الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقعد إسلامي دائم في مجلس الأمن

إبراهيم رمزي

2012 / 10 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


1
تخيّلتُ أنه بمناسبة افتتاح قمة منظمة المؤتمر الإسلامي، أن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، ألقى - أمام المؤتمرين - خطابا رسميا مكتوبا. وختمه بكلمة مرتجلة، جاء فيها:
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والسعادة والمعالي، ملوك وأمراء ورؤساء الدول الإسلامية، ورؤساء وفودها، أقترح عليكم مناقشة مسألة تخصيص مقعد دائم لتمثيل ما يفوق المليار من المسلمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
لاحتْ على بعض الوجوه علامات الرضا، - وبعدها وجوه الذين كانوا ينتظرون الترجمة -، لتغمر الجميع نشوة الإعجاب والامتنان، عبروا عنها بالوقوف والتصفيق لأزيد من بضع دقائق، وجانَبَ الوقارَ رئيسُ وفدٍ حين هتف بحياة الأمين العام الأممي، فتبعه في ذلك بضعة وفود أخرى، بينما نخست الغيرة قلوب البعض لأنه لم يكن صاحب هذه الفكرة العظيمة، والسابق إلى هذا الفتح المبين.
2
بدأت الانطباعات الأولية على اقتراح الأمين الأممي تتْرَى:
قال الأول والحماس يشع من عينيه: فكرة رائعة جديرة بالنقاش.
وقال الثاني مقطبا: هي فكرة غير إسلامية، ولم تأت من مسلم، ولذلك لا تستحق حتى التعليق.
وقال الثالث وهو يرفع قبضته متوعدا: اقتراح امبريالي - صهيوني، يهدف إلى تخريب وحدة المسلمين التي نسعى لتكوينها.
3
جاء في كلمة رئيس الدورة: ... سنلتزم بمناقشة المحدَّد في جدول أعمالنا، وهذا الاقتراح نقطة ثانوية بالنسبة لنا الآن، وسنؤجل مناقشته إلى قمة لاحقة، بعد اختمار الآراء.
وانبرى أحدهم لطلب نقطة نظام، ليشرح اعتراضه على استعمال كلمة "اختمار" المشتقة من الخمر. وكاد الجدال والردود على "نقطة النظام هذه" يَغرَق في اللغة والفقه والشواهد، بل كاد يغطس في بِركة التلاسن والغمز. ولم يقطع ذلك إلا عضوُ أحدِ الوفود حين وقف وسط القاعة يؤذّن، نداءً للصلاة.
4
من يومئذ، ما تزال كل وسائل الإعلام والاتصال، - المرئية والمسموعة والمخطوطة، وبمختلف اللغات -، تفرد "المساحات" الجدالية الواسعة للحروب الدنكيشوتية حول الموضوع، وتقديم تصورات: فيها الكثير من الاعتزاز بالرأي الخاص إلى درجة الغرور، والكثير من الاحتقار والتسفيه للرأي الآخر. وكل ذلك ينبيء بأن الاتفاق ما يزال بعيدا جدا، إن لم يكن مستحيلا. وأن المقعد "الموعود به" يوجد على فوهة بركان خامد، لا يُدرى متى ينشط.
5
رحلت وجوه، وعوضتها وجوه، واستبدلتِ المقاعدُ الجالسين عليها، منذ القمة "الناجحة". وانعقدت قمم أخرى "ناجحة"، وما سُجّل اقتراح الأمين الأممي في جدول الأعمال. ليس استخفافا به، ولكنْ حيرةً في تحديد معاييرِ أهليةِ مَن سيشغل هذا المقعد: الإسلام؟ الإيمان؟ الدولة: (عدد السكان؟ النظام السياسي؟ المكانة الاقتصادية؟)؟ اللغة؟ العرق؟ اللون؟ الأقلية؟ المذهب؟ الطائفة؟ الفرقة؟ الحوزة؟ الطريقة؟ الانفتاح؟ الراديكالية الدينية؟... إلخ.
6
على كل قاريء كريم: أن لا يمارس بعض الشطحات الفكرية، أو شيئا من الرياضة الذهنية، محاولا أن يقارن - بالتوازي - بين أفضلية معيار ما، وعيوب معيار آخر يقابله، لأن سيشبه المتزحلق فوق صفحة مستنقع آسن، ولأنه لن يصل - في نهاية المطاف - إلى رأي قاطع يحقق التأليف والتوازن بين مقومات كل المعايير. وخاصة إذا غابت عنه الموضوعية، وسيطرت عليه الذاتية والتعصب لمرجعيته، وانفلتت الشمولية والعقلانية من بين يديه.
7
تحية لمنظمة الأمم المتحدة، التي تحل بعد أيام قلائل الذكرى السابعة والستون لتأسيسها (24 أكتوبر 1945).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53