الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكويز اتفاق مر الثمرة

محمد نبيل الشيمي

2012 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


يرجع تاريخ اتفاقية الكويز إلى سنة 1996 حين أقر الكونجرس الأمريكي مبادرة أعلنت عنها الحكومة الأمريكية في عهد الرئيس كلينتون بإنشاء مناطق صناعية مؤهلة في منطقة الشرق الأوسط وفقاً للقانون الأمريكي رقم 6955 بهدف دعم السلام وهذه الاتفاقية هي في الحقيقة جزء من اتفاقية التجارة الحرة الأمريكية الإسرائيلية لكنها تسمح لدول الأخرى بالاستفادة منها في مقابل أن تشمل سلعها مكونات إسرائيلية 11.7% على الأقل وأمريكية بنسبة 15% على الأقل في حين يمثل المكون المصري بنسبة 35% ) وقعت هذه الاتفاقية في 14 ديسمبر 2004 ووقع رشيد محمد رشيد وزير التجارة الخارجية عن الجانب المصري وإيهود أولمرت نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير التجارة والصناعة عن الجانب الإسرائيلي وروربرت زوليك الممثل التجاري الأمريكي .
ووفقاً لبروتوكول "الكويز" فإن الحكومة الأمريكية تمنح معاملة تفضيلية من جانب واحد لكل المنتجات المصنعة داخل هذه المناطق في الجمارك أو العقود غير الجمركية من الجانب المصري عن طريق دخولها إلى السوق الأمريكية دون تعريفة جمركية أو حصص كمية بشرط مراعاة هذه المنتجات لقواعد المنشأ واستخدام النسبة المتفق عليها من المدخلات الإسرائيلية (11.7% والتي تم تعديلها فيما بعد إلى 10.5)، وهو التزام غير محدد المدة وفى المقابل لا يترتب عليه أي التزام من قبل الجانب المصري وهذا الشرط يمنح لإسرائيل الوضع الاحتكاري في حدود النسبة المشار إليها فهي تفرض السعر الذي تريده حتى يتمكن أن تعتمد شهادة منشأ الرسالة كما أن الاتفاقية تعطي للولايات المتحدة الحق في توريد 15% من المكونات بدون فرض مصر رسوم جمركية عليها وبذلك تستفيد الولايات المتحدة من استيرادها منتجات بتكلفة متخصصة من مصر بل الاستفادة من تلك النسبة مقدماً من قيمة الصادرات إليها بسعر المصنع ولا يستحدث أي جديد بالنسبة للعلاقات التجارية المصرية، وبموجبه أيضا تم الاتفاق على إقامة سبع مناطق صناعية مؤهلة في مصر على عدة مراحل على أن تشمل المرحلة الأولى إقامة المناطق الصناعية المؤهلة التالية :
1. منطقة القاهرة الكبرى.
2. منطقة الإسكندرية وبرج العرب والعامرية.
3. المدينة الصناعية ببورسعيد.
كما اتفق على أن يستفيد من هذا البروتوكول كافة المنتجات المصنعة بالمناطق الصناعية المؤهلة سواء أكانت غذائية أو منسوجات أو أثاث أو صناعات معدنية، بالإضافة إلى مصانع القطاعين العام والخاص (الصغيرة والكبيرة) الموجودة بهذه المناطق، مع ترك الحرية للمصانع في تطبيق هذا النظام من عدمه.
شروط الإعفاء الجمركي :-
ولكي تكون منتجات تلك المناطق مؤهلة للحصول على الإعفاء من الرسوم الجمركية عند تصديرها للولايات المتحدة فإنه يشترط ما يلي /
- أن تكون الشركات المنتجة للسلع المصدرة مدرجة في القوائم الخاصة بهذه المناطق .
- وأن تتوافر قواعد المنشأ المتفق عليها في السلع المصدرة بحيث لا تقل نسبة إجمالي المكون المحلي عن 35% على النحو التالي :
1. ألا يقل المكون المحلي لكل من الشركة المصرية والشركة الإسرائيلية عن 11.7% ويمكن استخدام مكونات أمريكية المنشأ بحيث لا تزيد هذه المكونات على 15% من قيمة السلعة .
2. كما يمكن استخدام مكونات من قطاع غزة والضفة الغربية .
3. لا يشترط التزام الشركة المصرية بالنسبة المحددة الخاصة بالمكون الإسرائيلي في كل شحنة مصدرة للولايات المتحدة ولكن يجب أن يستوفي إجمالي صادرات الشركة من المناطق الصناعية المؤهلة للولايات المتحدة هذه النسبة كل ثلاثة أشهر .
المستفيدون من الاتفاقية :-
- المستفيد الحقيقي من الجانب المصري من هذه الاتفاقية هم مجموعات رجال الأعمال أعضاء الحزب الوطني المنحل الدين لهم مصالح في السوق الأمريكي وقد ساهم سيطرة لجنة السياسات على الحزب الوطني في نجاح أصحاب المصالح مع الولايات المتحدة في الضغط على الحكومة للإسراع في التوقيع على الاتفاقية وبعضاً منهم تولى المفاوضات مع الجانبين الأمريكي والإسرائيلي

كشف تقرير المجلس التصديري للملابس الجاهزة عن حصول شركة دلتا تكستيل التي يساهم فيها رجال أعمال إسرائيليون على 40 مليون جنيه من صندوق دعم الصادرات خلال الخمس سنوات الأخيرة بالإضافة إلى حصول شركة سبأ العالمية للملابس الجاهزة المملوكة لعائلة باحبيش اليمنية هي الأخرى على 50 مليون جنيه من صندوق دعم الصادرات خلال نفس الفترة ... وأشار إلى أن هاتين الشركتين جاءتا ضمن أكبر عشر شركات حصلت على دعم من صندوق الصادرات وكانت ضمنهم شركتي مايو لتصنيع وتسويق المنسوجات والنيل للملابس المملوكتين لجلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات المصرية)
- بالنسبة لأمريكا فإن وجود المدخلات الأمريكية بنسبة لا تقل عن 15% بل ربما يتجاوز الـ 50% (حيث أن المكون المصري لن يتجاوز الـ 35% إضافة إلى ضعف مستوى الصناعة المصرية) يعني أن السوق الأمريكي يستقبل سلعاً أمريكية بالأساس وهي تماثل ما يحدث في اتفاقيات المعونة الأمريكية التي تصر الولايات المتحدة على أن يعود الجزء الأكبر منها إلى الخزانة الأمريكية من جديد وبالتالي فمن الطبيعي أن تدخل السوق الأمريكية بدون رسوم جمركية .
- تأتي إسرائيل كأكبر المستفيدين من هذه الاتفاقية حيث ستحرك قطاع المنسوجات والذي كان يعد قطاعاً غير ذي أهمية للاقتصاد الإسرائيلي قبل هذه الاتفاقية كما تعتبر فرصة غير مسبوقة نحو تقليل الضغط على الاقتصاد الإسرائيلي والقفز على المقاطعة الشعبية العربية لمنتجاتها وتعطي هذه الاتفاقية لإسرائيل القدرة على اختراق الاقتصاد المصري ووضعه في موقع الشراكة ومع التفوق التكنولوجي الإسرائيلي على الدول العربية فإن الاقتصاد الإسرائيلي سيمثل القائد الاقتصادي في المنطقة .
ويبقى التأكيد على أن المكسب الحقيقي لإسرائيل من الاتفاقية هو هذه البدايات الناجحة لتأسيس السوق الشرق أوسطية وقد ترجم أيهود أولمرت ذلك بالقول "إن توقيع هذه الاتفاقية مع أكبر دولة عربية هو أعظم حدث منذ سنوات طويلة وأنه بموجب هذا التوقيع ستدخل إسرائيل العالم العربي من أوسع أبوابه وأنا آمل أن توقع الدوال العربية كلها اتفاقيات من هذا النوع من إسرائيل مستقبلاً والواقع إن إسرائيل تنظر إلى هذه الاتفاقية على أنها كسر للعزلة الاقتصادية التي يعيشها في المنطقة،،

معارضو الاتفاقية :-
يرى المعارضون أن ما ستتمخض عنه الاتفاقية من تعاون اقتصادي وثيق مع إسرائيل سيؤدي إلى تحجيم دور مصر المساند للقضية الفلسطينية .
وهي بمثابة تسريع للتطبيع مع إسرائيل فوفقاً لنص الاتفاقية لابد أن تقع أجزاء من المناطق الصناعية المؤهلة في إسرائيل وأجزاء أخرى في مصر إلا أنه يشترط أن تكون متلاصقة جغرافياً وقد يتم توسيعها إلى مواقع صناعية أخرى خلال مهلة سنة كما أنها ستفتح الباب على مصراعيه أمام إسرائيل لاختراق الاقتصاد المصري والصناعة المصرية هي في حقيقتها تعد تنفيذاً لمبادرة الرئيس الأمريكي بوش لإقامة منطقة تجارة حرة أمريكية شرق أوسطية وهذه المبادرة هي في حقيقتها أيضاً إحياء لمبادرة شمعون بيريز إقامة مشروع السوق الشرق أوسطية كبديل للجامعة العربية .
وهي ليست مجرد اتفاقية اقتصادية عادية توقعها مصر ولكنها ذات انعكاسات واسعة على مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي وفي شهادة للكاتب الكبير أحمد السيد النجار يقول تحت عنوان (اتفاقية الكويز وضعت أصابع المصريين تحت ضرس الصهاينة ) يقول الكاتب يمكن القول أنه يشكل إطاراً لعلاقات تفضيلية بين مصر وإسرائيل حيث تدخل المكونات الإسرائيلية لمناطق الكويز بلا أي رسوم جمركية أي أنها مناطق تجارة حرة بين مصر وإسرائيل قبل أن تكون منطقة تجارة مع الولايات المتحدة وهذا هو بيت القصيد بالنسبة للأمريكيين والإسرائيليين وإذا كانت مصر لم تصل حتى الآن لإقامة منطقة تجارة حرة حقيقية مع العرب في ظل قوائم السلع المستثناه من التحرير والتي طلبتها الحكومة المصرية قبل باقي الدول العربية والخلافات بشأن قواعد المنشأ وعدم تحرير تجارة السلع الزراعية عملياً بسبب ما يسمى بالروزنامة الزراعية أو الأوفر حظاً لتطوير التجارة مع مصر ودخول السوق المصرية خاصة أنه ليس هناك ما يضمن أن تخرج منتجات مناطق الكويز إلى السوق الأمريكية بل أن قسماً كبيراً منها سوف يدخل السوق المصرية .
كما أن مناطق الكويز سوف تتحول إلى منصة انطلاق للمكونات الإسرائيلية ضمن السلعة المصرية نحو الأسواق العربية فضلاً عن دخولها السوق المصرية لاختراق المقاطعة العربية وضمنها المقاطعة المصرية للسلع الإسرائيلية وبذلك تتحول هذه المناطق إلى حصان طروادة الذي تدخل من خلاله السلع الإسرائيلية إلى السوق المصرية وباقي الأسواق العربية بعلامات تجارية مصرية تخفي وراءها المكونات الإسرائيلية أنها باختصار عملية خداع وتحايل ونصب على المستهلكين المصريين والعرب غير الراغبين في استهلاك سلع إسرائيلية .
أشار كبار رجال الأعمال العاملين في صناعة الملابس الجاهزة إلى أن اتفاقية الكويز تعد مخرجاً لهم من أزمتهم كما أشار رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان إلى أن السوق العالمي لا وطن ولا عقيدة له وذلك في معرض تبريره للاتفاق على أساس أنه إذا كان ينطوي على أي مصلحة فإن ذلك يستدعي عدم التوقف عند الحساسيات السياسية المتعلقة بإسرائيل والحقيقة أن حديث بعض رجال الأعمال في قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة عن الأزمة التي يعانون منها وعن كون اتفاقية الكويز مخرجا لهم منها هو حديث الفاشلين بسب جشعهم والذين يريدون تحميل الوطن ثمن فشلهم وضعف كفاءتهم فالمشاكل الرئيسية التي يعاني منها هذا القطاع ناتجة عن عدم القبول بمعدلات ربح معتدلة تمكنهم من التسويق الداخلي والخارجي واسع النطاق وناتجة أيضاً عن ضعف كفاءة التسويق والاستمرار في الاعتماد على آليات تقليدية في التسويق الخارجي والتركيز الشديد في هذا التسويق الخارجي على السوق الأمريكية دون غيرها وضعف عمليات الابتكار والتطوير والتحديث لهذه الصناعة والاستمرار في الاعتماد على الخارج في الآلات والتقنيات الجديدة في الصناعة بدلاً من تخصيص جانب من الأنفاق لهذا الغرض لبناء قواعد ذاتية للتطور السريع والمتفوق لهذه الصناعة وإذا كانت صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة المصرية التي يمتد عمرها بالمعنى الحديث إلى قرن وثلاثة أرباع القرن أي ما يزيد عن ثلاثة أضعاف عمر إسرائيل كلها تقف عاجزة عن اقتحام الأسواق الخارجية وعن ضمان السيادة في السوق المحلية عندما تتحرر بشكل كامل وعاجزة عن تحقيق ما تحققه صناعة المنسوجات والملابس الجاهزة التونسية والسورية التي تبلغ قيمة صادرات كل منها نحو 4 مليارات دولار في العام فإن ذلك يعني أن هناك اختلالات كبيرة في هذه الصناعة ينبغي معالجتها بدلاً من عقد اتفاق تطبيقي مختل وغير عادل مع إسرائيل كلها والولايات المتحدة من أجل مصلحة حفنة من كبار رجال الأعمال غير الراغبين في معالجة مشكلتهم الرئيسية وهي المبالغة الجشعة في معدلات الربح في السوق المحلية والتي تهددهم بفقدان جزء كبير من هذه السوق المحلية نفسها عند تحرير تجارة المنسوجات والملابس الجاهزة في بداية عام 5002 .
بالرغم من الكارثة التي يمثلها اتفاق الكويز فإن عقده ليس نهاية المطاف لأن جمعيات مقاطعة السلع الإسرائيلية والتطبيع الاقتصادي مع العدو إضافة لأحزاب المعارضة الوطنية وصحفها والصحف الوطنية إجمالا يمكنها أن تعمل بشكل جماعي لمعاقبة المتورطين في هذا التطبيع الاقتصادي من خلال نشر لوائح بأسماء الشركات ورجال الأعمال المنضمين لمناطق الكويز ودعوة الشعب المصري وباقي الشعوب العربية لمقاطعة منتجاتهم المشتركة مع إسرائيل بما سيحرمهم من السوق المصرية الضخمة ومن الأسواق العربية الكبيرة والملاصقة جغرافياً لمصر والتي تتمتع التجارة المصرية معها بميزات نسبية طبيعية تتمثل في انخفاض نفقات النقل والتأمين وسرعة تلبية الطلبات بسبب قرب المسافات وتوافر البنية الأساسية لنقل السلع والنتيجة المقابلة ستكون فتح الطريق للشركات الوطنية المصرية التي لم تدخل مناطق الكويز من أجل الانفراد بالسوق المصرية وبالأسواق العربية غير الراغبة في التطبيع مع إسرائيل كما ينبغي التفكير جدياً في أوساط الأحزاب المصرية والجمعيات الأهلية وجمعيات المقاطعة للعمل على بناء مشروعات صغيرة ومتوسطة وتعاونية لبناء قواعد اقتصادية وطنية تقوم على أسس اقتصادية سليمة وتتوجه للسوق المصرية وللأسواق العربية والإفريقية والأوروبية والعالمية عموماً وتشكل أساساً اقتصادياً قوياً وقادراً على تعزيز صمود القوى الوطنية في مواجهة الهجمة الاستعمارية الأمريكية الإسرائيلية والمتعاونين معها محلياً

- ستتحول مناطق الكويز إلى نقطة انطلاق للمكونات الإسرائيلية ضمن السلع المصرية نحو الأسواق العربية فضلاً عن دخولها السوق المصرية لاختراق المقاطعة العربية وضمنها المقاطعة المصرية للسلع الإسرائيلية وبذلك تتحول هذه المناطق إلى مستودع تدخل من خلاله السلع الإسرائيلية إلى السوق المصرية وباقي الأسواق العربية بعلامات تجارية مصرية تخفي وراءها المكونات الإسرائيلية أنها باختصار عملية خداع وتحايل ونصب على المستهلكين المصريين والعرب غير الراغبين في استهلاك سلع إسرائيلية .
- إن الكويز وفقاً لرأي الخبراء قد تحول مصر إلى مقرات لصناعات ملوثة للبيئة .
- إن الذين يروجون للاتفاقية والتأكيد على أنها سوف تحافظ على حجم الصادرات من المنتجات المصرية إلى السوق الأمريكية بعد إلغاء نظام الحصص عام 2005 حجة غير واقعية وغير مضمونة وفرصتها في السوق الأمريكية ضئيل للغاية وهذا يعود إلى ضعف القوة التنافسية للصناعة المصرية مازالت المنتجات المصرية أسعارها مرتفعة مقارنة بأسعار المنتجات الصينية المثيلة والجدول التالي يوضح تطور حجم التجارة بين مصر والولايات المتحدة بعد اتفاقية الكويز وذلك وفقاً لبيانات (ITC) .

بالمليار دولار
البيان 2009 2010 2011
الصادرات المصرية الكلية 24.2 26.3 30.8
الصادرات المصرية للولايات المتحدة 1.6 1.5 1.6
الأهمية النسبية 6.6 5.7 5.2
الواردات المصرية الكلية 44.9 53 59.3
الواردات المصرية من الولايات المتحدة 4.7 5 6.3
الأهمية النسبية 10.5 9.4 10.6
حجم التجارة المصرية الأمريكية 6.3 6.5 7.9
الميزان التجاري (-)3.1 (-)3.5 (-)4.7
ويلاحظ من الجدول التناقض في قيمة الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية إلى إجمالي الصادرات المصرية في حين هناك زيادة واضحة في المدفوعات عن واردات من السوق الأمريكية ... وعليه فإن الميزان التجاري بين البلدين حقق عجزاً في غير صالح مصر.
- الاتفاقية لا تخدم مصالح الدول العربية بل تحولها إلى مقرات لصناعات ملوثة للبيئة وانتشال الاقتصاد الإسرائيلي من عثرته واختراق المنطقة والاندماج فيها كعضو سياسي واقتصادي فاعل وذلك بإعادة رسم الخريطة السياسية والاقتصادية للمنطقة بما يتفق وتقاطع المصالح الإسرائيلية الأمريكية .
استفادة إسرائيل بنوالين شحن الصادرات المصرية للولايات المتحدة على سفنها أو بالوكالة عن سفن أخرى أجنبية وبخدمات المواني التي قد تعبرها البضائع المصرية في طريقها للولايات المتحدة وربما احتوت الاتفاقية على مداخل أخرى غير معلنة لاستفادة إسرائيل بالمزيد من فوائد وعوائد المناطق المؤهلة وباعتباره أن صادرات المناطق المؤهلة المصرية تمر لأمريكا عبر اتفاقية التجارة الحرة الإسرائيلية الأمريكية .
يؤدي تنفيذ الاتفاقية على المدى الطويل وخاصة مع التوسع في عدد المناطق وطاقاتها الإنتاجية واحتذاء دول عربية أخرى بها ، دوراً في كسر وإنهاء تحفظات الحكومة ورجال الأعمال المصريين ـ الذين لا يهمهم سوى أرباحهم الخاصة على التبادل والتعاون الاقتصادي وتطبيع العلاقات مع إسرائيل في كافة المجالات والمناطق غير المؤهلة في مصر وغيرها من البلاد العربية إلى ما يلي :/
1. استكمال بناء المقومات الاقتصادية لإسرائيل:-
فمن الأهداف الثابتة لحكومة إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية استكمال مقومات بناء قاعدة اقتصادية داخلية مؤهلة للهيمنة الاقتصادية على البلاد العربية باستخدام أراضيها ومياهها ومواردها وقوتها البشرية العاملة كامتداد وتكملة للقاعدة والموارد التي استولت عليها في فلسطين لقد استطاعت أن تفرض على الدول العربية ابتداءً باتفاقيات كامب ديفيد مع مصر سنة 1979 القبول بمفهوم الأمن الخارجي وقد نقل هذا المفهوم حدودها الآمنة التي يمكن الدفاع عنها إلى داخل وعمق أراضي الدول العربية وهي تقع مع مصر ـ ومن الملاحظ أن شرق قناة السويس وغرب الممرات الاستراتيجية لسيناء مناطق مجردة من السلاح ويتواجد فيها قوات دولية وقواعد أمريكية (بديلاً عن القوات الإسرائيلية) وعلى نفس المنوال تريد إسرائيل والغرب أن تمتد البنية الأساسية الداخلية للاقتصاد الإسرائيلي من مساحات مطلوبة للتوسع الاقتصادي ومياه وقوة عاملة وموارد أخرى إلى داخل الدول العربية عن طريق تطبيع العلاقات الإسرائيلية ـ العربية عامة والاتفاقيات على شاكلة الكويز مع مصر والأردن وما يستجد خاصة .
وتعد اتفاقية الكويز مع مصر توظيفاً لإمكانيات مصر الاقتصادية الفعلية لإصلاح البنية الأساسية الاقتصادية لإسرائيل وذلك بجعلها شريكاً لمصر في كل وحدة واحدة من أي سلعة تنتجها المناطق المؤهلة وفي كل دولار من صادراتها للخارج ، هذا فضلاً عما تتيحه لرؤوس أموالها من إمكانيات للإنتاج والتصدير تفتقدها على الأراضي الفلسطينية المغتصبة وهي إمكانيات ى سبيل آخر أمامها لامتلاكها إلا في دول مجاورة متسعة الأراضي وافرة الأيدي العاملة الرخيصة والمياه وغيرها من الموارد كمصر .
ولا يقلل من خطورة المسألة على نسبة القوى بين مصر وإسرائيل المردود الاقتصادي الهزيل الذي قد يعود على مصر مؤقتاً من تشغيل بضعة آلاف من العاطلين وعدد من المصانع المتوقفة أو المتعثرة ، خاصة وأن العواقب الاقتصادية طويلة الأجل هي استمرار التشوه والتخلف والتبعية وتنميتها في الاقتصاد المصري .

2. تعميق انخراط مصر في التقسيم الدولي غير المتكافئ الاستعماري للاقتصادات تندرج الصناعات التي يشملها الكويز ، القائمة حالياً أو التي ستنشأ مستقبلاً في إطار تقسيم العمل الاقتصادي الدولي وهو تقسيم غير متكافئ واستعماري يجعل النظام الرأسمالي العالمي منقسماً إلى عدد قليل من المراكز الاستعمارية المهيمنة وأغلبية من الأطراف المتخلفة والتابعة للمراكز والمحدد تطورها في إطار هذه التقسيم ويقوم هذا التقسيم ونموذج صناعات التصدير في البلاد المتخلفة التي تكرسها اتفاقية الكويز على نظرية المزايا النسبية التي تزعم أن كل دولة من دول العالم لديها في وضعها القائم ودائماً السلعة أو السلع التي تتمتع في تكلفة إنتاجها بميزة نسبية عن غيرها من السلع وعليها أن تتخصص في إنتاجها وتعتمد على حصيلتها من صادراتها في استيراد ما يلزمها من سلع استهلاكية جاهزة أو مكونات لإنتاج السلع الأخرى اللازمة للاستهلاك المحلي وآلات إنتاجها كما تزعم أن ذلك هو السبيل الصحيح الوحيد للدولة المتخلفة اقتصادياً لنمو إنتاجها المحلي الإجمالي ودخل الفرد ورفع مستوى معيشة السكان وأن تفعيل هذه السياسة لتؤتي أفضل نتائجها هو بإطلاق العنان لآليات السوق والتحرير التام للأسواق الداخلية والتجارة الخارجية والقطاع المالي والمصرفي وإطلاق حركة دخول وخروج رؤوس الأموال والعملات .
ونظراً لأن مصر تفتقد للهيكل الصناعي المتكامل أو للقاعدة الاقتصادية الصناعية الزراعية المؤسسة على التكنولوجيا المتقدمة لمقومات التقدم الاقتصادي كصناعة الآلات والمعدات والكيماويات والمعادن غير الحديدية والصلب والصناعات الالكترونية الإنتاجية ( بمثابة القاطرة التي سحب باقي الأنشطة الاقتصادية ) ولا تمتلك أي مزايا نسبية في هذه الصناعات وتقتصر مزاياها النسبية على الأنشطة الاقتصادية التي وفرتها البيئة الطبيعية كالمناخ والتربة والخامات كالبترول والغاز وقوة العمل زهيدة الأجور فإن الحال بعض إبقاء الوضع كما هو عليه عدم السماح بتجاوزه ليستمر نمط النمو المتخلف والتابع ومن ثم استمرار تخلف الاقتصاد المصري .
وتستمر عملية تعميق التبعية والتخلف باستمرار تخصص مصر في إنتاج السلع ذات الكثافة المرتفعة للعمل بأجور زهيدة لتصديرها للأسواق الإسرائيلية وفتح السوق المصري للصادرات الإسرائيلية من السلع الاستهلاكية ومدخلات وآلات ما ينتج منها للسوق المحلية ومن المدخلات (المكونات) التي تدخل في الصادرات المصرية ، وهي لا تضيف للصناعات المصرية أي تطور تقني يسهم في تجاوز أسس التخلف والتبعية ... الخ .

الكويز ليس فقط نمط من الأداء الاقتصادي يعيد إنتاج التخلف والتبعية وإنما يقدم أيضاً دعماً سياسياً لقوة إسرائيل وأمريكا السياسية والعسكرية في المنطقة.
إن استمرار التخلف الاقتصادي بل وتعمقه هو المعادل الموضوعي للتخاذل والاستسلام والعسكري من قبل مصر أمام إسرائيل وهذا هو تلخيص تاريخ مصر خلال أربعين عاماً من حكم السادات ومبارك فالتخلف المتعمق والتشوه والانهيار الاقتصادي هو ما عاد على مصر وليس الرخاء والتقدم الاقتصادي الذي وعد به السادات ومبارك ثمناً لتبعيتهما للولايات المتحدة وإسرائيل .
حتى ولو رأى البعض أن للاتفاق مردودة الاقتصادي الكبير في الأجل القصير فانه يظل خلافاً علي ما يراه قطاع كبير من الاقتصاديين علي انه اتفاق سياسي خال من الفوائد الاقتصادية التي تعود علي مصر وهذه في رأيي هي الرؤية الصحيحة.
المغزى السياسي الرئيسي للاتفاقية :-
ليست اتفاقية الكويز مجرد اتفاقية أو ترتيبات اقتصادية تقارن وينظر إليها بنفس اعتبارات ومعايير المقارنة والنظر إلى الاتفاقيات الاقتصادية مع الدول الأخرى فإسرائيل بالنسبة لمصر كما هي بالنسبة لفلسطين والعراق وسوريا وغيرها من الدول العربية في العدو التاريخي الذي يمثل تهديداً مباشراً على أمن مصر واستقلالها والذي يضع اليوم الدول العربية كلها في نطاق مشروع استعمار المنطقة الجديد المسمى الشرق الأوسط الكبير فحسب بل وأيضاً لأنهما يفرضان على مصر منذ عام 1978 اتفاقيتي كامب ديفيد ومنذ عام 1979 المعاهدة المصرية الإسرائيلية وقد أبقت هذه الاتفاقيات سيناء المجرد أغلبها من السلاح المصري رهينة في أيدي إسرائيل وقوات الاحتلال الدولي بقيادة الولايات المتحدة في شرقها والقواعد الأمريكية في شمالها وجنوبها وفي خليج السويس والتفتيش والاستطلاع الأمريكي على القوات المصرية المسموح لها بالتواجد شرق قناة السويس بل وتحدد الاتفاقية نوع السلاح أدت الاتفاقية إلى عزل مصر وتحويل دفة القيادة في المنطقة إلى دول أخرى حتى أن دولة بحجم قطر أصبحت تتقدم المشهد العربي وأصبحت مصر مجرد رقم في حركة النضال العربي .

اتفاقية الكويز هي مجرد اتفاق سياسي يمثل حلقة من حلقات الإذعان والاستسلام التي فرضتها اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ( المزعومة ) والتي كانت طبخه اعد لها الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر بموافقة غير محدودة من أنور السادات أنها اتفاق مر الثمرة .

المصادر :-
- جريدة العربي 19/12/2004
- موقع المسلم : اتفاقية الكويز واختراق الاقتصاديات العربية 25/12/2004
- د. الياس عاقلة : اتفاقية الكويز اختراق المصادر .
- محمد نبيل الشيمي : الكويز .. اتفاق سياسي خال من الفوائد الاقتصادية
- ورقة غير منشورة ـ وزارة التجارة الخارجية 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي