الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السوريون، وصراع الموت الدامي ..!

عماد يوسف

2012 / 10 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


سوريا ليست الصومال، ولم تكن يوماً تُشبه السودان في تركيبتها وعمقها التاريخي. كما أنها ليست تشيكوسلوفاكيا ( المرحومة) ولا يوغسلافيا ( المدفونة). فلمصلحة من يكون صراع الموت الذي يحصل فيها؟؟! وما ذنبُ السوريين الأبرياء حتى يقعوا في براثن قتلة العصر الحديث الذين ينتمون إلى أصولياتهم الدينية التي يرتعب المرء لمجرد ذكرها على لسان أحدهم. من هذا الذي يُشرّع القتل وتدمير البلاد، والتراث الإنساني، والتاريخ الذي تتمايز به سوريا عن غيرها من بلدان العالم القديم والمعاصر، من ومن، أسئلة كثيرة تطرح نفسها على الشارع السوري الذي تعملُ فيه آلة القتل ليل نهار من كل الأطراف ؟!!
لسنوات خلَت اعتقدنا أنَّ البشرية في جزء كبير منها قد ارتقى إلى مستويات من المدنية والتطور الإنساني يجعلها تنأى بنفسها عن صراع الحيوانات، وتلجمُ نفسها عن غريزة القتل التي زرعتها الطبيعة في الكائن الحي، لنكتشف اليوم بأنَّ هذا الإنسان لم يتغير، ولم يتطور فيه شيء. وهذا ليس حكراً على مجتمعات بعينها، فالأوروبيون أيضاً يمارسون القتل ولكن بطريقتهم، فحكوماتهم هي التي قتلت ملايين العراقيين عبر حصارهم لها لأكثر من عشر سنوات، والتي توّجوها بحرب مدّمرة لكل مقدّرات هذا البلد العظيم صاحب التاريخ الإنساني الذي يُشرِّف كل كائن إنساني ناطق على سطح المعمورة. هذه الحكومات الغربية ومعها نزعة بطل "الكاو بوي" الأمريكي هي نتاج مجتمعاتها، تلك المجتمعات التي عجزت عن تقديم حلول إنسانية شاملة للصراعات البشرية، كما عجزت عن نقل البشرية من طور إلى آخر أكثر رقيّاً وتمدناً، وإنسانيةً ..!!
يعكس ما يحصل في سوريا هذه النزعات الإنسانية التي تجعل مصالحها الذاتية، والأنانية الإستعمارية تطغى على كل قيّمها الإنسانية التي راكمتهاعبر صراعات دموية مريرة في التاريخ الإنساني وخاصة في أوروبا حيث دفعت في سبيل ئلك مئات السنين من الحروب والقتل والدم لتصل إلى ماهي عليه اليوم. ولكننا نجدها في مرحلة انحسار شديد لقيمها العظيمة التي بنتها عبر تاريخها الطويل. فسياسات حكوماتها التي هي نتاج مجتمعاتها بالنهاية ليست سوى انعكاس لجينات موروثهم الدموي الذي يحملوه في عقلهم الباطن..!!
الغرب، هو من دعم حكومات الشرّ في العالم العربي، وفي العالم الثالث، وهو من جعل هذه المجتمعات تعيش التخلف وتعشق الغيب وتنسى العالم الفيزيائي لتحصرها في عقل غيبي متعفن بإرث تاريخي نتن ويحمل كل قاذورات الكون ومخلّفات الإنسان الحيوانية، وهو من سوّقها. وهو من جعلها في حالة يُرثى لها لغاية شريرة في قلوبهم وعقولهم، كي يستنزفوا هذه البلدان، ويحرقوها في أي وقت يشاؤون وفي أي زمن يختارون. فتُصبح تابعة لهم ولقوتهم، ولنزعاتهم الحيوانية الشريرة.
في سوريا اليوم، هناك منظرّون ضاقت بهم سبل الحياة، فسعوا لأن يكونوا فقاعات فكرية ثقافية في زمن خسروا فيه كل شيء بسبب نقص عقولهم وقصور بصيرتهم المعرفية، فجاءت الأحداث لتجعلهم يطفون على السطح وينظرّون للقتل، للدم، للعنف، للذبح، لأي شيء ، من أجل أن يظهروا هم كمؤثرين في واقع الحدث، ومروّجين له، ومسوّقين لأخلاقياته القذرة، باحثين عن مبررات لها، فيصلون إلى مرتبة المفتي الفكري والثقافي. لأن الأحداث الدامية تحتاج إلى افتاء، كما تحتاج حروب الدين إلى افتاء، هؤلاء "القَتَلة" الذين غيّبوا ضمائرهم وشيطنوا عقولهم وركبّوا الأحقاد والأضغان في قلوبهم الشريرة، هؤلاء يرّوجون اليوم، لقتل أخوتهم في الوطن، لقتل الوطن نفسه، لتدمير مقدّراته، لتطويع أبنائه تحت مشروعهم الذي ينتمي إلى العصور الحجرية الأولى. ومهما كانت النتائج باهظة هم في غيّ في قلوبهم، صمُّ بكمُ لا يفقهون.
عندما يكون لدينا فرصة للحوار، وطرح ما نريد، وإبداء الرأي فلماذا نستخدم القتل؟! ولماذا نسعى إلى الغاء الآخر المختلف وقتله، ونسعى إلى تطبيق شريعة الغاب عليه، بقانونها المقيت الذي يقول:" من ليس معي فهو ضدّي" ..؟! النظام يقتل، وهم يقتلون، النظام قاتل، وهم قـتَلة. النظام يردُّ على القتل، وهم يردّون على القتل, هم يذبحون وذاك ُيدمِّر، هم يفجّرون وذاك يقصف، هم بلا عقول وذاك مجنون أرعن..!! لصالح من كل ذلك، خدمة لمشاريع الغرب وسفالته التاريخية التي لا تخفى على أحد. لم يمض ِ وقت طويل على وفاة هتلر، ولا موسوليني، و لا غورو الفرنسي ولا لورانس العرب ولا حرب العراق، أفغانستان، ومجازر اسرائيل في فلسطين ولبنان، هم من هذا التاريخ الحديث. من يصدّق بأن ثلّة من السياسيين الغربيين القتلة والأمريكيينالكاو بوي يريدون الديمقراطية لسوريا، ها هي ديمقراطيتهم في العراق تصدح بعفونتها وثقلها الدموي. وهي نفس الديمقراطية التي أسسوها في لبنان في القرن التاسع عشرعندما سلخوه عن سوريا وجعلوه بؤرة للقتل والذبح والصراعات الطائفية والمذهبية. أمام كل هذا يأتي منظرّون سوريون" سفيهون، تافهون" لينظرّوا لمشاريع إسلامية نتنة، وأصوليات قاتلة مدمّرةلمقدرات العقل البشري والإنساني . ولاستقدام جيوش أجنبية لقتل أبناء وطنهم، وتدمير بلادهم،يأتي ذلك كله تحت يافطة عريضة من الحرّية والديمقراطية، المغسولة بالدم المذهبي والطائفي والديني. والأحقاد والأضغان التي أعمت عيونهم وقلوبهم.
صراع الموت السوري بين فرقاء من نفس الوطن، يدفع ثمنه أناسُ أبرياء، بشر حقيقيون، مواطنون وطنيون أصلاء، ينتمون إلى تاريخ إنساني عظيم. يدفعونه من دمائهم وقلوبهم وأبنائهم وأموالهم وبيوتهم. وهم لا ناقة لهم به ولا جملُ، يدفعونه لمصلحة ثلّة من السياسيين ( القذرين) الذين يتذابحون على مصير وطن، هو أقدم وطن في التاريخ ..؟!!

كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصهيونية الجديدة
jamal alsalim ( 2012 / 10 / 2 - 14:50 )
اانا بقللك لمصلحة مين القتل بسوريا اكيد لمصلحة الصعود الفارسي الشيعي المخطط له بدقة والذي يشبه صعود الحركة الصهيونية في بداية القرن العشرين وبمطالب مشابهة فالذي يريد احياء الدولة الحمدانية والفاطمية ودولة الادارسة وبتكتيكات واساليب شبيهة باساليب الحركة الصهيونية في فلسطين ويسهل له امتلاك السلاح النووي بنفس الطريقة هو اكيد حركة شبيه بالصهيونية ونفس طرق القتل والاغتيالات وبالمقابل اتهام الاخر بالارهاب نفس العقل والتركيبة ونفس الاداء الاعلامي والسياسي لدرجة تجعل الواحد متاكد ان نفس العقل وراء الجهتين


2 - ملوك الموت و الدمار
جميل الخولي ( 2012 / 10 / 3 - 01:22 )
أقاسمك الالم و الحزن و الفجيعة على بلد يُدمر بأيدي أبنائه..ان ما يحدث شيئ أفظع من الاجرام و أكثر من الجنون..ولكن قليل من الضمير و النزاهه الفكريه في تحليل سيرورة الاحداث و بنية النظام المافيوي الذي لا يتقن الا لغة القمع و البطش الاعمى ,توضح أن النظام هو الحاضنة و المولد و المستورد لكل ما يحدث لانه كما تقول مجنون و مجرم و ارعن و العقل و الحوار و احترام الاخر ليس من مفرداته أو أدواته و ما يقدمه اعلامه الفلهوي بغثاثة و غباء مفرط تعكس ذلك..انه نظام القائد الخالد و العائلة الابدية أو نحرق البلد.. و هذا ما يفعله الان آل الوحش مُعتقدين أن بركات آيات الله و تسبيحات لافروف ستبقي الاخرق المعتوه الى الابد..وهذا ما يترجم تصريحات أباطرة الموت في النظام بأنهم لن يُسَّلموا البلد الاَّ ركامأ.(تصريح ل ميشيل كيلو)..أو كما تنبح ابواق الاثد بأن النظام يسقط حين تشرق من الغرب و تغرب من الشرق دون ان ندخل في تفاصيل النظرية النسبية و الفيزياء الكونيه...نعم سيحمل آل الاسد لعنة التاريخ الابدية بأنهم دمروا أقدم المدن والحضارات و جعلوا منها ركامآ و حطام فاستحقوا لقب ملوك الموت و الدمار...

اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل