!!
عماد يوسف
كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - معارضة دون اي أدنى مسؤولية امام الشعب
سمير الحكيم ( 2012 / 10 / 1 - 15:01 )
تحياتي واحترامي
اوهموا المعارضة السورية وخصوصا بالخارج بانهم سوف يفتحون سوريا من على الدبابات الامريكية منتصرين، فتركيا مثلا فتحت ابوابها لجميع التكفيرين وما يسمى بالمجاهدين لدعم المعارضة المسلحة واصبحوا هم من يقرروا ولا يهمهم بتدمير منطقة او البلد لانهم يعتبرون من ليس معهم كافر يجب قتلة او إبادته...
فمثلا يختبئون في العمارات والمباني السكنية ومنها يقصفون مواقع الجيش العربي السوري او الاحزاب المعارضة لهم فيضر الاهالي من تركها والهجرة لمكان اكثر امنا.. ويكون الرد الجيش النظامي ايضا حاسما بهذا الموضع.
والعمليات الانتحارية التي يقوم بها التكفرين لا تقتل سوى المدنيين والشعب السوري يدفع الثمن غاليا ثمنا لمغالاة المعارضة بعدم الجلوس على طاولة المفاوضات مع النظام السورية، والمعارضة هي سبب البلاء ومعارضة بدون ادنى مسؤولية امام الشعب السورية ولا يهمها حياة هذا الشعب الكريم المعطاء، فتطلب المعارضة بحصار سوريا وايضا بالتدخل العسكرية الخارجي لسوريا اي بمعنى اخر احتلال سوريا من المستعمر القديم الذي نصب المشانق على طول وعرض البلاد ضد كل من طالب ليس فقط التحرر والمطالب ايضا التكلم باللغة العربيية

اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ