الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لمحة عن «جاليريا- الريماوي صبٌ على نارٍ هادئة

أحمد زكارنه

2012 / 10 / 11
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


«حين تمتطي الأيام عجلة الوقت ثم تدور بنا، فإننا سوف ننسى كل ما من شأنه أن يعلق بهذا المقطع الذي ورد في احد نصوص المجموعة القصصية للقاص الفلسطيني الصديق "ناصر الريماوي" اعترف أني غردتُ بعيداً عن مجموعتي الريماوي "جاليريا، وميرميد"، اللتين وضعهما بين يدي منذ فترة، هزمتني فيها الأيام التي امتطت عجلة الوقت وهي مسرعة باتجاه فقدان حاسة التذوق لعوالم فيها من الدهشة المتحفزة وألق الحضور، ما يكفي للتمدد ساعات طويلة امام بساطة وشفافية لوحات « جاليريا « الريماوي – إن صحت تسمية المجموعة القصصية باللوحات – الآسرة بمفرادتها الغنية المقتربة حد الالتصاق من لغة الشعر الحالمة، في اسلوب سردي لم يُخفي مجابهته المعلنة للمحاولات المستمرة، لاستلاب الوطن من الذاكرة، الأمر الواضح تماماً في حضور شرطي الزمان والمكان في اغلب قصص المجموعة ومنها: "جدارٌ من الطين" أو "عروق الدالية" أو "صباح ممطر".
هذا التمدد الجغرافي التاريخي دفع القاص للاتكاء على جدار انسان الزمان والمكان، فكان حضوره طاغياً يؤسس لدائرة أكثر عمقاً، قد تمكنه من كسر حاجز الغربة أو الاغتراب أو الإثنين معاً، وهو ما يتجرع مرارته القاص، دون حاجة ملحة لالقاء القبض على المزيد من الأدلة الدامغة، لاثبات أنه حينما يكتب، إنما يحاكي وطنه في مرآته، ليُخرجَ لنا عرضه المستمر برسم كافة الهموم المفتوحة على جميع الاحتمالات المقترحة.
ما يميز هذه المجموعة القصصية، انطلاقاً من عنوانها "جاليريا" هو سطوة مشهدية "الانطولوجيا" التي تستدرج القارئ، باتجاه الحضور الدائم والمنتبه لكل تفاصيل مسرح الحدث وشخوصة، في تعمد واضح لمشاركة القارئ تحديد الايقاع الحسي للانفعالات، على نحو يضعه في شبهة العلاقة التبادلية بينه وبين ضمير الغائب الحاضر في كل مفردات المشهد، وبالتالي معايشته، معايشة شبه كاملة قد تحفزه على التبصر عميقاً في الوجود بكل مفرداته ومكوناته.
في هذا السياق نلحظ استخدام القاص لأسلوب الصوفية في مشاهد تبدو موزعة باتقان في خارطة لوحات المجموعة، ولكنها حاضرة بقوة لا تخلو من التناقض احياناً، والتقلب احياناً اخرى، تحديداً فيما يخص مفهوم المكان لدى القاص وآليات محاكاته، وهي حالة قد يمر بها الراوي، كانعكاس طبيعي للصراع الداخلي، المتورط اصلاً في تكوين شخصية "الريماوي القاص" العامل في حقل الهندسة الآلي صباحاً، المفتون بجماليات اللغة ومفرداتها الحالمة مساءً، على نحو جمع هذه الثنائية الفريدة في متن واحد، يفرز لنا بشكل شبه يومي بعضاً من زيت لوحات الـ "جاليريا" المصبوب على النار – التي كانت قبل التورط في عوالمها – ناراً هادئة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف