الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحول الديمقراطي لا يمكن اختزاله في تبويء حزب العدالة والتنمية قيادة العمل الحكومي

سامر أبوالقاسم

2012 / 10 / 5
السياسة والعلاقات الدولية


كُنَّا، ولا زلنا نؤكد على أن حزب العدالة والتنمية، الذي يقود الحكومة الحالية، منشغل بقضايا هي على صلة قوية بالدعوة الدينية منها إلى السياسة كمجال لتسيير وتدبير الشأن العام، وهو ما يتأكد يوما بعد آخر.
فبمجرد أن تم تشكيل الحكومة في السنة الماضية، والإعلان عن "البرنامج الحكومي"، تبين من خلال طريقة التشكيل ومنهجية البناء أن هناك غياب تام لما يمكن تسميته برنامج عمل حكومي، وذلك لسبب بسيط أطنبنا في الحديث عنه، ويكمن أساسا في غياب التصور الناظم للتفكير، وعدم تحديد التوجهات والخيارات كقاعدة ارتكاز أساسية لتوجيه مختلف تحركات الحزب وأعماله من خلال الموقع الحكومي، وما يمليه هذا الموقع من ضرورة ممارسة الحزب لدوره بصفته فاعلا رئيسيا ومنشطا حيويا للحياة السياسة، سواء منها الوطنية أو الإقليمية والمحلية.
لذلك، وبغير كثير من الذكاء السياسي، يمكن الجزم بأن حزب العدالة والتنمية اليوم، لا يستند بالبات والمطلق لما يمكن اعتباره خارطة طريق توضح له ـ قبل غيره من الفاعلين السياسيين والرأي العام ـ مدى "التزامه" فيما يرجع للقضايا المتصلة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية والمؤسساتية، بل والثقافية المغربية بشكل عام.
وفي اعتقادنا، فإن الأمر مرتبط أشد الارتباط بتتبعنا لمسار هذا الحزب منذ النشأة إلى الآن، وعلى صلة بمجموع الملاحظات والمؤاخذات على مسار أدائه السياسي، وكذلك في علاقة بتفاعله مع مكونات الساحة السياسية والأحداث والوقائع المتعددة والمتنوعة، التي كانت دائما تفيد بأن هذا الحزب بعيد كل البعد عما يمكن أن يفيد أنه يرتكز على تشخيص ملائم لتقدير واقع البلد والاحتياجات الحقيقية للأمة.
بل الأكثر من ذلك، فإن حزب العدالة والتنمية الذي يتربع اليوم قيادة العمل الحكومي، لم يشتغل نهائيا على وضع إطار للتعاقد الاجتماعي، ينبني على محورية المسألة الاجتماعية في الإجابة عن التنمية والاستقرار والسلم المدني، في بناء الدولة الحديثة كتعبير عن الصالح العام، و تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية وإرساء ثقافة حقوق الإنسان.
إن تخبط هذا الحزب اليوم ـ من الموقع الحكومي ـ في التعامل مع الأزمة الاقتصادية والمالية الخانقة طيلة التسعة أشهر الماضية، وإعلانه عن صعوبات الظرفية الاقتصادية والمالية بشكل متأخر، وتلويحه بتبرير كل أشكال وأصناف الفشل في تدبير الشأن العام بهذه الصعوبات من جهة، وبمحاربة العفاريت والتماسيح من جهة أخرى، ليدل بما لا يدع مجالا للشك ـ حتى لدى أشد مناصريه ـ أن الحزب لا يستند على تشخيص الحالة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا علم له بنقاط القوة ونقاط الضعف، كما أنه لا فكرة لديه حول ما تتيحه هذه الحالة من فرص ولا حول ما تختزنه من تهديدات في كل القطاعات وعلى مستوى كل المجالات الترابية.
وبالقدر الذي يدل كل هذا على أن شأننا العام كمغاربة هو في يد حزب لا زال يتهجى أبجديات السياسة كفن لتدبير وتسيير الشأن العام، بالقدر الذي يفيد كذلك أن حزب العدالة والتنمية لم يدرك بأن التحالفات التي قام بهندسة خريطتها للتمكن من تشكيل أغلبية حكومية هي تحالفات أقل ما يمكن نعتها به هي كونها هجينة وضعيفة وغير مفيدة له في التغلب على ضعفه المزمن في التعاطي مع الشأن العام من موقع التدبير الحكومي. وبذلك يصدق على هذا الحزب الأغلبي المثل العربي الشائع: "تَعَلَّقَ غَارِقٌ بِغَارِق".
إن حزب العدالة والتنمية، لا زال غير مدرك لطبيعة وشكل الظرفية التي نمر منها اليوم، فإذا كنا كمغاربة نعيش على وقع تحول ديمقراطي على طريقتنا، وبالشكل الذي جنبنا السقوط في مطبات ومآلات العديد من البلدان المجاورة، فإن ذلك كله لم تكن الغاية منه هي تبويء حزب العدالة والتنمية مكانة قيادة العمل الحكومي، بل إن الرؤية التي كانت تؤطر تصورنا كمغاربة لهذا التحول الديمقراطي ـ المنطلق منذ أكثر من عقد من الزمن ـ تكمن أساسا في تعبئة الجميع، من أجل المشاركة في تهييء ظروف وشروط تشكيل أغلبية حكومية قادرة على:
1. إضفاء دينامية فعالة على المشهد السياسي الوطني بهدف التطوير التدريجي وتوطيد الديمقراطية وسيادة القانون، الذي يتطلع إليه الشعب المغربي؛
2. العمل على تحقيق نمو اقتصادي مستدام، في منأى عن تأثير التقلبات المناخية، وكفيل بخلق فرص عمل مرضية كما وكيفا؛
3. الحرص على بلورة منظومة للتوزيع العادل للثروات المنتجة، بهدف الضمان الأمثل للتماسك الاجتماعي ولمكافحة الفقر والهشاشة، وبوجه عام، لتوسيع ولوج الساكنة للخدمات الاجتماعية الأساسية.
إن المغاربة كلهم مشدودن ومتطلعون إلى تحقيق هذه الغايات، وما دون ذلك ـ من اعتداد بالنفس وخرجات إعلامية ومزايدات سياسية ـ يبقى كلام في كلام، لا يسمن ولا يغني من جوع المغاربة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوساطة القطرية في ملف غزة.. هل أصبحت غير مرحب بها؟ | المسائ


.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها




.. مصر.. شهادات جامعية للبيع عبر منصات التواصل • فرانس 24


.. بعد 200 يوم من الحرب.. إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة وتستعد ل




.. المفوض العام للأونروا: أكثر من 160 من مقار الوكالة بقطاع غزة